عن تاريخ الإسلام في الهند، فهل تتخيلوا أن الهند التي تتبع الآن سياسة شديدة العداء تجاه المسلمين، كان الإسلام يحكمها لعدة قرون! أجل، إنه تاريخ بدأ منذ عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب، عندما بدأ الإسلام يدخل إلى الهند، وبدأ المسلمون في إرسال حملاتهم لفتح الهند، وتنشأ بها الكثير من الدول الإسلامية المستقلة، حتى جاء الاحتلال الإنجليزي لينتهي معه تاريخ الإسلام في الهند.
تابعوا للنهاية لنعرفكم على تلك الحقبة الهامة من التاريخ الإسلامي.
فتح الهند
دخل الإسلام إلى الهند في البداية من خلال التجار العرب المسلمين الذين كانوا ينقلون بضائعهم إلى تلك البلاد، حيث انتشر الإسلام بين بعض جماعات من الهنود في الموانئ التي يصل إليها العرب المسلمون.
بدء تفكير في فتح الهند في عهد الخليفة عمر بن الخطاب حيث ظل قادة المسلمين يواجهون حملاتهم إلى أطراف الهند، حتى جاء عصر الأمويين، وتحديدا في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان عندما أرسل الحجاج بن يوسف الثقافي عدة حملات لفتح الهند.
فنجحت إحداها بقيادة محمد بن القاسم في فتح بلاد السند عام 92 للهجرة، واستمر المسلمون طوال العصر الأموي يسعون إلى توطيد حكمهم في بلاد السند.
ثم جاء العباسيون الذين تابعوا مسيرة الأمويين، وأخذوا يرسلون الحملة لفتح الهند، حتى تمكن هشام بن عمرو التغلبي والي السند من فتح ملتان وكشمير في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور.
لكن مع ضعف الدولة العباسية، وبدأ تفككها وانفصال أطرافها عن مركز الخلافة في بغداد انقسمت بلاده سيندي التابعة للمسلمين إلى إمارتين إحداهما في الشمال وعاصمتها ملتان والأخرى في الجنوب وعاصمتها المنصورة.
واستمر الأمر على هذا النحو حتى جاء الغزنويون ليؤسس دولتهم بالهند.
تاريخ الإسلام في الهند
الدولة الغزنوية الإسلامية في الهند
من أبرز حركات الانفصال عن الدولة العباسية كان السامانيون الذين سيطروا على بلاد ما وراء النهر وقد بدأت بوادر قيام الدولة الغزنوية عندما وصل القائد التركي البتكين إلى منصب حاجب الحجاب في الدولة الثمانية، ومن ثم ارتفع شأنه وازداد نفوذه، فتوجه إلى مدينة غزنة التابعة للسامنيين واستولى عليها وأقام بها إمارة مستقلة عام 351 للهجرة.
وما لبث أن تمكن الغزنويون من القضاء على الدولة الثمانية في عهد السلطان محمود الغزنوي، الذي بسط سيطرته على بلاد الهند، ونشر الإسلام بين أهلها، فأعلن الجهاد في سبيل الله، وتعددت حملاته على الهند في الفترة ما بين 391 للهجرة وحتى عن 417 للهجرة، حيث خضعت له شمال شبه القارة الهندية.
أكمل الملوك الغزناويون الذين تتابعوا على عرش الدولة الغزنوية ما بدأه السلطان محمود وضموا المزيد من الأراضي الهندية إلى دولتهم.
الدولة الغورية الإسلامية في الهند
لكن ما لبث أن نشب الصراع بين الملوك الغزاويين فضعفت الدولة الغزنوية وقضي الغوريون على ملكها في الهند واقاموا على أنقاضها الدولة الغورية التي تابعت فتوحات الهند، حتى تمكن الغوريون من هزيمة ملوك الهند مجتمعين عام 588 للهجرة، وقتلوا ملك أجمير، وجعلوا ابنه ملكا على أن يدفع الجزية.
وفي العام التالي تمكن الغوريون من فتح دلهي. وجعلها عاصمة الدولة الغورية الإسلامية في الهند، ثم وصل الغوريون توسيع رقعة الدولة الإسلامية في الهند، فأصبحت تضم بنارس وكواليار، وتهنكرا، ونهرولا.
استمرت الدولة الغورية في الحكم حتى سيطرة عليها المماليك، حيث كان السلطان محمد الغوري يستعين في حكم دولته بالمماليك الذين كان يشتريهم و يخصهم بعنايته ويعدهم للغزو والجهاد ويرقي منهم من تؤهله مواهبه للقيادة ومناصب الحكم.
وعرف من بين هؤلاء المماليك قطب الدين أيبك الذي كان مملوكا للسلطان شهاب الدين الغوري والذي فتح لاهور فعينه السلطان الغوري نائبا عنه في أملاكه في الهند.
دولة المماليك الإسلامية في الهند
لكن في عام 602 للهجرة تعرض السلطان شهاب الدين الغوري لعمليات اغتيال وبموت شهاب الدين سقطت الدولة الغورية، إذ لم يترك هذا الأخير وريثا للعرش من بعده، فتولى قطب الدين أيبك الحكم لتبدأ بذلك دولة المماليك في دلهي.
وجه المماليك في دلهي العديد من التحديات أبرزها الغارات المغولية إلا أنهم نجحوا في صدها، كما تمكنوا من إخماد الثورات التي قامت في دلهي، واستمر حكمهم حتى عام 689 للهجرة.
الدولة الخلجية الإسلامية في الهند
لتبدأ منذ ذلك التاريخ دولة جديدة عرفت ب الدولة الخلجية، كان آخر سلاطين المماليك في دلهي هو كيقباد، وكان شابا لاهيا منصرفا عن إدارة دولة المماليك. وهو ما أطمع الخلجيين في الإطاحة بنظام حكم المماليك في دلهي، فجمعوا أمرهم تحت قيادة زعيمهم فيروز، ودخلوا دلهي وأسقط الحكم المملوكي.
استمرت الدولة الخلجية نحو 30 عاما، ورغم قصار عمرها، إلا أن الخلجيين تمكنوا من صد غارات المغول العنيفة، وردوهم عن دلهي كما استطاع توسيع رقعة دولتهم بشكل لم تشهده من قبل،
فضمت الدولة الخلجية قلعة ديوكار ومملكة الكجرات ومملكة مهرات وباهوبال ومملكة جيور ومملكة هاليباد ومملكة الدكن وذلك في عهد سلطانها الأبرز علاء الدين محمد الذي أطلق عليه لقب الإسكندر الثاني. لكثرة فتوحاته، وعدم هزيمته في أي معركة.
الدولة التغلقية الإسلامية في الهند
اتصل العصر الخلجي بكثرة النزاعات على الحكم، لتنتهي تلك النزاعات بقيام خسرو خان كبير الوزراء بقتل آخر سلاطين الدولة الخلجية قطب الدين، وتولى مكانه، لكن خسرو هذا كان يميل إلى الهندوس، حتى إنه حرم ذبح البقر من أجلهم، وسمح لهم بوضع الأصنام في المساجد، فجاء حاكم لاهور غازي ملك غياث الدين، تغلق وقتل، خسرو خان.
لتنتقل سلطة دله إلى تغلق الذي أسس الدولة تغلق ية التي حكمت الهند حوالي 100 عام.
وقد قاتل تغلق المغول 29 مرة وهزمهم لذا، لقب بالملك الغازي، كما تمكنت تغلق من جعل البنغال تابعة للهند.
بعد تغلق تولى ابنه محمد عرش الدولة التغلقية، حيث شهد عهده إعلان كل أمير استقلال مملكته والانفصال عن دلهي، فلم يبقى لحكومة دلهي سو البنجاب ودواب، واستمرت الدولة التغلقية قائمة، حتى جاء المغول بقيادة تايمورلنك عام 811 للهجرة ليتمكنوا من دخول البنجاب،
وبعدها استمر السلطان اتغلقي محمود بن محمد الي مالوا، وما لبث ان عاد الي دلهي بعد عودة تيمورلنك الي عاصمة مملكته ليستمر السلطان محمود في السلطة حتي وافته المنية عام 815 للهجرة تنتهي بذلك الدولة التغلقية في الهند.
دولة المغول الإسلامية في الهند
بعد وفاة السلطان التغلقي محمود استولي علي حكم دولة المسلمين في الهند احد رجال تيمورلنك وهو خضر خان الذي اسس اسرة حاكمة لدلهي عرفت باسم اسرة السادات واستمرت في الحكم حتي عام 855 للهجرة وقد اتسمت فترة حكم هذه الاسرة بكثرة الفتن والثورات واستقلت اطراف المملكة وتقلص نفوذ دلهي.
ثم كانت نهاية أسرة السادات علي يد بهلول لودي حاكم لاهور الذي نجح في ضم مملكة جونبور الموجودة في شرق الهند، وتوسع جنوبا في وسط الهند وتمكن من إعادة دلهي الي مكانتها ونفوذها
وبعد وفاة بهلول لودي خلفه ابنه اسكندر شاه اللودي الذي تمكن من التوجه شرقا وتجاوز بنراس وقد تولي من بعده ابنه إبراهيم اللودي الحكم، حيث شهدت المملكة في عهده استقلال الكثير من الولايات.
وما لبث أنصار حاكم لاهوار دولت الخان لو ديفيد إبراهيم اللودي وطلب العون من الحاكم التيموري ظهير الدين محمد بابور الذي كان يحكم كابل وما حولها في غرب الهند فاستجاب بابر وصار بجيشه نحو دلهي وهزم إبراهيم اللودي وقتله عام 932 للهجرة، لتبدأ دولة المغول التي مكثت في الحكم لأكثر من ثلاثة قرون.
الاحتلال الإنجليزي للهند وسقوط الدولة الإسلامية في الهند
بدأت دولة الإسلام في الأفول بالهند عندما طمع الأوروبيون في الأراضي الهندية، فكانت البداية مع البرتغال عندما وصل فاسكو دي جاما إلى الهند عام 904 للهجرة. فطمع في البلاد، فاستأذن دولته في احتلال الهند، فأرسلت الأساطيل لاحتلال الهند.
وعندما استقلال الهولنديون عن الإسبان سعوا إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من المستعمرات في المحيط الهادي، وبدأ الهولنديون في رفع أسعار التوابل لسيطرتهم على الكثير من طرق التجارة في المحيط الهادي، مما شجع الإنجليز على الدخول في المنافسة معهم، فعملوا على إنشاء شركات تجارية لهم في بلاد المشرق.
واتخذت عدة أسماء حتى اتحدت معا و تسمت باسم شركة الهند الشرقية وكانت مراكزها في البداية في جزر الهند الشرقية لأن البرتغاليين والهولنديين منعوا إنجلترا من دخول الهند، فدخلت معهم في حرب حتى تمكنت من النزول على بر الهند، وقامت شركة الهند الشرقية الإنجليزية بشراء الأراضي في الهند وبناء الحصون، وأخذت تتوغل في الهند، حتى نجح الإنجليز في احتلال دلهي، لتنتهي بذلك دولة الإسلام في الهند عام 1274 للهجرة.
وتبدأ واحدة من اسوء الحملات والاضطهاد بالمسلمين، وبذلك فقد انتهينا من تاريخ الإسلام في الهند ابقوا في امان والسلام.
المصادر
- كتاب تاريخ الإسلام في الهند
- كتاب المسلمون في الهند من الفتح العربي إلى الاستعمار البريطاني
- كتاب فتوح بلاد الهند