من هو خير الدين بربروس أشهر قائد اسطول في التاريخ

من هو خير الدين بربروس أشهر قائد اسطول في التاريخ
خير الدين بربروس

جدول المحتوي

من هو خير الدين بربروس؟

خير الدين بربروس هو عبقري الملاحة البحرية في القرن السادس عشر، كان مصدر إلهام للأتراك فغير خطوط الملاحة البحرية لثلاث قرات، كما زاد عدد القوات البحرية العثمانية تحت قيادته اضعاف ما كنات عليه فأصحبت قوة ضاربة خلال القرن السادس عشر.

عرف بأسد البحر الأبيض المتوسط واصبح اسمه يرتدد في الحكم والاقوال العثمانية، فقيل فيه ” لو كان للبحر اسد لكان خير الدين” انه خير الدين بربروس باشا ادميرال البحرية العثمانية في بداةي القرن السادس عشر ومصدر الهام الأجيال من بعده .

وفي تلك المقالة سوف نستعرض معكم تاريخ احد اشهر ادميرلات البحرية العثمانية في القرن السادس عشر، تابعوا معنا المقالة للنهاية.

خير الدين بربروس

نشأة خير الدين بربروس

ولد خضر بن يعقوب المعروف بخير الدين باشا بربروس عام 1478 كان ذلك في جزيرة ليسبوس اليونانية التي كانت خاضعة لحكم الدولة العثمانية في ذلك الوقت.

كان والده يعقوب أحد عساكر الإنكشارية، ونظرا لذلك، فقد نشأ خير الدين بربروس مع إخوته نشأة عسكرية منذ الصغر، أما والدته كاتالينا، فقد كانت امرأة مسيحية، بل ويقال أنها كانت أرملة قس.

كان خير الدين هو الأخ الأصغر بين أربعة من أشقائه، وبدأ حياته في النشاطات التجارية متنقلا بين ليسبوس وسالونيك ووابيا التي أصبحت كلها من مدن اليونان الآن باستخدام سفينة من صنعه.

بينما كان شقيقه يعرف باسم بابا أوروك لأنه ساعد اللاجئين المسلمين الفارين من بطش الصليبيين في الأندلس، إذ كان ينقلهم إلى شمال إفريقيا بأسطوله.

نشأة خير الدين بربروس

لماذا سمي خير الدين بربروس بذلك الاسم؟

أطلق الإفرنج لقب بربروس بالإيطالي على الأخوين عروج وخير الدين، وتعني هذه الكلمة ذو اللحية الحمراء أو الشقراء أو الصهباء أو الزعراء، وتكتب بعدة طرق منها بربروس، بربروسا، باربروس، ونقلت إلى اللغة العربية بحرفيتها، وشاعت حتى كادت أن تطغى على اسميهم الأصليين.

أما تسميته بخير الدين فتذكر بعض المصادر أنه بعد ما تولى إنقاذ الأندلسيين اقترح عليه هؤلاء إلى جانب المغاربة أن يغير اسمه إلى خير الدين.

كان خير الدين بربروس باشا ذكيا ولامعا في صغره، رغم ميله للسخرية من أقرانه.

لماذا سمي خير الدين بربروس بذلك الاسم؟

 

انضمام خير الدين بربروس الي أسطول الدولة العثمانية

عندما كان شابا، اشتهر بفصاحته في المواضيع المثيرة للجدل، كان شجاعا و متعقلا في الوقت نفسه، كما كان قوي الإرادة مع غريزة قتالية فطرية.

بعد النجاحات التي حققها داخل البحر الأبيض المتوسط في منصب قائد الأسطول، حظي بحب واحترام واسعين بين مجتمع البحارة، كان يجيد العديد من اللغات، إذا كان يتحدث كل لغات البحر المتوسط الرئيسية مثل اليونانية والعربية والإسبانية والإيطالية والفرنسية.

بعد إنقاذ أخيه، أووروك من أسر فرسان رودس الاسبتارية، أعلن الإخوة ولاءهم للأمير العثماني شاه زاد قورقود شقيق السلطان سليم الأول.

في الوقت الذي تعاظمت فيه قوة الدولة العثمانية حتى غدت إمبراطورية ضخمة يحسب لها ألف حساب، كانت الأوضاع في الأندلس على النقيض تماما، فقد سقطت آخر معاقل المسلمين هناك، وهي مدينة غرناطة،

وبالرغم من معاهدة التسليم بين المسلمين والإسبان التي كان من بين نصوصها، على احتفاظ المسلمين بكافة حقوقهم، إلا أن الإسبان ما لبثوا أن ضربوا العهود والمواثيق التي بينهم وبين المسلمين عرض الحائط، وبدأت أسوأ حملة اضطهاد وإجبار للمسلمين على التنصر، وتطهير عرقي ضدهم.

وبالرغم من محاولة الدولة العثمانية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأندلس وتقديم المساعدة للمسلمين هناك، إلا أن هناك العديد من العوامل التي حالت دون ذلك، أبرزها محاولات الغرب لاستعادة القسطنطينية، بالإضافة إلى بعد المسافة الجغرافية، وعدم وجود طريق بري مباشر بين الدولتين،

إلى جانب شغال العثمانيين مع المماليك، والدولة الصفوية في عام 1504، اشترك خير الدين وإخوته في صراع على السيادة البحرية ضد إسبانيا وجنوة والإيطالية وفرنسا بالبحر الأبيض المتوسط وعادوا منتصرين في النهاية.

في ذلك الوقت، كان خير الدين بربروس وأخوه عروج يعملان على نقل المسلمين الهاربين من الأندلس في الفترة ما بين 1504 و1510 للميلاد.

انضمام خير الدين بربروس الي أسطول الدولة العثمانية

أهم أعمال خير الدين بربروس

إنقاذ خير الدين بربروس للأندلسيين

بحلول ربيع سنة 920 للهجرة 1515 للميلاد تقريبا، خرج البحارة بقيادة الأخوين بربروس إلى سواحل الأندلس في ثمانية مراكب، يقول خير الدين في مذكراته واصفا وضع المسلمين في الاندلس بعد سقوطها،

“كانت المدينة الإسلامية غرناطة قد سقط تقريبا بأيدي الإسبان، كان الإسبان يقومون بمظالم كبيرة في حق المسلمين الذين كان الكثير منهم يعبدون الله في مساجد قاموا ببنائها تحت الأرض، لقد دمر الإسبان وأحرقوا جميع المساجد، وصاروا كل ما عثروا على مسلم صائم أو قائم إلا وعرضوه وأولاده للعذاب أو للإحراق.”

أثناء ذلك قام الأخوان بربروس بحمل عدد كبير من المسلمين الأندلسيين في السفن ونقلهم إلى الجزائر وتونس، وكان من أثر هذه الحملات أن شاع اسم بربروس في أنحاء أوروبا، وخاصة في أوروبا المتوسطية، وأصبح أسطورة في نظر الأوروبيين.

تحرير الجزائر وضمها للدولة العثمانية

هاجم الإخوة بارباروسا الجزائر وحرروها من الإسبان عام 1516، حيث أصبحت جزء من الدولة العثمانية.

ثمة عوامل داخلية وخارجية حتمت على الأخوين عروج وخير الدين فتح جيجل ثم الجزائر بالكامل.

أما العوامل الداخلية فتمثلت في

  • ضعف وانحلال الدولة الحفصية، التي كانت تحكم تونس وشطة الشرقية من الجزائر.
  • أما الشطر الغربي، وكانت تحكمه الدولة الزيانية، كان انتشار الظلم واللصوصية والفقر والأوبئة، مما أرغم الناس على هجر منازلهم وبلداتهم.

أما العوامل الخارجية فاهمها:

  • سقوط الأندلس، أو بالأحرى ما تبقى من الأندلس، دولة بني الأحمر، و حاضرتها غرناطة سنة 1492 للميلاد،
  • وقيام الدولة الأوروبية باحتلال كثير من المدن على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط.
  • فكان الجنوبيون في جيجل منذ سنة 1240 للميلاد، والبرتغاليون في سبتة شمالي المغرب حاليا، كما كان الإسبان سنة 1415، في مليلية أيضا شمالي المغرب حاليا منذ سنة 1497.

وبعد سقوط غرناطة وبتحريض من البابوية احترازا من عودة المسلمين للأندلس وهما الذين أقاموا فيها أكثر من سبعة قرون. وخلال سنوات خمس، احتل الإسبان في الجزائر فقط المرسى الكبير ووهران  أرزيو ومستغانم و شرشال ومدينة الجزائر، وبوجياووعنابة، و أتبعوها بطرابلس الغرب في ليبيا حاليا.

كان ذلك سنة 1511، ومارسوا الضغط على كل من السلطات المحلية والأهالي في البحر، ناهيك عن تدخلهم في الشؤون الداخلية لتلك النواحي على السواء.

وبهذا غدا الإسبان في خمس سنين، القوة الإقليمية المطلقة غربي البحر الأبيض المتوسط.

كانت سياستهم الضغطة باستمرار على سواحل شمالي أفريقيا لرصد أي تطورات سياسية فيها، خشية عودة المسلمين إلى الأندلس، التي كانت ما تزال تضم جالية مسلمة كبيرة مقيمة فيها.

وأمام جبروت شارلكان الإمبراطور الروماني المقدس الذي كان حينها أقوى وأغنى ملوك أوروبا، ونظرا لضعف الدول الإسلامية في شمال أفريقيا وتقاعس ولاة أمرها،

فقد كان الإخوة بربروس على شح إمكاناتهم القوة الوحيدة التي حملت عبء مواجهة الإسبان، والقوى الصليبية الأخرى غرب البحر الأبيض المتوسط كالدويلات الإيطالية وفرسان مالطا.

كان الأخوان بربروس لا قبل لهما بمجابهة دولة بحجم إسبانيا لهذا فقد اتبعا أسلوب الإغارة على السواحل الأوروبية المتوسطية والسفن التجارية كانت أم حربية ومن هنا دعاهم الأوروبيون قراصنة.

لكن ذلك لم يكن سوى رد فعل المعتادة الدول الأوروبية عمله على السواحل الإسلامية، وحتى الأخوين بربروس، ماكان التفاتهم نحو الغزو إلا رد فعل عن مقتل أخيهما، وأسر أحدهما على يد أخوية فرسان رودس.

نجح الأخوان بربروس في تحرير الجزائر من الاحتلال الإسباني وأقام عروج نفسه حاكما للجزائر وتمكن من طرد الإسبان في السواحل التي احتلوها.

أهم أعمال خير الدين بربروس

انقاذ مسلمي الأندلس علي يد خير الدين بربروس

ثم ما لبث أن انضم الأخوان إلى الدولة المملوكية التي كانت في أواخر أيامها قبل أن ينجح السلطان العثماني سليم الأول في ضم مصر إلى الإمبراطورية العثمانية بعد هزيمة المماليك في معركة مرج دابق عام 1517، فأعلن الأخوان ولاءهم للدولة العثمانية.

لكن الإسبان ما لبثوا أن وجه جهدهم ناحية الجزائر فتوغلوا فيها وحاصروا تلمسان ووقع عروج في الأسر وقتل عام 1518.

ليخلفه أخوه الأصغر خير الدين بربروس في حكم الجزائر والذي استعان بالدولة العثمانية لطرد الإسبان من الجزائر. ولم يتأخر السلطان سليم الأول فأمده بقوة من سلاح المدفعية و2000 من جنود الانكشارية.

مع ازدياد معاناة المسلمين في الأندلس، طلب السلطان سليم الأول من القائد خير الدين بربروس إنقاذ مسلمي الاندلس، ولم يتردد بربروس في تنفيذ المهمة،

فأبحر من أقصى الشرق في تركيا إلى أقصى الغرب في الأندلس لمحاربة الجيوش الإسبانية والبرتغالية والإيطالية بالإضافة إلى أسطول القديس يوحنا.

وقد تمكن من اختراق الحصون البحرية وتدمير الحامية الإسبانية، ثم دخل إلى اليابسة وخاض حرب شوارع، وتمكن من مباغتة الكنائس بصورة مفاجئة حتى يحول دون هروب القساوسة الذين يعرفون أماكن التعذيب السرية.

وعلى الفور بدأ بالبحث في جميع أقبية الكنائس قبل أن يتمكن الإسبان من تهريب الأسرى المسلمين، وقد تكللت جهوده في النهاية بالنجاح.

فاستطاع الوصول إلى العصر المسلمين الذين كانوا في حالة يرثى لها، بعد ذلك تم نقل الاسرى بعناية حتى لا يصابوا بالعمى، مع تجنب تعرض جلودهم الهزيلة للتمزق أثناء حملهم إلى السفن.

وانتهت تلك المغامرة بإنقاذ آلاف الأسرى المسلمين واليهود، وتم نقل 70 ألفا منهم في أسطول من 36 سفينة، وذلك في سبع رحلات إلى الجزائر عام 1529.

جن جنون الملك الإسباني شارل الخامس، مما فعله بربروس بإنقاذه لمسلمي الأندلس، فقرر القيام بحملة انتقامية هدفها تونس والتي تمكن بربروس من ضمها إلى الدولة العثمانية عام 1534 بناء على طلب من السلطان سليمان القانوني الذي تولى حكم الدولة العثمانية بعد وفاة والده السلطان سليم الأول.

نجح الإسبان في الاستيلاء على تونس وارتكب مجازر بشعة في حق سكانها الأبرياء، لكنهم لم ينعموا طويلا بانتصارهم هذا، فقد قام بربروس بشن غارة على جزر البليار في البحر المتوسط وأسر 6000 من الإسبان نقلهم إلى الجزائر.

انقاذ مسلمي الأندلس علي يد خير الدين بربروس

خير الدين بربروس قائدا عام لجميع الأساطيل البحرية

تقديرا لجهود خير الدين بربروس، قام السلطان سليمان القانوني بتعيينه قائدا عام لجميع الأساطيل البحرية للخلافة العثمانية وعين ابنه حسن باشا واليا للجزائر.

في عهد السلطان سليمان القانوني بلغت الإمبراطورية العثمانية أقصى اتساع لها وباتت فتوحاته مصدر تهديد. لعروس ملوك أوروبا، الأمر الذي جعل البابا بولا الثالث في روما يدعو إلى تحالف أوروبي صليبي لمواجهة المد العثماني.

لتبدأ مرحلة جديدة والشرسة من الصراع بين الأوروبيين والعثمانيين.

على الرغم من أن هناك بعض المصادر التي وصفت الإخوة بارباروسا بأنهم كانوا قراصنة البحر المتوسط السابقين، لكن أستاذ التاريخ في جامعة إسطانبول إدريس بوستان قال لوكالة الأناضول أن بربروس كان أدمر الا يعمل مع القوات البحرية إذا كان يعرف عنه خبرته الهندسية والمعمارية في السفن.

ويقول بوستان إن هناك محاولات للتقليل من شأنه، بوصفه قرصانا، لكن هذه المزاعم لا تتماشى مع التاريخ العثماني الأصيل.

وأضاف بوستان أيضا بأن بارباروس شارك في العديد من العمليات بالبحر الأبيض المتوسط، وكان يعرف كل سفن البحر المتوسط، لأنه كان يراها من وقت لآخر على سواحل الجزائر ويحفظها، ثم يربطها بقواته.

خير الدين بربروس قائدا عام لجميع الأساطيل البحرية

معركة بروزة

مع بزوغ نجم الإمبراطورية العثمانية إثر الفتح العظيم لمدينة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، انتقل الثقل العثماني تجاه الغرب أكثر واندفعت الجيوش العثمانية نحو أوروبا لنشر الإسلام فيها،

فخاضت معارك ضارية أسفرت عن سقوط الكثير من الدول الأوروبية في أيديها لا سيما في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني.

إلى جانب تمكن القائد خير الدين بربروس التابع للدولة العثمانية من إنقاذ المسلمين في الأندلس، الأمر الذي استفز الأوروبيين الذين استشعروا الخطر على عروشهم،

ثم جاء اتصال البابا بولا الثالث بزعماء أوروبا لدعوتهم إلى تكوين تحالف أوروبي صليبي لمواجهة المسلمين، وهكذا بدأت الاستعدادات لواحدة من أقوى وأشرس المعارك البحرية في التاريخ، والتي عرفت بمعركة بريفيزا او معركة بروزة.

أصبح خير الدين بربروس كابوسا يبعث على الرعب في الممالك الأوروبية التي أطلقت عليه لقب ملك الشر، لاسيما الإمبراطورية الإسبانية بعد أن أفسد بربروس لهذه الدول والممالك مخططاتها في اضطهاد المسلمين وأخذ ينتزع منها مستعمراتها في الجزائر وتونس.

ثم جاءت الفرصة التي وجدها سانحة للقضاء على خير الدين بربروس، ووقف المد العثماني على الدول الأوروبية في الوقت نفسه إثر الدعوة التي أطلقها البابا بولا الثالث بتكوين تحالف صليبيا لتدمير الأسطول العثماني في البحر المتوسط، والقضاء على أسطورة خير الدين بربروس.

لم يتردد الأوروبيون في تلبية نداء بابا روما، فحشدت الدول الأوروبية من إسبانيا والنمسا وألمانيا وجنوة والبرتغال والبندقية أسطولا ضخما عرف حينها بأسطول العصبة المقدسة، حيث تكون من 600 سفينة تحمل قرابة 60,000 جندي.

تحت راية امبراطور إسبانيا شارل الخامس بقيادة البحار الإسباني أندريا دوريا، كما انضم إلى هذا التحالف واحد من أشرس التنظيمات في محاربة المسلمين ممن كانوا يعرفون بفرسان مالطا.

ما ان أعلم خير الدين بربروس بأخبار التحالف الصليبي، حتى جمع أسطوله الذي كان مكونا من 122 سفينة فقط تحمل 22,000 جندي فقط. لها فورا بأسطوله من بحر إيجه، صوب الساحل الغربي لليونان المطل على البحر الأيوني.

أمر بارباروس باحتلال ميناء أكتيوم اليوناني وتحصينه ونصب المدفعية العثمانية فيه بكثافة. وبعد أيام حاول الأوروبيون القيام بإنزال بري لاحتلال ميناء بريفيزا.

لكن محاولاتهم تلك ذهبت أدراج الرياح لصلابة مقاومة الحامية العثمانية، الأمر الذي اضطر أندريا دوريا للابتعاد أميال عن الساحل خارج مدى المدفعية العثمانية، وذلك في ليلة 28-9-1538م.

وعكف مع مستشاريه على وضع خطة هجومية لاستدراج أسطول خير الدين بربروس بعيدا عن القلاع الساحلية التي تحمي ظهره، لكن وقبل اتخاذ أي خطوة لمواجهة العثمانيين، فوجئ الأوروبيون فجرا ببعض القطع البحرية العثمانية تنقض عليهم بضراوة بزعامة القائد تورغوت ريس باشا.

مما أحدث ارتباكا دام ساعات في الأسطول الصليبي، رغم تفوقه العددي الكاسح، ما لبث أندريا دوريا أن استعادة توازنه ووزع سفنه في اتجاهات مختلفة وبدأ هجومه المضاد محاولا استدراج القوة الرئيسية من أسطول خير الدين بربروس إلى عمق البحر حيث تظهر ميزة التفوق العددي للأوروبيين،.

استمر القتال الضاري بي الأسطولين عدة ساعات، ورغم الفارق الرهيب في العدد لصالح الأوروبيين، إلى أن خسائرهم كانت فادحة، تذكر المصادر التاريخية أنه قتل وأصيب الآلاف من قوات التحالف الأوروبي، وأسر أكثر من 3000 منهم.

كما تمكن العثمانيون من تدمير 13 سفينة معادية تو تم إغراقها في البحر، واستولوا على 36 سفينة أخرى، في حين كانت الخسائر العثمانية متمثلة في مقتل حوالي 400 من الجنود وإصابة ضعفهم.

ورغم إصابة العديد من السفن العثمانية بشكل جسيم بنيران مدفعية سفن البندقية بشكل خاص فإنه لم يسجل غرق أي منها.

في النهاية، اضطر أندريا دوريا إلى الانسحاب بعد 5 ساعات فقط من القتال، ليكتب النصر بذلك للأسطول العثماني بقيادة خير الدين بربروس الذي ما لبث أن ضم المزيد من جزر بحر إيجه والبحر الأيوني إلى الإمبراطورية العثمانية.

ولم يكن له أي منازع حقيقيا في البحر في حين تملك الأوروبيون الفزع بعد هزيمتهم الساحقة في معركة بريفيزا، وامتلأت نفوسهم بالمرارة، وهم يرون سفن الأسطول العثماني التي ظلت تجوب مياه البحر الأبيض المتوسط دون وجود أي قوة بحرية تستطيع ردها أو صدها.

في كتاب الإسلام في العصر الحديث للمؤرخ كانت ويل سميث، يقول سميث: “كما ترتب على تلك المعركة أن أجبرت جمهورية البندقية عام 1540 على توقيع معاهدة سلام مذلة مع العثمانيين، تعهدت بموجبها بدفع تعويض قيمته 300,000 دوكا نظير اشتراكها في الحرب ضد العثمانيين.

الي جانب الاعتراف بالسيادة العثمانية علي العديد من الأقاليم اليونانية التي كانت خاضعة سابقا لهيمنة البندقية.”

معركة بروزة

التحالف العثماني الفرنسي

بعد أن أصبحت الدولة العثمانية إمبراطورية عظمى يحسب لها ألف حساب، بدأت بعض الدول الاستعانة بها للتصدي لأعدائها، وعلى رأس تلك الدول مملكة فرنسا التي وجدت نفسها مضطرة للتحالف مع الدولة العثمانية لمواجهة الخطر الإسباني الذي يهددها.

كان ذلك بعد انتصار القوات الإسبانية على القوات الفرنسية في معركة بافيا سنة 1525 وأسرهم ملكة فرنسا فرنسوا الأول وإجباره على توقيع اتفاقية مدريد التي أذلت ناصية الفرنسيين بسبب ما تضمنته من الكثير من التنازلات لصالح الإسبان.

بعث الملك فرنسوا إلى السلطان العثماني سليمان القانوني برسالة يطلب منه فيها تقديم يد المساعدة لمواجهة عدوهم المشترك المتمثل في الإمبراطور الإسباني شارل الخامس.

ولما كانت الدولة العثمانية تربطها علاقات طيبة مع المملكة الفرنسية فقد وافق السلطان سليمان القانوني على تقديم يد العون للفرنسيين، وعقد بين الطرفين تحالف مشترك، ليكون بذلك أول تحالف من نوعه غير إديولوجي دبلوماسي بين إمبراطورية مسيحية وأخرى مسلمة.

الأمر الذي أغضب الكنيسة الكاثوليكية التي وصفت ذلك بالتحالف الأثيم، لكن الملكة فرنسوا لم يلقي بالا لذلك.

من جانبه، وجد السلطان سليمان القانوني أن أفضل من يعتمد عليه في مثل تلك المهمة هو قائد الأساطيل العثمانية خير الدين بربروس، فأمره بالإبحار بأسطول مكون من 100 سفينة و30,000 جندي لمساعدة الفرنسيين في تحرير مدينة نيس.

وبالفعل تحرك بارباروس من إسطنبول في 28-5-1543م، واستولى في طريقه على مدينتي ماسينا التابعة لصقلية، وريجوا الإيطالية، وعند وصوله إلى ميناء طولون رفعت الأعلام العثمانية على السفينة الفرنسية المستقبلة لهم، وأطلقت المدافع تحية للعثمانيين.

واتحد الأسطول الفرنسي المكون من 44 سفينة مع الأسطول العثماني تحت قيادة بربروس وتحرك الأسطول ان المتحد ان إلى ميناء نيس الفرنسي، ونجح في استعادته في 22-8-1543م.

بعد هذا النصر عرض ملك فرنسا على بربروس إقامة قاعدة وثمانية في ميناء طولون الفرنسي لحماية فرنسا من هجمات الإمبراطورية الرومانية مقابل مساعدة العثمانيين بتحرير تونس.

وبعد موافقة السلطان العثماني قبل خير الدين بربروس بهذا العرض، وهكذا تم إخلاء ميناء طولون من جميع سكانه بأمر من الحكومة الفرنسية، ورفع عليها العلم العثماني.

وما لبثت تحولت مدينة طولون إلى مركز عسكري ضخم للحملات العثمانية، ليستمر التحالف العثماني الفرنسي قرابة ثلاثة قرون، حتى جاء نابليون بونابارت وقام بمهاجمة مصر التي كانت تابعة للدولة العثمانية، عام 1798، لينتهي بذلك التحالف العثماني الفرنسي.

التحالف العثماني الفرنسي 

وفاة خير الدين بربروس

تابع القائد بربروس حملاته البحرية على السواحل الإسبانية والإيطالية، حتى وافته المنية في 4-7-1546م  ليسدل الستار بذلك على واحد من أعظم القادة الإسلاميين في التاريخ.

رغم محاولتهم الدؤوبة لتشويه صورته، إلا أن ذكرى القائد خير الدين بربروس لازالت حاضرة في أذهان الأوروبيين، ولا أدل على ذلك من أن الهولنديين قد أقاموا تمثالا له على قمة مبنى بلدية مدينة ليدن تقديرا لحمايته لهم من الإسبان.

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top