قصة رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر الدموية

قصة رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر الدموية
قصة رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر الدموية

جدول المحتوي

السلام والاحترام أصدقائي الكرام ويا مرحبا بهذه الدردشة، وجهاتنا اليوم إفريقية وتحديدا إلى شرق هذه القارة، تدرس تن اليوم حول ملكة الدم رانافالونا الأولى وهي ملكة لم يذيع صيتها بسبب مآثرها أو إنجازاتها أو حتى جمالها، بل لسبب آخر تماما،

هذه الملكة عرفت بدمويتها، تاريخ حافل بالقتل والتعذيب، ليس للأعداء، بل شعبها ورعاياها، تاريخ شهيد على ما يمكن اعتباره إحدى أكبر عمليات الإبادة الجماعية على مر التاريخ. لن نطيل الحديث أكثر، وال نشد الرحال صوب مدغشقر في رحلة عبر التاريخ، لنتعرف إلى قصة رانافالونا الأولى أو كما تعرف بملكة مدغشقر الدموية .

من هي الملكة رانافالونا الأولى

رانافالونا الأولى هي إحدى ملكات مملكة مدغشقر اللواتي خلدت أسماءهن في التاريخ حيث ولدت رانافالونا الأولى عام 1778 أو عام 1788 كما ورد في بعض المصادر وعرفت أيضا باسم رامافو.

المصادر التي وثقت سيرة حياة هذه الملكة ذكرت روايتين حول طفولتها كلتا الروايتان ترتبطان بشكل مباشر بانضمام رانافالونا الأولى للعائلة المالكة، وصولا إلى تتويجها ملكة على مملكة مدغشقر وسنعرف تلك الروايات في الفقرة القادمة.

من هي الملكة رانافالونا الأولى

قصة رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر الدموية

الأولى تقول أن رانافالونا الأولى هي ابنة أمير يدعى أندريان تسلا مانجاكا هذا الأمير كان أميرا فقط بالاسم، فهو لم يكن ضمن السلالة الحاكمة، ولكنه كان على علاقة طيبة بالقصر الملكي، وخصوصا بالملك أندريان آمبويني ميرينا.

وحدث أن تناهى إلى سمع هذا الأمير خطة لاغتيال الملك من قبل عمه الذي سبق وأن أزيح عن العرش على يد الملك ميرينا حيث أخبار الأمير ملك البلاد بما كان يحاك له من مؤامرة خطيرة، وبالتالي نجى الملك من موت محتم.

لرد الجميل قام الملك بخطبة رانافالونا الأولى إلى ابنه و ولي عهده الأمير راداما وأعلن أن أول طفل لهما سيكون التالي في خلافة العرش بعد راداما هذه الرواية الأولى.

قصة رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر الدموية

أما الرواية الثانية فهي المنتشرة بشكل أعم وأوسع، وتقريبا أغلب المصادر اعتمدتها لسرد سيرة هذه الملكة والرواية تقول أن رانافالونا الأولى ولدت في عائلة فقيرة قرب منطقتي انتانا ناريفو.

هذه العائلة انقلبت حياتها ذات يوم رأسا على عقب فوالدر رانافالونا الأولى قام كما في الرواية الأولى، بتحذير الملك من مؤامرة اغتيال تحاك ضده وكعربون شكر وتقدير قام الملك بتبني رانافالونا الأولى وضمها إلى العائلة الملكية، وطبعا معها عائلتها التي أضحت بين ليلة وضحاها من العوائل الملكية.

تخبرنا الرواية بعدها أن رانافالونا الأولى تزوجت من ابن الملك راداما الأول الذي كان قد تزوج 11 امرأة قبلها، فأضحت هي الزوجة الثانية عشر.

قصة رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر الدموية

تمتعت رانافالونا الأولى بشخصية قيادية قوية ساعدتها على تولي السلطة وانتزاع الحكم بعد وفاة زوجها عام 1828.

بالطبع ابنه راداما الثاني هو الوريث الشرعي إلا أنه كان صغيرا في ذلك الوقت ولتحقيق غايتها في الحكم المطلق، قامت رانافالونا الأولى بقتل كل من نازعها على العرش وجمعت جيشا من أكثر من 300,000 جندي تحت قيادتها.

نشرت فرقا منهم في المناطق النائية من مدغشقر لتأمين حكمها، ومنع أي ثورة أو تحرك مضاد لملكها الملك أو فترة الحكم التي استمرت لثلاثة وثلاثين سنة عرفت عند شعب مدغشقر بسنوات الظلمة، والسبب مرعب دون شك،

فالملكة رانافالونا الأولى عدا عن أعمال السخرة التي اعتمدتها لتحصيل الضرائب واستعباد شعبها، وعدت عن نقدها كل المواثيق التي أبرمها سلفها مع الدول الأوروبية، ما أعاد مدغشقر إلى عزلتها الاقتصادية السابقة وتسبب مجاعة كبيرة في أنحائها المترامية،

الا انها قامت باستخدام طرق مرعبة لتعذيب المجرمين و المعارضين لحكمها على حد سواء.

إحدى هذه الطرق عرفت باسم تانجينا، هذه الطريقة اعتمدتها الملكة لتبيان براءة المتهم من عدمها اسمعوا جيدا كيف كانت تتم بحسب موقع العربية وغيره من المواقع التي تناولت سيرة هذه الملكة.

فإن هذه الطريقة البدائية والمعروفة منذ القدم في تلك المنطقة، تعتمد في أساسها على ثمار نبتة التانجينا السامة، فكان يتم إحضار المتهم أول مشكوك في ولائه للملكة إلى ساحة المحاكمة،

وهناك يتم إجبار المتهم على ابتلاع جلود ثلاث دجاجات، وبعد ذلك يجبر على ابتلاع بعض من ثمار شجرة التانجينا السامة، بطبيعة الحال، السم سيجبر الشخص على التقيؤ، فإذا ما خرجت الجلود الثلاث كاملة، كان الشخص برئ، وإلا فالإعدام مصيره.

مصادر أخرى ذكرت أن المتهم كان يشبر على تناول سم التانجينا  فإذا ما نجي من السم تعلن براءته.

القليل جدا نجا من هذه الطريقة الغريبة التي ذكر المؤرخون أنها كانت سببا في قتل ما يقارب ال2% من سكان مدغشقر المحليين والأجانب.

التعذيب لم يقتصر فقط على المجرمين أو المعارضين للحكم، بل امتد إلى الحملات التبشيرية المسيحية،

وقد زاد الأمر سوءا ما تعرضت له هذه الملكة الدموية عام 1835 في هذا العام، أصيبت الملكة بمرض شديد ألزمه الفراش، بل أوصلها لحافة الموت، ولكنها فاجأت الشعب بشفائها وعودتها إلى تسلم مقاليد الحكم.

الملكة أرجعت السبب في شفائها إلى قوة السام بي أو الطلاسم الاثني عشر التي كانت تؤمن الملكة بشدة بقوتها، وهي بالمناسبة عرف عنها إعطائها السلطة والمكانة الرفيعة للكهنة والسحرة، وجعلهم من خواصها وحاشيته المقربة،

ولهذا السبب ولإعادة نشر التقاليد الدينية الخاصة بالديانة التي تتبعها الملكة والتي ذكرها المؤرخون على إنها إحدى الديانات المحلية التي كانت منتشرة في إفريقيا آنذاك.

قيدت الملكة ممارسة الشعائر المسيحية، بل ومنعت هذه الحرية بالمطلق، وبالتالي منعت الحملات التبشيرية التي كانت قد بدأت تنشط في تلك الفترة.

ومن يخالف هذه التعاليم سيكون مصيره مؤلما، فعاد عن سم التانجينا، كان قطع الأطراف، وشطر الجسد إلى نصفين، عدا عن التعرض للغالي في الماء الساخن، والإلقاء من أعلى جرف شاهق بانتظار تعساء الحظ كطرق مبتكرة في الإعدام.

المآسي التي عاشها هذا الشعب على يد ملكة كانت تسعى، بحسب رأي البعض، إلى تثبيت حكمها ومنع الفوضى والتدخل الأجنبي في بلادها كانت مؤلمة وفظيعة.

حتى أن ابنها وولي عهدها الأمير راداما الثاني لم يكن راضيا عن أفعال والدته هذا الأمير الذي نشأ وتتلمذ على يد البعثات الفرنسية في مدغشقر كان محبوبا بين أفراد شعبه.

فالرجل أنقذ العديد من المواطنين من تعذيب التنالتانجينا كما أنه كان يزود عمال السخرة والعمال الفقراء بالطعام لإنقاذهم من الموت جوعا.

الأمير الشاب كان يسعى جاهدا لإنهاء حكم أمه الدموي، ولهذا الغرض قام الأمير بوضع خطة مع رجل أعمال فرنسي له صلات قوية مع المسؤولين الفرنسيين يدعى جوزيف فرنسوا لامبرت.

عام 1854 قام الأمير الشاب بإرسال رسالة إلى نابليون الثالث يطلب منه غزو مدغشقر ويعده بتقديم الدعم الداخلي للخلاص من حكم رانافالونا الأولى، هذه الرسالة أثارت الجدل بين المؤرخين،

فالبعض يرى أن الأمير لم يكن ضليعا بالكتابة الفرنسية، وأن لامبرت هو من قام بكتابة الرسالة، والبعض الآخر يرى أن الأمير هو الكاتب بحكم دراسته وتتلمذه على يد البعثات الفرنسية ولامبرت هو ساع البريد إن أمكن الوصف .

عام 1855 قام الأمير راداما الثاني بالتوقيع على ميثاق لامبرت بالطبع من الاسم يبدو واضحا من هو الطرف التاني الميثاق نص على الحق الحصري لجوزيف لامبرت بالاستفادة من المعادن والغابات وغيرها من ثروات مدغشقر مقابل 10% فقط من الإيرادات ستذهب لصالح الأمير،

والمقابل لامبرت توجب عليه تقديم الدعم المادي والعسكري لسقوط الملكة، ولهذه الغاية كان على لامبرت أن يجول في أوروبا عارضا الميثاق على حكامها وطالبا الدعم العسكري والمادي منهم.

وبالفعل الرجل ذهب إلى أوروبا ليعود عام 1857 إلى مدغشقر ولكن من دون المساعدة المرجوة، وعلى الرغم من هذا، لم يألوا الأمير جهدا لتحقيق غايته، فقرر المضي بعملية الانقلاب ضد والدته بمساعدة لامبرت ومن معه،

إلا أن عملية الانقلاب باءت بالفشل، والآن الملك الدموية لابد أن يكون لها ردة فعل.

المشكلة أن الموضوع أصبح يتعلق بابنها الوحيد ووريث عرشه، لذلك ألقت الملكة اللوم بالكامل على لامبرت، ومن معه من الأجانب، وشملت العقوبة كل الأجانب في كل أنحاء مدغشقر.

فكانت الأوامر أن تتم ملاحقة وقتل الأجانب في أنحاء البلاد قاطبة ومع هذا تمكن لامبرت وقلة قليلة ممن كان معه من الهرب إلى خارج مدغشقر.

موت ملكة الدم رانافالونا الأولى

موت ملكة الدم رانافالونا الأولى

لم يحاول الأمير بعدها إزاحة والدته ليلعب القدر لعبته، وتموت الملكة الدموية في أغسطس من العام 1861 عن عمر ناهز 83 سنة، قضت منهم 33 سنة في الحكم.

سنون كانت جحيما على شعبها دموية وظلم وأذى، أدى إلى تناقص عدد سكان مدغشقر إلى النصف، فبحسب تقارير وإحصائيات عديدة، فإن تعداد سكان مدغشقر عام1833 كان يقدر بنحو 5,000,000 نسمة،

ليصبح عام 1839، أي بعد ست سنوات 2,500,000 نسمة، أي نصف السكان قضوا نتيجة الأوبئة والمجاعات والقتل التعسفي الذي مارسته رانافالونا الأولى بحق شعبها.

لتسطر اسمها في صفحات التاريخ كواحدة من أكثر البلوك دموية في تاريخ القارة الإفريقية خاصة والعالم عموما.

إذا أصدقائي هذا ما كان في جعبتنا حول الملكة رانافالونا الأولى، أو ملكة مدغشقر الدموية، بالطبع، التاريخ يزخر بقصص الملوك الدمويين، وما أذاقوا شعوبهم من ويلات القتل والتعذيب، ولكن أن تكون ملكة أنثى من المفترض أنها رقيقة المشاعر بهذه الدموية، فهذا ما لم نجد له ذكرا في التاريخ،

فمثل ملكة مدغشقر الدموية من ملكات أخريات ليس له نذكر في التاريخ، ويكاد يكون عددا من ذكرن منهن لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة،

إلا أن قصة ملكة مدغشقر الدموية هي خير دليل على ما يمكن أن يتسبب به جنون العظمة، والسعي خلف السلطة والقوة من المآسي والمصائب لشعوب وأمم منذ العصور السابقة، وصولا إلى عصرنا الحديث، فالحال ليس مختلفا الآن.

مازالت العديد من الشعوب تخضع لحكام ظالمين، والمآسي ما زالت تتوالى إن كان من الحكام أو حتى من الأنظمة العالمية، تلك الأنظمة التي تتحكم بها دول تطلق على نفسها اسم الدول العظمى.

دول ما زالت تخضع العديد من الدول الفقيرة والضعيفة لظلم ها واستبدادها، وإن كانت الطرق مختلفة عن ما صنعته ملكة مدغشقر، إلا أن هذه الدول تمعن في تعذيب هذه الشعوب بأساليب ملتوية وتحت مسميات مختلفة تشرع لها ظلمها، وفي بعض الأحيان إباداتها الجماعية لهذه الشعوب.

ولسنا اليوم بمنأى عن هذه الأجواء، ولكن لا بد للظلم أن ينتهي، والحق سيعود دون محالة لأصحاب الحق ولو كره الظالمون.

إلى فلسطين الحبيبة، ولكل الشعوب المظلومة منا ألف تحية وسلام، وإلى أن نلتقي في دردشة جديدة ابقوا أصدقائي في أمان والسلام. ولمعرفة المزيد من شخصيات تاريخية يمكنك الاطلاع عليها من هنا .

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top