عن الخليفة المعتز بالله بن جعفر المتوكل فقد وقفنا في المقالة السابقة عند موت الخليفة المستعين بالله، وإللي أمر الخليفة المعتز بالله بقتله، ووصل هو لكرسي الخلافة بمساعدة الأتراك ومازلنا في المسلسل الدموي اللي من صنيع بني عباس للاستحواذ على سلطة الخلافة.
فيا ترى ما هي حكاية الخليفة المعتز بالله و المهتدي مع الأتراك هم أيضا.
نشأة المعتز بالله بن جعفر المتوكل
مبدئيا كده ولد المعتز بالله محمد بن جعفر المتوكل في سامراء سنة 232 هجريا، و أمه أم ولد في رومية تدعى قبيحة والتي سميت بذلك الاسم ده من شدة جمالها،
وفي وصف الخليفة المعتز بالله، قيل عنه كان ذا جسم أبيض، وشعر أسود وكثيف حسن العينين والوجه، ضيق الجبين، أحمر الوجنتين، حسن الجسم، طويل، أقنى الأنف، مدور الوجه، حسن الضحك.
وأثنى عليه الإمام أحمد في جودة ذهنه، وحسن فهمه وأدبه حين دخل عليه في حياة أبيه المتوكل.
قصة الخليفة المعتز بالله بن جعفر المتوكل
تولى المعتز بالله الخلافة، وهو عمره 20 سنة، وبعدها بكم شهر خلع أخوه المؤيد بالله إبراهيم من العهد، الوزراء في عهد الخليفة المعتز بالله لم يكن لهم قيمة أو قوة مثلما نقول وذلك لانهم كانوا يقدروا يحافظوا على مناصبهم في حالة واحدة بس، وهي إن علاقتهم مع الأتراك تكون جيدة .
لكي يطمئنوا إنهم لن يستيقظوا في الصباح يجدوا انفسهم مخلوعين أو حتى تم إصدار أوامر بالتخلص منهم نهائيا
أما عن حال الجيش في عهد الخليفة المعتز فلم يكن يفرق كثيرا عن حل وزراءه، وذلك لإن الأتراك كانوا مسيطرين على كل شبر داخل جيش الخليفة اللي لم يكن يقدر يأخذ قرار واحد من غير ان يرجع لقادة الجيش في ذلك الوقت،
ووقتها كان أكبر قائدين في الجيش التركي هما وصيف وبغا اللي أقالهم المعتز من منصبهم لأنه أراد ان يتخلص منهم باعتبارهم تابعين للخليفة المستعين بالله.
فأرسل الخليفة المعتز بالله بمرسال لمحمد بن عبد الله بن طاهر أمير بغداد، يأمره فيه بانه يتخلص من أولئك الإثنين بشكل نهائي،
وقتها وصل الخبر لوصيف وبغى اللي بدورهم ذهبوا لمحمد بن طاهر يسألوه إذا كان ما سمعوه صحيح او خطأ، فكان جواب محمد بن طاهر عليهم بانه لا يعرف شئ عن ذلك الموضوع ، ولا وصل له أي أمر من الخليفة بانه يتخلص منهم.
وخرج محمد بن طاهر من تلك الأزمة بكل ذكاء بصراحة لأنه ليس حمل غضب الأتراك عليه،
وبسبب غضب الأتراك الذي لم يكن أحد قادر عليه، اضطر الخليفة المعتز بالله إنه يرجع بغا ووصيف لمناصبهم في الجيش مرة أخري رغما عن أنفه.
مثلما الخليفة المعتصم بالله صنع الأتراك وقوي شوكتهم، فكان له الفضل أيضا في دخول المغاربة للجيش العباسي، وفي وقت حكم المعتز حصل نزاع كبير بين الأتراك والمغاربة اللي كانوا يرون إن الأتراك يتحكموا في كل شيء.
وذلك اللي لم يكن على مزاج المغاربة الذين ارادوا ان يكون لهم نفس الشأن ويريدوا ان يسيطروا هم الاخرين ويكون لهم كلمة مسموعة في الخلافة،
وبالفعل دخل الأتراك والمغاربة في صراع كبير، كان الحاكم بينهم هو جعفر بن عبد الواحد اللي كان رئيس القضاة في عهد المعتز،
المهم حكم جعفر بن عبد الواحد، كان إن أي منصب في الجيش لازم يكون فيه تركي ومغربي،
وبعدما ظل الأتراك والمغاربة على ذلك الحال لفترة نقد الأتراك العهد ورجعوا استردوا نفوذهم مرة تانية، وظل الأتراك مدة كبيرة من غير ان يصرفوا للجيش رواتبهم بسبب قلة الأموال في بيت المال،
ووقتها ذهبوا واشتكوا لوصيف وبغا بما إنهم كبار الجيش، فكان رد وصيف عليهم إن بيت المال مثلما يعرفون خاوي ليس فيه أي أموال أي ان شكواكم بلا فائدة،
وطبعا لك لم يعجب الأتراك فقاموا بالتخلص من وصيف وقتله بطريقة غاية في البشاعة.
وقتها كل ما فعله الخليفة المعتز انه وكل بغا بكل المسؤوليات اللي كان صيف يعملها، وقد فعل القائد بغا ما عليه، لكنه لم يكن مطمئن وخاف ان يفعل فيه الجيش مثلما فعل في وصيف،
ولذلك ظل يحرض الخليفة إنه يترك سامراء ويرجع على بغداد، لكن الخليفة لم يوافق، وكان يريد ان يتخلص من بغا، ورأي إن تلك فرصة على طبق من دهب.
وبالفعل اتفق المعتز مع باي باك التركي اللي كان يلي بغا في الجيش على إنهم يخلصوا من بغا ويأخذ هو مكانه، وذلك ما حصل فعلا وبمساعدة باي باك التركي ورجاله،
قدر الخليفة المعتز إنه يتخلص من بغا أخيرا، وسلم جثته للمغاربة الذين مثلوا بيها وحرقوها أيضا.
وتمر الأيام والحل في الخلافة كما هو عليه ثابت لا يتغير بيت المال خاوي والفساد والمحسوبية كانوا شعار الدولة في ذلك الوقت،
لذلك اجتمع صالح بن وصيف، وباي باك التركي ومحمد بن بغا وقرروا إنهم يتخلصوا من المعتز مثل الذين قبلهم الذين تخلصوا من الخليفة اللي كان قبله .
وكان حجة الجيش وقتها إنهم يريدون ان يصرفوا رواتبهم،
بيت المال ليس فيه أي أموال، وقتها طلب الخليفة المعتز من والدته إنها تعطي فلوس لكي يسكت الجنود ويمنع المشاكل اللي تحدث كل فترة.
لكن والدته بذكائها الشديد، عرفت إن اللعبة بذلك انتهت، والأتراك سوف يتخلصوا من ابنها، سواء دفع عليهم رواتبهم أو لا، وذلك الذي جعلها ترفض انها تعطي المعتز أي أموال بسبب بخلها وحرصها على كل درهم تمتلكه،
لأنها كانت تري الأموال الفلوس والثروة أغلى بكثير من حياة الخليفة، و1لك بدوره ابضا اللي جعل صالح ابن وصيف. وباي باك ومحمد بن بغا يذهبوا للخليفة المعتز في قصره، ويخلصوا عليه بطريقة بشعة، ويقال انهالوا عليه بالضرب بشكل غير لائق،
وألزموه على البيعة لابن عمه المهتدي بالله محمد بن الواثق،
وفي دار الخلافة بسمراء سلم المعتز الخلافة للمهتدي، وبياعه يوم 29 رجب من سنة 255 هجريا،
أما بالنسبة لمصر المعتز بالله فأخده قادة الجيش بعد خمسة أيام من خلعه وعذبوه الي ان مات في أوائل شهر شعبان، وبعد المصادر ذكرت إنهم منعوا عنه الأكل والشرب لمدة تلات أيام، ومن بعدها فارق الحياة التي بسببها قتل المستعين وأخوه ونفى أخيه الثاني.
ولكن أيضا لم يقدر ان يفرح بكرسي الحكم اللي بسببه دفع الثمن حياته.
وفي نهاية قصة الخليفة المعتز بالله بن جعفر المتوكل أحب ان أختمها بمقولة واحدة بس من قتل يقتل ولو بعد حين.
ولمعرفة المزيد من خلفاء الدولة العباسية يمكنك الاطلاع عليها من هنا .