قصة الخليفة المهتدي بالله بن هارون الملقب بسادس الخلفاء الراشدين
ونأتي الان الي فترة حكم الخليفة المهتدي بالله بن هارون الذفرة الأخيرة لبني عباس لقب بسادس الخلفاء الراشدين بسبب اتباعه طريق عمر بن عبد العزيز في العدل بين الناس.
حاول إنه يعيد للخلافة العباسية ازدهارها من جديد ولكن لم يمهله القدر لذلك الي ان قتل هو الاخر وأيضا على يد الأتراك فهو أبو إسحاق محمد المهتدي بالله بن الواثق،
الذي ولد سنة 219 هجريا في سامراء بنهض القاطول.
قيل في وصف الخليفة المهتدي بالله كان أسمرا رقيقا، مليح الوجه، ورعا متعبدا، عادلا قويا في أمر الله، بطلا شجاعا، لكنه لم يجد ناصرا ولا معينا، وقال عنه الخطيب لم يزل المهتدي صائما منذ غلي إلى أن قتل.
وذكر المؤرخين بانه كان يصلي الليل، وأطرح الملاهي، وحرم الغناء، وحسم أصحاب السلطان عن الظلم، وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين، يجلس بنفسه ويجلس الكتاب بين يديه، فيعملون الحساب.
تولي الخليفة المهتدي بالله خلافة الدولة العباسية
تولى الخليفة المهتدي بالله بن هارون الخلافة سنة 255 هجريا بعدما أخذ المبايعة من الخليفة المعتز بالله بمساعدة الأتراك.
عرف عن الخليفة المهتدي بالله إنه كان رجلا تقيا، شجاعا سياسيا من الطراز الأول، وحازما محبا للعدل، ومحببا للرعية، سلك طريق عمر بن عبد العزيز في العدالة والحكم لدرجة إنه أمر ببناء قبة سماها بديوان المظالم، وكان يجلس تحتها لكي يستمع لشكاوى الناس ومظالمهم.
ويمكن لذلك لقب الخليفة المهتدي بالله بن هارون بسادس الخلفاء الراشدين.
ذلك غير انه حاول يعيد للخلافة العباسية هيبتها ومكانتها مرة تانية، ويوقف طغيان الأتراك واستبدادهم، فكان يستغل أي خلاف يحصل بينهم لكي يحدث الفرقة في صفوفهم فيضعفهم.
الباحث العراقي أحمد طه، ذكر لنا في دراسته عن الخليفة المهتدي إن من الدلائل اللي تنص على سمعة المهتدي الطيبة بين العامة ففي وقت ان عرف أهل بغداد بعزل المعتز، حدث أعمال شغب كبيرة، وطلب وقتها ببيعة أحمد بن المتوكل أخو المعتز، لكي يكون الخليفة عليهم.
ولما عرفوا ببيعة المهتدي سكنوا وسكتوا لعلمهم بتقواه وصلاحه،
ورغم محاولات المهتدي الكثيرة جدا في إقرار العدل، إلا إنه كان يدرك تماما إنه خليفة بلا سلطة حقيقية لإن القادة الأتراك سلبوه سلطة القائد حرفيا لذلك سعى لاسترداد سلطته وهيبته كخليفة، وحاول إنه يكسر شوكة الأتراك بأي طريقة بعدما سأم تدخلهم في كل كبيرة وصغيرة في الحكم،
وطبعا ذلك الذي لم يكن على هوي الأتراك، وأي خليفة كان يفكر فقط مجرد التفكير، فكان بيتم التخلص منه، فتكون حياته هي الثمن،
لذلك فكر المهتدي إنه يضرب القادة الأتراك ببعض من غير ما هو يكون موجود في الصورة، فطلب من باي باك التركي إنه يتخلص من قائد الجيش موسى بن بغا، ووقتها سوف يكون هو القائد مكانه،
لكن باي باك التركي كان يعرف كره الخليفة للأتراك كلهم وذلك الذي لم يجعله يثق في كلامه، فذهب لموسى بن بغا وحكى له على ما طلبه منه الخليفة.
موت الخليفة المهتدي بالله بن هارون
في ذلك الوقت تأكد القادة الأتراك إن المهتدي ناوي يغدر بهم. ولن يكون تحت إيديهم مثلما كانوا متوقعين، فقرروا إنهم يثوروا عليه ويحاصروه فيتخلصوا منه،
وقتها رفض المهتدي الاستسلام وقرر المقاومة الي النهاية، وخرج على القادة الثائرين في يده السلاح، وعلق المصحف في رقبته، ودارت معركة كبيرة بين الخليفة وأعوانه ضد قوات الترك.
لكن انتهت المعركة بإن أعوان الخليفة انفضوا عنه جزء بجزء الي ان وحيد وبعدها أصيب بجروح مميتة، وهنا حملوه التركي على دابته وهو جسمه كان مليان جروح وطلبوا منه يخلع نفسه من منصب الخليفة،
لكن المهتدي رفض وبشدة ومات بعد الحادثة دي بيومين واللي كان موافق يوم الثلاثاء 14 من شهر رجب سنة 256 هجريا وكان عمره وقتها 33 سنة بعد ما دامت مدة خلافته سنة إلا 11 يوم فقط.
الحقيقة إن تجربة المهتدي لم تكن فقط بمثابة محاولة صادقة لاستعادة هيبة الخلافة العباسية، بل كان أيضا الخليفة المهتدي يحلم بالعودة للسيرة الأولى لدولة الخلافة الراشدة اللي كان يميزها من عدل وإنصاف.
إلا إن المهتدي لم يدرك إن الزمن لم يعد زمن الراشدين، وإن رعيته ليسوا مثل الصحابة، فراح ضحية محاولته في تحسين الأوضاع اللي اصبح من الصعب جدا تحسينها،
وبذلك يسدل الستار على قصة خليفة من خلفاء بني عباس، كان له ما له وعليه ما عليه لكي يسطر التاريخ حروف جديدة لخليفة آخر من عباس سوف نعرف حكايته في قادم المقالات من خلفاء الدولة العباسية .