السلاح النووي السعودي هل حقا السعودية تمتلكه؟

السلاح النووي السعودي هل حقا السعودية تمتلكه؟
السلاح النووي السعودي

جدول المحتوي

عن السلاح النووي السعودي هل حقا السعودية تمتلكه؟ فقد قيل “اذا حصلت إيران على القنبلة النووية، السعوديون لن ينتظروا شهرا واحدا، لقد دفعوا بالفعل الثامن القنبلة و سوف يذهبون إلى باكستان ويحضرون ما يريدون.” تصريح خطير قالوا عاموس، يدلين الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية،

واللي زاد من خطورته أكثر إنه أكدت عليه كل الشواهد وتصريحات المسؤولين السعوديين نفسهم فيا تري هل السعودية تمتلك القنبلة النووية فعلا، ولا في طريقها لامتلاكها.

صديق القارئ لو تريد ان تعرف الإجابة وتعرف كيف قدرت السعودية الي الان تفرض شروطها وتتسبب في ورطة لأمريكا وإسرائيل، وتفهم ما هي علاقة مباحثات تطبيع السعودية الإسرائيلية بمشروع إسرائيل النووي، والاعتراف بفلسطين كدولة اذا اكمل المقالة للنهاية.

مشروع السعودية النووي

في شهر يونيو سنة 2005 وقعت المملكة العربية السعودية على بروتوكول الكميات الصغيرة التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو عبارة عن بروتوكول يعفي الدول الأقل تقدما في الملف النووي من أغلب التزامات الإخطار والتفتيش،

ويجعل رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية محدودة على الأنشطة النووية لتلك، ورغم إن السعودية كان من حقها الكامل إنها توقع ذلك الاتفاق ، إلا إنه من بعد التوقيع قامت الدنيا ولم تقعد، وبدأت الصحف العالمية تكتب تقارير بشكل مكثف عشان يتم اتهام السعودية بأنها على وشك امتلاك برنامج نووي غير سلمي،

مع العلم إن قبل ما السعودية توقع ذلك الاتفاق، قامت أمريكا والاتحاد الأوروبي واستراليا بالضغط على السعودية لإجبارها على فتح المجال لمفتشين الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتفتيش منشآتها النووية تفتيش دقيق.

وقال دبلوماسيين في الوكالة إن الاتحاد الأوروبي وأستراليا سوف يتحركوا المطالبة السعودية بعدم التوقيع على بروتوكول يسمح بتفتيش محدود لمنشآتها النووية، وإن المندوب الأمريكي للوكالة هو كمان سيطالب بنفس الشيء.

وهنا كان السؤال، لماذا يحدث كل ذلك القلق بسبب السعودية؟ رغم إنها لم تكن عندها غير برنامج واحد سلمي للأبحاث النووية وقتها، ولا تشكل أي خطر يذكر من ناحية الأسلحة النووية.

هنا يا صديقي في رأيي قال إن ذلك نوع من الاضطهاد والتضييق على الدول العربية وفرض السيطرة ليس أكتر، في الوقت اللي مسموح فيه لإسرائيل بامتلاك أسلحة نووية. من غير أي رقيب.

وفي رأي تاني رأي ان ذلك القلق ده كان ليه أسباب وجيهة جدا، وذلك لإنه طموح السعودي النووي كان واضح من زمان، ولإن فيه مجموعة شواهد بترجح فرضية امتلاكها أو سعيها لامتلاك سلاح نووي.

وهنا خلينا نرجع لفترة السبعينات وتحديدا لسنة 1974، لما قامت الهند بإجراء أول تفجير نووي سري ليها واللي كان باسم بوذا المبتسم وقتها شعرت باكستان بالخطر طبعا، ولذلك سعت للتسريع من عملية الحصول على ردع استراتيجي ضد جارتها و عدوتها اللدودة.

فقرر رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق ذو الفقار علي بوتو اللي قام بإطلاق مشروع القنبلة النووية الباكستانية بتسريع العمل في المشروع النووي الباكستاني.

وهنا طلبت باكستان المساعدة من دولتين، الأولى هي الصين اللي ساعدتها بالتكنولوجي والمواد اللازمة، أما الثانية فهي السعودية اللي كانت هي الممول الرئيسي تقريبا للتجربة النووية الباكستانية.

وعلى حسب ما قيل في التقارير الاستخباراتية اللي خرجت بعد كده إن السعودية قدمت دعمها الباكستان مقابل وعد منها بإن برنامجها النووي سوف يوفر دعم أمني للمملكة.

وفي ذلك الوقت بدء الدبلوماسيين ووكالات الاستخبارات الأمريكية يشعروا بالخطر ويعبر عن قلقهم من إن باكستان ممكن تقدم السلاح النووي للسعودية، خاصة بعد إرسال باكستان مجموعة من متخصصيها لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وقتها.

وأيضا بعد زيارة وزير الدفاع السعودي، الأمير سلطان لباكستان بعد وقت قصير من اختبارها لأسلحتها النووية سنة 1998، الزيارة اللي قام فيها سلطان بجولة منشآتها النووية والصاروخية خارج إسلام آباد.

وأيضا اجتماعه مع عالم الفيزياء النووية عبد القدير خان صاحب القنبلة الباكستانية.

ورغم نفي البلدين لوجود أي اتفاق بينهم، إلا إن لم يصدقهما أحد، واللي زود الشكوك تلك أكتر، وخلاها توصل لمرحلة أشبه باليقين هو اللي حصل في أواخر الثمانينات، لما اشتريت السعودية بصورة سرية عشرات الصواريخ الباليستية من الصين.

وهنا صديقي لو تسأل ما هي المشكلة في ذلك، فاجعلني أقول لك إن تلك الصواريخ كانت من طراز CSS2 وتلك صواريخ يعتبرها الخبراء أسلحة غير دقيقة، يعني ليس صعب تستخدم كأسلحة تقليدية، والاستخدام الأنسب لها هو حمل الرؤوس النووية.

ذلك غير إن دخولها للسعودية كان غريب، لإن المخابرات المركزية الأمريكية لم تعرف بوجودها داخل الأراضي السعودية غير بواسطة الأقمار الصناعية، وبعد ما أصبحت في قواعدها جنوب الرياض.

وليس ذلك فقط بل تلك الصواريخ أيضا السعودية كانت متكتمة عليها ولم أي صورة أو معلومة عنها إلا بعد 27 سنة خلال تدريب عسكري، وذلك غير إن التصميم الأسلحة النووية الصينية اللي تم اتهام العالم الباكستان عبد القدير خان ببيعهم لدول أخري كان يتناسب مع نفس نوع تلك الصواريخ.

ولحد الان كان الكلام عن التعاون بينهم غير واضح أو صريح لحد ما أتت سنة 20،03 لما قام ولي العهد الأمير عبد الله ابن عبد العزيز بزيارة تم الترتيب لها بسرعة لإسلام أباد مع مجموعة أشخاص كان من ضمنهم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل وعدد من الوزراء.

السلاح النووي السعودي

توتر العلاقات بين السعودية وأمريكا

عشان بعد تلك الزيارة تخرج وسائل الأخبار الأجنبية ومنهم موقع الواشنطن تايمز بصورة صريحة وتقول إن باكستان وقتها دخلت في اتفاق سري مع السعودية بشأن التعاون النووي بينهم، وإن الاتفاق قائم على أساس إن باكستان سوف تقدم ال أسلحة نووية للسعودية في مقابل حصولها على النفط بسعر رخيص.

وقالت المصادر اللي ذكرت الخبر وقتها إن تلك المعلومات وصلت ليهم من مصدر باكستاني موثوق ورفيع المستوى، وهنا خرجت السعودية ونفت كل ذلك الكلام ده، وقالت إنها وقعت على معاهدة حظر الانتشار النووي، وإنها دايما تدعوا لشرق أوسط خالي من الأسلحة النووية.

ورجعت من جديد، ذكرت حقيقة إن إسرائيل هي اللي تمتلك الأسلحة النووية في المنطقة.

وهنا في نفس ذلك الوقت تقريبا كانت بدأت التوترات تظهر في العلاقات الأمريكية السعودية، فالسعودية كانت مستاءة من سياسة أمريكا في التعامل مع إسرائيل.

أما أمريكا فأعلنت في أبريل 2003 عن سحب قواعدها العسكرية من قاعدة الأمير سلطان في السعودية، ونقله ال قاعدة العديد الجوية في قطر بعد 12 سنة من تواجدها في السعودية.

توتر العلاقات بين السعودية وأمريكا

السلاح النووي السعودي هل حقا السعودية تمتلكه؟

وفي ذلك الوقت كانت السعودية بدأ قلقها يزيد من البرنامج النووي الإيراني، وعشان كده بدأت تفكر بطريقة جدية في أمنها الاستراتيجي، وفي نفس السنة اللي هي 2003، نشرت المصادر الغربية ورقة مسربة قالت إنها تم تسريبها من كبار المسؤولين السعوديين،

حددت فيهم السعودية تلات طرق للرد على تلك المخاطر :

  • وكانت أول طريقة هي الاعتماد على إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في السعودية والشرق الأوسط.
  • أما الطريقة الثانية فكانت هي الدخول في اتفاق مع قوة نووية ثانية لحماية المملكة.
  • والطريقة التالتة كانت حصول السعودية بنفسها على أسلحة نووية خاصة بها.

وهنا كالعادة نافت السعودية الكلام اللي أتي في تلك الورقة، لكن اللي حلل تلك الطرق رأي إن ثاني طريقة السعودية سعت ليها بالفعل من خلال تعاونها مع باكستان.

لكن هنا السعودية غالبا قررت إنها لا تعتمد على الطريقة اللي أتت في الورقة المسربة، واللي كانت نفتها، أو على الأقل لم تعتمد عليه لوحده، خاصة بعد الخلافات والتوترات اللي حصلت بين السعودية وباكستان.

ويجب ان تعرف إن الطاقة النووية شيء مهم جدا للسعودية، مش بس في استراتيجيتها الأمنية، لكن كمان في استراتيجيتها في تنويع مصادر الطاقة، وذلك لإن الاستهلاك المحلي من الطاقة غير المتجددة أصبح في زيادة مستمرة.

فالسعودية تعاني من زيادة مستمرة في استهلاك الوقود الأحفوري بسبب زيادة الطلب على الطاقة في قطاع الصناعة وقطاع السكان بالأخص، وقالت هيئة الإحصاء السعودية إن متوسط معدل النمو السنوي للسكان هناك، ووصل 2.52%.

ومع زيادة عدد السكان، سوف يزيد الطلب على المياه وطبعا يا صديقي مثلما نعرف إن السعودية تعتبر دولة عندها فقر في موارد المياه الطبيعية، ولذلك كده السعودية تعتبر من بين الدول الأولى عالميا في مجال تحلية مياه البحر،

وتلك العملية تستهلك طاقة مهولة، وسوف تستهلك طاقة أكتر كمان مع التغير المناخي اللي يهدد مصادرها المائية الطبيعية.

وغير اللي فات، أيضا عندنا مشكلة الاستنزاف العالمي للموارد البترولية المحدودة، فعلى الرغم من إن السعودية اليوم تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم، إلا إني تضاؤل لاحتياطات بالإضافة للتوجه العالمي للتخلي عن طاقة الوقود الأحفوري والبترول والبحث عن مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة،

سوف يجعل السعودية في مأزق، لإنه وفقا للتقارير اللي صدرت عن معهد بروكينجز سنة 2020، فعلى المدى المتوسط، من المتوقع إن عائدات النفط السعودية سوف تتراجع في مواجهة انخفاضات الطلب العالمي بداية من 2040. ان لم يكن قبل ذلك.

السلاح النووي السعودي هل حقا السعودية تمتلكه؟

ولذلك قررت السعودية تستخدم الطاقة البديلة، ومنها الطاقة النووية بالذات عشان تقدر تلبي حاجتها الصناعية و السكانية المتزايدة، فالطاقة النووية تعتبر مصدر فعال في تأمين إنتاج مستقر للطاقة، وذلك لن تقدر تأمنه بدايل تانية مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

وبناء على تلك المعطيات، أعلنت السعودية في 2011 عن نية الاستثمار في بناء 16 مفاعل نووي، وبدأت العمل على أساس التوسع في النشاط النووي، وتخصيب اليورانيوم.

وبرغم اللي فات، إلا إن البعض أيضا مازال يري إن السعودية هنا غرضها، هو إنها تقوم بإنشاء برنامج نووي للنشاطات السلمية وتوليد الطاقة ظاهريا، لكن من ناحية الاستراتيجية بقى فهي تسعى إنها تكون دولة نووية في المستقبل عشان تقدر تواجه الخطر الإيراني والإسرائيلي.

ولكن إن حتى لو كان السبب الأخير ده صحيح، رغم إنه لا ينفي السبب الأول. ففي رأيي، أري إن السعودية من حقها تعمل ذلك فالهند، مثلا لما كشفت عن صنعها للقنبلة الذرية ذلك جعل باكستان تأخذ هي كمان إجراء وتعلن عن برنامجها الذري، بحكم إن عدوها المجاور لها يملك سلاح خطير يهدد أمنها القومي.

نفس الكلام هنا ينطبق على السعودية وإيران، فلو إيران امتلكت القدرة على صنع القنبلة الذرية بشكل رسمي، فالسعودية لن تشاهد فقط أكيد، خاصة مع طموحه السياسي والاقتصادي، وسوف تسعى لامتلاك سلاح نووي.

السعودية تملك حاليا برنامج لبناء 16 مفاعل ذري، هدفهم هو الاستخدام السلمي، وذلك شيء لا يمكن الاعتراض عليه، فعلى حسب كلام نايف الوقاع، عضو المجلس العلمي في كلية الملك خالد العسكرية،

فسعي السعودية للاستفادة من الطاقة النووية في مشاريع سلمية، ذلك يعتبر حق مشروع كفلته الاتفاقيات الدولية، وتمارسه كتير من الدول حول عالم لأهداف سلمية مختلفة، وبالتالي السعودية لن تتخلف عن ركب الحضارة العالمية في استغلال المشاريع النووية.

خاصة مع توافر البنية الأساسية والقدرات العلمية والمالية، والأهم من كل ده توافر خام اليورانيوم اللي السعودية أولى باستخراجه والاستفادة به.

طبعا في تلك الحالة ممكن جدا يتحول البرنامج السلمي في أي وقت لتصنيع السلاح النووي لو تطلب الأمر.

خاصة لو قدرت السعودية تتحايل على اتفاقات التفتيش الدولية مثل إيران، وذلك اللي أعلن عنه أكتر من مسؤول سعودي بأكثر من طريقة بداية من تهديد الملك عبد الله لدينيس روس المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط في 2009،

من إن إيران لو تجاوزت حدودها، فالسعودية ساعتها سوف تحصل على أسلحة نووية هي أيضا.

ووصولا للأمير محمد بن سلمان، اللي قال إن إيران لو امتلكت قنبلة نووية، السعودية هي أيضا سوف تمتلك واحدة.

لكن هنا وفقا لكلام الخبراء والمحللين، فالسعودية لو امتلكت السلاح النووي لن يكون هدف الاعتداء على إيران أو غير إيران وإنما السلاح سوف يكون سلاح ردع لمنع أي دولة من تهديد أمنها القومي، سواء من إيران أو غيرها.

السلاح النووي السعودي هل حقا السعودية تمتلكه؟

هل تسببت السعودية في ورطة لأمريكا وإسرائيل؟

تحليلنا هنا لذلك الوضع، إن لو سوف يوضع أحد في مأزق فسوف يكون هو الولايات المتحدة وحلفائها نفسهم، فالسعودية اللي كانت لسنين طويلة تعتمد على أمريكا كحليف لضمان أمنها و لتحقيق رغبتها في امتلاك القدرة على استخدام الطاقة النووية السلمية.

اكتشفت مؤخرا إن كل الدلالات تؤكد على إن أمريكا حليف لا يعتمد عليه، خاصة مع اتفاق أمريكا وإيران.

باختصار مثل ما نعرف جميعا لا ينفع أحد يثق في الأمريكان، فمن عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمفاوضات بين السعودية وأمريكا الخاصة باتفاقية إنتاج الطاقة النووية السلمية بالتكنولوجيا الأمريكية كانت فيها مشاكل، والسبب كان هو رفض السعودية إنه يكون الاتفاق ملزم قانونيا بمعالجة البلوتونيوم فقط،

والامتناع عن تخصيب اليورانيوم وفقا للبند 123 من قانون الطاقة الذرية، مثلما حصل مع الإمارات،

وبالرغم إن أمريكا بعد الرئيس أوباما كانت ودودة إلى حد ما مع السعودية في تلك النقطة، خاصة لما اقترح المفاوض الأمريكي السابق في المجال النووي روبرت إن هورن حل وسط اعتبرته أمريكا مناسب نوعا ما،

وهو إن السعودية تلتزم قانونيا بالامتناع عن تخصيب اليورانيوم و معالجة البلوتونيوم لمدة 15 سنة فقط.

إلا إن الحل ذلك أيضا من الواضح إنه لم يكن مناسب للسعودية، فقانون حظر تخصيب اليورانيوم كان فيه استثناءات بالفعل وعلى رأسها الهند، ولذلك غالبا تمسكت السعودية بموقفها، وهنا جعل أمريكا في مأزق،

فمن ناحية مواجهتها للرفض المجتمع الدولي، ورفض الدبلوماسيين الخاصين بها لمشروع السعودي النووي، ومن ناحية أزمة السعودية اللي البدائل قصادها كتير، بداية من روسيا للصين لكوريا وغيرهم، واللي بالفعل قدموا خدماتهم للسعودية في مشروعها النووي.

فمنهم اللي وقعوا معها اتفاقات لبناء مفاعلات نووية، ومنهم اللي قدموا عروضهم، اقتراحاتهم مثل الاقتراح اللي قدمته المؤسسة النووية الوطنية الصينية CNNC لبناء محطة للطاقة النووية، بالقرب من الحدود مع قطر والإمارات.

وعروض شركة كهرباء فرنسا و روساتوم الروسية، وشركة كوريا الجنوبية للطاقة الكهربائية، واللي يقدموا للسعودية خبراتهم الفنية والهندسية من غير أي التزامات سياسية مشروطة بمنع الانتشار النووي.

وهنا لو انت تسأل اذا ماذا تنتظر السعودية؟ ولماذا لا تقبل أي عرض فيهم؟ لماذا هي متوقفة على أمريكا؟

سوف قول لك إن السعودية لا تريد ان تدخل في مشاحنات دولية وخاصة مع أمريكا ولا تحب ان تكون طرف في ذلك الصراع الدولي وأسباب تانية غير تلك الأسباب.

لكن في نفس الوقت كل تلك الأسباب على حسب المعلن تعتبر ليها حلول مع رغبة السعودية في عدم تنازلها عن موقفها، وطبعا ذلك الإصرار لا يجعل أمريكا فقط التي في ورطة، بل جعل إسرائيل أيضا في نفس الورطة.

ولذلك قررت أمريكا إن الحل في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل لضمان أمن إسرائيل، وهنا السعودية اشترطت قبل حرب غزة مجموعة شروط في مقابل موافقتها على تطبيع كان أهم شرطين فيهم، هم:

  • إنشاء برنامج نووي مدني سعودي مكتمل الدورة، يعني التحكم في دورة الوقود النووي بالكامل، تتم داخل السعودية، بما في ذلك إنتاج الكعكة الصفراء والكعكة الصفراء تلك هي مصطلح نووي وهي مسحوق مركز من اليورانيوم يصنع بإزالة الشوائب من اليورانيوم الخام.
  • والشرط الثاني هو امتلاك أسلحة نوعية متقدمة أمريكية الصنعة.
  • وبعد حرب 7 أكتوبر تم إضافة شرط جديد وهو شرط حل الدولتين واعتراف إسرائيل بفلسطين.

وهنا يرجح الخبراء والمحللين إن شروط السعودية الثلاثة، وخاصة أول شرط وآخر شرط تسببوا في أزمة عند نيتنياهو.

ففي مقال نشره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ذكر أحد الباحثين إنه من قبل الحرب، وإسرائيل يدور فيها جدل كبير بسبب الشرط الأول، ف كبار مسؤولين المساد يرون إن فايدة التطبيع مع السعودية أعلى من مخاطرة الاتفاق النووي.

في حين إن الجيش الإسرائيلي يري إن الموضوع سوف يكون فيه خطورة أمنية كبيرة، لإنه ببساطة سوف يفقد إسرائيل حالة تفردها العسكري النوعي في المنطقة، بحكم إنها الدولة الوحيدة تقريبا في الشرق الأوسط اللي تمتلك سلاح نووي من غير ما يكون في رقيب عليها.

طبعا ورطة نتنياهو هنا ما بين مبررات القبول والرفض، ف مبررات القبول هي كالآتي، أولا التطبيع سوف يقفل باب العروض الخارجية اللي قدمتها الصين وروسيا وكوريا السعودية، واللي تكلمنا عنها قبل في المقال.

ثاني حاجة سوف يساعد في إنجاح مشروع أمريكا في إنتاج الهيدروجين. اللي هو مشروع الممر الهندي الأوروبي اللي يمر بالأراضي السعودية والأراضي المحتلة، وسوف يكون عبارة عن ممرين،

  1. الأول سوف يبدأ من ميناء موندرا الهندي، والي ميناء الفجيرة بالإمارات،
  2. والممر الثاني سوف يكون من ميناء حيفا، وسوف ينتهي بمجموعة موانئ في أوروبا مثل ميناء مارسيليا في فرنسا، وموانئ اليونان. ودول أخري .

واللي غرضه في الأساس إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره لأوروبا المتعطشة للطاقة، ذلك غير زيادة نسبة التجارة بين الهند تحديدا، وأوروبا 40%، بالتالي سوف يكون فيه أسواق تجارية مفتوحة، وتلك تعتبر اقتصاد لوحدها.

ثالث سبب هو موجات التطبيع التي سوف تحصل فإسرائيل وأمريكا يرون إن نجاح التطبيع مع السعودية بالذات، سوف يفتح قصادهم باب كبير لدخول نادي الدول الإسلامية، وخاصة دول أقصى شرق أسيا مثل إندونيسيا وماليزيا، ومنطقة الإندو باسيفيك،.

وذلك طبعا سوف يساعدهم على تحقيق معدلات تجارة ضخمة مع تلك الدول ، والمعدلات ممكن ان تتضاعف في حال نجاح مشروع الممر الهندي الأوروبي أيضا.

هل تسببت السعودية في ورطة لأمريكا وإسرائيل؟

أما بقى أسباب الرفض فنتيجة عن مجموعة اعتبارات سياسية وأمنية وصفها التقرير بأنها خط أحمر عند إسرائيل، وأول تلك الاعتبارات هي عقيدة بيجن اللي ظهرت في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن، خلال ضرب إسرائيل للمفاعل النووي العراقي.

وتلك العقيدة من وقتها بتقول إن أي دولة تقوم بإنشاء مفاعل نووي غير سلمي، سوف تعتبرها إسرائيل دولة معادية،

أما السبب الثاني فهو المعارضة الداخلية المتشددة من زعماء المعارضة في إسرائيل، وخاصة يا إيرل لبيد اللي أعلن بوضوح معارضته امتلاك السعودية للنووي،

أما السبب الثالث ف وانفلات منظومة الردع من يد إسرائيل، فإسرائيل طول الوقت حريص على تحويل صراعها مع إيران لمفتاح إقليمي تتحكم من خلاله في معادلات الأمن الإقليمي في المنطقة، عن طريق إنها توجه نظر الخليج لها دائما، فتضمن سباق دول الخليج للتحالف معها ضد إيران.

وهو اللي نجحت فيه إسرائيل بالفعل الان، لكن طبعا تصرفات السعودية الأخيرة تلك معناها إنها تسعى للتحكم في أمنها الإقليمي بنفسها، وكانت البداية من استئنافها للتطبيع مع إيران نفسها من خلال وساطة الصين،

وبعد ذلك تصريح السعودي الواضح بإنها تمتلك سلاح نووي ترد به على إيران، لو فكرت تهدد أمنها.

كل ده معناه إن معادلة الأمن سوف تتنقل ليد السعودية وذلك لن يجعل السعودية فقط تستقل بأمنها الإقليمي، بل سيجعل دول الخليج بل والدول العربية كلها تتوجه لكفة السعودية.

وذلك سوف يأخذنا للسبب الرابع وهو حدوث سباق نووي في المنطقة، فأغلب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين اللي رافضين مشروع السعودي النووي، بل والمسؤولين في أمريكا والغرب، يقولوا إن خطوة مثل تلك سوف تجعل مصر والإمارات وتركيا يحيوا وكرة الرغبة في امتلاك برنامج نووي كامل على أراضيهم.

وسوف يجعل الإمارات أيضا تفتح ملف اتفاقها اللي قبلت فيه بتطبيق قانون 123 بحظر تخصيب اليورانيوم وذلك اللي يجعل إسرائيل في كارثة بعد ما تبقى محاطة بكل تلك القوى النووية.

أما السبب الأخير اللي تردده إسرائيل دائما هو احتمالية تعرض المفاعل السعودي لخطر صواريخ الحوثيين في حالة تجدد الصراع مرة تانية، وعشان اللي وما بين مبررات الرفض والقبول ووضع إسرائيل اللي اصبح امام كفتين.

المكاسب الاستراتيجية والأضرار الأمنية نتنياهو أصبح في ورطة، ولا أحد يعرف عارف هل سوف تقبل إسرائيل بشروط السعودية في التطبيع، وبكده تكون نفذت تهديدها لإيران بامتلاك السلاح النووي؟

أو سوف تتنازل السعودية عن شروطها، أو سوف تقف المفاوضات مرة تانية لأجل غير مسمى؟ لا أحد يعرف.

لكن آخر المستجدات المطروحة حتى اللحظة بتقول إن اتفاق التطبيع متقدم نوعا ما وذلك، وفقا لكلام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعد زيارته للسعودية في الفترة اللي فاتت، واللي قال فيه

إن الولايات المتحدة والسعودية اقتربتا كثيرا من إبرام مجموعة اتفاقيات في مجالات الطاقة النووية والتعاون الأمني والدفاعي، ضمن اتفاق أوسع للتطبيع بين المملكة وإسرائيل.

وأيضا إنه لا يمكن الشروع في عملية التطبيع على نطاق أوسع ما لم يتحقق هدوء في غزة، وما لم يمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية.

وبذلك انتهت مقالتنا عن تلك الفترة من تاريخ السعودية، ابقوا في امان الله والسلام

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top