حرب الأيقونات البيزنطية التي بسببها انقسم المجتمع المسيحي

حرب الأيقونات البيزنطية التي بسببها انقسم المجتمع المسيحي
حرب الأيقونات البيزنطية التي بسببها انقسم المجتمع المسيحي

جدول المحتوي

حرب الأيقونات البيزنطية إنها واحدة من الحروب التي كادت تغير التاريخ، حركة دينية ظهرت في الدولة البيزنطية، هدفت إلى تحطيم الصور والتماثيل والرسومات داخل الكنائس والمباني الدينية، لتحدث انقساما كبيرا في المجتمع المسيحي، وينقسم الناس بين مؤيد ومعارض لها.

حتى لجأ أحد دعاتها إلى الدولة العباسية، ليعلن أنه سيصبح تابعا للعباسيين إذا ما أمدوه بجيش قوي، إنها حرب الأيقونات، فما حكاية تلك الحرب؟ وما هو موقف الدولة الأموية والعباسية منها؟ تابعونا للنهاية.

ما هي أدلة تحريم الأيقونات في الديانة المسيحية؟

إذا دخلت يوما إلى إحدى الكنائس، فربما لفت انتباهك أنها تمتلئ بالصور وتماثيل، والرموز التي تمثل شخصية أو غرضا مقدسا عند النصارى، مثل الصليب والمسيح ومريم العذراء والملائكة والقديسين، وهي ما تعرف بالأيقونات.

هذا بالرغم من الديانة النصرانية تحرم كل ذلك، ومن أبرز الأدلة على ذلك ما ورد في الآية السادسة عشرة من الإصحاح الرابع في سفر التثنية “لئلا تفسدوا وتعملوا لأنفسكم تمثالا منحوتا صورة مثال ما، شبه ذكر أو أنثى” سفر التثنية 16 : 4

وما ورد في الآية الرابعة من الإصحاح ال20 في سفر الخروج “لا تصنع لك تمثالا منحوتا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض” سفر الخروج ال 4: 20.

وأيضا ما قاله بولس الرسول في مدينة أثينا، “فإذا كنا نحن ذرية الله، فلا ينبغي أن نحسب اللاهوت تشبيها بالذهب أو الفضة أو الحجر أو سائر ما ينقش بصناعة الإنسان واختراعه” وغير ذلك من الأدلة الكتابية.

رغم ذلك فان عقيدة تقديس الأيقونات موجودة عند أغلب المسيحيين وخاصة في المذهب الكاثوليكي والمذهب الأرثوذوكسي، أما البروتستانت فيتحفظون على تقديس الأيقونات ويعتبرونها من مظاهر الوثنية.

متي بدأ تقديس الأيقونات؟

يذكر الباحث وجهاد ترباني أن تقديس الأيقونات ظهر بعد مئات السنين من ظهور المسيحية، فقد كان النصارى الأوائل يبتعدون عن الأيقونات التي كانت رائجة في الديانات الوثنية،

ولكن مع ازدهار الفنون في الحضارة البيزنطية التي ورثت فنون وثقافات الحضارة الإغريقية الوثنية بدء التصوير والرسم من باب التذكير بشخصيات واستحضار الأحداث المهمة في النصرانية.

فبدأوا بتصوير المسيح، وأضافوا إليه أمه بحسب معتقداتهم، وكذلك الصلبان، ومع مرور الوقت،

أثر الحماس الديني في تعامل الناس مع تلك الصور والرسومات، وبدأ عوام النصارى يقدسون الأيقونات التي تمثل المسيح ومريم العذراء والقديسين والصلبان وغيرها، ويتبركون بهم ويسألونه الرزق والبركة والشفاء والسعادة وغير ذلك من حاجات الإنسان.

انتشر تقديس الأيقونات، وبدلا من أن تنهي الكنائس الناس عن ذلك، صارت الكنائس نفسها تعج بالكثير من الأيقونات والتصاوير، وهنا بدأ البعض يشعرون بخطر تقديس الأيقونات، فظهرت حركة دينية مناهضة لعبادة الصور على مختلف أنواعها وأنماطها.

دعونا نرجع بالزمن إلى الوراء، وننتقل إلى الدولة البيزنطية، لنتعرف على تلك الحركة بشكل مفصل.

حرب الأيقونات البيزنطية

حرب الأيقونات البيزنطية التي بسببها انقسم المجتمع المسيحي

في الفترة ما بين عامي 726 و787 للميلاد، أي قبل سقوط الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية، شهدت الدولة البيزنطية اضطرابات وقلاقل دينية وتحديدا خلال عصر أربعة أباطرة، وهم:

  • ليو الثالث الايسواري
  • وقسطنطين الخامس
  • وليو الرابع الخزري،
  • وقسطنطين السادس

ذلك أن هؤلاء الأباطرة ومعهم بعد رجال الدين النصراني، آمنوا بوجوب إبطال استخدام الأيقونات مع صور ورموز في الكنائس، وحرموا كل تصوير مقدس، وأصدر الإمبراطور ليو الثالث مرسوما يمنع تقديس الأيقونات، ويحذر تعليقها في الكنائس والأماكن العامة والمنازل،

ومن هنا بدأت حرب الأيقونات، فشرعوا بتحطيم الأيقونات وحرقها وقمع كل من نادى بإمكانية استخدامها أو آمن بها، مستندين في ذلك إلى نصوص أسفار الكتاب المقدس وأقوال آباء الكنيسة الأوائل التي سبق وان ذكرناها.

لكن هل كان الدافع وراء حرب الأيقونات دينيا فقط؟

يعتقد البعض ان الامبراطور ليو الثالث قد تأثر بالمسلمين فقد ولد في مدينة مرعش التي فتحها المسلمون وعاش فيها فترة من حياته وجاور المسلمين وعاشرهم، وربما تأثر بالثقافة الاسلامية التي من اهم مظاهرها تحريم تصوير الأشخاص من أنبياء وائمة وصالحين وعدم اتخاذ الدينية لاي سبب.

بينما يري اخرون ان الامبراطور ليو كان عنده أسباب سياسية وإدارية ليبدأ تلك الحرب علي الأيقونات، فبعد فتح المسلمين للشام ومصر ازداد نفوذ الكنيسة في الاوساط الشعبية الرومية وتعلق الروم برهبان الكنيسة، وعقدوا علي صلواتهم وتضرعاتهم السعادة والنجاح.

وأقبل الناس علي الترهب بصورة كبيرة لخلاص انفسهم، وادي ازدياد عدد الرهبان وتعاظم أمرهم الي نقص في دخل الخزينة، لان القانون البيزنطي أعفي الرهبان من دفع الضرائب، كما منع جبايتها عن الأوقاف الكنسية.

وتوافرت ثروة الرهبانيات وقوي نفوذها، فأصبحت عنصرا سياسيا هام يتدخل في عرقل سير السياسة، ويعقد مشكلاتها، كما أدى الانسياق غير الواعي في موجة التعبد والزهد إلى تولد حالة من السلبية في المجتمع الرومي،

وانتشار الإيمان الأعمى بالقدرية الأمر الذي أدى إلى فقدان النشاط والعزم وروح المبادرة، ويبدو أن الإمبراطور الي وتنبه لكل ذلك، فقرر تقليص نفوذ الرهبانيات من جانب، وبث روح الإيجابية في صدور رعيته من جانب آخر.

وهكذا بدأ حرب الأيقونات لتحرير ناس من هيمنة الكنيسة.

كان من الممكن أن يغتنم المسلمون تلك الاضطرابات، لولا أن عصفت ريح الفتن والثورات بالدولة الأموية التي سقطت على 750 للميلاد، وقامت على أنقاضها الدولة العباسية التي انشغل خلفاؤه الأوائل بتوطيد حكمهم والقضاء على بقايا الفتن الداخلية.

على كل حال، لقد انتهت تلك الفترة في ظل حكم الإمبراطورة إيريني الأثينية، كما انعقد على إثر هذه الأحداث المجمع المسكوني السابع عام 787 للميلاد فينيقية، والذي يضم 357 أسقفا.

حيث أقر هذا المجمع تكريم الأيقونات لارتباطها بسر التجسد بحسب زعمهم.

حرب الأيقونات البيزنطية التي بسببها انقسم المجتمع المسيحي

حرب الأيقونات البيزنطية الثانية

ها هي ذي حرب الأيقونات تعود من جديد في فترة الحكم العباسي فهل سيغتنم ملعبا العباسيون تلك الفرصة؟ و ما الذي ستسفر عنه الأمور في الدولة البيزنطية يا تري؟ تابعون للنهاية.

عادت حرب الايقونات في الدولة البيزنطية في عام 813 للميلاد عندما تولى ليون الخامس عرش الدولة البيزنطية، حيث هد رجال الدين فنفى الكهنة والأساقفة وحبس بعضهم.

ثم قتل ليون الخامس عام 820 للميلاد ليسود الاضطراب الدولة، فلجأ أحد القادة البيزنطيين يدعى توماس الصقلبي،

والذي كان يطمع في عرش الدولة البيزنطية لجأ إلى الدولة العباسية وعرض على الخليفة المأمون أي تنازل له عن عدة مناطق من الأناضول ويقبل بأن يصبح تابعة للخلافة العباسية ويعترف بتقدم الخليفة، ويدفع له جزية سنوية مقابلة أيام ده الخليفة بالمدد.

ووافق المأمون على هذا الغرض، وأمد توماس جيش قوي بجيش قوي انتصر توماس على جيش الإمبراطور الجديد ميخائيل الثاني، ثم توجه توماس إلى القسطنطينية في أواخر عام 821 للميلاد وحاصرها.

لكن القادة والجند الروم الذين كانوا في صف توماس امتعضوا من فكرة مشاركة المسلمين لهم في القتال، وأدركوا أنهم إذا انتصروا فهذا سيجعلهم رعايا لدولة الإسلام، وهما يريدون الحفاظ على دولتهم مستقلة.

ومن ثم فقد رفضوا قتال أبناء دينهم ولو خالفوهم والمعتقد، وانتهت تلك الحملة بالفشل، والتي لو نجحت لسارت الدولة البيزنطية جزء من دولة الإسلام.

على كل حال، فقد انتهت حرب الايقونات الثانية عام 842 للميلاد بعد موت الإمبراطور ثيوفيل المحارب للأيقونات، لتنتهي بذلك حرب الأيقونات إلى الأبد.

نعمل بأن يكون المحتوى عن تلك الحقبة من تاريخ الدولة البيزنطية قد نال إعجابكم، ابقوا في امان الله والسلام.

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top