حقيقة الموت وأسراره

حقيقة الموت وأسراره

جدول المحتوي

عن حقيقة الموت وأسراره فعندما تنطفئ عين الجسد، تتفتح عين الروح لتبدو الحياة عند الفراق كطير مهاجر أو زهرة قطفت فوق السفوح، أرجوحة بين الوجود والعدم من دونها هذا الكائن دمية أو جيفة أو صنم، موجات من الطاقة لا وزن لها، ولا لون عابرة مضيئة، وبراقة تتراقص الشحنات في الدماغ، وتمتد إلى أطراف الكون.

هي قصة واحدة من أبعد جرم يحلق في السماء إلى أصغر فيروس، يتقن الاختباء أحدوثة الوجود، فضاء لا يحققه ألف راس، وأرواح هائمة الأجساد هي منازلها، والحياة هي لها مقاصد.

نحن كنا أحياء وكلنا سنموت، فعلنا حياة بعد الموت، ما هو السر الذي يخفيه عنا هذا الوجود؟ إذا كان اتساع الكون بلا حدود؟ فهل سيأتي بعدنا جيل يعرف أين طريق الخلود؟ هل جئنا إلى هذه الحياة لنفهم الأسرار، ونرى عظمة الخلق، ونبحر في هذا الفضاء الطلق؟ ثم نحال إلى ظلام العدم، وننتهي في التراب تحت موطئ قدم؟ أم أن الوجود في بطانة خفية ليس لنا بها صلات؟ تلتقي فيها أرواح الموتى من كل الكائنات.

كيف نفسر عودة الروح من شفير الموت إلى الجسد الميت، فتعود له الحياة؟ خلونا نبدأ

 

معني الحياة في العلم

هذا الجسد المعجزة مكون من خلايا حية، والخلايا مكونة من جزيئات بروتين ودهون وما وأملاح مركبات كيميائية، الكالسوم، الهيدروجين، والكربون والأوكسجين والازور، نسبة الماء في الإنسان أكثر من 60%، تجتمع هذه العناصر لتصنع الإنسان.

الكائن الذي اقتحم البحار والخلجان، وفجر الأنفاق، وبنى الأوطان، أين هي الروح؟

هل هي في هذا الدماغ الذي يشبه له حق الكترونية، ثلاثية الأبعاد، لا يتوقف عن العمل من شهور الحمل الأولى في رحم أمه إلى اللحظات الأخيرة قبل وفاته.

الكهرباء في الجسم هي الدليل الفيزيائي الأوحد على الحياة، هي الطاقة التي تسير العمليات الحيوية، هنا العظمة تتجلى بكل معانيها، جسد فيه 35 الف مليار خلية كلها فيها شحنات كهربائية، طول الأسلاك في الجسم البشري يصل إلى 75 كم من الأعصاب.

كل تلك التوصيلات محركاتها ومولداتها تجتمع في الدماغ بأقسام ودهاليزه، ولكن أين هي الروح؟ أين يقبع السر الإلهي؟ في أي زاوية من الرأس أو الجذع أو القلب، تختبئ الوديعة الربانية؟ هل هي الكهرباء الواصلة بين كل الأجهزة الأعضاء بأسلاكها تراقب الخلايا، والدماء، ترفع مئات التقارير في الثانية إلى مؤسسات الدماغ.

هنا تحذير وهنا تنبيه وهناك بلاغ، أعجوبة في الوجود، هذا الكائن الفريد الولود، يصنع في الثانية الواحدة 3 ملايين خلية دم، يا الله، أي إعجاز في الصناعة، أي قدرات على البقاء والصمود والمناعة، مليارات من أنواع البكتيريا تعيش في الأمعاء بعقد موقع مدى الحياة.

درس العلم، كل الخبايا والخفايا في جسد الإنسان لم يجد فيه كبسولة أو مفتاح للحياة، كائن كغيره من الثدييات، متطور عنها في السلوك والتعلم.

مصنف في الرئيسيات أكثر قدرة على التكيف والتأقلم، حياته، مهما امتدت محدودة، يزوره الموت على رأس دبوس في ذيل حشرة أو قبلة من فم دودة أو بضع قطرات معدودة من ناب أفعى.

معني الحياة في العلم

هل الفناء من خصائص الوجود؟

قد يختطف الموت سر الحياة دون سابق إنذار، مهما حاول الإنسان النجاة أو الفرار، قد يموت المرء في أي عمرو، أي مكان، ومن كان متفاهما مع جسده متفقا مع الطفل الذي بقي في أعماقه، فقد يتلقى الإنذارات المسبقة، وقد يرسل إليه الموت إشارات متلاحقة تصله من عمق الوجدان تأتيه في لحظة فرح، أو عند تراكم الأحزان.

وقد ينذرك عبر الحواس، ويقرع من حولك الأجراس، لقد اقتربت ساعتك أيها الإنسان، شريط الحياة يعبر من أمام العين، مواقف قفزات ونجاحات، آلام، وعثرات وجراحات حب يتدفق للبنات والأبناء، خوف وحزن على الفراق، تنزلق الروح من الأطراف، وتجتمع في العنق والأعصاب في لحظة واحدة.

نبضات شاملة في كل خلايا العقل، وضعف شديد في كل أنحاء الجسد، ألا ما أصعب فراق الحياة؟

لحظة يكتشف الإنسان فيها أنه ضيف، يرى نفسه فيها كأنه طيف تطفئ الشمعة في برهة، تنتهي الحياة كأنها كانت على الأرض نزهة يبقى لها أثر في العيون، كأنها تقول كنت هنا للتو، إنه الغياب الذي لا عود بعده.

غادرنا، ولم ندري كيف عظمة الروح في الحياة، وبعد الموت ليست إلا شحابة صيف، كل هذا الوعي، وهذا الإدراك، وهذا الذكاء، وهذا التمتع بالحياة والسفر والبحث والتفكير، والقوة، والعنفوان والرجولة.

الأناقة والجمال والمشاعر النبيلة، والضحكات والخيالات في فضاءات الطموح والأميات، واجتراح الحلول للمشاكل والمعضلات، كل تلك المواهب تتنحى جانبا، وتفتح الأبواب للقدر.

افسحوا الطريق من فضلكم، لقد وصل الموت قاصدا هذا الجسد، الموت أعدل للزوار، وأكثرهم إنصافا، وهو أفضل كاتم للأسرار، يأخذ معه التاريخ والذكريات، يختم المشاعر، ويقفل الحجرات. هل هي لحظة فناء أم لحظة عبور؟ هل هي نهاية حتمية لعمر مديد أن بداية وإشراق في الأفق البعيد؟

هل الفناء من خصائص الوجود؟

ماذا يحدث بعد الموت؟

السؤال الشاغل منذ أن صعد العقل إلى القمة، وهو ماذا يحدث بعد الموت؟ كل الشرائع السماوية منها، والأرضية، والوضعية والمذاهب والطوائف لها نظريات مختلفة بعد الموت.

الكل لديه حلول، والكل صادق لا محالة، لأننا لا نملك دليلا نكذب فيه أيا منهم، ولأننا لم نستقبل أحدا، قضى نحبه بضعة سنوات أو بضعة شهور، أو حتى أسبوعا، ثم عاد ليخبرنا بما حدث له، أو يحدثنا بما رأى.

لنبدأ برأي العلم، علم الحياة، البيولوجيا، ماذا يحدث بعد أن يموت الإنسان؟ بعد الموت، يتوقف بمعاق، يتوقف الشعور بالوجود، يبدأ الجسم بالتحلل، ينكمش الجلد، ويتصلب، وتأكله البكتيريا والديدان.

طيب بالنسبة للروح والانتقال إلى عوالم أخرى؟ قالوا نحن نعمل بالمجاهر والتحاليل، ونراقب التغييرات وظواهر الجسد، يموت وينتهي، لا شعور لحياة يموت الإنسان مثله مثل أي كائن على سطح الأرض.

طيب من أين أتت الروح؟ أين كانت قبل الولادة؟

العالم البيولوجي يقول نحن يا سيدي نحكم بما نرى، كما قال عمي أبو عثمان الجاحظ، رحم الله لا تشفيني إلا المعاينة، فحصد ميت لحظة وفاته، كنا معه بالصوت والصورة والأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء وبين الأرجاء والأشعة السينية والعينية و الصادية، إحنا آسفين لا نعرف فهو كائن حي، فقد حياته، انقطعت الكهربا فيه.

سر إلهي، سر فضائي لا نعرف عريف، واذا عنكم غير هذا الكلام خبرونا، هذا كان رأي العلم.

هذه الروح تنتقل إلى مكان آخر، ولكن عندها مجموعة خيارات، إما أن تصل إلى برزخ كلمة برزخ قرآنية وردت في سورة الجاثية ويفسرها المتخصصون أنها الفترة من لحظة الدفن إلى قيام الساعة، والحساب بعدين في يوم القيامة.

في المسيحية الميت المؤمن يذهب فورا ليكون مع المسيح في مجده، ويبقى جسده في القبر إلى يوم القيامة، وأما العبد الخاطئ فإنه يذهب بروحه إلى العذاب الأبدي ويبقى جسده في القبر حتى يوم الدينون العظيم، يعني لحساب يبدأ من لحظة الوفاة.

هناك نظريات تقول إن الروح تحل في جسد آخر، و تنتقل من جسد إلى آخر، قد لا يكون جسدا بشريا في بعض العقائد حتى يأتي يوم الحساب، فتحاسب الروح عن كل الأجيال السابقة، يعني تأخذ أكتر من فرصة لا تصحح مسارها في الحياة.

فالموت إذا عند الأديان، والعقائد ليس قاتلا للروح، بل هو إما محطة انتقال أو فرصة جديدة ماذا؟ لحياة جديدة.

ماذا يحدث بعد الموت؟

حقيقة الموت وأسراره

لا يمكننا، ولا يمكن لأحد أن ينكر حقيقة الموت، لنتخيل أننا لا نموت، لو كان الإنسان خالدا، إذا كنت تعرف أنك لم تموت مهما حدث فإنك حي، وليس هناك شيء اسمه الموت، بالنسبة للإنسان، كيف ستكون الحياة؟

ستكون جحيما لا يطاق، لن تخاف من أي شيء، قد ترتكب الفظائع لتحصل على مرادك، سيعيش الناس في صراع مستمر، لا خوف على الحياة، لن تتسع لهم الأرض، لا معنى للعلم، لا جدوى من الطب، ولا علم النفس، ولا الفلسفة ولا الآداب.

الحيوانات المفترسة تتصارع لتبقى على قيد الحياة لإنها تمتلك غريزة البقاء، وتعلم أن صراعها قد يؤدي بها إلى الهلاك. فإذا أصبح البشر خالدون، فلا معنى للغرائز لا معنى للحفاظ على الجنس البشري.

سيقرر الموجودون أن يتوقفوا عن الإنجاب ويتقاسمون الموارد المتاحة حتى تكفيهم، لذلك فالموت نعمه على المدى البعيد، و الإنسان بعد الموت يصبح كما كان قبل ولادته.

قبل الولادة بآلاف السنين، كان بعيدا عن المشاكل والمتاعب، وربما كان في نعيم لا تدركه العقول، وبعد الموت تنتهي مشاعر الألم والتعب والإرهاق، تموت أحاسيس الجنس والخجل والذل والكآبة والأنانية، وكل مشاعر الأحياء، يتحرر من القلق والفزع والخوف والرعب يعود حرا طليقا، ولكن أين يكون المصير؟

إذا كان العلم هو الذي ساعدنا في فهم فيزيولوجيا الجسد البشري، وهو الذي درس الخلايا والدماغ والشحنات وتتبع الأعصاب، وسجل الحركة الدورية للقلب، فالعلم هو نفسه سيجد لنا الحل.

كل الظواهر العجيبة التي قرأنا عنها، ذاك الذي رأى لحظة وفاته نفقا دوديا، ينتهي بنور عظيم، ثم عاد إلى الحياة، تلك السيدة التي رأت جسدها مسجا على السرير، ذاك الذي رأى شريط حياته يعبر من أمام عينيه قبل أن يموت.

أما ذلك الذي يروي الحكايات عن حياة سابقة عاشها، ويذكر تفاصيل عن زواجه وأولاده، وعن البلدة التي عاش فيها، فهذا بحث مختلف تعريفه في المراجع المختصة، التناسخ والتقمص، فما هو تفسير هذه الظواهر؟

حتى نفهم على بعض ظاهرة النفق الدودي، والتي رأت جسدها بعينيها، كلها ظواهر عقلية، الدماغ معجزة عظيمة عند انسحاب الكهرباء والطاقة من الجسد، تتجمع القدرات العصبية كلها في آخر نقطة، وهي الدماغ، والعقل يشعر بالنهاية في صور لنفسه الختام بالفناء على شكل أنبوب مفتول،

والتي رأت نفسها هي تجليات القدرة الفائقة للعقل قبيل الوفاة، بعد تجمع الطاقة كلها في الدماغ، هذا أحد تفسيرات علوم الظواهر، ولا يمكن للعلم إلا أن يضع تفسيرات عقلية.

وبالنسبة للتقمص فهي تندرج في فكرة الذاكرة الوراثية، وذلك يتطلب قاعدة على شرف أمام بحر واسع، لنفكر بهدوء، ونستوعب الأمور لنحكيها بطريقة علمية، وأجري على الله، وفعلتها وتلك هي مقالة كاملة حول حقيقة تناسخ الارواح والتقمص يمكنك الاطلاع عليها من هنا.

الصبغات الوراثية للأحماض الأمينية تتكرر عبر أجيال عديدة، هذا التكرار يحمل معه وذكريات، صور وأحداث ومواقف، فتظهر في ذاكرة الإنسان وكأنها مرت عليه شخصيا، وهي كانت مواقف حدثت لإنسان آخر.

كان هو الحمال الأصلي للصبغيات الوراثية المتداولة بين الأجيال، من أمثلتها التي قد تحدث في الحياة كلها مرتين أو ثلاثة أنك تزور بلدا غريبا لأول مرة، وتدخل قرية فيها، فتظن أنك تعرف هذا المكان، لأن المركبات الكيمائية للكائن البشري هي واحدة، لكنها تختلف في تناول بها، وهذا الاختلاف يحقق التباين في المورثات بين إنسان وآخر.

وتقاربها في تسلسلها يحقق التشابه بين البشر، حتى لو لم يكونوا إخوة، فسبحان الخالق العظيم.

و عن هذا الموضوع بالذات سنتحدث عنه في مقالة قادمة.

كلمة الموت وردت في كتاب الله القرآن الكريم 70 مرة، وأشهرها آية تقول {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ } وقوله عز من قال {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}

وطالما أن عالم الموت من الغيبيات فلا عقل هنا، ولا نقل، ولا معرفة، ولا خبرة، العلم عند صاحب العلم، حتى هذه الساعة، الإنسان أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، إلى أن يصل الله بنا إلى معركة الكون الذي ينطوي فيه الزمان، فنصل للماضي بالحاضر والمستقبل، ونعيد اكتشاف حياتنا بالعلم والمعرفة، والإدراك والعقل والإيمان، سلام.

المصادر

حقيقة الموت وعالم البرزخ – ajnet

“هكذا نموت” -dw

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top