عن ظاهرة التعتيم الشمسي فلقد عاد من جديد، متوقع الزلازل من أشهر فرانك هوغربيتس يضرب مرة أخرى، ولكن لا، هذه المرة لا تخاف من الأرض وحركتها، بل احذروا الشمس، تحذير غريب لكارثة منتظرة لن تنجو منها منطقة في العالم، ولا، النجوم والكواكب، وتراصفها ليست السبب، ولا حتى حركة الصفائح التكتونية.
ظلام في وضح النهار شمسنا ستغطيها مواد كيميائية من صنع الإنسان بمشهد مريب، وبحسب فران ما رأيناه في أفلام الخيال العلمي، ربما حان الوقت لنراه في الحقيقة.
الموضوع خطير وكبير أكبر مما تتصورون، بل أن الفرع علميا قائم بحد ذاته لتحقيق هذا الهدف، ما القصة؟ وعم تكلم العالم الهولندي المثير للجدل؟ ولماذا كل هذا التخوف؟ خد نفسا عميقا، ولنرى ما حقيقة المصيبة الجديدة التي تنتظرنا، “ظاهرة التعتيم الشمسي”.
الهندسة الجيولوجية الشمسية
السلام والاحترام أصدقاء الكرام، طبتم وطابت أوقاتكم، وطاب نصركم لإخوتنا في غزة بكل ما أتيح لكم من طرق النصر والمقاطعة والنشر المستمر، ويا مرحبا بكم في هذه المقالة عن ظاهرة التعتيم الشمسي .
في 19 من إبريل الماضي تفاجئ العالم بتغريدة على منصة إكس للعالم الهولندي المثير للجدل فرانك هوغربيتس العالم الذي اشتهر بتوقعاته حول الزلازل وأماكن وقوعها تبعا لنظرية تراصف الكواكب الشهيرة، لم تكن الأرض وزلازل ها محور حديثه هذه المرة، إنما موضوع مغاير تماما.
الرجل توجه إلى الغلاف الجوي للأرض وإلى شمسها تحديدا، والتحذير انبثق من موضوع إذا ما سمعنا عنه سيظن البعض الوهلة الأولى أنه من خيالات مؤلف كتب، وأفلام الخيال العلمي.
ولكن الواقع مغاير تماما، وتحديدا مع موضوع التعتيم الشمسي، أو Dimming the sun، الموضوع الذي ستتعرفون عليه أكثر في سياق المقالة، هذا الموضوع والتحذير منه يجعلان المرء يعتقد أنه وليد الساعة، إلا أن الأمر يعود لسنوات وعقود ماضية.
وهو يندرج تحت مظلة أحد أحدث الأفرع العلمية المتخصصة، فرع بحد ذاته ومنذ إنشائه أثار الكثير من الجدل حوله ما بين مؤيد ومعارض بدأ هذا الفرع وعلماء أبحاثهم ودراستهم، والهدف واحد تبريد الأرض.
أما الوسيلة فهي الهندسة الجيولوجية الشمسية أو solar geoengineering المعروفة أيضا بهندسة المناخ، هذه الفكرة العلمية أو الفرع العلمي أثار اهتمام الكثير من العلماء والباحثين والدارسين على حد سواء، إلا أن الأمر لم يقتصر على هذا الحد فيأثرياء العالم، ومليارديراته دخلوا على الخط.
أثرياء مثل بيل جيتس، وجورج سوروس، وداستن موسكوفيتس وغيرهم الكثير أبدوا اهتماما كبيرا بهذا الفرع العلمي، والتمويل اللازم بات جاهزا، مليارات الدولارات تصرف على الأبحاث والدراسات والتأكيد أتى على لسان العالم الهولندي في ذكره بشكل صريح لبيل جيست في تحذيره الجدلي.
ولكن إذا ما أردنا أن نفهم ما الذي قصده فرانك هوغربيتس، فيجب أن نطلع أولا على مفهوم هذا العلم.
الهندسة الجيولوجية الشمسية هي عبارة عن مجموعة من الدراسات و الأبحاث والنظريات التي تصب كلها في منحي واحد، تبريد الأرض، وخفض درجة حرارتها على الأقل نصف درجة لتفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية.
بحسب العلماء فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أعلى من هذا الرقم سيؤدي إلى كوارث طبيعية لا تحمد عقباه، بل أكتر من هذا قد تكون هناك تحولات جذرية في نظام دعم الحياة على الكرة الأرضية بشكل كامل.
وفي سبيل درء هذه المخاطر، وبعد فشل العديد من طرق تقليص نسب الاحتباس الحراري، كان لا بد من إيجاد البديل، والبديل يكمن في عكس ضوء الشمس وحرارتها إلى الفضاء، أي حجب مقدار كبير من الطاقة الشمسية عن الأرض لتبريد حرارة الأرض مدة من الزمن.
فكرة قد تبدو للوهلة الأولى مستحيلة، إلا أنها مطروحة فعلا، والدراسات والتجارب تتسابق فيما بينها.
وقائد معسكر هذه الدراسات ليس إلا الفريق العلمي في جامعة هارفرد، هذه الفرضية أو النظرية أو الفرع العلمي، أو أيا كانت تسميتها، تعود جذورها بحسب تقرير لموقع سي أن أن إلى العام 1960،
إلى أن الاهتمام بها برز إلى الواجهة في السنوات الأخيرة على إثر ازدياد الآثار المدمرة للاحتباس الحراري من فيضانات وحرائق وجفاف وغيرها الكثير.
تقنيات تبريد الأرض وطرق القضاء علي الاحتباس الحراري
نتائج الدراسات والأبحاث أفضت إلى ثلاث تقنيات يمكن اعتمادها في تطبيق الهندسة الجيولوجية الشمسية.
تقنية تبيض السحب البحرية
التقنية الأولى تحمل اسم تبيض السحب البحرية أو marine clouds brightening هذه التقنية تهدف إلى جعل السحب المنخفضة فوق المحيطات أكتر عكس لأشعة الشمس عبر رشها بملح البحر باستخدام مناطيد أو طائرات أو أي وسيلة أخرى قادرة على بلوغ هذه السحب،
الأمر الذي سيزيد طبعا من بياضها ويجعلها أكثر قدرة على عكس أشعة الشمس
تقنية تقليص السحب السمحاقية
التقنية الثانية اسمها العلمي cirrus cloud thinning technique، أي تقليص أو تصغير أو تنحيف السحب السمحاقية، أو سحب السمحاق. هذه السحب تتشكل في طبقات الجو العالية وهي عبارة عن سحب جليدية ناصعة البياض بعيدة عن سطح الأرض وملوثاته.
التقنية ستعمل على زرع ما يسمى علميا بالهباء الجوي داخل هذه السحب لغاية تنحيفها، وبالتالي جعل قدرتها على حبس الحرارة الآتية من الشمس ومن الأرض أقل. دعونا نتوقف هنا قليلا لنفهم أكثر ماهية الهباء الجوي،
فهذا المصطلح سيلعب الدور الأكبر في التقنية الثالثة، والتي هي بالمناسبة محور جدل مقالة اليوم .
الهباء الجوي أو aerosols هي جزيئات صغيرة جدا تكاد لا ترى بالعين المجردة منتشرة في الغلاف الجوي ورغم صغر حجمها فتأثيرها كبير على المناخ والطقس والصحة وعلى البيئة بشكل عام.
تختلف أحجام هذه الجزيئات ومع اختلاف أحجامها تتفاوت في قدرتها على التأثير في البيئة على سطح الأرض بحسب تفاعلها مع الإشعاعات الشمسية والحرارية، وقدرتها على حسب هذه الإشعاعات عن الوصول إلى سطح الأرض.
بعض من أمثلة هذه الجزيئات رذاذ البحر، الغبار المعدني، الدخان، رماد البراكين، الهباء الجوي الكبريتي أو sulfate aerosols الناجم عن الانبعاثات الصناعية وغيرها الكثير.
تقنية ظاهرة التعتيم الشمسي
إذا مما تقدم، استطاع العلماء تحديد عامل مهم جدا قد يساهم بحسب دراستهم في تبريد الأرض، ولكن كيف؟ هنا نصل إلى التقنية الثالثة والتي تعرف علميا بتعتيم الشمس، Dimming the sun، والآن حافظ على تركيزكم.
تقنية ظاهرة التعتيم الشمسي المعروفة أيضا باسم Stratospheric aerosol injection هي تقنية ظاهرة تنص على حقن طبقة الستراتوسفير البعيد عن سطح الأرض حوالي 12 ميلا بجزيئات الهباء الجوي، وتحديدا الكبريتية منها،
وتلك المكونة من غبار كربونات الكالسيوم، والطريقة المعتمدة لتطبيق هذه التقنية من المفترض أن تكون عبر استخدام مناطيد هواء، أو طائرات مخصصة لديها القدرة على التحليق إلى هذا الارتفاع.
وعند وصولها إلى الطبقة المنشودة، تبدأ برش حمولتها من الهباء الجوي المصنع، والغاية التقليل من أشعة الشمس وحرارتها، وعكس قسم كبير منها إلى الفضاء، أي بمعنى آخر تعتيم الشمس.
ببساطة، إنهم يصنعون غروب الشمس في وضح النهار.
الفكرة لم تكن وليدة الصدفة، بل إن حدث مهما عام 1991، وتحديدا في 15 من يونيو، كان ملهما للعلماء والباحثين، ففي هذا اليوم. شهد العالم ثاني أكبر ثوران بركاني في القرن ال20، فبعد ثوران بركان نوفا روبتا في ألاسكا عام 1912.
جاء ثوران بركان جبل بيناتوبو في الفلبين، وهو الثوران الذي تسببت حممه البركانية في دمار واسع للبنية التحتية وتغيير كبير في أنظمة الأنهار، بل في النظام البيئي ككل.
طبعا ترافق مع ثوران هذا البركان إطلاق ملايين الأطنان من الرماد البركاني المشبع بثاني أوكسيد الكبريت، ما أدى إلى تفاعل كبير مع الهباء الجوي الموجود أصلا في طبقة الستراتوسفير والتي تكونت على إثره طبقة من ضباب حمض الكبريتيك أو كما يعرف أيضا بحمض السولفريك.
وطبعا هذا أدى إلى تعتيم جزئي للشمس وانخفاض حدة أشعتها.
إلى هنا، الأمر طبيعي بالنسبة لثوران بمثل هذه القوة، إلى أن ما أدهش العلماء آنذاك هو انخفاض حرارة الأرض بشكل عام، نصف درجة مئوية، وهو معدل كبير جدا في علم المناخ، بل هي الدرجة التي يسعى العلماء منذ عقود لخفضها بشتى الطرق.
فبعدما انخفضت الحرارة القضائية في الأشهر التي تلت الثوران البركاني. تأكد العلماء من أن تفاعل جزيئات الهباء الجوي مع الرماد البركاني ومكوناته أدى إلى عكس المزيد من أشعة الشمس إلى الفضاء.
وهنا لمعت الفكرة المجنونة تعتيم الشمس صناعيا، أي أن الأمر ببساطة لن يعدو كونه مجرد محاكاة لآثار ثوران بركاني ضخم.
ولكن انتظروا لحظة، الأمر ليس بهذه السهولة، الموضوع يحتاج إلى عمليات حقن ونشر لعقود طويلة، وفوق مساحات واسعة، وبطبيعة الحال إلى تمويل هائل، تمويل قد يصل بحسب دراسة نشرتها جامعة هارفرد عام 2018 إلى 2.25 مليار دولار في السنة ولمدة 15 سنة، ولكم الحرية في إجراء الحسابات.
مبلغ هائل لأبحاث ودراسات لم تشهد بعد تطبيقا فعليا على أرض الواقع، و بالنسبة للتجارب العلمية فهي ما زالت غير موجودة، أو على الأقل هذا ما يصرح به،
فمثلا عام 2021 حاول باحثون من جامعة هارفرد إطلاق بالون يستطيع الوصول إلى طبقات الجو العليا، وتحديدا إلى الستراتوسفير فوق منطقة القطب الشمالي التابعة للسويد، إلا أن الرفض والمنع كانا مصير هذه التجربة من قبل القبائل المحلية وتحديدا قبيلة السامي.
الهندسة الجيولوجية الشمسية تنطوي على مخاطر وعواقب كارثية هذا حرفيا نص رسالة الاعتراض من مجلس قبائل السامي، توقفت هذه التجربة، ولكن الأبحاث لم تتوقف، فكان الإعلان عن تجربة إطلاق منطادي الطقس بحسب المسرح عن فوق ولاية باخا كاليفورنيا المكسيكية.
الأمر المضحك والمثير للسخرية هو أنه في كلتا التجربتين كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الممول والمنفذ على أراضي ليست بأراضيها، وفي سماء ليست بسمائها.
الصرخات علت، لم يعرف ما الهدف من إطلاق هذين المنطادين، بل لم يعرف ما إذا قام هذان المنطادان برش أي مواد كيميائية لغاية تحقيق تجارب الهندسة الجيولوجية الشمسية،
إلا أن الواقع أمر واحد الحكومة المكسيكية، وبسبب هذه التجربة، منعت بشكل كامل ومطلق أي تجارب للهندسة الجيولوجية الشمسية من أي مصدر كان.
محاولات التجارب لم تتوقف، والسعي الآن إلى إيجاد أرضية أو بالأصح سماء لهذه التجارب، والعين الآن على إفريقيا، إلا أصوات المعارضين، بدأت بالارتفاع، الموضوع ليس لعبة، الموضوع خطير جدا، فهذه التجارب لا يمكن التحكم بها، وهي غير أخلاقية، تستهدف البلدان الفقيرة بحجة المساعدة الإنمائية.
هكذا يقول البروفيسور فرانك بيرمين المحاضر في علم حوكمة الاستدامة العالمية في جامعة أوتريخت في هولندا، المخاطر كبيرة بحسب الكثير من العلماء المعارضين لهذه الفكرة.
العبث بالمناخ تشتيت الانتباه عن مسببات الاحتباس الحراري الحقيقية، ضرر في طبقة الأوزون المتضررة أصلا تلف كبير في المزروعات والمحاصيل، أمطار حمضية رياح ملوث ب الهباء الجوي الاصطناعي. أوبئة وأمراض غريبة لن يعرف مسببها، والكثير غيرها.
باختصار الشعوب التي سيقع عليها الخيار لتكون حقلا لتجارب الغرب الجديدة ستذوق الكثير من الويلات قبل غيرها، كما العادة.
مخاطر لا تحمد عقباها، لن تنحصر في منطقة واحدة، بل ستشمل الكوكب كله، وهذا بالضبط ما حذر منه العالم الهولندي فرانك هوغربيتس، وما بين مؤيد لهذه الفكرة، ومعارض يرى فيها ما هو أخطر من الاحتباس الحراري العالمي، يبقى الوضع على ما هو عليه، وتبقى الدراسات قائمة. ومن يدري ما ستخبئه الأيام القادمة،؟
إذا أصدقائي هذا ما استطعنا التوصل إليه فيما يخص موضوع الهندسة الجيولوجية الشمسية، تحذير أطلقه العالم الهولندي المثير للجدل هوجربيتس، أعاد تسليط الضوء مجددا على هذا الموضوع.
أبحاث ونظريات ودراسات لا تتوقف، تمويل هائل من الحكومات والأفراد على حد سواء، موضوع يقدم للعامة على أنه أفضل الحلول لمشكلة العالمية ويغض النظر عما يمكن أن يسببه هذا العلم وتطوره من كوارث طبيعية.
لا بأس، فالتجارب ستجرى على أرض الدول النامية وفوق رؤوس شعوبها الفقيرة، والكوارث ان وقعت، ستقع عليهم أولا نظرة دونية دائمة من مدعي الحضارة و المنادين بالمساواة والحرية والإنسانية.
أولئك يريدون إبعاد النظر عن مسببات المشكلة الأساسية، مصانعهم وصناعتهم النووية، وتجارب أسلحتهم المختلفة، والتي بالمناسبة تجري هنا في أراضينا عبر زرع النزاعات المستمرة في مناطقنا وباقي المناطق النامية برأيهم.
افتحوا أعينكم، أصدقائي جيدا، وسترون ذلك بكل وضوح تجاربهم الخفية، والتي لا يعرف عنها سوى آثارها، تكنولوجياتهم المتطورة التي تسببت من الأساس ببلاء الاحتباس الحراري، أولئك نسوا أو تناسوا عمدا، أن هذا الكون له خالق يدبر أموره. وهو وحدة القادر على تغيير نظامه.
ثوران بركان الفلبين أتى في الوقت الذي عجز فيه العالم لسنوات عن حل مشكلة الاحتباس الحراري، فكان الحل بيد الله تعالى، ثوران لبركان خفض حرارة الأرض، وأراح سكانها لفترة من الزمن.
عجلات الزمن تدور، لكن التاريخ يعيد نفسه، ومن يدري، ربما التدخل الإلهي هذه المرة سيكون حلا، أو ربما انتقاما لأرواح بريئة أزهقت أمام أعين البشر كل البشر، وأثبت دماؤها التي سفكت أن الإنسانية على هذه الأرض انتهت.
الإجابة في طي الأيام والأشهر، وربما السنوات المقبلة. أما نحن، وكما عودناكم، فسنبقيكم على اطلاع دائم على ما يدور حولنا في عالمنا هذا من أحداث ومواضيع مشوقة وظواهر غامضة ومثيرة وجدلية طبعا، وإلى أن نلتقي في دردشة جديدة، ابقوا في امان والسلام.