فتح بورصة عاصمة الدولة العثمانية في بدايتها

فتح بورصة عاصمة الدولة العثمانية في بدايتها
فتح بورصة عاصمة الدولة العثمانية في بدايتها

جدول المحتوي

عن فتح بورصة عاصمة الدولة العثمانية في بدايتها، فنحن الآن مع إمارة صغيرة في غربي الاناضول، ستكبر وتكبر حتى تتحول إلى إمبراطورية شاسعة تضم 29 ولاية في ثلاث قارات، هي أوروبا وآسيا وأفريقيا، وسيحسب لها العالم ألف حساب، وسيكون لها دور كبير على الساحة العالمية قرابة ستة قرون.

أجل، إنها الدولة العثمانية، فكيف كانت بداية تلك الدولة؟ وما هي مدينة بورصة التي مهدت لها انطلاقها في أوروبا؟ وكيف استطاع العثمانيون فتحها؟ تابعوا معانا علي النهاية لنعرفكم على تلك الحقبة الهامة التي أنتجت تلك الدولة العظيمة.

نشأة الدولة العثمانية

هل تتخيل أن الغزو المغولي الوحشي الذي غير تاريخ العالم الإسلامي، كان هو سبب في ظهور الدولة العثمانية، ربما لا تصدق ذلك، لكن دعنا نرجع إلى الوراء لمعرفة كيف حدث هذا؟

فقد كان القرن الثالث عشر الميلادي هو قرن المغول عندما نجح جنكيز خان في توحيد قبائل المغول تحت سلطانه ليبدأ في غزو العالم في هجوم رهيب، ومع هذا الهجوم الوحشي الذي طال الكثير من الدول، لجأت الكثير من القبائل إلى الهجرة باتجاه الغرب هربا من هؤلاء الوحوش،

ومن ضمن هذه القبائل قبيلة قايي وهم جماعة من قبائل أوغوز التركمانية التي كانت تسكن وسط آسيا.

وقبيلة قايي هذه كان تحت رئاسة سليمان شاه، بن قيا ألب، وكان موطنها بالقرب من مرو قاعدة بلاد تركمان، وقد اتجهت القابلة إلى الغرب حتى وصلت إلى خلاط شمال بحيرة وان.

وبعد أن هدأ زحف المغول رغب سليمان في الرجوع إلى موطنه الأصلي، لكن في طريق عودته وأثناء عبوره لنهر الفرات مات غارقا فيه، واختلف أبنائه في الوجهة التي يتجهون إليها،

فحقق الاخوان سونغور تكين وكون طوجور رغبة والديهما في العودة إلى موطن أبيهم، وأما الآخران أرطغرل ودندان فقد اتجها إلى الشمال حيث تولى أرطغرل زعامة أفراد القابلة الذين بقوا في الأناضول،

وبعث أرطغرل لابنه ساو جي ليطلب من الأمير علاء الدين السلجوقي أمير إمارة القرمان التي مركزها مدينة قونية، ان ي عطيه أرضا تعيش فيها القبيلة، ولكن ساو جي توفي في الطريق.

وفي هذه الأثناء لاحظ أرطغرل جيشين يقتتلان أحدهما مسلم يبدو أنه على وشك الهزيمة، والآخر بيزنطية كده ينتصر على الجيش المسلم، ودون أن يعرف هوية الجيش المسلم أسرع أرطغرل مع قومه ليساعد الجيش المسلم ويقلب نتيجة المعركة لصالح الجيش المسلم،

الذي تبين أنه جيش سلاجقة الروم تحت إمرة الأمير علاء الدين كيقباد، والذي أعجب بشجاعة أرطغرل ورجاله فأقطع هذا الأخير أرضا على حدود بلاد الدولة البيزنطية المعروفة بسوغوت، وكان في كل انتصار يحققه عليهم يقطعه الأراضي التي فتحها.

وبالرغم من تفكك دولة سلاجقة الروم حافظ أرطغرل على ولائه للسلاطين السلاجقة، ولم يحاول أبدا تسير جيشه للاستيلاء على الأراضي السلجوقية حتى وافته المنية ليخلفه من بعده ابنه عثمان بن أرطغرل المعروف بالمؤسس عثمان لأنه أسس الدولة العثمانية، ومن سمه اشتق التسمية العثمانيين.

وقد تبع الأمير عثمان مسيرة وليده في محاربة البيزنطيين. وكان انتزاع مدينة إسكي شهير من البيزنطيين أهم إنجازاته ومع الكفاءة الإدارية والسياسية والعسكرية الاستثنائية التي أظهرها عثمان كافأه السلطان علاء الدين كيقباد الثالث بلقب عثمان غازي حارس الحدود على الجاه.

وواصل عثمان قتاله ضد البيزنطيين والمغول، وضد إمارة كرميان المنافسة له في غربي الأناضول.

وقد تمكن العثمانيون من فتح قلعة قره جه حصار جنوبي سوغوت واتخذوها معقلا عسكري لهم وهزم وجيشا بيزنطيا كبيرا في عام 1302 في موقعة بافيوس قرب نيقية، وتتابعت الهجمات الناجحة على المناطق البيزنطية القريبة،

وضم العثمانيون تلك المناطق شيئا فشيئا، ومع الانتصارات المبهرة، اكتسبت امارة عثمان المزيد من النفوذ، وجمعت حولها أبناء القبائل التركمانية في الأناضول لتكبر أكثر فأكثر.

ومن هنا كان لا بد من التفكير في مدينة تكون عاصمة الدولة العثمانية وحاضرة لذلك الكيان الفتي، فكان عن فكر عثمان في خوض مغامرة عسكرية، هدفها فتح إحدى الحواضر البيزنطية القريبة، وكان أن وقع الاختيار على مدينة بورصة الحصينة لموقعها الوسيط في غربي الأناضول وقربها من بحر مرمرة الاستراتيجية، فكيف ستؤول الأمور يا ترى؟

نشأة الدولة العثمانية

السلطان عثمان يخطط لفتح بورصة والاستقلال عن دولة السلاجقة

بالتزامن مع عصر عثمان، أخذت دولة سلاجقة الروم تنهار شيئا فشيئا، وسرعان ما خضعت الدولة للمغول وأصبح تداعياتها لهم، فأعلن عثمان استقلاله عن دولة سلاجقة الروم بعد هزيمتهم أمام المغول.

ووصل السلطان عثمان هجماته ضد الدولة البيزنطية. وقد وضع خطته لفتح مدينة بورصة عام 1317، من خلال تجنب المواجهة المباشرة مع أسوارها الحصينة،

خاصة وأن جيشه ويفتقر إلى آلات الحصار المتقدمة القادرة على اقتحام أسوارها، مثل آلات هدم الأسوار و المجانيق الثقيلة، والأبراج العالية وغيرها من الأسلحة المخصصة لدك الأسوار.

وبدلا من ذلك، اتخذ عثمان سياسة طويلة المدى للالتفاف حول المدينة أولا، وسيطرة على المناطق المحيطة بها لعزل المدينة تماما، وقطع الاتصال بينها وبين المدن البيزنطية الكبرى القريبة منها.

وقد استولى السلطان عثمان أيضا على جزيرة تسمى كالوليمني في بحر مرمرة ليتحكم بالطريق البحري من القسطنطينية إلى بورصة واستولى على قلعة تريكوكا الاستراتيجية والتي تتحكم في طريق الإمدادات بين مدينتي نيقية وبورصة، و بذلك قطعا بورصا دعم من جهة الشمال الشرقي.

السلطان عثمان يخطط لفتح بورصة والاستقلال عن دولة السلاجقة

فتح بورصة عاصمة الدولة العثمانية في بدايتها

كثف العثمانيون هجماتهم على المناطق القريبة من بورصة وقطعوا طرق التجارة والإمداد الواصلة إليها لإضعاف مقدرات المدينة تدريجيا وإضعاف قدرتها على الصمود، حتى باتت المدينة معزولة عما حولها،  ثم أنشأ السلطان عثمان قلعتين ملاصق تين للمدينة لحصارها بشكل تام.

لكن قبل أي يتم فتح المدينة، توفي السلطان عثمان ليتسلم ابنه أورخان غازي مقاليد الدولة العثمانية، ويتابع ما بدأه والده ليتمكن أخيرا من فتح بورصة بعد أن انسحبت منها الحامية البيزنطية المتبقية التي أدركت أن الدفاع عن المدينة يعد عبثا مع هذا الحصار الخانق

. ليدخل العثمانيون إلى بورصة أخيرا، بعد أن استمر حصارهم لمدة تسع سنوات، كان ذلك عام 1326 بحسب بعض الروايات التاريخية، حيث منح وأهلها البيزنطيين الأمان.

وهناك رواية أخرى تقول بأن السلطان عثمان قد بلغه خبر فتح بورصة وهو في الرمق الأخير من حياته، ليتحقق له حلمه أخيرا.

بعد فتح مدينة بورصة، اتخذ السلطان أورخان تلك المدينة عاصمة لدولته، حيث ظلت كذلك طوال 40 عاما حتى فتح السلطان مراد الأول مدينة إدرنة وأصبحت إدرنة هي العاصمة عام 1366،

حتى كان فتح مدينة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية على يد السلطان محمد الفاتح عام 1453، لتصبح القسطنطينية عاصمة الدولة العثمانية.

كان لفتح بورصة أثر سياسي وإداري وحربي كبير على الدولة العثمانية، فبالسيطرة على مدينة بورصة صار للعثمانيين منفذ على بحر مرمرة الاستراتيجي المحصور بين مضيقي البوسفور و الدردنيل عنقي الزجاجة لخطوط التجارة المارة بالبحر الأسود إلى بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط والواصلين بين آسيا وأوروبا.

كما أن هذا الفتح قد رفع من اسم الدولة العثمانية الجديدة، وجذب نحوها مئات الفرسان الأتراك لينضم إليها في غزو البيزنطيين،

نأمل بأن يكون المحتوى عن تلك الفترة من تاريخ الدولة العثمانية قد نال إعجابكم، ابقوا في امان الله والسلام.

فتح بورصة عاصمة الدولة العثمانية في بدايتها

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top