في تلك المقالة سوف نعرف قصة من قصص واحد من كبار علماء الامة الاسلامية وصاحب أصح كتاب بعد القرآن الكريم وهي قصة الامام البخاري وسيرته من البداية للنهاية، فتابعوا المقالة للنهاية.
من هو الامام البخاري
عن من هو الامام البخاري؟ الامام البخاري هو صاحب أصح كتاب بعد القرآن الكريم وهو كتاب صحيح البخارين ولد يتيم وعاش حياته في طلب العلم، يرتحل من بلد إلى بلد، كان عنده حلم و مشروع كبير أن يجمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ليس أي أحاديث، الأحاديث الصحيحة فقط.
وهو صغير، كان حافظ 70,000 حديث. وألف كتابين واحد فيهم أصبح من أشهر الكتب في تاريخ المسلمين، وكتابه والتاني، وهو الكتاب الأشهر على الإطلاق المعروف بصحيح البخاري جمعه من وسط 600,000 حديث.
نحن سمع كثيرا عن من هو الامام البخاري وصحيح البخاري؟ لكن قليل منا الذي يعرف كيف عاش الإمام البخاري وكيف كانت حياته؟ والمفاجأة الأكبر في مقالة اليوم هي قصة وفاة الإمام البخاري، البخاري الذي اتعرض في آخر حياته إلى محنة كبيرة جدا وشديدة، لدرجة إنه دعي على الله سبحانه وتعالى أن يعجل بموته بسببها.
أمور كثيرة سوف نتكلم عنها في تلك المقالة حول من هو البخاري وما هي قصة الامام البخاري؟
قصة الامام البخاري
متي ولد الامام البخاري وأين؟
يوم الجمعة 13 شوال سنة 194 هجريا بعد صلاة الجمعة مباشرة ولد الطفل محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري في مدينة بخاري، لكن هي نشأ يتيم أبوه يموت وهو صغير، أبوه كان رجل تقي وورع، وكان الأب من تلاميذ الإمام مالك، ولكن لما توفى الأب تولت الأم مسؤولية تربية ابنها التي سوف تقوم معه بدور الأب والأم.
البخاري يظهر عليه النبوغ من وهو ما زال صغير، وأهم مظاهر النبوغ كانت تتمثل في التركيز الحاد والفهم العميق والذاكرة الخارقة.
كيف كانت نشأة البخاري؟
والبخاري بدأ حياته في دراسة علم الحديث، وهو ما زال في الكتاب، ولم يكن أكمل العشر سنين، بعدها بدأ إنه يذهب لعلماء وأئمة بلده لكي يدرس على يدهم ويسمع منهم، وفعلا بدأ يتعلم منهم الكثير.
وفيه موقف يبين لك نبوغ البخاري، كان واصل الي أين، ففي يوم من الأيام كان البخاري يستمع لشيخه، فالشيخ قرأ رواية على تلاميذه، وقال سوفيان عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فقال البخاري لشيخه إن أبا الزبير لم يروي عن إبراهيم، فشيخ عنفه انه كيف تمتلك الجرأة ان تعدل علي شيخك ؟
فرد عليه البخاري وقال له ارجع إلى الأصل وتأكد، فرجع شيخ إلى الأصل فعلا لكي يتأكد من ذلك الكلام، لكن لما رجع لم يقل للبخاري الي ماذا وصل؟ ولكن سأل البخاري وقال له كيف هو يا غلام؟ هو لما وجد كلام البخاري صح فيريد ان يتأكد هو يعرف فعلا أو جاءت معه مصادفة؟
فرد عليه البخاري وقال هو الزبير بن علي، وفعلا كان كلام البخاري صحيح، والأهم إن شيخه لم يشعر بالحرج من ذلك، بل إنه أكد على صحة كلام البخاري، وذلك درس مهم جدا لكل شيخ ومعلم ألا يتعامل بتعالي مع تلاميذه، فممكن جدا يكون فيهم شخص نابغ.
فبدلا من أن ينهره ويهاجمه أو يسخر منه حتى، إنه يشجعه ويدعمه، فممكن جدا يكون في يوم من الأيام أحد العلماء، الذين انت بنفسك تفخر إنك درست له في يوم من الأيام.
وأيضا هو درس مهم جدا لطلبة العلم، إن من الطبيعي ان شيخك أو أستاذك أن يخطئ، لكن وقتها لما تأتي تصحح له تتعامل بأدب ورقي.
البخاري وقتها كان عنده 11 عام فقط، 11 عام وحافظ أسانيد الأحاديث التي درسها بتلك الطريقة، ولما بلغ البخاري 16 عام حفظ كتب بن المبارك أحد كبار جامعي الحديث، وحفظ أيضا كتب وكيع بن الجراح محدث العراق الذي قال عنه الإمام أحمد بن حنبل ما رأيت أحدا أوعى منه ولا أحفظ.
ويحكي البخاري إنه وهو عنده 18 عام، ذهب لشيخه الحميدي وهو أحد الأئمة في الحديث، فوجد البخاري إن الشيخ مختلف مع أحد الأشخاص في حديث معين، لكن الغريب إن لما شاف الحميدي البخاري قال الشخص المختلف معه، جاء من يفصل بيننا، وعرض على البخاري الحديث.
وفعلا قد كان، والبخاري هو الذي فصل في المسألة، تلك القصة حدثت والبخاري صغير في السن يعتبر فهو ما زال 18 عام.
رحلة طلب العلم والحديث الشريف
البخاري بدء رحلاته في طلب العلم بعدما ذهب للحج مع أمه وأخوه، ومن بعد الحج بدأت رحلة البخار الطويلة في طلب العلم، وأقام في مكة، وبعدما طاف على معظم مراكز العلم والحديث في العالم الإسلامي، وكانت وقتها الدولة العباسية دولة كبيرة وقوية ومترامية الأطراف،
فكانت بداية سماع البخار للحديث حوالي سنة 205 هجريا، وبعدما اكتفى من السماع لعلماء بلده قرر البخاري الرحيل عنها إلى مكة، وذلك كان سنة 210 هجريا، ومكة وقتها كانت من أهم المراكز العلمية في العالم الإسلامي، ووجدوا وقت ما يشبع نهمه في للعلم والمعرفة.
وفي الحقيقة، البخاري كان دائم الذهاب للمدينة المنورة من وقت للثاني، وألف بعض مؤلفاته هو في الحرمين الشريفين، لكن البخاري لم يتوقف عند ذلك الحد، ولا اكتفى بمكة والمدينة، بل سافر كثيرا وعرض نفسه للمخاطر والأهوال في سبيل جمع الحديث النبوي، ونشره كمان بين المسلمين.
فقرر يفتح أبواب الارتحال والرحيل من بلد إلى بلد، وتوغل في البحث طلبا للعلم والحديث، فذهب للشام ومصر والجزيرة الفراتية، كل بلد منهم سافر ليها مرتين، وأقام في الحجاز ست سنين كاملين، وذهب الي خراسان، ومدن العراق كلها، وذهب لكل مشايخ الحديث في أي بلد تمكن من الذهاب إليها.
فارتحل إلى بلخ، وتلك أحد المدن الأفغانية حاليا، وذهب لنيسابور في إيران الحالية، بالإضافة طبعا الي البصرة والكوفة والمدينة وواسط ودمشق وعسقلان وحمص، كل تلك المدن ذهب اليها من أجل هدف واحد فقط، وهو طلب العلم وجمع الحديث من مشايخ تلك البلدان.
أما أكتر المدن التي ذهب إليها البخاري كانت الكوفة وبغداد، ومن كثر ان ذهب للكوفة وبغداد هو بنفسه لا يتذكر كم مرة ذهب اليها لإن بغداد بالذات كانت في ذلك الوقت هي عاصمة الخلافة ومحطة رحال العلماء ورحلاته الكثيرة للمراكز المهمة في الخلافة العباسية التي كان فيها كبار المحدثين، أدت نوع كسرة شيوخه.
شيوخ البخاري
فقال البخاري وعبر عن كثرة العلماء الذبين أخذ منهم وقال “كتبت عن 1080 نفس ليس فيها إلا صحاح حديث.” يعني كلهم كانوا محدثين، وأريد ان أقول لك إن عدد مشايخ البخاري اللي كتب عنهم في كتابه الجامع الصحيح بس كانوا 289 شيخ.
وشيوخه كان ليهم أهميات مختلفة، ففي منهم الذي كان له مكانة علمية رفيعة، ومنهم الذي اكتسب أهميته عند البخاري بسبب علو سنده، ومنهم الذي اكتسب مكانة كبيرة عنده بسبب تأثيره الكبير في البخاري، ومنهم الذي جمع بين أكتر من ميزة من تلك المميزات.
وكان من أكتر شيوخ الذين تأثر بهم البخاري، كان علي بن المديني، وذلك الذي قاله شمس الدين الذهبي، لدرجة إن البخاري قال فيه “ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.”
والذي سمع من البخاري وتعلم على يده كثير للغاية، وصلوا لحوالي 70,000 شخص، وذلك رقم كبير للغاية في ذلك الوقت بالمناسبة، ومنهم من تخيل؟
الإمام مسلم والإمام الترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازي وغيرهم كثير من أئمة وأعلام المسلمين.
شغف البخاري بالقرآن الكريم
والبخاري لم يكن مهتم فقط بعلم الحديث، بل إنه كان محب جدا للقرآن الكريم، الشيء الذي حعل عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي، وهو من حفاظ الحديث، يقول عن البخاري “إذا قرأ محمد بن إسماعيل القرآن شغل قلبه وبصره، وسمعه، وتفكر في أمثاله.”
لكن بناء على كل ذلك سوف تظهر عندك الصورة النمطية للمشايخ والعلماء الذين كانوا منكبين على العلم مهتمين فقط بالقرآن والحديث والفقه، إلى آخره من العلوم الشرعية.
لكن في واقع الأمر إن الإمام البخاري كان عنده مواهب وهوايات أخري، منها على سبيل المثال شغفه برمي السهام اللي كان مجيد له جدا، وشهد له أصحابه بإنهم لم يروا البخاري، يخطئ في رمي السهم مرتين على بعض.
بل إنه كان يصيب أهدافه بشكل دائم، والبخاري ليس فقط محدث وعالم، بل إنه كمان كان تاجر شاطر وأمين، وكان يملك أرض زراعية يأجرها ب700 درهم، 500 منها ينفقها في طلب العلم.
أشهر مؤلفات البخاري
التاريخ الكبير
الان علينا الحديث عن أشهر مؤلفات البخاري، البخاري بدأ في التأليف في وقت مبكر جدا من حياته، ويعتبر أول كتاب صنفه، كان كتاب قضايا الصحابة والتابعين، وبعد ذلك كتابه الشهير في التاريخ، وهو التاريخ الكبير، وذلك كتبه وهو في المدينة المنورة، وقتها كان عمره حوالي 18 سنة فقط،
ومن قوة الكتاب نفسه إسحاق بن راهويه أخد كتاب التاريخ اللي صنفه البخاري، وأدخله على شخص اسمه عبد الله بن طاهر أمير إقليم خراسان، قال له “يا أيها الأمير، آلا أريك سحرا.” فنظر فيه الأمير عبد الله، فتعجب منه للغاية، ومن ذلك الكتاب،
وقال ولست أفهم تصنيفه، فهو أحد أهم كتب البخاري، ولكنه لم يشترط فيه الصحة، ولا دقة الروايات المذكورة فيه، على عكس صحيح البخاري الذي اشترط فيه صحة كل الروايات التي فيه.
لذلك لما يقول لك أحد قال البخاري من المفترض أن تسأله في أي كتاب؟ في صحيح البخاري أو في التاريخ ولا في أي كتاب من كتب البخاري؟
لان هناك أشخاص تقوم ببيع الاوهام وتزييف الحقائق وتقول لك تلك رواية غير صحيحة، وموجودة عند البخاري من غير ان يبين إنها موجودة في تاريخ البخاري الذي لم يفترض فيه الصحة أصلا، وغير موجودة في صحيح البخاري.
صحيح البخاري ( الجامع الصحيح)
وذلك الذي سوف ينقلنا عن أشهر أعمال البخاري وهو كتابه الجامع الصحيح المشهور بكتاب صحيح البخاري وهو كتاب في الحديث جمع فيخ البخاري بعض ما صح عنه من أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم من وسط 600 الف حديث، وذلك الكتاب له مكانة كبيرة جدا عند جميع علماء الامة الإسلامية
في مختلف العصور، وتلك المكانة لم يأخذها كتاب آخر في التاريخ بعد القرآن الكريم، حتي قال عنه الكثير من العلماء انه صح كتاب بعد كتاب الله القرآن الكريم، لأنه البخاري صنف ما صح عنه من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وسنته وأيامه ورتبها حسب موضوعاتها،
وكان حريص كل الحرص عند ذكر كل حديث وخبر أن يذكره بسنده الصحيح، وفي أمور كثيرة جدا غير شاشعة عن صحيح البخاري، الناس لا تعرفه عنها يمكنك الاطلاع عليها من هنا.
وطبعا البخاري له العديد من المؤلفات، لكن كتابي تاريخ البخاري، وصحيح البخاري هم أشهرهم وأقواهم.
مكانة البخاري عند العلماء
ومثلما كان صحيح البخاري له مكانة كبيرة عند العلماء، كان البخاري نفسه له مكانته أكبر بين العلماء، سواء في عصره أو عند كل من جاء بعده، واجعلني قبل ان أقول لك بعض من أقوال العلماء فيه، اجعلني أحكي لك موقف قوي جدا يبين لك واقع تلك المكانة عند معاصريه قبل لاحقيه.
أتي بعد من أصحاب أحد الأئمة، وكان معاصر للبخاري اسمه عمرو بن علي، ذكروا حديث معين للبخاري، فالبخاري رد عليهم وقال لا أعرفه، ففرحوا إنهم بذلك عرفوا يوقعوا البخاري، فذهبوا الي صاحبهم عمرو بن علي، وقالوا له على ما حديث، وهنا بقى كانت المفاجأة،
رد عليهم عمرو بن علي، وقال حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل، ليس بحديث، يعني الحديث الذي لا يعرفه البخاري، من المستحيل يكون حديث أصلا.
والإمام أحمد بن حنبل قال عن البخاري “ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.”
وقال محمد بن أبي حاتم “سمعت محمود بن النضر يقول دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة، ورأيت علماءها كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.”
وهو نفسه في رواية ثانية يقول “سمعت أكثر من 30 عالما من علماء مصر يقولون حاجتنا من الدنيا النظر في تاريخ محمد بن إسماعيل.”
والإمام مسلم بن الحجاج صاحب صحيح مسلم، قال للبخاري في أحد المرات “دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله.”
وقال له في مرة ثانية “لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك.”
وأريد ان أقول لك إن كمية الأقوال في ثناء العلماء الكبار على الإمام البخاري كثيرة جدا، أكبر من أن يتم حصرها في مقالة، أنا فقط حاولت إن أبين لك جانب من قدر البخاري عند العلماء، وأتمنى أن أكون وفقت في ذلك.
فتنة خلق القرآن الكريم
الان سوف ننتقل الي أصعب مرحلة في حياة الإمام البخاري رحمة الله عليه، وهي فتنة خلق القرآن، الفتنة التي طالت كثير من العلماء الفتنة التي زلزلت الأمة، بعدما أثار المعتزلة الفتنة حول أن القرآن مخلوق وليس كلام الله.
وتلك المسألة لاقت رواج كبير وتأييد من الخليفة المأمون والمعتصم من بعده، وكان من نصيب الإمام أحمد بن حنبل أن يتصدى لها، وضرب وعذب بسببها، ولكن ان يشاء الله سبحانه وتعالى أن تنتهي تلك الفتنة، لكن توابعها لم تنتهي.
الإمام البخاري مثلما قلنا كان له مكانة كبيرة جدا بين الناس عموما والعلماء خصوصا، وذلك جعل بعض الناس في ذلك الوقت تحسده وتحقد عليه، وذلك الحسد بالذات ظهر وبشدة من بعض المشايخ وأهل العلم عليه، وكان سبب في محنة كبيرة وشديدة تعرض لها البخاري في أواخر حياته،
لدرجة إنه دعي على الله سبحانه وتعالى أن يعجل بموته، وسبحان الله تقريبا معظم العلماء والأئمة تعرضوا لفتن ومحن شديدة جدا في حياتهم، لكنهم صبروا واحتسبوا، والإمام البخاري نفسه قال “لا يسلم عالم متقدم على أقرانه. من ثلاث أمور، طعن الجهلاء، وملامة الأصدقاء، وحسد العلماء.”
فيا ترى ما الذي حدث للإمام لبخاري؟
كان الإمام البخاري لما يدخل أي بلد أهلها يستقبلوه أحسن استقبال ويحتفوا به جدا و يحضر مجلسه آلاف آلاف من الناس لكي يتعلموا منه ويستفيدوا من علمه،
وفي مرة دخل فيها مدينة نيسابور، بعض الناس هناك دبروا له مكيدة لكي يوقعوه في ورطة، فحصل إنه في أحد المجالس قام رجل في ذلك المجلس، وسأل الإمام البخاري وقال له “يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن؟ هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟ ”
والحقيقة السؤال يبان بسيط إلا إنه ثعباني بعض الشيء، لما سمع الإمام البخاري السؤال سكت ولم يكن يريد ان يرد، لإنه فاهم إن الشخص ذلك قاصد يوقعه في مشكلة، لكن الشخص أصر وألح في السؤال وسأل البخاري ثلاث مرات،
فتكلم الإمام البخاري وقال “القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، وسؤالك هذا بدعة” فالرجل آثار الشغب، ورفع صوته في المجلس وعمل حاجة خطيرة جدا، وهي إنه غير في كلام البخاري، وانتشر للأسف ذلك الكلام ما بين الناس،
ووصل ذلك الكلام إلى أحد أهم أئمة وعلماء نيسابور وهو الإمام محمد بن يحيى الذهلي، ولما عرف الكلام الذي يقال على البخاري، قال نصا ذلك “لا يساكني هذا الرجل في البلد، وكان مطاع في المدينة بشكل كبير، لذلك كده قرر الإمام البخاري إنه يترك البلد ويسافر لكي لا يكون سبب في حدوث فتنة فيها، و قبل ان يسافر قال وأفوض أمري إلى الله.
المشكلة إن ذلك الموضوع لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن محمد بن يحيى واصل حملة شرسة جدا على البخاري، وظل يكتب لعلماء المدن وأمرائها في سائر الأمصار والمدن بخراسان وغيرها لكي يحذرهم من البخاري.
ومن هنا بدأ الشك يدخل في صدور الناس، تحو البخاري مع ان الكلام كان كاذب علي البخاري ولم يقله البخاري، والبخاري مازال يؤكد في كل مكان، إنه لم يكن إن لفظه بالقرآن مخلوق، لدرجة إن سأله الحافظ أبو عمرو الخفاق عن تلك المسألة بالتحديد بشكل مباشر،
فرد عليه البخاري وقال له “يا أبو عمرو، احفظ عني من زعم من أهل نيسابور أني قلت، لفظي في القرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة.”
وصول الامام البخاري الي بخاري
ورحل بعدها الإمام البخاري إلى بخاري، ولما وصل هناك استقبله الناس استقبال حافل جدا من أهل المدينة، ونصبت فيها القباب لمسافة 3 أميال، واستقبله الأهالي، ونصروا عليه الدراهم والدنانير، وبعدها اتجه للإمام للمسجد عشان يحدث الناس،
فطلب منه أمير بخاري خالد بن أحمد إنه يأتي إلى منزله لكي يقرأ على أولاده كتبه، ولكن الإمام البخاري رفض طلب الأمير وقال “أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى الأبواب، ولو تريد ان تطلب العلم احضر إلى مسجدي أو تعالى في داري.
فكان رد الأمير عليه إنه أسار ضد البخاري المشاكل، وقلب بالناس عليه، وانتهى الأمر، إنه نفاه عن المدينة، فاضطر البخاري إنه يخرج من بخاري.
كيف مات الامام البخاري
عن وفاة الامام البخاري و كيف مات الامام البخاري؟ ، ذلك ما سوف نعرفه في تلك الفقرة
وصلت الامام البخاري في ذلك الوقت لما خرج رسالة من أهل سمرقند يطلبوا فيه منه إن هو يأتي إلى بلدهم، وفعلا اتجه إليهم،
ولما قرب على سمرقند ووصل لأحد القرى بالقرب منها، أتت إليه الأخبار بإنه وقع ما بين أهل سمرقند فتنة بسببه، فجلس البخاري في القرية القريبة من سمرقند فترة، عند جماعة من أقاربه هناك الي ان تهدأ تلك الفتنة.
لكن في أحد الليالي شعر الامام البخاري بالضجر والضيق الشديد بسبب كل ما يحدث له، فدعي الله بعض صلاته لقيام الليل وقال “اللهم قد ضاقت علي الأرض، فاقبضني إليك”
وفعلا في خلال نفس الشهر مرض الإمام البخاري، وفي يوم وصله رسول من سمر قلب يطلب منه يخرج إليهم، وفعلا قام الإمام البخاري ولبس عمامته، ولما خرج للركوب مشى تقريبا 20 خطوة فقط نحود دابته شعر بعدها بالإعياء الشديد لدرجة إنه لم يقدر ان يكمل وجلس لم يقوم ان يقوم0
وظل يسيل منه العرق بشكل غريب جدا، وظل يردد بعض الدعاء، وأثناء ذلك جلس يدعو الله سبحانه وتعالى وظل على تلك الحالة إلى أن توفاه الله ومات الامام البخاري، وذلك كان يوم السبت قرب صلاة العشا في ليلة عيد الفطر، ودفن الامام البخاري بعد صلاة الظهر، في اليوم التالي ليتوفاه الله سنة 256 هجريا عن عمر 62 سنة، بطريقة لم يكن أحد يتخيل إن ممكن تكون تلك هي نهاية إمام الأئمة البخاري رحمة الله عليه.
الخاتمة
والخلاصة، إن المحن والامتحانات في الدنيا هي أمر حتمي لم يسلم منها حتى كبار أهل العلم والعلماء، لإن الدنيا في النهاية هي دار ابتلاء واختبار، وليس علينا فيها إلا السعي، ثم السعي، وليس شرط أبدا إن أثر سعيك تراه في الدنيا، ممكن الناس تعرف قيمته بعدما تموت. أو لا يعرف أصلا.
لكن الله سبحانه وتعالى يدخل لك الأجر كله في الآخرة.
سيرة الإمام البخاري حقيقة مليئة بالعبر، أنا حاولت على قد ما أقدر إني أوجز فيها، لكن في كلام كثير جدا لم نتكلم عنه عنه، مثل أهم كتاب للبخاري وهو صحيح البخاري ومثل جزئية كيف كان البخاري حافظ آلاف الآلاف من الأحاديث، وما الذي جعله يؤلف صحيح البخاري.
وفي النهاية ندعو الله سبحانه وتعالى بالرحمة للإمام البخاري وجميع أئمة المسلمين.
المصادر والمراجع لمزيد من الاطلاع
- أبي جعفر محمد بن أبي حاتم – شمائل البخاري
- شمس الدين الذهبي – سير أعلام النبلاء
- شمس الدين الذهبي – تاريخ الإسلام
- الخطيب البغدادي – تاريخ بغداد
- ابن عساكر – تاريخ دمشق
- يحيي بن شرف النووي – تهذيب الأسماء واللغات
- ابن حجر العسقلاني – لسان الميزان
- شمس الدين الداوودي – طبقات المفسرين
- تقي الدين الندوي المظاهري – الإمام البخاري
- ابن ناصر الدمشقي – تحفة الأخباري بترجمة البخاري
- محمد علي الصابوني – البخاري علم من أعلام الاسلام
- محمد سلام مدكور – البخاري (كاتب وكتاب)
- محمد رستم – الموازنة والترجيح بين رواة الجامع الصحيح
- محمد المغربي – منهج الإمام البخاري
- محمد البابك – البخاري مؤرخا ناقدا ومحدثا فقيها من خلال مؤلفاته
- متعب الخمشي – منهج الإمام البخاري
- متعب الخمشي – عادات الإمام البخاري في صحيحه دراسة منهجية
- عودة القيسي – التجني على الامام البخاري صاحب الصحيح
- سعد خميس – دفاع عن الحديث الصحيح؛ من هو البخاري؟
- جبران سحاري – عبقرية الإمام البخاري في صحيحه
- أمينة السيد حامد – الإمام البخاری ومنهجه فی صحیحه
- أبو بكر كافي – منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها
- السيد أبو المعاطي النوري – موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله
- المرصفي – هداية القاري إلى تجويد كلام الباري