من هو تشارلز ديكنز
لماذا دائما كلمه الادب مرتبطة في اذهان الجميع باسم تشارلز ديكنز سواء كانوا كبار او صغار لماذا رواياته كانت مقرره علينا في المدارس من الابتدائي للثانوي واحيانا حتى في الجامعة لماذا الاديب هذا تحديدا رغم ان في أدباء كتير تركوا بصمه عند القراء
الإجابة باختصار هي انك مهما كنت لست مهتم بالقراءة الا انك اكيد سمعت اسم رواية اوليفر تويست يتردد قصادك او قريت بالصدفة سطور من رواية ترنيمه عيد الميلاد او شاهدت على فيلم اجنبي مأخوذ عن رواية مغامرات نيكولاس نيكلبي او المنزل الكئيب او ديفيد كوبر فيلد
لكن لكي تعرف هو لماذا كان ظاهره ادبيه في العصر الفيكتوري وتفهم لماذا الغرب يصنفه حتى الان بانه أبو الادباء وحتى قبل دوستوفيسكي وتولستوي وغيرهم يجب تري معاناته لكي تفهم سر التحول من طفل فقير لا يختلف شيء عن بطل رواياته اوليفر تويست لاهم اديب في العالم
و تري صراعه طبقات في بريطانيا وخطورة الثورة الصناعية على الحياه الثقافية والأدبية وكيف الثورة هذه استطاعت ان تنتج لون من الادباء على راسهم تشارلز ديكنز
الاديب تشارلز ديكنز هو اديب اللي كان واضع الدفاع الأول امام ادباء روسيا اللي تأثروا بالمادية فأصبحت اغلب كتاباته تتكلم عن عيد الميلاد والكريسماس اسمه بالكامل هو تشارلز جون هوفام ديكنز اتولد في فبراير سنه 1812 قريب من ميناء بورسموس بمقاطعه هامشاير لأسره فقيره مكونه من اب وام وثمن أطفال وتشارلز كان هو الابن الثاني في الأسرة
قصة تشارلز ديكنز أديب الفقراء
في الوقت هذا والده كان موظف بسيط في شركه بحريه وكان مسؤول عن تسليم رواتب العمال في الميناء بانتظام وللأسف اجروا كان قليل جدا لا يكفي لاحتياجات يومه مثل كثير من البريطانيين وقتها
فاضطر بطبيعة الحال للاستدانة لكي يكفي بيته واسرته لدرجه ان ابوه في النهاية دخل السجن بسبب الديون ولكن في نفس الوقت الاب كان حريص على ان ابنه يدخل المدرسة لكي عندما يكبر يكون موظف مرموقو لا يصبح فقير مثله
وبالفعل دخل تشارلز المدرسة المخصصة للعائلات الفقيرة وقضى وقتها معظم وقته يعمل حاجتين الأولى هو انه يقرا ويكتب باستمرار لكي ينمي عقله والثانية هي التجول في الشوارع بريطانيا لوحده لكي يشبع عينيه بأحوال الفقراء ويفهم اكثر عن معاناتهم
تشارلز كان مهتم بجميع اشكال الادب سواء الروايات الإنجليزية التي تنتمي للعصر الفيكتوري او حتى الروايات الروسية والفرنسية اللي تحكي عن معاناه الفقراء عكس السائد في عصر النهضة على يد ويليام سبير وغيره من الادباء
بالإضافة لحرصه على قراءه الاشعار والنثر والقصص القصيرة واي عمل ادبي يكون تحت يديه وفي أوقات فراغ كان يتجول في شوارع مدينه الضباب لندن لكي يسمع ويتكلم مع الفقراء والمطحونين مثل بطل شخصيه رواية اوليفر تويست كان يعمل بالضبط
الديون تراكمت علي والده جون فاضطر الديانة انهم يحبسوه ووقتها رجعت مراته اليزابيث مع اطفالها السابعة لهام شير مره ثانيه واضطرت للأسف انها تخرج تشارلز ديكنز من المدرسة لان لم يكن معهم مال تعليمه بالإضافة الى انها كانت تريد ان يعمل لكي يستطع ان يصرف علي الأسرة
تشارلز ديكنز اشتغل وهو يملك 12 سنه وكان يعمل كعامل مكلف بلزق الملصقات على علب الأحذية مقابل ست شلنات كل أسبوع والمبلغ هذا كان قليل جدا خاصه انه كان يعمل لساعات طويله تمتد أحيانا ل 16 ساعه الا انه تحمل لخاطر امه واخواته
وبالرغم من ان طفولته فتره المراهقة أتسرقوا منه ولكن ظل مداوم على القراءة والكتابة وبالأخص الادب العربي وحكايات الف ليله وليله اللي نامت خياله بشكل ملحوظ بريطانيا وقتها كانت في عز قوتها وامتداد إمبراطورتيها اللي وصلت مساحتها تقريبا لربع الكره الأرضية
والسبب وراء القوه والسيطرة هذه هي الثورة الصناعية اللي قسمت البلاد والشعب لنصين الأول هم الأغنياء أصحاب الشركات والموانئ والمصانع او حتى الاقطاعيين أصحاب الأراضي الزراعية الكبيرة والنص الثاني هم العمال والموظفين والفلاحين اللي يعملوا بشكل غير عادل بساعات طويله تصل أحيانا ب 20 ساعه متواصلة مقابل ملاليم بسيطة
تشارلز ديكنز كان ملاحظ وفهم ان الاله عندما دخلت على الإنتاج وبدأت الثورة الصناعية أتخلقت معها طبقات جديده من الشعب وهي الطبقات الفقيرة او الطبقات الدنيا المكونة من العمال والفلاحين اللي يعيشوا حياتهم في بؤس وشقاء
ولكن في نفس الوقت لاحظ ظهور طبقه جديده بسبب الثورة الصناعية والطبقة هذه لم تكن موجوده وهي طبقه الموظفين او بمعنى اصح وقتها كانت هي طبقه المثقفين
الادب في عصر النهضة اللي امتد من القرن الرابع عشر والحد القرن السادس عشر كان حكر على الاسترياء فقط لأنه كان يعتبر نوع من أنواع الرفاهية وهذا لان الخادم اللي يعمل عند سيده او الفلاح الفقير اللي يعمل في الأرض سيكون غير قادر على دخول المسرح او شراء رواية ورقيه
وبالتالي كانت الاعمال كلها موجهه للأثرياء وليس من المنطقي ان بطل الرواية يكون فقير او معدم لان الامراء والاغنياء ليسوا مهتمين انهم يتعرفوا على حياه الطبقة هذه اللي مكونه من خدامهم وعابدهم
لكن مع ظهور الثورة الصناعية في العصر الفيكتوري ظهرت طبقه جديده غير الخدام والعبيد والفلاحين وهي طبقه الموظفين المتعلمين اللي يديروا المصانع وماسكين الحسابات او حتى يضعوا خطط لزياده الإنتاج وغيرها كثير من الوظائف اللي تحتاج لناس دارسه ومتعلمه
وبالرغم من ان الرواتب الموظفين كانت قليله جدا مقارنه بثروات الأغنياء ودخلهم المتزايد الا انها كانت عالية الى حد كبير مقارنه بأجور العمال والفلاحين وتشارلز ديكنز كان مدرك لا هميه الطبقة هذه لأنها طبقه متوسطة وهي عماد المجتمعات في أي دوله لانهم يمتلكوا القدرة على القراءة يشتروا الجرائد والصحف والمجلات
وفي نفس الوقت هم ليسوا محسوبين على الفقراء ولا الأغنياء فبالتأكيد سيكونون يريدون معرفة تفاصيل اكثر عن الطبقتين الثانيين حابين يروا باستمرار معاناه الفقراء في الاعمال الأدبية لكي يشعروا بانهم في نعمه وأيضا حابين يروا الأغنية من خلال ابطال الرواية لكي يفهموهم اكثر
أهم اعمال وكتابات تشارلز ديكنز
ومن هنا اتولد نوع جديد من الادب او حقبه جديده بعنوان الادب الفيكتوري تيمنا باسم الملكة ألكسندرا فيكتوريا اللي حكمت بريطانيا العظمى وقتها لأكثر من 63 سنه وهي رائده الثورة الصناعية فيها واللي صنعت مجد المملكة المتحدة بعد ضم الهند وايرلندا لأرضها
وعلى اسمها اتسمت حقبه جديده من التاريخ وهي العصر الفيكتوري اللي اتنقل بعدها لبلدان كثير أهمها فرنسا اللي انجبت منافس للأديب تشارلز ديكنز وهو الاديب الفرنسي فيكتور هوجو صاحب الرواية الخالدة البؤساء المترجمة لعده لغات واللي اتطبع منها عشرات الملايين من النسخ
هذا غير رواد الادب اللي تناولوا حياه الفقراء والتعساء في روسيا مثل نيقولاي غوغول والكسندر بوشكين الا ان السمه الغالبة للحياة الأدبية وقتها ان معظم الكتاب والادباء كانوا ينتهوا الأول من كتابه رواياتهم وبعدها ينشروها على هيئه كتب مطبوعة
فظهرت هنا عبقريه تشارلز ديكنز عندما تمرد وخرج عن النمط التقليدي هذا تشارلز ديكنز وقتها كان يعمل الى جانب شغله كمراسل صحفي في جريدة مغمورة والحقيقة ان راتبه وقتها كان ضعيف بشكل رهيب ولو كان ظل عامل في أي مصنع كان سيقبض اكثر
لان توزيع الجرائد وقتها كان ضعيف جدا ولكن هو قرر انه يراهن عليها وعلى وظيفته الجديدة ووفقا لشهاده كل زملائه وبعدها فهو كان شعله نشاط حتي سمحوا له بالكتابة في الجريدة مع بداية العشرينات من عمره ووقتها قرر انه يقدم لون جديد من ناحيتين
الناحية الأولى هو انه يقدم رواية على هيئه فصول وكل فصل يتم نشره كل أسبوع او شهر والناحية الثانية هو انه يدمج الخيال او الفانتازيا بالواقع لكن في نفس الوقت يكون الهدف الأساسي من العمل هو تسليط الضوء على مدى التباين من حياه الفقراء التعساء وبين حياه اثرياء المجتمع
بالإضافة الى قدرته على دمج الخيال بالواقع مثل في روايته ترنيمه عيد الميلاد اللي يظهر فيها الجن وكائنات خياليه الى جانب الشخصيتين المتناقضتين في الرواية وهي شخصيه الغني البخيل وشخصيه الموظف الفقير الطيب
وبالرغم من انتقاده دائما لرجال الدين في الكنائس من خلال اعماله الأدبية مثل اوليفر تويست وموسيقي الجاز ومعركه الحياه ومتجر الفضول القديم الا انه كان محبوب عند مختلف طبقات الشعب
لأنه يهاجم رجال الدين وقوانينهم ولكن مش يهاجم الدين نفسه بالعكس كان يوضح دائما من خلال اعماله ان الدين المسيحي يدعو للسماحة والمحبة ويشجع القراء على الالتزام والتدين والمداومة على زياره الكنائس واتباع الفضيلة
ووفقا لشهاده الكاتب والمؤرخ الأمريكي ستيفن جاى البروفيسور في جامعه هارفرد في كتابه مختارات في الادب الإنجليزي فالنوع هذا من الكتابة كان مطلوب بقوه وقتها الكتابة اللي بتأكد اهميه الدين وبتشجع على الالتزام بالمسيحية واتباع الفضيلة ايمانا بوجود يسوع
ليس اتباع الفضيلة لذاتها مثلما الادباء الروس بدأوا يعملوا وهذا لان فلاسفة كثير مثل فايله فيجل وفريد توتشا وكارمارتس وديفيد هيوم فايل هالمي بدأوا يطرحوا أفكار جديده تهدم الدين أتعرفت باسم المادية الجدلية
وكثير من ادباء روسيا تبنوها فعمالهم وبدأوا يناقشوا أفكار فلسفيه مثيره للجدل وتدعو للشك في وجود الخالق سبحانه وتعالى من خلال شخصيات رواياتهم ومنها أفكار متعلقة بنشاه الكون وحقيقه الخالق والسبب الحقيقي معاناة البشر
لهذا السبب كثير من الناس حبوا مؤلفات تشارلز ديكنز خاصه انه كان ينشرها في الاغلب على هيئه فصول اسبوعيه او شهريه وهذه كانت وسيله فعاله لتربيه علاقه وثيقه بين القارئ والكاتب
لان العمل الادبي كان يتنشر بعد سنتين في الجرائد حتي انتهائه خاصه ان ديكنز كان في كثير من الأوقات يعالج الحبكة في رواياته من خلال الاستماع الى اراء القراء لا يوجد شك ان تشارلز ديكنز بنى شهرته بشكل مفاجئ في بداية حياته من خلال اول رواية له بعنوان أوراق نادي بيكويك
اللي تم نشرها على مدار 20 شهر وهو عمره 24 سنه فقط واتباع منها 400 نسخه وبأجماع النقاد اللي عابوا عليه وانتقدوه لبساطه اسلوبها توسطت بعدها في النهاية بانها ظاهره في الحياه الأدبية وقتها
لدرجه ان منهم اللي قال ان الساحة الأدبية لا تسع عمل ترفيهي بقوه رواية أوراق نادي بيكويك وهذا يدل على مدى انتشارها بعدما تم عرضها على عده مسارح وتم طباعه عشرات الملايين من النسخ منها
لا يوجد شك انها كانت السبب الرئيسي وراء صناعه اسم في الساحة الأدبية بحجم ديكنز الا ان اجتهاده واخلاصه لمهنته هو اللي جعله يستمر في تقديم اعمال عظيمه في الذاكرة حتي الان لأنها كانت صادقه ولا يوجد بها استجداء او اذلال لسلطه او رجال الدين
بل كانت موجهه لقراء من الطبقة المتوسطة اللي حرسوا على تعليم أبنائهم لكي يكونوا مثقفين ينهضوا ببريطانيا اكثر ويحاولوا يعالجوا الازمه اللي خلفتها الثورة الصناعية الازمه اللي خلقت فجوه كبيره بين طبقتين لا يروا بعض
فاستجابت الأجيال اللي بعدها لأفكار تشارلز ديكنز وسمحوا للأثرياء بجمع المال ولكن من غير ما يضر الطبقة الفقيرة او اهمال احتياجاتها الأساسية من ماكل وملبس ومسكن لكي نموذج الطفل المعذب اوليفر تويست
يختفي من الوجود الطفل المقهور اللي كان يتذلل من اجل قطعه خبز زياده في وجبه الغداء في حين ان الناس ثانيه يهدروا الاكل من كثر الفلوس اللي معهم
وبذلك فقد عرفنا قصة تشارلز ديكنز أديب الفقراء وأهم اعماله ولمعرفة المزيد حول قصص الادباء يمكنك الاطلاع عليها من هنا