عن قصة مدينة عبار المفقودة في صحراء الربع الخالي، أكبر صحراء في العالم، تشكل الغموض الأكبر في التاريخ، في الأمس البعيد، كانت جنة خضراء تضج بالحياة، أما اليوم أرض قاحلة حدث ضخم، أباد مدينة وغير مصير، قوم فاحشي الثراء، وأثار اكتشفت اليوم نسفت كل التحاليل القديمة، وأعادت فتح ملف هذه المدينة الضائعة صحراء الربع الخالي ومدينة عبار المدفونة.
ما رأيكم إن قلنا لكم أن صحراء الربع الخالي التي تعرفونها اليوم، كانت فيما مضى جنة خضراء تضج بالحياة، ومليئة بالمسطحات المائية؟ لم تصدقوا هذه المسألة، أليس كذلك؟ حسنا، ما سنكشفه في هذه المقالة سوف يترككم في ذهول مطلق، فالصحراء الرملية الأكبر في العالم،
تخفي اللغز الأكثر غموضا في التاريخ، فما هي قصة مدينة عبار المفقودة في صحراء الربع الخالي تحت رمال هذه الصحراء الحارقة التي يتهامس عنها سكان المنطقة؟ وما حقيقة البقايا العظمية التي تم العثور عليها؟
ما هي صحراء الربع الخالي وأين تقع
بداية دعوني أخبركم القليلة عن صحراء الربع الخالي، تقع صحراء الربع الخالي الأشهر في العالم العربي في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، وتغطي مساحة تصل إلى 600,000 كم2، تتقاسم أربع دول رقعة هذه الصحراء المترامية الأطراف،
أولها المملكة العربية السعودية، التي يقع القسم الأكبر من صحراء الربع الخالي داخل حدودها، وهناك أيضا دولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان واليمن.
لماذا سميت صحراء الربع الخالي بهذا الاسم؟ يرجع السبب في ذلك إلى عاملين:
- الأول المساحة التي تحتلها الصحراء بالنسبة لشبه الجزيرة العربية.
- أما العامل الثاني فهو خلوها من الحياة البشرية بالكامل، نظرا لظروفها المناخية القاسية، فقد تتجاوز درجة الحرارة صيفا ال50 درجة مئوية، وقد تهبط إلى تحت الصفر في الشتاء.
لذلك فالحياة الوحيدة التي تشهدها الصحراء هي حركة الكثبان الرملية الدائمة، والصوت الوحيد الذي يكسر جدار الصمت والسكون هو صوت العواصف الرملية العاتية، مخيف حسنا، إلى صلب الموضوع..
يقال إن صحراء الربع الخالي. شهدت حدثا ضخما قديما حولها من جنة خضراء إلى أرض قاحلة، لا حياة فيها، وتسبب في هجرة القبائل القاطنة فيها، والدليل طبقات جيرية بيضاء تم اكتشافها بين كثبان ورمال الصحراء، والتي تشير إلى أن هذه الأماكن، كانت مسطحات مائية فيما مضى.
تريدون دليلا آخر؟ حسنا، تم العثور على بقايا عظمية تعود للحيوانات، وليس أي حيوان، بل حيوان فرس النهر بالتحديد، فكيف لهذا الحيوان أن يعيش في صحراء قاحلة؟ مستحيل.
هناك جواب واحد لا غير لهذا السؤال، وجواب يؤكد النظرية التي قلناها سابقا، وهي أن أرض العرب كانت مروجا خضراء، وبحيرات، ومكانا يضج بالحياة خلال العصور القديمة، وغنى هذه المنطقة بالنفط دليل واضح على هذه النظرية، ما يأخذنا إلى الجزء الأهم. مدينة عبار الضائعة.
ولكن قبل التطرق إلى هذا اللغز سمعنا كثيرا عن اللقب الأبرز الذي أطلق على صحراء الربع الخالي، وهو علامة نهاية الزمان، فما سبب ربط هذه الصحراء بنهاية الكون؟ وما الدليل على ذلك؟
يستند العلماء والباحثون إلى حديث للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ الهَرجُ وحتَّى تعودَ أرضُ العرَبِ مُروجًا وأنهارًا)
لذلك يفترض العلماء أن صحراء الربع الخالي ستعود أرضا خضراء، لاسيما وأن الأرض تمر بدورات مناخية متقلبة، والأمر صحيح، فجميعنا يدرك التحول المناخي الذي يشهده كوكب الأرض في الوقت الحالي، وذوبان الجليد في القطب المتجمد.
قصة مدينة عبار المفقودة في صحراء الربع الخالي
الآن، ما هي أسطورة قصة مدينة عبار المفقودة في صحراء الربع الخالي التي يتداولها أهالي القبائل القاطنين على أطراف الصحراء؟ يقال أنها مدينة عظيمة ذات جبروت لا يضاهى، أطلقوا عليها لقب أسطورة الرمال عبار، فهل هي حقا موجودة تحت رمال الصحراء؟ أم أنها مجرد أسطورة يتناقلها الأهالي؟
ظلت أرجاء الصحراء لغزا لسنوات طويلة، لاسيما وأن قلة يتجرؤون على استكشافها بسبب ظروفها التي تدل إلى مصير واحد الموت.
ولكن في العام 1932، قرر الإنجليزي برترام توماس أن يكتشفها ويتجول في أرجائها، فسمع حينها من البدو القصص والأساطير التي تشير إلى وجود مملكة شهيرة في تلك المنطقة، ولكنه لم يصدق هذه الأقاويل واعتبرها مجرد خرافة.
ولكن كان للرحالة جون فيلبي رأي آخر، رأي مؤيد لهذه الأسطورة، لماذا؟
يقال أن فيلبي عميل مخابرات بريطاني، وأنه قد وجد في أرشيف المحفل البريطاني وثائق تثبت وجود مدينة ضائعة في صحراء الربع الخالي تدعى مدينة عبار مدينة الكنوز والأسرار، الأمر الذي قد يكون صحيحا، إلا أن المؤكد هو أن فيلبي قد وجد بقايا عظام حيوانات تثبت أن هذه المنطقة كانت جنة خضراء تكثر فيها المسطحات المائية.
أسطورة مدينة عبار تأخذنا إلى حضارة قوم عاد الذين كانوا متمركزين في صحراء الربع الخالي كانوا فاحشي الثراء ويتحكمون بتجارة العلك العربية، ويعملون على تصديرها إلى بلاد الشام وشمال افريقيا عبر قوافل تجارية تسلك طرقا محددة، سنتحدث عنها أيضا، وعن دورها في كشف اللغز.
كان لقوم عاد مدنا كبيرة أشهرها مدينة إرم ذات العماد التي كانت تحتوي ألف عمود، والتي اختفت أيضا عن وجه الأرض، ولم يبقى منها سوى القصص والأساطير التي يتناقلها السكان عبر الأجيال.
اللافت ان الكثيرين يخلطون بينها وبين مدينة عبار، هل تظنون أن موطن قوم عاد هو مدينة عبار المفقودة هناك؟
اكتشاف المسار التجاري الذي كانت تتبعه القوافل أنذاك، لم يكن بالمهمة السهلة على الإطلاق، ولكن مع التقدم العلمي تمكن العلماء بواسطة الأقمار الصناعية من اكتشاف هذه الطرق التي كانت تمر عبر صحراء الربع الخالي نحو الشمال.
وبتتبع تلك الطرق واقتفاء أثرها وجدوا حصنا، قديما، ظنوا في البداية أنه حديث البناء، ولكنهم اكتشفوا عقب ذلك أنه أقدم من ذلك بكثير، ومع مزيد من التوغل تم اكتشاف أواني فخارية إغريقية و فرعونية ورومانية تعود إلى آلاف السنوات الماضية.
هذا الحصن فتح أسطورة مدينة عبار الضائعة من جديد، التي واجهت رأيين متعارضين، يتصور البعض أن الحصن هو مجرد استراحة للقوافل خلال سفرها، ويعود إلى قوم عاد التي كانت تضم مدنهم العديد من الحصون،
مع العلم أن الأبحاث أثبتت أن هذه الآثار أي الحصن بنيت على أرض جيرية، وعندما جفت خست الأرض بها، واختفت، ما يعني أنها وجدت بعد سنين عديدة من اختفاء أول مدينة في تلك المنطقة، أي مدينة قوم عاد.
لذلك يعتقد البعض الآخر أن الحصن هو لمدينة عبار المفقودة، إذا لا بد هنا من توضيح أمر مهم للغاية، يخلط البعض بين مدينتي ارم ذات العماد ومدينة عبار، ويعتقد الكثيرون أنهما مدينة واحدة، وهو ليس بالأمر الصحيح.
فارم ذات العماد تابعة لحضارة عاد التي أنزل الله عز وجل عقابا شديدا عليها، في حين ظهرت مدينة عبار الأسطورية التي يتحدث عنها أهالي المنطقة وعلماء الآثار بعد عاد بسنوات لم يتمكن أحد من تحديدها.
لمن نسي أو لم يعرف بعد كيف اختفى قوم عاد ؟ حسنا كانوا عبدة أصنام، فأرسل الله إليهم نبيا منهم اسمه النبي هود عليه السلام، فرفضوا الاستجابة للنبي، فأنزل عليهم عاصفة فتت البشر قبل الحجر.
ويستند العلماء في ذلك إلى الآية الكريمة، {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} للتأكيد على أن الآثار المكتشفة في صحراء الربع الخالي لا تعود لقوم عاد، بل لمدينة عبارة الأسطورية.
إذا، الواضح حتى الآن أن مدينة عبار الضائعة في هذه الصحراء هي ليست موطنا قوم، عاد ارم كما هو متوقع والغامض أكثر من ذلك، أن بعض الباحثين تقدموا بطلبات من وكالة الفضاء ناسا لالتقاط صور جوية وكشف حقيقة هذه المدينة الأسطورة ليكون السباقين في هذا الاكتشاف.
ولكن لم يستطيعوا حتى الآن سوى تحديد مكان مدينة عبار، أو على الأقل هذا ما صرحت به وكالة ناسا، وتبقى عبار أسطورة الرمال لغز خفيا وضائعا،
ما رأيكم هل نحن على قاب قوسين من اكتشاف موقع وكنوز مدينة عبار الأسطورية؟ أم أنها مجرد خرافة يتناقلها أهالي المنطقة؟
ذلك كل ما نعرفه حول قصة مدينة عبار المفقودة في صحراء الربع الخالي، ابقوا في امان والسلام.
