كيف تحولت مصر من شيعة لسنة
عن كيف تحولت مصر من شيعة لسنة، ففي البداية كتير مننا لا يعرف إن مصر كانت في حقبة زمنية تتبع المذهب الشيعي الإسماعيلي وذلك كان تحديدا وقت حكم الدولة الفاطمية أو الدولة العبيدية، واللي تبنت المذهب الشيعي الإسماعيلي كمذهب رسمي للدولة من خلال نشر ذلك المذهب بواسطة الدعاة الشيعة الخاصين بها.
البداية كانت من عند الفاطميين اللي توجهوا لمصر من إفريقية، تونس حاليا، وذلك لكي يقوموا ببناء دولة كبيرة على غرار الإمبراطورية الفارسية، وادعوا إنهم يعودون نسبا لآل البيت، وقالوا إنهم ينتسبوا للإمام عبيد الله المهدي بالله بن جعفر الصادق،
وإنهم ينحدروا من نسل للإمام علي بن أبي طالب، والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما.
لكن بعض المصادر التاريخية نفت إنهم ينتسبوا لآل البيت، وقالوا إن نسبهم للفرس وليس لآل البيت أبدا.
ظهور الدولة الفاطمية في مصر ونشر المذهب الشيعي
الفاطميين كانت بدايتهم في مدينة اسمها المهدية في تونس سنة 300 هجريا، ولما فتحوا مصر سنة 358 هجريا نقلوا مقرهم للحكم في القاهرة واللي أنشأوا القاهرة خصيصا لذلك الغرض لكي تكون عاصمة الحكم لهم وتبدأ منها الحركة الثقافية والروحية للدولة الفاطمية الجديدة.
ومن هنا بدأ الفاطميين يفكروا في نشر مذهبهم الشيعي الإسماعيلي، في الوقت اللي كانت ظروف مصر الداخلية فيها اضطراب شديد لمعاناة المصريين من حكم الإخشيديين، لذلك كانت الفرصة متاحة لتقبل أي تغيير جديد.
وهنا تدخل الفاطميين بنشر مذهبهم بين المصريين من خلال دعاة شيعة في كل مكان حتى الأسواق كانوا يستغلوها لذلك لغرض ونشر مظاهر حبهم لآل البيت.
واستغلوا تلك النقطة كنقطة ضعف عند المصريين وبنوا مزارات وأضرحة لكل آل البيت اللي منهم زار مصر واللي منهم لم يزورها.
وبنوا على سبيل المثال، مسجد السيدة زينب بنت سيدنا علي بن أبي طالب، والسيدة سكينة بنت الإمام الحسين، واستغلوا ذلك في التقرب للمصريين وبث تعليم المذهب الإسماعيلي الفاطمي.
رفض بعض المصريين للمذهب الشيعي
وقتها بعض المصريين صمموا على رفض المذهب الجديد وترك المذهب السني حيث وجدوا إن الفاطميين يريدوا ان يفرضوا عليهم المذهب الشيعي الرافضي اللي يقوم على سب الخلفاء الثلاثة الراشدين رضي الله عنهم،
بدأت المواجهات تحدث بين المصريين الرافضين للتشيع ولعن الصحابة اللي كان وصل وقتها إنه يتم نقش عبارات اللعن على المنابر الخشبية في الشوارع والأسواق، وبدأوا يواجهوا ذلك بالهتاف لمعاوية بن أبي سفيان نكاية في الشيعة، أو إنهم يسخروا من مبدأ الإمامية اللي مقدس عند الشيعة،
لدرجة إنهم كانوا يوصلوا بالأئمة لدرجة القداسة والتبجيل، وذلك الذي رفضه المصريين.
الفاطميين لما وجدوا رفض من الشعب المصري لمذهبهم بعد سياسة التنكيل اللي اتخذوها ووجدوها لم تكن مجدية، بالعكس زاد سخط المصريين عليهم.
هنا لجأ الفاطميين لسياسة اللين، والذي اتبعها فترة الحاكم بأمر الله عن طريق إزالة عبارات اللعن عن المنابر والمساجد والشوارع واجاز تدريس المذهب السني للفاطميين، لكن كانت تلك عبارة عن محاولة لامتصاص الغضب الشعبي وقتها،
في حين إنه كان يدفع الدعاة السوريين لنشر المذهب الشيعي بسرعة، وضم عدد كبير لدرجة إن مصر ظلت تحت الحكم المذهبي الفاطمي قرابة قرنين من الزمان.
بعض المصادر التاريخية أكدت إن الفاطميين لجأوا لبناء جامع الأزهر لكي ينشروا من خلاله مذهبهم، ويتم تدريسه فيه لطلبة العلم، ولكي يحدث ذلك كان الفاطميين يصرفوا أموال مهولة، في ذلك الجانب على العلماء والقضاة والطلاب الدارسين للمذهب الشيعي.
ويقال إن أشهر من درس في جامع الأزهر وقتها القاضي أبو حنيفة ابن محمد القيرواني، والذي كان قاضي الخليفة المعز لدين الله، وهو يختلف عن الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان اللي كان متوفي قبلها من 150 سنة، وذلك تنويه لان البعض يخلط بين الإثنين.
الفاطميين قدروا يفصلوا مصر عن الخلافة العباسية السنية من خلال الحكم المنفرد، وإقامة عاصمة قوية مثل القاهرة لكي تكون منبر المذهب الشيعي في العالم الإسلامي، وإنهم ينشروه من خلالها.
حتى بعض العلماء المسلمين وقتها كان يتم جذبهم للمذهب الشيعي مثلما ذكر ابن سينا إنه كان يري أبوه وأخوه يجلسوا مع الدعاة المصريين، يقصد هنا الفاطميين وإنهم كانوا يدعوا والده وأخوه للمذهب الإسماعيلي الشيعي من خلال الدعاء اللي سماهم وقتها الإسماعيلية، لما كانوا يترددوا عليهم من وقتا لآخر.
رأي المستشرقين في المذهب الشيعي
أحد المستشرقين قال إن الدولة الفاطمية أنشأت أكبر مؤسستين لنشر المذهب الشيعي، هما الأزهر ودار الحكمة، وإن تلك المؤسسات اهتمت بتعليم المذهب الشيعي، وتدريب دعاة يقدروا ينشروا العقيدة الإسماعيلية الشيعية.
ذلك غير إن الفاطميين كان عندهم مبدأ خفي، وهو هوسهم بالإمبراطورية الفارسية، وطموحهم لعمل إمبراطورية مشابهة.
العادات التي ادخلها الفاطميين لمصر
الفاطميين ادخلوا مصر عدد من العادات الخاصة بهم مثل عيد النيروز، واللي كان يعطلوا فيه الأسواق، وابتداع فكرة توزيع الأموال على الشعب في الأعياد، واللي منها أتت فكرة العيدية الي اليوم. غير المغالاة في إنشاء الأصول الفخمة والمباني العظيمة.
لا يخفى عن الكثير إن الحكم الفاطمي أو الدولة الفاطمية كانت أحد أشكال الدولة الثيوقراطية في التاريخ الإسلامي، وإن نشأتها كانت قائمة على ادعاء نسبهم للنبي. صلى الله عليه وسلم، وخاصة ابنته السيدة فاطمة، و الإمام علي رضي الله عنهما، ونسبهم لجعفر الصادق.
طرق دعوة الفاطميين للتشيع
الفاطميين كانت دعوتهم للتشيع من خلال دعاة سوريين ليهم، وقانو علماء السلطان أو الخليفة وكانوا يأكدوا على فكرة واحدة هي قرب ظهور المهدي التشيع في الدولة الفاطمية بمصر كان يمر بمرحلتين،
الأولى كانت مع وصول جوهر الصقلي وإتمام العملية الفتح وتلك كانت سنة 358 هجريا وانتهت وقت حكم الخليفة المستنصر بالله.
أما الفترة الثانية كانت فترة الحكم المطلق للوزراء والعسكريين، واللي بدأت بوزارة أمير الجيوش بدر الدين الجمالي، وانتهت بقدوم صلاح الدين الأيوبي سنة 564 هجريا.
سعي الفاطميين لنشر المذهب الشيعي الإسماعيلي في القاهرة بعد فتحها مباشرة من خلال علماء الشيعة منهم على سبيل المثال القاضي النعمان بن محمد ابن منصور بن أحمد بن حيون واللي يحصل خلط بينه وبين الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان.
بن حيون كان أكبر وأشهر العلماء وقتها، وكان ملازم للخليفة المعز لدين الله الفاطمي ونشر المذهب الشيعي من خلال كتبه، واللي كانت أشهرها كتاب اختلاف أصول المذاهب وكتاب افتتاح الدعوة، وكتاب دعائم الإسلام.
عالم شيعي آخر كان له يد في نشر المذهب بمصر الفاطمية، وهو يعقوب بن كلس، ويقال إنه كان يهودي الأصل من العراق وبعدها رحل للشام ثم مصر واستقر في عهد كافور الإخشيدي واعتنق الإسلام.
ولما دخل الفاطميين مصر، تحول المذهب الشيعي الإسماعيلي، وساهمت كتب يعقوب في نشر المذهب الشيعي ومنها كتاب الرسالة الوزيرية.
بعض المصادر التاريخية ذكرت ارتباط عدد كبير من علماء المذهب الشيعي الإسماعيلي بجامع الأزهر وقتها مثل الحسن بن الصباح الحميري زعيم طائفة الحشاشين في إيران والذي حضر لمصر لتلقي العلم في مصر وقت حكم الخليفة المستنصر بالله.
أول ما تم تدريسه في جامع الازهر بعد إنشائه كان الفقه الفاطمي وأول من ألقى المحاضرات فيه كان المؤيد في الدين الشيرازي، ومن أهم تلك المحاضرات مواجهة مع أبو العلاء المعري.
الفاطميين لم يكثروا الاحتفالات الدينية في الأزهر، لكن كثفوها في مزارات وأضرحة آل البيت لربط المصريين بها.
ذكر المقريزي إن موكب الشيعة في بكاء الحسين كانوا يعتدوا على اللي يمتنع عن المشاركة معهم، ويظهروا مظاهر الحزن، وكانوا يعطلوا فيها الأسواق.
الفاطميين لجئوا لاقتصار المناصب الهامة وقتها على الشيعة فقط، وإن الموظفين في المناصب الصغيرة لا بد إنهم يمتثلوا لأحكام المذهب الشيعي.
بعض الوزراء الفاطميين أظهر والمغالاة في نشر المذهب الشيعي، والعداء لأهل السنة، منهم بدر الدين الجمالي، واللي أضاف جملة حي على خير العمل للأذان.
قضاء صلاح الدين الايوبي علي المذهب الشيعي في مصر واحياء المذهب السني
لما انتشر المذهب الشيعي في مصر، أصاب الدولة الفاطمية حالة من الضعف والنزاعات والحروب وبعدها ظهر صلاح الدين الأيوبي، وتولى بداية الوزارة، ثم الحكم منفردا، وكان يمهد لعودة مصر للخلافة العباسية والمذهب السني، وتأسيس دولة جديدة.
وهنا كانت البداية لإعادة مصر للمذهب السني، بعد ما استمرت مصر شيعية لمدة قرنين من الزمان تحت الحكم الفاطمي.
وبدأ صلاح الدين في إنشاء المدارس لتدريس المذهب السني مثل المدرسة الناصرية القمحية المالكية، ورصد عوائد القمح للصرف على طلبة العلم والحجاج،
حتى جامع بن طولون كثف فيه حلقات الدروس من العلماء السنة، بعدها قام صلاح الدين بعزل القضاة والعلماء الشيعة من مناصبهم و وضع مكانهم علماء وقضاة سنة.
بعدها أنشأ مدرسة لأتباع المذهب الحنفي وأسس مدرسة اسمها السيوفية كانت قريبة من سوء السيوفيين وكان من أهم رواد المدرسة واللي ساهم في نشر المذهب السني مرة أخري هو زين الدين بن نجل.
صلاح الدين واجه ثورات ومعارك من الفاطميين الشيعة وخاصة لما أمر بإلغاء جملة حي على خير العمل من الأذان، وأمر بإزالة نقش سب الصحابة من المساجد والشوارع، وأيضا أمر بإزالة علي ولي الله من على العملة،
وذلك طبعا أثار الشيعة ضده ونفذوا عدة ثورات مثل ثورة عمارة اليمني وثورة كنز الدولة، وتلك كلها كانت محاولات لمنع ظهور المذهب السني.
قبل قدوم صلاح الدين لمصر كان أهل السنة في مقاومة مع نشر المذهب الشيعي بالقوة، وكانت مواجهات فردية أو هتافات ضد الخليفة، حتى الشعراء كان منهم اللي ينظم الشعر في تكذيب ادعاءات الفاطميين في إنهم من نسل آل البيت.
وزادت ذروة تلك الأحداث في وقت جوهر الصقلي وقت الخليفة الآمر بأحكام الله، واللي كان وزيره سني المذهب، وهو الأفضل أبو القاسم بن بدر الدين الجمالي.
بعد وصول صلاح الدين للحكم وإنشاءه المدارس السنية حاول إنه يلغي المناسبات الدينية ذات المظهر الشيعي وأحل مكانها مناسبات أخرى مثل رأس السنه الهجرية، وشهر محرم اللي كان الشيعة يحرموا فيه أي احتفال، ويعتبروه شهر الحزن، ذلك غير احتفاله بيوم عاشوراء.
المقريزي قال إن صلاح الدين الأيوبي كان يواجه الشيعة بصرف كل قضاتهم من مناصبهم، وفرض المذهب السني الي ان اندثر المذهب الشيعي من مصر والشام وبلاد الحجاز والمغرب.
افتراءات الشيعة علي صلاح الدين الأيوبي
المصادر التاريخية الشيعية ادعت إن صلاح الدين كان ينتقم منهم، وبحرق محلات وتجارة الفاطميين الشيعة، وذلك حصل على حسب زعمهم في المنصورة لدرجة إنهم اتجهوا هربا منه نحو الجيزة، ولم يتبقى منهم إلا عدد قليل.
الإمام السيوطي ذكر إن صلاح الدين كان شغله الشاغل هو نصرة المذهب السني وهدم الابتداع اللي أظهروا الفاطميين والانتقام من الروافض و اللي كانوا بأعداد كبيرة في مصر.
بعض الشيعة ادعوا إن صلاح الدين قتل منهم أعداد كبيرة، وحرق مكتباتهم، وسعى لمحو الولاء للمزارات والأضرحة اللي عملوها في مصر ونسبوها لأهل البيت،
حتى إن المواجهات بينه وبين الشيعة كانت متزايدة، لدرجة إن المقريزي في كتابه السلوك قال إنه في سنة 569 هجريا، اجتمع طائفة من أهل القاهرة، رشحوا رجل من أولاد العاضد، آخر خليفة، فاطمي لكي يقضوا على صلاح الدين، وتواطؤ مع الفرنجة عليه،
وفعلا أتي الفرنجة بأسطول الي الإسكندرية، وتمت المواجهة بين صلاح الدين وبينهم.
انتهت بنصر صلاح الدين، وفي النهاية تغلب صلاح الدين وأنهي الوجود الشيعي الذي أدخله الفاطميين مصر، وعادت مرة أخرى، مصر سنية المذهب.
وبكده نكون وضحنا كيف مصر واجهت المذهب الشيعي، وأصبحت تابعة للمذهب السني، وأيضا كيف تحولت مصر من شيعة لسنة شاركنا في التعليقات عن رأيك في المقالة.