معركة حران أو معركة البليخ أول انتصار للمسلمين على الصليبيين

معركة حران أو معركة البليخ أول انتصار للمسلمين على الصليبيين
معركة حران

جدول المحتوي

معركة حران أو معركة البليخ هي أولى المعارك الحاسمة ضد جيوش الحملة الصليبية الأولى، معركة توحدت فيها مكونات المجتمع الإسلامي ضد عدوهم المشترك، ليلحقوا به خسائر فادحة، وتضع حدا لأحلامهم وطموحاتهم والاستعمارية، ويتمكن المسلمون من تحرير بعض الأراضي من براثن الاحتلال الصليبي.

إنها معركة حران، أو كما تعرف بمعركة البليخ، تابعونا للنهاية، لنعرفكم على أسرار تلك المعركة المنسية.

محاولة احتلال حران من قبل الصليبيين

في عام 1096 للميلاد بدأت الحملة الصليبية الأولى التي اتجهت إلى المشرق الإسلامي، حيث عمد الصليبيون إلى السيطرة على ساحل الشام المطل على البحر الأبيض المتوسط، حتى يبقى باب التواصل مع أوروبا مفتوحا.

كما أن احتلالهم لبعض المدن كان يهدف لتحقيق الفصل بين التجمعات الإسلامية والمدن الكبرى التي لو بقيت متصلة جغرافيا لشكلت خطرا رئيسيا على الصليبيين، وباحتلالهم الرها، حصل الصليبيون على عمق إستراتيجي في الأراضي الإسلامية، يحمي مدنهم في الساحل، بالإضافة إلى إقامة سد أمام أي محاولة للوحدة بين العراق والشام.

ثم واصل الصليبيون طريقهم. ليحتل أنطاكيا حتى يضمنوا رابطا جغرافيا بين أورفا والساحل، وقطعا للتواصل بين سلاجقة الشام و سلاجقة الروم، ونجحت الحملة الصليبية الأولى في تحقيق أهدافها، وانتهت باحتلال القدس.

لكن يبدو أن الصليبيين لم يكتفوا بكل ذلك، بل سعوا إلى مد نفوذهم في المزيد من الأراضي الإسلامية، مستغلين ضعف المسلمين، والفتن التي كانت تعصف بمدنهم، ففي ذلك الوقت عانت امارة الموصل من فتنة حدثت بعد موتي كاربوفا أمير الموصل وآل حكم الموصل إلى جكرمش الذي كان يميل إلى الاستقلال عن الدولة السلجوقية.

كما أن العلاقات كانت مضطربة جدا بين جكرمش أمير الموصل، وسقمان ابن أرتق أمير حصن كيفا، حيث كان سقمان مؤيدا للأمير موسى التركماني الذي كان يتولى أمر الموصل قبل ثورة جكرمش عليها .

كذلك، فقد شهدت مدينة حران فتنة مماثلة وقتل فيها عدة ولاة في وقت قصير حتى آلت الأمور إلى غلام اسمه جاولي.

استغل الصليبيون تلك الظروف لتحقيق ضربة موجعة تحقق أغراض عدة للإمارات الصليبية، خاصة وأن مدينة حران تقع إلى الجنوب الشرقي من إمارة الرها الصليبية، وهي مدينة تحتل موقعا مهما جدا، حيث إنها تسيطر على الطريق الذي يربط العراق بسوريا أو الذي يربط الموصلة تحديدا في حلب.

وهكذا اتفق بلدوين دي بورج زعيم الرها وجوسلين دي كورتناي تابعه على مدينة تل باشر مع بوهيموند أمير أنطاكيا، ومعه تانكرد ابن أخته ونائبه على أن يقوم، الجميع بعمل عسكري مشترك للاستيلاء على مدينة حران.

كانت أحلام الصليبيين الاستعمارية كبيرة بحق، فقد كانوا يحلمون بعد إسقاط حران بالاستيلاء على مدينة الموصل، والتي تتميز بصحبة إسلامية واضحة، فلو سقطت الموصل ضرب المسلمون بذلك في عمقهم وباحتلال الموصل، قد يفتح أمامهم الطريق إلى بغداد، قلب العالم الإسلامي وعاصمة الخلافة، وهكذا قد يقع العالم الإسلامي تحت براثن الصليبيين.

تكون جيش كبير من الصليبيين يقارب ال20,000 مقاتل للاستيلاء علي الرها، فكيف سيواجه المسلمون ذلك الخطر مع تلك الخلافات والفتن التي تعصف ببلادهم؟ تابعون للنهاية.

محاولة احتلال حران من قبل الصليبيين

معركة حران أو معركة البليخ أول انتصار للمسلمين على الصليبيين

تحركت الجيوش الصليبية نحو حران ونصبت عليها حصارا محكما، كان لا بد في النهاية أن تسقط المدينة بسببه، خاصة وأن احتمالية قدوم جيش من المسلمين لفك الحصار عن حران كان ضئيلا بسبب حالة الخلافات التي تدب بين القوى الإسلامية،

لكن أمرا ما قد وقع قبل ذلك، وغير كل شيء، فقد شعر جكرمش أمير الموصل وسقمان ابن أرتق أمير حصن كيفا بالخطر الداهم، وبالمصيبة الكبيرة التي ستحل بالمسلمين إذا ما سقطت حران بأيدي الصليبيين.

وكان القائدان المسلمان قد تبادل الرسائل في وقت متزامن تقريبا، يدعو فيه كل قائد أخاه إلى نسيان الخلافات القديمة والتعاون المشترك ضد الصليبيين، لكن الصليبيين لم يعلموا بذلك، وضرب والحصار حول حران واثقين من النصر.

لذلك، كانت مفاجأة كبيرة لهم عندما وجدوا الجيش الإسلامي المتحد، والمكون من 10,000 مقاتل يظهر في الأفق 3000 من العرب والسلاجقة، والأكراد تحت قيادة جكرمش و7000 تركمانيا تحت قيادة وسقمان ابن أرتق والتحم الجيش الإسلامي مع الجيش الصليبي على ضفاف نهر البليغ في معركة حامية الوطيس عام 494 للهجرة 1101 للميلاد.

وانتصر المسلمون انتصارا رائعا، وقتل من الصليبيين أكثر من 12,000 مقاتل، كما تم اسر بلدوين دي بورج زعيم الرها  وتبعه جوسلين دي كورتناي بالإضافة إلى عدد كبير من الأسرى إلى جانب كميات ضخمة من الغنائم والأموال والسلاح، وولي بوهيموند وتانكرد الأدبار مسرعين إلى أنطاكيا.

لكن فتنة كبرى وقعت بين الجيش الإسلامي المتحد، وكاد تحول النصر إلى كارثة، فقد وقعت معظم الغنائم في يد سقمان ابن أرتق وجيشه، وخرج جكرمش خالي الوفاض من المعركة وغضب جيش جكرمش وهم يشاهدون الثروات تقع في يد جيش سقمان.

وأغرو ج جكرمش بأخذ نصيبه منها واقتنع جكرمش بذلك وذهب مع جيشه. لا، المعسكر التركي معني، فوجدوا أن سقمان خرج في مطاردة الصليبيين مع جزء من جيشه، فدخلوا خيمة الأسرى واستطاعوا أن يأخذ بلدوين دي بورج زعيم الرها وعادوا به إلى معسكرهم.

ولما عاد سقمان من مطاردته وعرف بما حدث حضه جيشه على قتال جكرمش الاسير، إلا أن سقمان قرر وضع حد لتلك الفتنة التي تكاد تعصف بالمسلمين وقال لجيشه لا يقوم فرح المسلمين في هذه الغازات بغمهم باختلافنا، ولا أوثر والشفاء غيظي بشماتة الأعضاء بالمسلمين.

ثم أخذ سقمان ملابس الصليبيين وأسلحتهم، وألبسها لجنوده المسلمين كنوع من التمويه على الصليبيين، ليسير بعدها إلى قلاع للصليبيين تابعة لإمارة الرها، فحسبهم الصليبيون إخوانهم وجيشهم، ففتحوا لهما القلعة، ليدخل المسلمون، ويسيطر على القلعة.

وهكذا تمت لسقمان السيطرة على عدة قلاع وحصون مهمة في المنطقة، إلى جانب عدة قرى ومدن وأملاك كانت تحت سيطرة الصليبيين.

أما جكرمش فقد صار إلى حران، فتسلمها وضمها إلى الموصل، ثم صار بجيشه ليحاصر إمارة الرها كنوع من الحرب النفسية ضد الصليبيين، والتي كانت لها أسوأ الأثر عليهم بعد هذه الهزيمة الساحقة التي مني بها في حران.

معركة حران

اهم نتائج معركة حران

كانت نتائج معركة حران مهمة بحق، فقد كان هذا أول انتصار حاسم على الصليبيين منذ الحملة الصليبية الأولى، ومن ثم ارتفعت الروح المعنوية للمسلمين بشكل كبير، في الوقت الذي شعر الصليبيون بالهزيمة النفسية و بالإحباط الشديد، خاصة بعد أسر قادة من الجيش الصليبي.

كما وضع نصر حران حدا من توسع الصليبيين في الأراضي الإسلامية، ولم يفكر الصليبيون فيغز بهذه المناطق مجددا، أضف إلى ذلك أنه بعد معركة حران، نجح السلاجقة في استرجاع مساحات شاسعة من الأراضي التي سقطت بأيدي الصليبيين في إمارة أنطاكيا عند وصولهم للشرق قبل هذه المعركة بسنوات.

أضف إلى ذلك أنه بعد معركة حران بدأ الأرمن يتجرؤون لأول مرة على الصليبيين وتراسلوا، ومع الأتراك ال يسلموهم قلاعهم ومدنهم ويخرجوا بذلك عن حكم الصليبيين، كما ثار الأرمن على حكم الصليبيين في إمارة الرها فاندلع صراع نضخم بينهم وبين حكامهم من الصليبيين.

الأمر الذي سيؤدي في المستقبل إلى صدامات خطيرة سيكون لها أكبر الأثر في مستقبل هذه الإمارة، نأمل بأن يكون المحتوى قد نال إعجابكم،  ابقوا في امان والسلام.

المصادر 

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top