معركة ذات السلاسل

معركة ذات السلاسل
أحداث معركة ذات السلاسل

جدول المحتوي

(تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ.) عن معركة ذات السلاسل أو معركة كاظمة ها هم المسلمون بعد أن استقرت لهما الأوضاع عقب حروب الردة، يوجهون أبصارهم نحو واحدة من أعظم الإمبراطوريات في ذلك العصر الا وهي الإمبراطورية الفارسية،

لتندلع قولة معاركهم بقيادة سيف الله خالد بن الوليد ضد الفرس وتلعب الثلاث دورا فيها، فكانت تلك معركة ذات السلاسل. تابعونا للنهاية لنعرفكم على تلك الصفحة المشرقة من التاريخ الإسلامي.

الاستعداد لمعركة ذات السلاسل أو معركة كاظمة

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عام 11 للهجرة، وقعت فتنة عظيمة هددت كيان الدولة الإسلامية الوليدة، فقد ارتدت جميع القبائل العربية، باستثناء مكة والمدينة وثقيف، فدخل المسلمون في حروب ضد المرتدين حتى انتهت فتنة الردة، وعادت إلى الأمة الإسلامية وحدتها،

وبعد أن نجح الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق في القضاء على فتنة الردة وعاد الاستقرار إلى أراضي الجزيرة العربية، قرر أبو بكر أي يتفرغ للمهمة الأكبر وهي نشر دين الله.

ولما كانت الدولة الإسلامية تقع بين فكي أقوى دولتين في العالم وقتها، وهما إمبراطورية الفرس من ناحية الشرق بأرض العراق وإيران وإمبراطورية الروم من ناحية الشمال بأرض الشام والجزيرة،

فقد رأى أبو بكر أن يبدأ بإمبراطورية الفرس لقوتها وشدة بأسها ولأن الفرس كانوا يتربصون بالدولة الإسلامية، وهكذا توجه الصديق ببصره إلى العراق لتأمين حدود الدولة الإسلامية.

في ذلك الوقت كان خالد بن الوليد قد انتهى لتوه من حروب الردة، عندما جاءته الأوامر من الخليفة أبي بكر بالتوجه إلى أراضي العراق، وقد حرص أبو بكر على توصية خالد بعدم إكراه أحد من المسلمين على مواصلة المسير معه إلى العراق، فمن أحب الرجوع بعد قتال المرتدين فليرجع.

فرجع كثير من الجند إلى ديارهم، ليس خوفا ولا فرارا من لقاء الفرس، ولكن تعبا وإرهاقا من حرب الردة.

ولم يبقى مع خالد سوى 2000 مقاتل ممن قاتل المرتدين، وقد انضم إلى هذا الجيش 8000 رجل من قبائل ربيعة، كما كتب خالد إلى ثلاثة من الأمراء قد اجتمعت لهم جيوش لغرض الجهاد، وهم مذعور بن عدي العجلي، وسلمي بن القين التميمي، و حرملة بن مريطة التميمي،

فاستجابوا وضموا جيوشهم، وأصبح جيش المسلمين 18 ألفا.

لكن كان من بين هذا الجيش صحابي جليل هو القعقاع بن عمرو التميمي، ذلك الرجل الذي قال عنه الصديق إنه رجل بألف، قال عنه أيضا لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمرو، وبالفعل سيلعب ذلك الرجل دورا كبيرا في معركة ذات السلاسل.

الاستعداد لمعركة ذات السلاسل

وضع الخليفة أبو بكر خطة عسكرية لمهاجمة العراق، تكشف عن الحس الاستراتيجي المتقدم الذي كان يملكه الصديق، فقد أمر قائده خالد ابن الوليد بأن يهجم على العراق من ناحية الجنوب، أي من ناحية مدينة تسمى بالابلة، وهي ميناء البصرة الآن بالعراق،

وقد كانت ذات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث إنها ميناء الفرس الوحيد على الخليج العربي، ومنها تأتي كل الإمدادات للحاميات الفارسية المنتشرة بالعراق.

وفي نفس الوقت، أمر قائد آخر هو عياض بن غنم الفهري، أن يهاجم العراق من ناحية الشمال، أي من ناحية المسيخ، وأمر القائدان بأن يجتمعا معا في وسط العراق.

وصل خالد ابن الوليد إلى مدينة الأبلة، وكانت هذه المدينة تحت قيادة أمير فارسي، اسمه هرمز وكانه هرمز ذلك رجل خبيثا ضرب المثل بخبثه كما سيتبين لنا في أثناء قتاله مع المسلمين.

قبل أن يسير خالد إلى العراق عام 12 للهجرة، كان قد كتب إلى هرمز كتاب إنذار يقول فيه “أما بعد فأسلم تسلم أو اعتقد لنفسك وقومك الذمة، وأقرب الجزعة، وإلا فلا تلومن إلا نفسك، فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة.”

ورفض هرمز رسالة المسلمين، وأصر على القتال، وأرسل إلى كسري عظيم الفرص يطلب الإمدادات، فأمده كسري بإمدادات كبيرة، ثم أرسل إمدادات أخرى يكون دورها الحفاظ على مدينة الابلة في حالة هزيمة هرمز أمام المسلمين لأهمية هذه المدينة للفرس.

الاستعداد لمعركة ذات السلاسل

خطة سيدنا خالد بن الوليد في معركة ذات السلاسل

وضع سيدنا خالد بن الوليد خدعة عبقرية لاستنزاف القوات الفارسية، فقد وصلت الأخبار إلى هرمز بأن المسلمين سوف يعسكرون في كاظمة، فذهب إلى كاظمة لملاقاة المسلمين هناك، لكن خالد توجه بجيشه إلى منطقة الحفير، ووصل هرمز إلى كاظمة، فوجدها خالية.

وأخبره الجواسيس بأن المسلمين قد توجهوا إلى الحفير، فتوجه هرمز بسرعة كبيرة إلى الحفير حتى يسبق المسلمين.

وبالفعل وصل هناك قبل المسلمين، وقام بالاستعداد للقتال، وحفر الخنادق، وهنا غير خالد بن الوليد مسار جيشه راجع إلى القادمة لعسكر هناك ويستريح الجند قبل القتال، فاستشاط هرمز غضبا، وتحرك بجيوشه التي أرهقها المسير إلى الكاظمة ليلتقي بالمسلمين.

استطاع الفرس أن يسيطروا على منابع لما بأن جعل نهر الفرات وراء ظهورهم حتى يمنع المسلمين منه، لكن الله تعالى من على المسلمين بسحابة، فأمطرت وراء صفوف المسلمين ونهلوا من مياهها، فتقوى بذلك المسلمون.

اتخذ هرمز قرارا غريبا حتى يمنع جنوده من الفرار من أرض المعركة، فقد أصر على أن يربط الجنود أنفسهم بالسلاسل، رافضا الاستماع لنصائح قواده، لذلك فقد سميت المعركة بذات السلاسل، أو معركة كاظمة نسبة إلى المكان الذي وقعت فيه.

خطة سيدنا خالد بن الوليد في معركة ذات السلاسل

أحداث معركة ذات السلاسل

كما جرت العادة في المعارك القديمة، فقد خرج القائدان خالد وهرمز للمبارزة قبل بدء القتال، لكنه هرمز كان قد اتفق مع مجموعة من فرسانه على ان يهجموا على خالد ويفتكوا به أثناء المبارزة.

لكن قبل أن تقوم مجموعة الغدر بقتل خالد انتبه القعقاع بن عمرو إلى هذه المجموعة، فخرج من بين الصفوف مسرعا، وانقض على مجموعة الغدر، فقتلهم جميعا، وفي نفس الوقت أجهز خالد على قائد الفرس هرمز.

فكان لذلك الأمر وقع شديد في نفوس الفرس الذين حلت بهم الهزيمة وقتل منهم أكثر من 30 ألفا وغرق الكثير في نهر الفرات، ولم تغني سلاسل عنهم شيئا، فقتل المربوطون بالسلاسل عن بكرة أبيهم، وفر باقي الجيش من أمام المسلمين.

انضمت فلول المنهزمين في معركة ذات السلاسل إلى جيش الفرس المكلف بحماية مدينة الأبلة وأخبروهم بما حدث.

ورغم أن فلول المنهزمين كانوا يفضلون البقاء داخل المدينة والتحصن بها، وذلك من شدة فزعهم من لقاء المسلمين في الميدان المفتوح، إلا أن قارن قائد الفرس في مدينة الأبلة أصر على لقاء المسلمين خارج المدينة، وذلك عند منطقة المذار التي تقع شرق نهر دجلة،

وقد اختار هذا المكان لأنه كان قد أعد أسطولا من السفن استعدادا للهرب لو دارت الدائرة عليه.

وصل المسلمون إلى منطقة المذار، فخرج قائد الفرس قارن، وطلب المبارزة من المسلمين، فخرج له رجلان، هما القائد خالد بن الوليد وأعرابي من البادية اسمه معقل بن الأعشى، حيث سبق الأعرابي خالد وانقض علي قارن، وقتله في الحال،

وخرج بعده العديد من أبطال الفرس وقادته فتصدى لهم فرسان من المسلمين وقتلوهم، وأصبح الجيش الفارسي بلا قيادة.

بالرغم من مصرع قادة الفرس، إلا أن الجنود استماتوا في قتال المسلمين وحاولوا بكل قواتهم صد الهجوم الإسلامي، ولكنهم فشلوا في النهاية وانتصر المسلمون انتصارا عظيما وفتحوا مدينة الأبلة وبذلك استقر الجنوب العراقي بأيدي المسلمين وسيطروا على أهم موانئ الفرص على الخليج.

وكان هذا الانتصار فاتحة سلسلة طويلة من المعارك بين الفرس والمسلمين، والتي انتهت بسقوط الإمبراطورية الفارسية العريقة. نأمل بأن يكون المحتوى قد نال إعجابكم عن تلك الفترة من تاريخ الدولة الإسلامية.

أحداث معركة ذات السلاسل

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top