معركة طريف انها المعركة التي وضعت بداية النهاية لمدينة غرناطة اخر معاقل المسلمين في الاندلس معركة ضمن سلسلة طويله من المعارك بين المسلمين والنصارى من الاسبان والبرتغاليين، تساقطت خلالها مدن الاندلس واحده تلو الأخرى في ايدي النصارى وسطمحاولات لا تنقطع من المسلمين للاسترداد أراضيهم.
حتى جاءت تلك المعركة التي مني فيها المسلمون بهزيمة مروعة ولم يعد بإمكان أي جيش مسلم ان يغزو شبه الجزيرة الايبيرية مره أخرى بعد ان أصبحت السيطرة على مضيق جبل طارق تحت هيمنة النصارى وبات سقوط الاندلس وشيكا انها معركة طريف او معركه ريو سالادو كما يسميها الاسبان، تابعونا للنهاية.
تاريخ الصراع بين المسلمين والاسبان في الاندلس
نحن الان في عصر الضعف والانهيار الذي اعقب سقوط الدولة الأموية في الاندلس، انه عصر ملوك الطوائف الذي انقسمت فيه البلاد الى دويلات متفرقة ومتناطحة فيما بينها، في الوقت الذي كان فيه الصليبيون يتحدون للفتك بالمسلمين وقد تمكن الصليبيون من اسقاط مدينه طليطلة احدى اهم المدن في الاندلس عام 477 للهجرة 711 للميلاد.
ومع عجز المقاومة عن إيقاف هذا الزحف الصليبي على الامارات الإسلامية ارسل المسلمون الى يوسف بن تشافين حاكم دولة المرابطين يطلبون منه العون والمدد لإنقاذ الاندلس من السقوط الوشيك.
ولم يتردد المرابطون لحظة واحدة فأجابوهم الى طلبهم والتقى المسلمون في معركه حاسمه مع القشتاليين في معركة الزلاقة حيث هزم القشتاليون هزيمة ساحقة وتمكن المسلمون من استعادة بعض مدن الاندلس، لكن طليطلة ضاعت الى الابد.
ما لبثت ان عمت الاضطرابات دوله المرابطين بسبب ثورات من اطلقوا على انفسهم الموحدين فاستغل الاسبان الأوضاع التي آلت اليها دولة المرابطين وشددوا من الضغط عليهم فاضطربت أحوال المسلمين في الاندلس وانقلبت الدفة لصالح الاسبان.
بعد ان آلت أمور بلاد المغرب الى الموحدين حاول الموحدون مواجهه التمدد الاسباني في الاندلس ودارت عمليات كر وفر بين الطرفين حتى كانت معركة العقاب عام 610 للهجرة 1212 للميلاد، والتي مني فيها المسلمون بهزيمة مروعة حتى قطع المؤرخون بأنه بعد موقعة العقاب ما كنت لتجد شابا صالحا للقتال.
وانفرط عقد دولة الاندلس فسقطت مدنها الكبرى واحدة تلو الأخرى في ايدي الاسبان ولم يبقى سوى غرناطة التي التي آل حكمها الى بني الأحمر كما انهارت دولة الموحدين لتقوم مكانها الدولة المرينية.
لكن الاسبان والبرتغاليين لم يتوقفوا ولم يكفهم كل المدن التي استولوا عليها وها هم ذا يعدون لجولات جديدة لقتال المسلمين، فكيف ستقول الأمور يا ترى؟ ترقبوا معنا الاحداث القادمة.
معركة طريف التي وضعت النهاية للمسلمين في الاندلس
كان ل الفونسو الحادي عشر ملك قشتالة أطماع كبيره تجاه مملكة غرناطة فدخل في سلسلة من المعارك مع المسلمين الاندلسيين للاستيلاء عليها والقضاء على الحصن الأخير للإسلام في الاندلس، مستغلا الصراعات التي سادت غرناطة والتي قتل بسببها اثنين من سلاطين بني الأحمر.
وفي عام 1333 للميلاد شعر سلطان غرناطة أبو الحجاج يوسف بالشداد وطأه القشتاليين وضعف وسائله في الدفاع، فاستنجد سلطان غرناطة بسلطان الدولة المرينية ابي الحسن علي لمواجهة التوغل القشتالي،
فلبي أبو الحسن النداء وارسل ابنه الأمير أبا مالك على راس جيش الى الاندلس ونزلوا في الجزيرة الخضراء.
شرع المرينيون في مساعدة سلطان غرناطة في استرجاع الأراضي التي استولى عليها القشتاليون في جبل طارق ثم قاموا بحملة محدودة لإعادة توحيد هذه الأراضي وضمها الى مملكة غرناطة.
وفي عام 1339 للميلاد فاجأ جيش متحالف من القشتاليين والارجوانيين والبرتغاليين الجيش المريني بقيادة ابي مالك في طريق عودته فادى لنشوب معركة دامية هزم خلالها المسلمون هزيمة فادحة وقتل قائدهم الأمير أبو مالك.
هذا دعي والده السلطان أبا الحسن للعبور الى الاندلس بنفسه ليثأر لهزيمة ولده وحشد أبو الحسن جيشا كبيرا مكونا من 60 سفينة حربية و250 سفينه أخرى من سبتة تحت قياده محمد بن علي الازافي.
وانزلت هذه السفن الجيش المريني في جبل طارق ليلتقي الاسطولان المريني والقشتالي في المضيق، حيث استطاع الازافي في حصار وتدمير اسطول القشتاليين.
عبر أبو الحسن مضيق جبل طارق ونقل جميع القوات والامدادات الى الاندلس بالقرب من مدينة طريف وفرض الحصار على المدينة لكن أبا الحسن ارتكب خطأ كبيرا كان سببا في هزيمة المسلمين،
فبهدف تقليل التكلفة الهائلة للحفاظ على اسطوله قام أبو الحسن بإعادة معظم الاسطول المريني الى بلاد المغرب معتقدا ان القشتاليين سيستغرق عده اشهر حتى يتمكنوا من إعادة بناء اسطولهم، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
دعونا الان ننتقل الى الجانب الاسباني لنتعرف على تطور الأوضاع هناك فقد سعى الفونسو الحادي عشر ملك قشتالة للحصول على مساعدة الملك افونسو الرابع ملك البرتغال والذي ارسل اسطولا بحريا برتغاليا ودفع أيضا مقابل خدمات 15 سفينة من جنوة الى جانب 27 سفينه من اشبيلية.
وظهرت هذه الاساطيل في مضيق جبل طارق فأدى ذلك الى قطع طرق الامداد بين الدولة المرينية وقوات ابي الحسن في الاندلس واصبح جيش المسلمين في موقف صعب،
ليس فقط لان القوات التي تحاصر طريف كانت تعتمد على الامدادات ولكن أيضا كانت مملكة غرناطة في حاجة اليها.
اندلع قتال بين المسلمين والصليبيين في العاشر من أكتوبر عام 1340 للميلاد نتج عنه خسائر فادحة وقعت في كلا الجانبين فغادر الفونسو الحادي عشر اشبيلية بجيش اغاثه وانضم الى ملك البرتغال ثم انتظروا قدوم المزيد من الوحدات القشتالية والبرتغالية.
في ال 30 من أكتوبر اندلعت معركة طريف حيث حث اشتبك الفريقان في معركة شرسة على ضفاف نهر سالادو وقد تولى السلطان أبو الحسن قياده الجيش وتولى السلطان يوسف قيادة فرسان الاندلس وكانت الغلبة لصالح الجيش الإسلامي في البداية،
لكن اثناء القتال المشتعل تسللت فرقة اسبانية من الجنوب وانقضت على مؤخرة الجيش الإسلامي الامر الذي قلب موازين القوى وارب الجيش الإسلامي كله.
ليسقط من المسلمين في تلك المعركة عدد ضخم ويسقط معهم معسكر السلطان ابي الحسن وبه أولاده ونساؤه وحشمه حيث ذبحوا جميعا على يد الصليبيين.
وفر السلطان أبو الحسن الى بلاده في حين عاد السلطان يوسف الى غرناطة بعد تلك الهزيمة المروعة.
نتائج معركه طريف
كانت نتائج معركه طريف فادحة بحق فقد كانت هذه الهزيمة اكبر هزيمة للقوات الإسلامية في الاندلس ولم يستطيع المسلمون ان تقوم لهم قائمة في بلاد الاندلس مره أخرى،
وقد استمرت الحرب مع غرناطة عشر سنوات أخرى حقق خلالها الفونسو الحادي عشر بعض المكاسب الإقليمية الصغيرة من الجزء الغربي من مملكة غرناطة.
والاهم من ذلك استطاع القشتاليون السيطرة على الجزيرة الخضراء التي كانت بمثابة مركز استراتيجي هام في يد المرينيين بعد حصار دام عامين.
اما اسوا نتائج معركة طريف فهي انه بعد ان أصبحت السيطرة على مضيق جبل طارق تحت هيمنة الصليبيين لم يعد بإمكان أي جيش إسلامي ان يغزو شبه الجزيرة الايبيرية مره أخرى.
وبات سقوط الاندلس امرا وشيكا وأصبحت الاندلس بمفردها في مواجهة المد القشتالي والبرتغالي وهو المد الذي استمر طيلة 150 عاما حتى غربت الشمس على بلاد الاندلس بسقوط غرناطة عام 1492 للهجرة، لتصبح بذلك الاندلس ذكرى في اذهان المسلمين وتاريخهم.
بان يكون المحتوى قد نال اعجابك، أبقوا في امان الله والسلام .