موسي بن النصير التابعي الذي ساهم في فتح الأندلس

موسي بن النصير التابعي الذي ساهم في فتح الأندلس
فتح الأندلس في عهد موسي بن النصير

جدول المحتوي

موسي بن النصير هو واحد من أعظم القادة الفاتحين في تاريخ الإسلام المبكر، ذلك القائد الذي لم يهزم له جيش قط، والذي كان له الفضل في استقرار الإسلام في إفريقية، وفي فتح بعض جزر البحر المتوسط و هزيمة الروم، إلى جانب استكمال فتح شبه الجزيرة الإيبيرية برفقة القائد طارق بن زياد.

لكن رغم كل تلك الإنجازات الرائعة التي حققها. فقد تعرض للاضطهاد في أواخر عمره، إنه القائد الفذ موسى بن النصير، تابعون للنهاية لمعرفة القصة كاملة.

نشأة موسي بن النصير

في زمن الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق، أسلم النصير إبان الفتوحات الإسلامية للعراق التي قادها خالد ابن الوليد، ثم تزوج نصير من سيدة يمنية.

وفي عصر الفتوحات الإسلامية الرائعة في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب، ولد موسى بن النصير عام 19 للهجرة 640 للميلاد في فلسطين.

نشأ موسى بن النصير نشأة إسلامية خالصة، فقد درس الإسلام والعلوم الشرعية على يد كبار الصحابة والتابعين، وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وسرعان ما اشتهر برواية الحديث عن بعض الصحابة مثل تميم الداري، فنشأ محبا للتقوى والورع وعلوم الحديث.

وقد تأثر بسيار الفاتحين الكبار، خاصة خالد ابن الوليد، الذي كان السبب في هداية أبيه إلى الإسلام، حيث صار نسير نفسه أحد جنود المسلمين الذين يخرجون للجهاد ونشر الإسلام و ترقى في الرتب حتى صار رئيسا للشرطة في الشام، عندما كان معاوية بن أبي سفيان واليا عليها.

وقد شارك موسى بن النصير في نشاط البحرية الإسلامية المبكر الذي يرعاه معاوية بن أبي سفيان، قبل أن يتولى الخلافة، واشترك في أول معركة بحرية في تاريخ الإسلام، وهي معركة ذات الصواري عام 34 للهجرة والتي حقق فيها المسلمون انتصارا رائعا على الروم.

ويقال إن نصير تولى رئاسة حرس معاوية، وهكذا انتقل موسى بن النصير إلى البيت الأموي مع أولاد معاوية، وأولاد الأمراء والخلفاء.

موسي بن النصير في عهد الخلافة الأموية 

موسي بن النصير في عهد الخلافة الأموية

نال موسي بن النصير قيادة بعض الحملات البحرية التي وجهها معاوية لإعادة غزو قبرص، فنجح موسى في فتحها، وفي عام 53 للهجرة 673 للميلاد كان موسى بن النصير أحد القادة الذين خرجوا لغزو جزيرة رودس التي انتصر المسلمون فيها.

مع تولي مروان بن الحكم الخلافة، قام ابنه الأكبر عبد العزيز الذي تولى حكم مصر منذ عام 64 للهجرة، قام بتعيين موسى بن النصير وزير الله فقام هذا الأخير بواجبه خير قيام، وازدادت خبرته في أمور السياسة والحكم.

ولما آلت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان عينه وزير لأخيه بشر على البصرة ورئيس الديوان، ثم عين الخليفة أخاه بشرا على الكوفة، وبذلك ترك موسى بن نصير ولاية البصرة ثم عين موسى واليا على شمال إفريقية.

ولاية موسي بن النصير علي إفريقية

قبل أن نحدثكم عن ولاية موسى بن نصير لإفريقيا، يجدر بنا، ان نرجع قليلا إلى الوراء لنتعرف على الأوضاع هناك، فعقب استشهاد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، احتدمت الخلافات والفتن بين المسلمين، وانعكس ذلك على الكثير من البلاد التي فتحت حديثا، والتي استغلت تلك الأوضاع لتخلع طاعة المسلمين.

كما فعل البربر، الذين كانوا كثيري الارتداد عن الإسلام، فعمل الصحابي عقبة بن نافع على نشر الإسلام بين قبائل البربر، ونجح في الوصول إلى ساحل المحيط الأطلسي، ليكون بذلك قد أنجز فتح معظم بلاد المغرب.

لكن بعد استشهاد عقبة بن نافع إن قلبت الأمور على المغرب وتضعضعت حركة الفتح الإسلامي بالشمال الإفريقي، وخسر المسلمون بعض المدن التي فتحوها في شمال أفريقيا، وظل البربر مصدر إزعاج للدولة الأموية، بالرغم من جهود الوالي حسان بن النعمان لإخضاعهم.

فرأي الساسة في الدولة الأموية أن موسى بن النصير هو الأقدر لتلك المهمة وهكذا تولى إمارة إفريقية.

استطاع موسى بن نصير أي أزمة قبائل البربر التي خرجت عن طاعة المسلمين، وقد رأى موسى ضرورة إنهاء الوجود الرومي البيزنطي وقواعده أولا، حيث كانت تقف عقبة أمام استمرار عمليات الفتحة، خاصة في مناطق إفريقية وتونس وغرب ليبيا، وذلك من خلال تكتيكي شبه تكتيكات الفتوحات الإسلامية المبكرة.

بتكثير أعداد الجيوش التي تخرج في وقت واحد، وتهاجم بضربات قاتلة ومؤثرة في تزامن قريب.

أما البربر الذين ارتدوا عن الإسلام أكثر من مرة، فقد اتبع موسى بن النصير سياسة حاكمة تجاههم، حيث أخذ يبحث في أسباب هذه الردة المتكررة، حتى وجد أن المسلمين كانوا يفتحون البلاد فتحا سريعا، ثم يتوغلون داخله الفتح أماكن أخرى دون أي وفر الحماية لظهورهم من هذه المناطق التي فتحوها.

مما كان يسهل على البيزنطيين و القبائل البربرية المتحالفة معهم لمباغتة المسلمين، وقتلوا عقبة بن نافع ومن معه من المسلمين.

وحتى يتغلب على هذا الأمر بدأ موسى بن نصير بفتح البلاد في حذر فكان يتقدم خطوة ثم يؤمن ظهرة ثم خطوة أخرى ويؤمن ظهرة حتى أتم فتح أغلب البلاد مرة أخرى في بضع سنوات.

كما وجد موسى أن البربرة لم يتعلموا الإسلام جيدا، فبدأ بتعليمهم الإسلام، وكان يأتي بعلماء التابعين لهذا الغرض حتى أقبل البربر على الإسلام وأحبوه ودخلوا فيه أفواجا، وهكذا استطاع موسى تثبيت دعائم الإسلام وتوطينها في الشمال الإفريقي.

بعد أن استقرت الأوضاع في إفريقية، أعمل موسى على إنشاء دار صناعة بحرية قرب مدينة قرطاجة، وتمكن من إنشاء أسطول قوي جعل على قيادته ابنه عبدالله، حيث أمره بفتح جزيرة صقلية، وبالفعل فقد دخلها عبدالله وأخذ منها غنائم كثيرة.

ثم بعث موسى القائد عياش بن أخي ال على مراكب أهل إفريقية ففتح جزيرة صقلية للمرة الثانية واستولى على مدينة من مدنها تسمى سرقوسة، وعاد منتصرا.

وفي عام 89 للهجرة 708 للميلاد بعث موسى بن النصير قوة لغزو سردينيا ففتحها، وفي العام نفسه جاهز موسى ولده عبد الله بما يحتاجه من جند وعتاد. ثم صار في البحر، ففتح جزيرتي مايوركا، ومنورقة، وهما جزيرتان في البحر بين صقليا، والشاطئ الأندلسي.

ولاية موسي بن النصير علي إفريقية

فتح الأندلس في عهد موسي بن النصير

ها نحن ذا نصل إلى واحدة من أعظم فتوحات المسلمين في ذلك الزمان، متمثلا بفتح شبه الجزيرة الإيبيرية، والتي عرفت فيما بعد بدخول المسلمين بلاد الأندلس. فما الذي دفع موسى بن نصير إلى إرسال طارق بن زياد لتلك البلاد؟ ترقبوا بمعنى الأحداث القادمة.

في شبه الجزيرة الإيبيرية، كانت الأوضاع في غاية السوء، فقد قاد أحد رجال الجيش يدعى لذريق انقلابا على السلطة، وعزل الملكة غيطشه، فلجأ أتباع الملك المخلوع إلى المسلمين لاستعادة ملكهم.

ذلك أن يوليان حاكم سبتة، والذي كان أحد أنصار الملك السابق غيطشه، اتجه إلى طارق بن زياد والي طنجة وعرض عليه مساعدته في فتح جزيرة الإيبيرية، فعرض طارق الأمر على قائده موسي بن نصير، الذي قام بدوره برفع الأمر إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك الذي وافق بعد قليل من التردد.

لم يمضي الكثير من الوقت حتى كان طارق بن زياد يعبر بقواته إلى البحر ليصل إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، لتدور معارك حامية الوطيس بين جيش طارق بن زياد وجيش لذريق و تنتهي بمقتل لذريق وفتح شبه الجزيرة الإيبيرية عام 92 للهجرة بقيادة طارق بن زياد،

قبل أن لحق به موسى بن نصير، ليستكمل القائدان فتح بلاد الأندلس.

فتح الأندلس في عهد موسي بن النصير

وفاة موسي بن النصير

صادفت عودة موسى بن النصير، مع طارق بن زياد إلى عاصمة الخلافة الأموية، وفاة الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 96 للهجرة، حيث خلفه أخوه سليمان فطلب من موسى بن النصير تأخير وصوله إلى العاصمة إلى حينما بعد وفاة الوليد كي يستأثر بالغنائم وينص بفضل فتح الأندلس لنفسه.

لكن قائدا الفتح لم يستجيبا لطلبه، الأمر الذي جعله ما يتعرضان لغضب سليمان الذي عزل موسى بن النصير، وقتل ابنه عبد العزيز، الذي كان أحد المشاركين في فتح الأندلس، بل وأمر سليمان، أن يظل موسى واقفا في حر الشمس المتوهجة، وكان قد تجاوز ال70 من عمره،

فلما أصابه حر الشمس و أتعبه الوقوف سقط مغشيا عليه.

ندم سليمان على ما فعله بموسى، وأراد أن يكفر عن ذنبه، فاصطحبه معه إلى الحج في العام التالي، لكن أثناء الرحلة، توفي موسى بن نصير ليسدل بذلك، الستار على واحد من أعظم القادة الفاتحين في التاريخ الإسلامي.

نأمل بأن يكون المحتوى قد نال إعجابكم، ابقوا في أمان الله والسلام.

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top