بعدما عرفنا ما هي هوية فرعون يوسف ملك مصر الذي عاصر يوسف عليه السلام في المقال السابق.
سنتكلم في مقالنا هذا عن شخص اسمه ما زال العالم حتى اليوم يحاول اكتشافه المؤرخين عاصر نبيا وغير مصير شعب بأكمله.
كل ما نعرفه أنه مات غرقا قصته وثقها التاريخ إلا أن الهوية بقيت سرا غامضا قد اكتشفت مومياوات عديدة وأسماء كثيرة عرفت ويبقى السؤال من هو فرعون موسى؟
من هو فرعون المذكور في القرآن
الحضارة الأشهر في العالم تخفي الغاز لا تعد ولا تحصى ابتداء من كيفية بناء أيقونتها العجائبية وصولا إلى لعنة ملوكها إنها الحضارة الفرعونية
التي كلما تعمقنا فيها وجدنا لغزا جديدا تحاك حوله القصص والروايات في محاولة حثيثة لحله ولكن تبقى كلها في خانة التكهنات الي حين اكتشاف الآثار التي توثق الإجابة القاطعة.
وهو ليس بالأمر السهل تماما كلغز اليوم من هو الفرعون الذي عاصر سيدنا موسى عليه السلام.
نعم للوهلة الأولى ستقولون هذا ليس لغزا فهو مذكور بالكتب الدينية ولاسيما في القرآن الكريم.
ولكن بعد دقائق ستتذكرن أن الآيات القرآنية لم تأت على ذكر هويته واكتفت بصفته فرعون!
والأغرب أن الوثائق التاريخية التي تعود إلى الحضارة الفرعونية لم تأت على ذكره أيضا فلماذا؟
هذا ما سنحاول معرفته في مقال اليوم إذا تساءلنا عما إذا كان حقا فرعون أو من أين جاء اللقب أو حتى ما الذي يؤكد أن هذه الشخصية حكمت في ظل الحضارة الفرعونية.
الأمر تؤكده الآية القرآنية حيث قال – سبحانه وتعالى – في صورة الأعراف بسم الله الرحمن الرحيم: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} [طه:٧١] صدق الله العظيم.
إذن لنبحث عن حقيقة وهوية فرعون النبي موسى ونحاول إيجاد الإجابة عن السؤال الذي يحير الكثير من هو فرعون مصر.
الفرعون الذي عاصر سيدنا موسى
كلمة فرعون تطلق على من حاكم مصر في عصر الحضارة المصرية أي أنه لقب تماما كما يطلق على الحاكم في الحضارة اليونانية قيصر
وعلى الفرعون أن يكون مصريا ومن أهل مصر ليطلق عليه هذا اللقب خلال فترة حكمه مع العلم أن هذه المعلومة لاقت آراء متعددة
فالبعض يعتبرون أن لفظة فرعون في الكتب الدينية هي اسم وليست لقب في حين يرفض البعض الآخر هذه الفكرة
جدل قائم حيال هوية الفرعون الذي عاصر سيدنا موسى عليه السلام لاسيما وأن اسمه لم يذكر في الكتب الدينية وتحديدا القرآن الكريم
ولا في الوثائق التاريخية بحيث ينحصر كل ما نسمعه أو نعرفه عن الموضوع ضمن الاجتهادات الفردية لعلماء الآثار والباحثين
تعددت الأسماء والفرضيات حيال الفرعون الذي عاصر سيدنا موسى عليه السلام وقد جمعت لكم أبرز ثلاثة أسماء تم ربطها بالفرعون الذي عاصر سيدنا موسى
من هو فرعون موسى
فرعون موسى هو رمسيس الثاني ولكن هناك رواية تقول إنه هو توت عنخ امون وذلك ع حسب رأي العالم اليهودي الشهير سيغموند فرويد صاحب هذه النظرية إذا اعتبر أن النبي موسى عليه السلام ليس من بني إسرائيل وإنما مصري.
والنقطة الأغرب في هذا الطرح هو أن النبي موسى كان أحد الأمراء المصريين المقربين من الفرعون أخناتون وأنه عندما لم يتسلم زمام الحكم في مصر كما كان يخطط
تزعم بني إسرائيل وبحسب فرويد استغل نبي موسى عليه السلام الضعف الذي أصاب الحضارة الفرعونية بعد وفاة اخناتون وتسلم توت عنخ أمون الحكم
وهرب ببني إسرائيل إلى صحراء سيناء في خروج وصفه بالسلمي بعد أن تم خداع الفرعون
هل توت عنخ امون هو الفرعون الذي عاصر سيدنا موسى عليه السلام
أن تعمقنا في هذه النظرية التي طرحها فرويد سنجد أنها تجاهلت العديد من الحقائق التاريخية التي ذكرت في الكتب السماوية ولاسيما القرآن الكريم
الحقيقة الأولى النبي موسى من بني إسرائيل وليس مصريا وإن كان قد تربى في قصر الفرعون
الحقيقة الثانية عرف الفرعون اخناتون بطبيعته المسالمة ما لا يتفق مع واقع التعذيب الذي تعرض له بني إسرائيل
الحقيقة الثالثة تشير هذه الفرضية إلى أن الخروج تم سلميا ما يتعارض مع الثابت الذي استقيناه من الكتب الدينية وهو أن موسى وبني إسرائيل تمت ملاحقتهم من قبل الفرعون الحاكم آنذاك الذي كان مصيره مأساويا الغرق
ومومياء توت عنخ امون تثبت أنه مات مقتولا بضربة على الرأس وليس غرقا
هذه النظرية الغريبة دفعت كل من سمعها إلى طرح السؤال التالي هل هناك دافع خفي وراء طرح فرويد هكذا نظرية
بحسب الدكتور رشدي البدراوي وهو أستاذ بجامعة القاهرة الدافع سياسي ففي كتابه موسى وهارون عليهما السلام من هو فرعون موسى
قال إن كان موسى مصريا كما يزعم فرويد فهذا يعني أن لإسرائيل حقوقا تاريخية في مصر من هذا المنطلق تم رفض هذه النظرية رفضا قاطعا
قصة الثعلبي النيسابوري عن من هو فرعون موسي
قبل أن أتناول الاسم الثاني الذي رجح أن الفرعون الذي عاصر النبي موسي استمعوا إلى هذه القصة الأسطورية التي تناولت بعض التفاصيل المتعلقة بحياة للنبي موسى عليه السلام
بحسب كتاب عرائس المجالس للثعلبي النيسابوري تتضمن رواية أكثر من فرعون فأولهم كان الريان بن الوليد وهو فرعون النبي يوسف عليه السلام
وقد آمن بالله ثم مات فتولى قابوس بن مصعب ورفض الإيمان بالله فهلك وكان يوسف عليه السلام قد مات في عهده
ثم تولى الملك أخوه فرعون الثالث أبو العباس الوليد بن مصعب وكان جبارا أكثر من أخيه الراحل
وحكم فرعون أربعمائة سنة بالبطش والشدة وقسم بني إسرائيل إلى فئات مستعبدة
بحسب الرواية رأى الفرعون الثالث أبو العباس الوليد بن مصعب نارا تأتي من جهة بيت المقدس فتحرق المصريين وينجو منها بني إسرائيل
وفسر له سحرته هذا بأن مولودا من بني إسرائيل يدمر ملكه فامر بقتل ذكور بني إسرائيل
قصة موسي وفرعون
ويضيف النيسابوري قصة مثيرة تقول إن أم النبي موسى عليه السلام حين أرادت إلقاءه في النهر تنفيذا لوحي الله اشترت تابوتا صغيرة من نجار
فلما سألها عما تفعل به كرهت أن تكذب وأخبرته بالحقيقة فذهب ليشي بها فألقى الله على لسانه الخرس
فدعا الله أن يرفع عنه هذه النقمة على ألا يشي بموسى عليه السلام وأمه فارتد له نطقه ورجع عما كان ينوي
للقصة المثيرة تتمه ابنة الفرعون آنذاك كانت مصابة بالبرص وقد نصحها السحرة أن تمسح وجهها بأول شيء يلقيه نهر النيل إليها
نعم كان التابوت هو أول ما وقعت يدي ابنة فرعون عليه عند ذهابها إلى ضفة النيل ففتحته ووجدت الرضيع موسي
وبحسب الرواية مسحت وجهها بريقه فشفيت لا لم تنتهي الرواية بعد
فبحسب الكاتب حاول الفرعون قتل موسى الطفل أكثر من مرة بعد أن شعر أن هذا الطفل ليس كسواه وأنه قد يهدد عرشه
إلي أنا توسلات زوجة فرعون هي التي أنقذت الطفل من براثن الموت في كلتا المرتين بحجة أنه طفل صغير لا يعرف التمييز
هنا قرر فرعون اختبار الطفل فوضع جمرة متقدة أمام الرضيع وإلى جوارها يقوت
فإذا تناول الياقوت وتجنب الجمرة فهو مميز فما الذي فعله الطفل موسى برأيكم؟ لا لم يتناول الياقوت بحسب الكتاب وإنما تناول الجمرة ووضعها على لسانه
فلهذا أصبحت لديه بعض عيوب النطق المقصودة في قول النبي موسى عليه السلام {واحلل عقدة من لساني}
وتتابع الرواية أن قصر فرعون كان أشبه بمدينة حصينة تضم عددا من الأسود إلا أن النبي موسى عليه السلام رغم كل ذلك تمكن من دخول القصر والمثول أمام فرعون
حيث جرى الحوار الشهير والذي دفع فرعون إلى التبرز 40 مرة خوفا من النبي موسى عليه السلام فكر فرعون جديا في الإيمان برب موسى
إلا هامان وزيره ثناه عن ذلك ولما قال له موسى عليه السلام لو آمنت لا رددت عليك شبابك
هما أن يؤمن لولا أن وزيره كان قد عرفه على كيفية صبغ الشعر بالحنة ليبدو أكثر شبابا ويقنعه بالعدول عن الإيمان
وتقول الرواية أيضا أن الملاك جبرائيل قد أتى فرعون في هيئة بشرية ليستفتيه في أمر
فسأله لو رأيت أن عبدا أكرمه سيده ومنحه كل شيء ثم جحد العبد وادعى أنه هو السيد ما عقابه؟
فأجابه فرعون عقابه الغرق فطلب منه جبرائيل عليه السلام أن يكتب فتوى بذلك ويوقعها ففعل فرعون
فلما أدرك فرعون الغرق وصاح يعلن إيمانه بالله ظهر له جبرائيل وقال له هذه فتواك ودست رسالة الفتوى في فمه ليختنق ويغرق
هذه إحدى الروايات الأسطورية التي طرحناها من باب الإحاطة بكل جوانب الموضوع لا التبني على الإطلاق
انبثقت هذه الرواية حول النبي موسى والفرعون مستغلة فكرة عدم ذكر الكتب الدينية تفاصيل القصة لترسم بعض الأحداث المبالغ فيها
فرعون موسى الحقيقي
سنعرف في تلك الفقرة من هو فرعون موسى الحقيقي وسنعرض لكم كافة الأدلة على ذلك
فرعون موسى الحقيقي هو رمسيس الثاني حيث لاقت هذه الفرضية تأييد الكثيرين على اعتبار أن النبي موسى عليه السلام عاش في الدولة الفرعونية الحديثة
أي بعد انتهاء حكم الهكسوس وموقع عيش بني إسرائيل آنذاك أي في أرض جسان وعاصمة رمسيس الثاني الجديدة في الشمال تتيح التقاط النبي موسى من النهر
واتخذوا نتائج دراسة أجريت على مومياء رمسيس الثاني دليلا على صحة هذه النظرية
والاختبارات التي أجريت على الجثة المحنطة وجدت أن رمسيس الثاني مات بما يدعى (اسفيكسيا)
أي الاختناق الناتج عن الغرق كما تم العثور على بعض الأعشاب البحرية بداخله ما اعتبره البعض إشارة من الله عز وجل للتأكيد على أنه فرعون النبي موسى عليه السلام
هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى
الرواية متشابكة أكثر مما تعتقدون وهذه ليست سوى البداية يتساءل البعض كيف يمكن أن يكون رمسيس الثاني هو فرعون النبي موسى
رغم أن الجميع يعلم أن نهايته كانت الغرق ما يعني أنه من غير المنطقي العثور على جثة
استند العلماء للإجابة على هذه التساؤلات على الآية التالية بسم الله الرحمن الرحيم (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) صدق الله العظيم
ما يعني أن المياه لفظت جسد فرعون إلى البر بعد غرقه ما يفسر عملية وجود الجثة والمومياء
ولكن هذه الفرضية لاقت اعتراض بعض العلماء لعدة أسباب العقبة الأولى من التوراة
وهو ما جاء بسفر الخروج وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات ما يعني أن الفرعون رمسيس الثاني قد مات وتولى ابنه مرنبتاح العرش قبل وصول موسى إلى مصر
العقبة الثانية على حد تعبير الباحثين تستند إلى الآية القرآنية الكريمة التالية بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون﴾ صدق الله العظيم
ما اعتبره الباحثون دليلا قاطعا على أن الله سبحانه وتعالى دمر كل ما شيده هذا الفرعون من قصور أو معابد أو تماثيل ومسلات حتى لا يبقى منها أثر ينسب إلى عصره
أما رمسيس الثاني الذي يصفه المؤرخون بأنه الملك البناء أو البناء العظيم فلا تكاد تخلو منطقة أثرية مصرية من أثر يحمل اسمه
ذلك لأنه كان مغرما بالعمارة والبناء وقد اكتشف الآثاريين لهذا الملك الآلاف من التحف والقطع الأثرية المتنوعة بالإضافة إلى عشرات المعابد
ما يعني بالنسبة إليهم أنه من غير الممكن أن تكون نظرية أن رمسيس الثاني هو فرعون النبي موسى عليه السلام صحيحة.
هل عاصر موسى فرعونيين
هنا بدأ الحديث عن إمكانية معاصرة النبي موسى عليه السلام فرعونيين لا فرعون واحد وحسب وهما رمسيس الثاني وابنه مرنبتاح
وأن مرنبتاح قد يكون هو فرعون الخروج لاقت هذه النظرية تأييدا من بعض الباحثين والمؤرخين وفي تفاصيلها فإن الفرعون مرنبتاح هو الابن الأكبر لرمسيس الثاني
وظل حتى بلغ الستين من عمره قائدا لجيش أبيه وتولى حكم مصر لمدة 8 سنوات بعد موت أبيه
وما عزز هذه النظرية بحسب العلماء هو مومياء مرنبتاح الموجودة بالمتحف المصري فهي الوحيدة الشاحبة اللوم
بينما كل المومياوات سوداء اللون من أثر التحنيط الذي يظهر على لون الجلد وقد فسر العلماء هذا الشحوب بتشبع الجثة بعد هلاكها بنسبة كبيرة من ملح البحر الذي غرق فيه الفرعون
هذا إلى جانب لوح مرنبتاح الذي يعتبر الأثر الوحيد الذي قد يكون قد أشار إلى قصة الخروج من مصر فالنص المسجل عليه يشير إلى كل الممالك التي أدبها ملك مصر وأخضعها لحكمه
وعندما جاء ذكر إسرائيل لم تذكر كبلد ولكن كشعب ويقول النص (أبيدت بذرة إسرائيل أو يزريل)
ومن الإشارات غير المباشرة على أن مرنبتاح هو فرعون الخروج هو إهمال الحضارة الفرعونية واقعة غرقه وعدم ذكرها على جدران المقابر أو المعابد
ما اعتبره البعض أن فرعون الخروج كان ضعيفا ولم يكن للحديث ذي قيمة لدى الفراعنة
ملخص
من هنا يمكننا القول إن روايات المتعلقة بفرعون النبي موسى عليه السلام كثيرة ولكل من يؤيدها رأيه وعوامل يستند إليها وسيبقى هذا السؤال قائما وأبديا
إلى أن يتم العثور على وثائق تاريخي أو آثار مصرية جديدة تجيب نهائيا عن هذا السؤال وبالأدلة
لاسيما وأن نسبة ما تم اكتشافه من آثار تعود إلى الحضارة الفرعونية ليست بالنسبة التي تذكر مقارنة بما زال مخفيا تحت رمال الصحراء أو طين نهر النيل
فليس هباء يشاع عن أن مصر تطفو فوق بحر من الآثار التي لا تقدر بثمن والتي تنتظر من يكتشفها فهل سنشهد يوما تنكشف فيه الآثار والوثائق وحقائق أخرى مجهولة عن هذا الفرعون الغامض.
ولمعرفة المزيد حول شخصيات غامضة يمكنك الاطلاع عليها من هنا.
من هو فرعون موسى فيديو
المصادر
الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرسل – الدكتور محمد وصفي
مقال الدكتور رشدي البدراوي من هو فرعون موسى
كتاب عرائس المجالس للثعلبي النيسابوري
مرنبتاح فرعون الخروج – يشير الأديب المصري السيد نجم