من هو تشارلز بونزي
تشارلز بونزي هو أحد أكبر المحترمين في التاريخ الأميركي وأول من أنشأ طريقة الاغتيال الشهيرة والمعروفة بنظام بونزي أو مخطط بونزي حيث ولدت تشارلز بونزي في عائلة ثرية في مدينة روغو ضمن إقليم إيميليا رومانيا في إيطاليا عام 1882.
لكن العائلة عانت فيما بعد من أوقات عصيبة ومن قلة المال
في شبابه عمل بونزي كعامل بريد لكن سرعان ما تم قبوله في جامعة روما لا سبيانزا
اعتبر أصدقائه الأثرياء الجامعة بأنها فترة راحة وإجازة ستمتد لأربع سنوات فكان يذهب معهم إلى الحانات والمقاهي ودور الأوبرا وبهذا أنفق كل أمواله وانتهت الأربع سنوات وهو مفلس ودون حصوله على شهادة
خلال هذا الوقت كان هناك العديد من الايطاليين الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة ويعودون إلى إيطاليا كأثرياء فشجعته عائلته على فعل الشيء نفسه وبهذا سيعيد لها مجدها الضائع
قصة تشارلز بونزي
تبدأ قصة في الخامس عشر من نوفمبر 1903 عندما وصل بونزي إلى بوسطن على متن سفينة اس اس فانكوفر وكان معه اثنين ونصف دولار فقط في جيبه
قال لاحقا لصحيفة نيويورك تايمز لقد وصلت هذا البلد باثنين ونصف دولار نقدا في جيبي ومليون دولار في عقلي ولم تتركني تلك الأحلام أبدا
سرعان ما تعلم اللغة الإنجليزية وقضي السنوات القليلة له بوظائف بسيطة وفي النهاية تولى وظيفة غسل الأطباق في مطعم وكان ينام على الأرض ثم عمل كنادل قبل أن يطرد لاحتياله على بعض الزبائن
بعد بضع سنوات من الفشل في الولايات المتحدة تحديدا عام 1907 انتقل تشارلز بونزي إلى مونتريال في كندا وأصبح مساعدا في بنك ذا روسي الذي افتتح حديثا وهو بنك أنشأه لايجي لويس ذا روسي لخدمة الايطاليين المهاجرين
بحلول هذا الوقت كان تشارلز بونزي يتمتع بشخصية مميزة ويتحدث الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والتي ساعدته في الحصول على تلك الوظيفة
دفع ذا روسي فائدة بنسبة 6% على الودائع المصرفية أي ضعف السعر الساري في ذلك الوقت وترقي تشارلز بونزي إلى منصب مدير البنك واكتشف أن البنك يعاني من مشاكل مالية خطيرة بسبب القروض العقارية
وأن ذا روسي كان يمول مدفوعات الفائدة ليس من خلال الربح على الاستثمارات ولكن باستخدام الأموال المودعة في الحسابات المفتوحة حديثا ليوهم أن البنك يحقق أرباحا فتزيد ثقة العملاء أباه وتزيد معها مدخراتهم
فشل البنك في النهاية وهرب ذا روسي إلى المكسيك بجزء كبير من أموال البنك بقي تشارلز بونزي في مونتريال وعاش لبعض الوقت في منزل ذا روسي لمساعدة أسرة الرجل المهجورة
وبينما كان يخطط للعودة إلى الولايات المتحدة والبدء من جديد دخل إلى مكتب عميل ذا روسي السابق شركة كانديان ولم يجد أي شخص هناك فكتب لنفسه شيكا بمبلغ 423 ألف دولار في دفتر شيكات وجده وقام بتزوير توقيع مدير شركة داميان فورنييه.
وفي تحقيق من قبل الشرطة التي لاحظت نفقاته الكبيرة بعد صرف الشيك المزور مباشرة اعترف تشارلز بونزي وقال أنا مذنب
انتهى به الأمر إلى قضاء إUٌٍأ سنوات في السجن سجن سانت ديبول الفيدرالي وهو منشأة قائمة تقع في ضواحي منتريال
وبدلا من إبلاغ والدته بسجنه أرسل لها رسالة مفادها أنه وجد وظيفة كمساعد خاص لمدير السجن
بعد إطلاق سراحه في عام 1911 قرار تشارلز بونزي العودة إلى الولايات المتحدة لكنه تورط في مخطط لتهريب مهاجرين إيطاليين غير شرعيين عبر الحدود وتم القبض عليه وقضى عامين في سجن أتلانتا
وبعض إطلاق سراحه للمرة الثانية عاد إلى بوسطن وعمل في معسكر تعدين كممرض وأثناء عمله هناك أصيب زميله بحروق شديدة في حادث
وعلى الرغم من عدم صداقتهما القوية فقط تطوع تشارلز بونزي وعمل عمليتين كبيرتين للتبرع ب 220 بوصة مربعة من جلدة من ظهره وساقيه أدى ذلك إلى أصابته بالتهابات ومضاعفات عديدة
مخطط بونزي
وفقد تشارلز بونزي وظيفته ليقوم بعدها بعمل دليل تجاري فيما يشبه الصفحات الصفراء إلا أنه فشل مشروعه حتى أرسلت شركة أسبانية رسالة تطلب فيها دليل وضمنت رسالتها كوبون بريدي
الكوبون هذا يمكن استبداله بطوابع بريدية كبديل للنقود على أن يرسل لها الدليل إلى أسبانيا
لم يكون تشارلز بونزي يعرف شيء عن هذه الكوبونات تبعد ولما اكتشف أنه يوجد فرصة تجارية كبيرة بحيث كان هنالك فرق كبير بين سعر شراء الكوبون في إيطاليا وصرفه أو استبداله بطوابع بريدية في أميركا
فكان شراؤه في إيطاليا رخيصا بينما يمكنك الحصول على طوابع بريدية ذات قيمة في أميركا
وقدر تشارلز بونزي الفائدة من هذه العملية ب 400% وأخبر الكثير من أقاربه لينضموا لمحفظتها التي تتاجر في كوبونات الطوابع البريدية وعرض حينها فائدة تتجاوز الخمسين بالمئة خلال 45 يوما
وانتشر خبر محفظة تشارلز بونزي وبالفعل تم دفع الأرباح للمستثمرين ووظف الوسطاء والوكلاء لجمع الأموال من المستثمرين
مبدئيا استطاع تشارلز بونزي تجميع خمسمائة دولار وخلال فترة بسيطة تم جمع 30 ألف دولار ثم علم آخرون عن محفظة بونزي في ولايات أخرى وازدادت الأموال المستثمرة
وخلال سنة واحدة كان الأموال المستثمرة لدى محفظة بونزي تتجاوز الملايين ومن ثم قام بالاستيلاء على جزء كبير من اسهم بنك هانوفر في بوسطن وتمكن من أن يصبح رئيسا تنفيذيا للبنك.
وتمت عملية الاحتيال عن طريق دفع فوائد للمستثمرين الأقدم من أموال المدخرين الجدد وإيهام الناس بأنها أرباح وفوائد أموالهم
ووعد عملاءه بنسبة أرباح تصل إلى 50% في غضون خمسة وأربعين يوما و 100% في غضون 90 يوما عن طريق شراء الكوبونات البريدية في بلدان مختلفة وبيعها وإنجاز لها في القيمة الرسمية في الولايات المتحدة باعتبار ذلك شكلا من أشكال التحكيم
ومع مرور الوقت أصبح دخله لا يقل عن 250 ألف دولار يوميا في بداية عام 1920
بحلول يونيو 1920 كان ناس قد استثمروا مليونين و500 ألف دولار في مخطط بونزي ما يعادل 32 مليون دولار في عام 2019
وبحلول شهر يوليو كان يجني مليون دولار في الأسبوع وبحلول نهاية يوليو كان يجني مليون دولار في اليوم
عاش تشارلز بونزي في رفاهية اشترك سرا في لكسنغتون في ماساسوشيتس وكان لديه حسابات في العديد من البنوك عبر نيوانغلاند إلى جانب هانوفر تريست واشترى سيارة لوكو موبايل أفضل سيارة في ذلك الوقت
واشترى أيضا شركة معكرونة واستثمر في شركة نبيذ في محل محاولة لكسب الأرباح وكان قد اشترى في البداية تذكرتين من الدرجة الأولى لايطاليا لقضاء شهر عسل متأخر مع زوجته
لكنه قرر بدلا من ذلك تغييرهما لإحضار والدته من إيطاليا إلى الولايات المتحدة في قاعة فاخرة من الدرجة الأولى على متن سفينة بحرية وعاشت مع عائلة ابنها حتي توفيت بعد فترة وجيزة
في الحادي والثلاثين من يوليو 1920 أخبر بونزي الأب باسكوال دي ميلا مدير دار الأطفال الإيطالية في جمع كابلين أنه سيتبرع بمبلغ مئة ألف دولار تكريما لروح والدته
أثار صعود تشارلز بونزي سريعة شك بطبيعة الحال خاصة عندما اقترح كاتب مالي في بوسطن أنه لا توجد طريقة يمكن لتشارلز بونزي أن يحقق بها مثل هذه الأرباح بشكل قانوني في فترة زمنية قصيرة
رفع تشارلز بونزي دعوى قضائية بتهمة التشهير وفاز بتعويض قدره خمسمائة ألف دولار نظرا لأن قانون التشهير في ذلك الوقت وضع عبء الإثبات على الكاتب والناشر
فقد أدى ذلك إلى تحييد أي تحقيقات جادة في تعاملاته لبعض الوقت لم تنجح دعوة القضائية لكنها دفع الناس في البدء في التساؤل عن كيفية تحول تشارلز بونزي من مفلس إلى مليونير في فترة زمنية قصيرة
في الرابع والعشرين من يوليو 1920 نشرت صحيفة بوسطن بوست مقالا إيجابيا عن تشارلز بونزي وخطته التي جلبت المستثمرين بشكل أسرع من أي وقت مضى
ففي اليوم التالي من نشر هذا المقال وصل بونزي إلى مكتبه ليجد الآلاف من سكان بوسطن في انتظار إعطائه أموالهم
بالنهاية تم كشف مخطط بونزي من قبل الصحيفة والتي وجدت ان عليه حكما قضائيا في كندا حيث كان يتعامل بشيكات مزورة
كما تبين أنه تعلم كيفية الاحتيال من مصرف في مونتريال والذي كان يخدع العملاء بطريقة مماثلة وبعد إدانته تم الحكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات
حصل تشارلز بونزي على إفراج المشروطة في فبراير 1934 ورحل إلى إيطاليا في أكتوبر من ذلك العام
وقال للصحفيين قبل أن يغادر لقد بحثت عن المتاعب وحصلت على أكثر مما كنت أتوقع
كيف تحول تشارلز بونزي من مليونير الي مفلس
بالنهاية أمضى سنواته الأخيرة في البرازيل وفي فقر مدقع ثم تدهورت صحته وفي عام 1941 تسببت نوبة قلبية في إصابته بضعف كبير وبدأ بصره يضعف
وبحلول عام 1948 كان أعمى تماما وأصيب بنزيف في المخ وبشلل في ساقه اليمنى وذراعه وتوفي في مستشفى خيري في ريو دي جانيرو في عام 1949
على الرغم من أن العديد من عمليات الاحتيال الهرمي يطلق عليها اسم نظام بونزي إلا أنه لم يخترع هذا النوع من الاحتيال
كان توقيت مخطط بونزي في أعقاب الحرب العالمية الأولى حيث كان الاقتصاد الأميركي قد بدأ في الانتعاش مما جعل الناس اكثر عرضة للاحتيال
وقال بونزي في مقابلة قبل وفاته كانت هذه الأيام تتسم بالجنون حيث كان كل شخص يريد جني المال وكان عملي بسيطا وهو أخذ أموال لشخص وإعطائها لآخر
حدثت أسوأ أنواع مخططات تشارلز بونزي في التاريخ في رومانيا وألبانيا بعد سقوط الشيوعية عندما كان الناس في هذه البلدان يعانون من الفقر المدقع لذلك كان أكثر عرضة لكافة أنواع الاحتيال
وبهذا فقد انتهت قصة تشارلز بونزي ولمعرفة المزيد من قصص القتلة والمجرمون يمكنك الاطلاع عليها من هنا.