في هذه المقالة سنتحدث عن قصتين الفرق بينهما واضح وهما قصة جريج العابد وقصه برصيصا العابد عباد بني إسرائيل فبالرغم من أن كلاهما اجتمعوا على عبادة الله واتخاذ صومعة لعبادة الله عز وجل واعتزال الناس إلا
أن برصيصا الذي وصف بأنه أعبد أهل زمانه فشل وكانت نهايته على الكفر بأن أطاع الشيطان حتى سجد له بينما نجح جريج العابد في الامتحان ولم يفعل الفاحشة مع الفتاة وإيده الله بمعجزة أثبت براءته وهو كلام الطفل الصغير فالشاهد من القصتين أن أحدهم عصم والآخر فتن تابعونا للنهاية.
من هو الراهب برصيصا
الراهب برصيصا هو راهب تركت عندهم رأة ناصابها لمم ليدعو لها فزين له الشيطان فوطئها فحملت ثم قتلها خوفا ان يفتضح فدل الشيطان قومها على موضعها فجاء فاستنزلوا الراهب ليقتلوه فجاء الشيطان فوعده انه اذا سجد له انجاه من هم فسجد له فتبرأ منه
قال تعالى في سورة الحشر {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)}
قصه برصيصا العابد
تبدأ قصة قصه برصيصا العابد حيث كان برصيصا راهبا يتعبد في صومعته سبعين سنة يعبد الله تعالى فيحسن عبادته لم يعص الله فيها طرف تعين حتى اعيا ابليس فجمع ابليس مردة الشياطين فقال اهلا اجد منكم من يكفيني امر برصيصا فقال احد الشياطين يقال له الأبيض انا اكفيكه
فانطلق فتزين بزيي الرهبان وحلق وسط رأسه حتى اتي صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه وكان لا ينفتل من صلاته الا في كل عشرة أيام يوما ولا يفطر الا في كل عشرة أيام يوما
فلما رأى الشيطان انه لا يجيبه اقبل على العبادة في اصل صومعته فلما فتل برصيص من صلاته رأى الشيطان قائما يصلي في هيئة حسنة من هيئة الرهبان فندم حين لم يجبه
فقال ما حاجتك فقال ان أكون معك فأتأدب بأدبك واقتبس من علمك ونجتمع على العبادة فقال اني في شغل عنك ثم اقبل على صلاته واقبل الشيطان أيضا على الصلاة
فلما رأى برصيصا شدة اجتهاده وعبادته قال له ما حاجتك قال ان تأذن لي فارتفع إليك فأذن له فأقام الشيطان معه حوله لا يفطر الا في كل أربعين يوما يوما واحدة ولا ينفتل من صلاته الا في كل أربعين يوما يوما واحدة وربما مدى الا ثمانين
فلما رأى برصيصا اجتهاده تقاصرت إليه نفسه وفي احد الأيام قال له الشيطان عندي دعوات يشفي بها الله السقيم والمبتلى والمجنون فعلمه إياها
وبعد مرور الوقت تعرض الشيطان لرجل فخنقه ثم قال لأهله ان بصاحبكم جنونا افأطبه قالوا نعم فقال لا اقوى على جنيته ولكن اذهب به الى برصيصا فجاءوه فدعب تلك الدعوات فذهب عنه الشيطان
ثم جعل الشيطان يفعل بالناس ذلك ويرشدهم الى برصيصا فيعافون فانطلق الى جارية من بنات الملوك بين ثلاثة اخوة وكان ابوهم ملكا فمات واستخلف اخاه وكان عمهما ملكا في بني اسرائيل فعذبها وخنقها ثم جاء لهم في هيئة رجل مطبب ليعالجها.
فقال لهم ان شيطانها مارد لا يطاق ولكن اذهبوا بها الى برصيصا فدعوها عنده فإذا جاء شيطانها دعا لها فبرئت فذهبوا بها الى هذا العابد الزاهد فقال لهم اذهبوا انني لا اقرأ على النساء فطردهم فقالوا لا يجيبنا الا هذا
فقال ابن صومعة في جانب صومعته ثم ضعوها فيها وقول هي امانة عندك فاحتسب فيها.
فلما انفتل من صلاته اتهاه الشيطان وقال له هذه جارية مريضة مسكينة اقرأ عليها لتذهب الى أهلها فذهب اليها برصيصا العابد وعاين الجارية فوقع شيطان في قلبهما بها من الجمال فاسقط في يده فجاءها الشيطان فخنقها فانفتل من صلاته ودع لها فذهب عنها الشيطان.
ثم اقبل على صلاته فجاءها الشيطان فخنقها وكان يكشف عنها ويتعرض بها لبرصيصا ثم جاءه الشيطان وقال واقعها فما تجد مثلها ثم تتوب بعد ذلك
فلم يزل به حتى واقعها فحملت وظهر حملها فقال له الشيطان قد افتضحت فهل لك ان تقتلها ثم تتوب فلا تفتضح فان جاءوك وسألوك فقل جاءها شيطانها فذهب بها فقتلها برصيصا ودفنها ليلا
فاخذ الشيطان طرف ثوبها حتى بقي خارجا من التراب ورجع برصيص الى صلاته ثم جاء الشيطان اخوتها في المنام فقال ان برصيصا الكاهن فعل باختكم كذا وكذا وقتلها ودفنها في جبل كذا وكذا
فاستعظموا ذلك وذهب الى برصيص وقالوا له ماذا فعلت باختنا فقال ذهب بها شيطانها فصدقوه وانصرف ثم جاءهم الشيطان في المنام مرة أخرى وقال لهم انها مدفونة في موضع كذا وكذا وان طرف ردائها خارج من التراب فانطلقوا فوجدوها
فهدموا صومعته وانزلوه وخنقوه وحملوه الى الملك فاقر على نفسه فامر بقتله فأتاه الشيطان فقال اتعرفني فقال برصيصا لا فقال الشيطان انا صاحبك الذي علمتك الدعوات اما اتقيت الله اما استحييت وانت اعبد بني إسرائيل ثم لم يكفك صنيعك حتى فضحت نفسك واقررت عليها وفضحت اشباهك من الناس
فان مت على هذه الحالة لم يفلح احد من نظرائك بعدك فقال ماذا افعل قال تطيعني في خصلة واحدة وانجيك منهم واخذ بأعينهم قال وما ذلك قال تسجد لي سجدة واحدة فقال انا افعل
فسجد له من دون الله فقال يا برصيصا هذا ما اردت منك وكان عاقبة امرك ان كفرت بربك ان بريء منك ان أخاف الله رب العالمين
الدروس المستفادة من قصة برصيصا العابد
الدروس المستفادة من قصة برصيصا على الرغم من ايمان الراهب برصيصا وتعبده وزهده الا ان ذلك لم يمنعه من سوء الخاتمة ولعل ثغرة في امر برصيصا هي الذلة الأولى التي بها هوت قدمه في قاع الرذيل فلو انه لم يتهاون منذ البداية واصد الشيطان عنه ولم يترك له فرصة لما صار مضرب المثل في سوء الخاتمة
لكن بمجرد التنازل لمرت واحدة صارت سلسلة من التنازلات أدت به للموت على الكفر بان سجد للشيطان ولعياذ بالله تعالى
وتكشف لنا هذه القصص عن مواقف اهل الفساد والفجور من الصالحين والاخيار في كل زمان ومكان ومحاولتهم تشويه صورهم وتلطيخ سمعتهم واستخدام أي وسيله لإسقاطهم من اعين الناس وفقد الثقة فيهم وبالتالي الحيلولة دون وصول صوتهم ورسالتهم الى الاخرين
وتلك كانت قصة برصيصا الراهب دمتم في رعايه الله وحفظه ولمعرفة المزيد من قصص الصالحين يمكنك الاطلاع عليها من هنا