الموت والحياة
كتب/ محمد فايد
المقدمة:
العلاقة بين الموت والحياة علاقة وثيقة جداً بدأت منذ بداية الخليقة، فهي من الأساسيات التي قام عليها الكون، والعلاقة بين العالمين علاقة تكامل وتجانس وتناغم، فلولا الحياة ما كان الموت، ولولا الموت ما كانت الحياة، ومنذ بداية التاريخ بدأ الإنسان يفكر في هذه الظاهرة الإلهية العظيمة، وبدأوا يؤسسون الأفكار والحضارات يبنون تاريخ (واحدة) من أهم أساسياته هي العلاقة بين عالم الأحياء وعالم الموتى.
١- دورة الحياة والموت:
إن دورة الحياة والموت تجمع بين عالمي الأحياء والموتي في تناغم واتساق مذهل، فإن الأرض الأم التي تلد الأشياء جميعاً من إنسان وحيوان ونبات، وتتعهدهم بالعناية والرعاية وتمنحهم القوة، تجمعهم مرة أخرى في رحمها لتعيد عملية البناء في رحمها مرة (ثانية)، ويتكرر ذلك الميلاد والحصاد ما دامت الحياة مستمرة.
٢- أثر هذا التصور:
إن هذا التصور لدورة الحياة يزيل رهبة الموت من نفوس البشر إلى حد كبير، لأن الموت لا يكون حينئذٍ النهاية المطلقة التي لا شيء بعدها سوى العدم، بل أن الحياة تتجدد مع كل ميلاد جديد، وعندما تنتهي حياة الإنسان تضمه الأرض بين جنباتها، حيث يحيا عالم آخر خاص بالموتى.
٣- أثر الخيال الإنساني على الحضارات عبر التاريخ:
تخطي الخيال الإنساني كل هذه العقبات والأخطار التي تفصل بين العالمين، وأقام علاقة مباشرة بينهما لذلك عرفت كثير من الحضارات عبر التاريخ ما يعرف بقصص النزول.
٤- ما هي قصص النزول:
هي نزول بعض الأحياء لسبب أو أخر إلى عالم الموتى، والعودة مرة أخرى للحياة سالمين، وأقدم هذه الرحلات التي حفظتها لنا الوثائق الأدبية هي رحلة المعبودة “عشتار” زوجة المعبود “تموز” إلى مملكة الموتى، أو عالم اللارجعة، كما تشير إليها المصادر السومرية والبابلية، ويحفل التراث الإغريقي كذلك بقصص نزول بعض الأحياء إلى عالم الظلمات والعودة مرة أخرى إلى عالم النور.
٥- رحلة أودسيوس:
التي يصفها “هوميروس” في الأوديسا، ففي نهاية الأنشودة (العاشرة) تخبر “كيركي” “أودسيوس” أنه عليه القيام برحلة إلى بيت “هاديس” و”برسيفوني” بحثاً عن ذلك العراف الطيبي الضرير “تاير يسياس”، ليسأله إن كان مكتوباً له أن ينجو ويصل إلى وطنه سالماً، ويفرد “هوميروس” الأنشودة “الحادية عشرة” لوصف هذه الرحلة والحديث عمن قابلهم “أودسيوس” في العالم الآخر وما شهده فيه.
٦- رحلة المعبودة ديميتر:
قد قامت المعبودة “ديميتر” بنفس الرحلة للعالم الآخر، أثناء بحثها عن ابنتها “برسيفوني” التي اختطفها المعبود “هاديس” ليتخذها زوجة له، عندما أصاب الحزن قلب “هاديس” طافت في الأرض باكية مولولة، فجدبت الأرض وابتلي العالم بالمجاعة، لذلك تدخلت المعبودات لحسم الخلاف، وتم الإتفاق بين “ديميتر” وبقية المعبودات على أنه إذا لم تكن “برسيفوني” قد تناولت طعاماً في عالم الموتى فإنها تعود إلى أمها.
المرجع /
العالم الآخر في المسرح الإغريقي ل /د/منيرة عبدالمنعم كروان.
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ