قصة الرجل الفيل تعتبر واحدة من القصص التي ستترك فيك أثرا غائرا، وستكون عبرة وموعظة للآخرين، تخبرهم أن الشكل لم يكن يوما كل شيء، وأن الإنسان قد توضع روحه العفنة في قالب من الجمال الفاتن، لكنه سيبقى سيء من الداخل،
لكن ال مفتقرين للجمال يكونون الأكثر معاناة بسبب ميل الجميع للأخذ بالمظاهر والحكم من خلالها فان افتقرت للجمال تجنبوك دون أن يفكر في النظر عبر قلبك المتواضع لروحك النقية.
ولكن ماذا لو لم تكن مفتقرا للجمال فحسب، وإنما ألم بك المرض ليجعلك نصف فيل ونصف إنسان ليجعلك الرجل الفيل.
من هو الرجل الفيل
الرجل الفيل هو جوزيف ميريك، إنجليزي الأصل والنشأة ولد في عام 1862 وولد لأب وأم طبيعيين، وكان عنده أخ وأخت، لكن الأسماء لم تكن تعني شيئا بالنسبة له حينها، فقد كان معروفا باسم الرجل الفيل لمدة طويلة من حياته القصيرة،
قصة الرجل الفيل
عند مولد جوزيف، كان طفلا طبيعيا يشبه أطفال البشر جميعا، لكن عندما قارب على بلوغ عامه الثاني، بدأت أعراض التشوهات في الظهور عليه في البداية بدأت تكتلات غريبة تظهر تحت جلده، خاصة في منطقة الصدر والرقبة والرأس.
ثم بدأت أجزاء من جسده في الاتفاق بشكل مرعب، وظهرت نتوءات في ظهره ورأسه زادة من حجمه و شعلته أقرب للضخامة.
ولم يكن شكله هو العائق الوحيدة امامه، وإنما تسببت الأعضاء المتضخمة في المشاكل كمواجهته صعوبة في الكلام بسبب انتفاخ شفتيه ولسانه، وأجرى عملية ذات مرة للتقليل من حجم شفتيه التي كان تضخمها يجعله يشبه الفيل لذلك سمي الرجل الفيل.
كما عجز عن تحريك ذراعيه بسهولة وعن إنهم على ظهره لأنه كان يعجز عن التنفس حينها، لذلك وجب عليه النوم على جنبه دائما.
بطبيعة الحال، كانت أمه أولهم، نبدأ بملاحظة أعراضه، لكن ما ان تطورت، فبدأ المجتمع المحيط به يلاحظه، كان أحد التفسيرات القاسية التي واجه الناس بها شكله الغريب أن والدته قد اغتصبت من قبل فيل سيرك، لذلك فهو نص فيل نصف إنسان.
وقد عاش المسكين جزء من غير هي من حياته ضحية لهذه الأكذوبة، ومصدق انه غير بشري، بل إن جميع من حوله كانوا يعتبرونه غير بشري ولا إنسان، وإنما مسخ هجين بين البشر والفيلة.
إن من المرعب أن نلاحظ كيف يستطيع الخيال والقسوة معا أن يحفرا قبر إنسان لم يكن له أي ذنب فيما أصابه،
كان الآخرون يكرهونه، وينفرون منه، ويتجنبونه ويحاولون للابتعاد عنه قدر الإمكان و عندما كان صغيرا لم يكن يسلم من المضايقات والتحرشات والسخرية خاصة من الأطفال الآخرين في الشارع، فكانوا يتعمدون إهانته وإلقاء الأشياء عليه.
و عندما كان صغيرا، لم يكن إسلام من المضايقات والتحرشات والسخرية، خاصة من الأطفال الآخرين في الشارع، فكانوا يتعمدون إهانته وإلقاء الأشياء عليه ووصفه بأفظع الألفاظ.
كان الشخص الوحيد الحنون والداعم في حياته، هو أمه التي ضمته إلى صدرها تحاول حمايته من كل ما اتجهت به الألسنة القاسية إليه، وتتلمس طرق التخفيف عنه.
ولكن ماتت مها الحنونة وهو في الثانية عشر من عمره، رحلت وتركت ابنه الزوج سكير قاس، غير عابئ ولا مهتم، وإنما رأي ابنه المشوه حملا وعبئا عليه تمنى لو تخلص منه وتركت ابنها لعالم كان أكثر قسوة من الأب السكير ذاك.
وبعد موت الأم، تزوج الأب وفجاءة الزوج حاقدة كاره الطفل البريء، وما كان منها إلا أن طردته من البيت، ولم يكن هناك أحد ليدافع عنه أو يعده للبيت ثانية، وإنما سعد الجميع بالتخلص منه، وعدم اعتباره فردا من أفراد العائلة،
واجه جوزيف حياة التشرد الصعبة وحاول بجهد بالغ الحصول على أي عمل يعيش من أجره، لكن أحدا لم يقبل بتوظيفه، ونفر الجميع منه، وطاردوه وتجنبوا.
دخل بعد ذلك دارا للمشردين والفقراء قضي فيها وقت بسيطا، ولم يتحمل الحياة فيها، فهرب منها للتشرد الشارع ثانيه حتى أثر عليه أحد الجشعين الذي كان مديرا لنوع لا أدمي من السيرك، كان سيركا للمعاقين والمشوهين الذين بلغ منهما تشوه، والإعاقة حدا غريبا وعنيفا، جعلهم يظهرون أبعد ما يكون عن المظهر الآدمي المعتاد،
فيرتحل بهم، ويطلب منهم الصعود على المسرح أمام الناس، يعرضون أمراضهم وتشوهاتهم وعيوبهم تحت الأضواء، وأمام العيون القاسية المهينة، وكان الناس يسافرون لحضور تلك العروض، ويشاهدوا جوزيف وأمثاله على المسرح فيلقون عليهم نظرات مشمئزة وثمرات الطماطم وأحيانا الأحجار الصغيرة، مستمتعين بآلامهم وعذابهم.
لم تكن حياة السيرك راغدة أو جميلة، بل إنها كانت جحيما مستعرا فكان جوزيف يقيم في قفص قذر، مثله مثل أحد الحيوانات، و صاحب السيرك يعرضه على ناس، ويجني من وراء مأساته المال.
وكان جوزيف مضطرا لمقابلة كل تلك الإهانة والمآسي بالقبول وتجرعها بصمت وانكسار لأنه لم يجد خيار آخر.
لكن بعد ذلك بفترة قصيرة، أغلقت السلطات ذلك النوع الآدمي من السيرك، وحذرته تعاطفا مع أصحاب الإعاقات، لكنها لم توفر لهما بديلا، فعادوا للتشرد في الشوارع.
كان الطبيب تريفيس قد رأي جوزيف في أحد المرات وتعاطف معه ومع حالته وعرض عليه تقديم العون لكن كبرياء جوزيف، منعه من القبول قائلا بأنه ليس شحاذا، لكن بعد تشرد الرجل الفيل ثانيه ، لم يجد جوزيف ميريك بدا من اللجوء للدكتورة تريفيس مرة أخرى لعله يقدم له المساعدة.
عرفت ملكة بريطانيا بحكاية الرجل الفيل وأبدت تعاطفها معه، وأعطى الدكتور تريفيس الصلاحيات لإيواء جوزيف وعلاجه، فأدخله إحدى المستشفيات في لندن، وقدم له في تلك المستشفى ما لم يذقه، ولم يحلم به في حياته كلها،
فهناك وجد الرعاية والاهتمام والفراش الدافئ والمريح و الطعام الساخن وعندما بدأ الجميع في التعامل معه والاقتراب منه وأخذه من مأخذ إنساني كانت المفاجأة برغم كل ما مر به جوزيف،
فقد فوجئ الناس بأنه كان إنسانا رقيق القلب، حساسا، متدفق المشاعر، مثقفا و متفتح العقل، يجيد القراءة والكتابة، رغم أن عددا كبيرا من الإنجليز في ذلك الوقت، كانوا يعانون الأمية.
بعد أن ظل ناسجا فرون منه طوال حياته، بسبب شكله، صاروا يتقربون إليه ويحبونه، ويتغاضون عن شكله الغريب، يتلمسون الوصول لروحه والاستفادة من ثقافته وعذب حديثه، ووجدوه يكتب الأدب والشعر، وينقض مسرحيات شيكسبير ويصنع المجسمات الهندسية المصغرة المتقنة،
وظهر خلف القالب المخيف إنسان بغاية الجمال و بعد أن كان الناس يقصدونه للسخرية منه في عروض السيرك، صار المثقفون والنبلاء والأميرات والفنانون يقصدونه للحديث معه وسؤاله في الأدب والفن، فيفتح لهما قلبه، ويخبرهم بأجمل مما جاءوا ليسمعوا.
وتم نقله بوصاية إحدى الأميرات للمستشفى الملكي، وتكفل برعايته وعلاجه بالكامل، وعرفت عنه الصحف والجرائد، وجعلت منه موضوع عناوينها الرئيسية.
موت الرجل الفيل
ولكن كانت النهاية الرجل الفيل حزينة، ومؤسفة. فكما ذكرنا أنه كان عاجزا عن النوم على ظهره، ولكن في إحدى الليالي، ولا أحد يدري إن كان ذلك بقصد أو بدون قصد، نام على ظهره فاختنق ومات.
مات صغير حزينا لأن قلبه كان كغيره من الشبان كان آملا للحب والعشق تتمنى لو أن ضريرا تسمعه فتعجب به، وتحبه دون أن تكون قادرة على رؤيته، والفزع من شكله، أو على الأقل دون أن يحول شكله المرعب بينه وبين قلبها.
لكنه مات قبل أن تتحقق أمنيته وبرغم كل معاناه في حياته، فكانت روحه أجمل، وأنقى من أن يفسدها الألم، وبهذا توفي وهو لم يتجاوز 27 ربيعا، وفارق هذا العالم القاسي.
احتفظ العلماء بهيكله العظمي في كلية الأطباء بلندن. ومنعت في الوقت الحالي من العرض أمام الزوار، وتم تأليف مسرحية تحمل اسم الرجل الفيل سنة 1970، ولقت نجاحا كبيرا في مسرح برودواي الشهير،
وانتشرت في الثمانينيات إشاعة تقول أن المغني الشهير مايكل جاكسون قد دفع مبلغ فادحا لشراء الهيكل العظمي للرجل الفيل.
قصة فيلم الرجل الفيل
وعن قصة فيلم الرجل الفيل منذ ما يقرب من ال40 عاما، صدر فيلم الرجل الفيل الذي يحكي قصة حياة جوزيف ميريك الذي يعاني من تشوهات خلقية جعلته أقرب للمسخ يستعرض فيلم الرجل الفيل حياته التي قضاها في مقاس متصلة والتي انتهت بموته، جوزيف ميريك شخص حقيقي وليس وليد خيال.
مؤلف الفيلم الفيلم بطولة جون هارت وأنتوني هوبكنز، ومن إخراج ديفيد لانش، وتم ترشيح الفيلم لثماني جوائز أوسكار، وحصل على جائزة البافتا لأفضل فيلم.
ويدور فيلم الرجل الفيل حول طبيب يحاول مساعدة حالة إنسانية لشخص لديه تشوهات خلقية منذ الولادة، جعلت شكلها شبه بالفيل، وجعلت الناس يعجزون عن التصديق بأنه إنسان. فرحت الشائعات والأقاويل تزعم بأنه ليس إنسانا.
وفي أحد مشاهد الفيلم يمتلئ الكادر بوجه الطبيب الذي قام بدوره أنطوني، كأن في هذا المشهد يستكشف حالة جوزيف ميريك ويتفحصها عن قرب، وتملأ الدموع عينيه، وكان ذلك أحد أصدق التعبيرات عن الألم الإنساني.
هنا إنسان يتألم لأجل إنسان آخر مشاعره واضحة تماما وما مقدمه كانت صحبة الإنسانية الطبيعية عندما كان يدعوه للشاي في بيته مع زوجته.
وعلى الجانب الآخر، هناك الموظف قاسي القلب الذي يتلصص على جوزيف ميريك، ويدعو أصدقائه للاستمتاع بمشاهدة المسخ يزعجونه، ويهينونه ويسخرون منه، بينما يصرخ فيهم جوزيف ميريك أنا لست مسخا أنه إنسان، ولكنهم لا يتلفتون لنداءه هنا أيضا كان أحد أهم مشاهد قسوة الإنسان.
وبذلك فقد انتهت قصة الرجل الفيل. ولمعرفة المزيد من قصص الغموض الواقعية يمكنك الاطلاع عليها من هنا