عن من هم من هم العماليق وما علاقتهم بعوج بن عنق لم أكن أعلم يوما أن هذه الشخصية اي عوج بن عنق ستكون مجددا محور إحدى مقالاتي، أو بالأصح القوم الذين تنتمي إليهم هذه الشخصية، ولم أتخيل أن أتناولها وقومها في خضم أحداث لم تشهد الإنسانية مثلها من قبل في عصرنا الحديث، على الأقل .
مقدمة
أعداء ألدة ورعب مازال يلاحق أحد هذه الأطراف إلى يومنا هذا، ما علاقة هذه الشخصية عوج بن عنق وقومها العماليق بالحرب التي تجري اليوم؟ لماذا بات الكل يتحدث عن هؤلاء القوم؟ وتحديدا لماذا عاد العماليق من تاريخهم السحيق ليتصدروا أخبار يومنا هذا؟
وما الذي قصده بنيامين نتنياهو عندما ألقى هذه القنبلة؟ وهل حقا، كما يشير البعض، التاريخ يعيد نفسه، كيف؟ ولماذا؟ أسئلة كثيرة، وتفاصيل مثيرة. سنعرفها الليلة في رحلة عبر التاريخ السحيق لنتعرف على من هم العماليق رعب اليهود الدائم
في 28 من أكتوبر من العام 2023، وفي خضام الحرب الإسرائيلي الشعواء على قطاع غزة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أحد المؤتمرات الصحفية مصرحا بالعبارة التالية يقول كتابنا المقدس تذكروا ما فعل العماليق بكم، نحن نتذكر ونقاتل.
تصريح ليس بجديد، فقد سبقه تصريح حول أبناء النور وأبناء الظلام، وتصريحات أخرى في جلساتهم مع الحاخامات تم تسريبها، وتتحدث عن قتل أبناء ونساء وأغنام وحمير وأبقار العماليق، وكلها منتقاة من التوراة طبعا.
هذه التصريحات بالمناسبة، كانت من الأدلة التي ارتكزت عليها جنوب إفريقيا في الدعوة التي قدمتها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بجرم الإبادة الجماعية لماذا؟ ستفهمون العلاقة بعد أن نتعرف معا على من هم العماليق ؟ وما علاقة العماليق ببني إسرائيل، ولماذا هذا الحقد الدفين؟
لذلك، حافظ على كل تركيزكم واسمعوا القصة
من هم العماليق وما هو أصلهم
تعود جذور القصة إلى أكثر من 40 قرنا خلت، أي إلى زمن النبي إبراهيم عليه السلام، حيث وبحسب الكثير من المؤرخين أمثال الطبري وابن خلدون وغيرهم، سكن قوم العماليق الجزيرة العربية، وصولا إلى بلاد الشام ومصر
هؤلاء القوم، أي العماليق هم قوم يرجع نسبهم بحسب المؤرخين العرب، إلى عمليق بن لاوث بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، البعض يرى أنهم أصل العرب، وآخرون أمثال المسعودي أوردوا في كتبهم ان عمليق وقومه أول من تكلموا اللغة العربية،
طبعا في هذا الأمر اختلاف مع وجود مصادر أخرى ترى أن نبي الله إسماعيل عليه السلام هو أول من تكلم العربية،
والبعض الآخر يرى أن العماليق هم قبائل البدو الذين أطلق العرب عليهم هذا الاسم، وعادوا واندمجوا مع العرب بعد هزيمتهم على يد بني إسرائيل، وهي الحكاية التي سنصل إليها لاحقا.
نعود إلى عمليق هذا التي تقول المصادر التاريخية العربية أنه وأولاده وأحفاده سكنوا في بادئ الأمر في الجزيرة العربية، الا أنهم انتقلوا إلى أرض الرافدين، ليقتنوها مع أحفاد آخرين للنبي نوح،
وعلى ما يبدو تكاثرت هذه القبائل وازدحمت فيما بينها وبحسب المصادر أيضا مع انهيار برج بابل، أضحى لزاما على عمليق وقومه العماليق العودة باتجاه الجزيرة العربية،
وبالتالي الانتشار في أنحائها، مشكلين كبرى قبائل الجزيرة العربية مثل جاسم بنو لف، بنو سعد بن وظفار بنو الأزرق بنو راحل بنو مطر وبنو أرقم وغيرها الكثير من القبائل العربية التي يعود نسبها بحسب كتب التاريخ هذه إلى عمليق.
وركزوا في التالي، أصدقائنا الفراعنة أو المصريين القدماء، بحسب بعض هذه المصادر، هما من أحفاد العماليق أيضا، البعض المصادر ذهبت إلى أن ملك مصر الذي عاصر النبي يوسف كان منهم أي من العماليق،
لا عجب في هذا، قد يفسر هذا الأمر الكثير من الأمور العالقة من يدري؟
قصة العماليق وعلاقتهم ببني إسرائيل
نعود إلى العماليق الذين وصلوا بحدود انتشارهم إلى فلسطين، من شمالها إلى جنوبها، فعاشوا في أرضها، وتجاوروا مع غيرهم من الحضارات التي سكنت أرض فلسطين، وتعاقبت عليها، اشتهروا بالزراعة، ومن بعدها التجارة، ومختلف الأعمال التي كانت سائدة آنذاك .
وبقي الحال على هذا المنوال حتى خرج بنو إسرائيل من مصر ووصلوا أرض فلسطين، وهناك بدأت المشاكل.
العماليق، أحسوا بالخطر القادم من بني إسرائيل، وبدأت المعارك بينهم وبين بني إسرائيل، وخصوصا أن هؤلاء أي بنوا إسرائيل هم من بدأوا بمهاجمة العماليق بغية الاستحواذ على ممتلكاتهم، في حين أن التطورات وأسفار العهد القديم أشارت إلى أن العملية هم من اعتدوا على بني إسرائيل، ليصبح بذلك الأعداء الأزليين لليهود،
طبعا بهدف تحقير العماليق وتاريخهم كان لا بد للتوراة من أن تورد في نصوصها أمر نسب العماليق فأشارت إلى نسب عمليق جد العماليق العرب، ولكن بطريقة فريدة لم ترد إلا في االتوراة،
فقد ورد في الروايات المدراشية إحدى أبرز التفسيرات التوراة أن جدع مليق المسمى أليفاز كان على علاقة محرمة مع زوجة أحد الأشخاص فأنجب منها ابنة سماها تمناع.
وبحسب الرواية، لم يكتفي بعدها أليفاز بذلك، بل دخل مع ابنته في علاقة سفاح قربي محرمة، نتج عنها ولادة عمليق.
إذا الموضوع زنا وسفاح قربس، نتج عنهما ولادة أحد العمالقة ولكن انتظروا قليلا ألا يذكركم هذا الأمر بموضوع عملاق آخر تكلمت عنه سابقا إحدى المقالات
وهو عملاق ولد، نتيجة أول علاقة زنا في الخلق نعم أصدقائي عوج من عنق الكثير من المصادر، أوردت اسم هذه الشخصية المثيرة للجدل، حفيد آدم عليه السلام العملاق الأبرز في التاريخ.
المصادر التاريخية التي ذكرت هذه الشخصية وأقرت بوجودها، ذكرت حربه مع بني إسرائيل، والرعب الذي كان يسببه لهم فعوج بن عنق هذا كان يصطاد الحيتان و يشويها في عين الشمس كدلالة على ضخامته.
بالإضافة إلى نجاته من الطوفان دون ركوب السفينة لان مياه الطوفان بلغت ركبتيه، بحسب الروايات القديمة، وغيرها الكثير من الأمور التي فصلناها في مقالة عوج من عنق.
المصادر أيضا ذكرت أن عوج هذا مع قبيلته كانوا السبب في رفض بني إسرائيل محاربة الجبارين كما وصفوهم، وفي نهاية الأمر قتل عوج بن عنق على يد النبي موسى عليه السلام.
الروايات التوراتية ذكرت الكثير من المعارك التي دارت بين العماليق وبني إسرائيل، إلا أن المعركة الأبرز والتي يتغنى بها اليهود و يذكرونها في كل محفل يذكر فيه العماليق هي معركة رفيديم.
القصة تقول أن بني إسرائيل كانوا في منطقة تسمى رفيديم عندما باغتهم العماليق بوجوه فقتلوا منهم عددا كبيرا ولم ينجو بعض اليهود إلا بشق الأنفس،
ليعود بنو إسرائيل ويجمع شتاتهم بقيادة يوشع بن نون ثم يهزموا العماليق هزيمة جزئية، دون أن يتمكنوا من القضاء عليهم، هل لاحظتم وجه الشبه بين تلك المعركة ومعركة اليوم؟
العماليق بعد هزيمتهم، انتشروا في أرجاء الجزيرة العربية، واندمجوا مع شعوبها كما ذكرنا سابقا، وبعضهم بقي في بلاد الشام، ومن بينها فلسطين، وبقيت سيرتهم تثير الرعب في قلوب بني إسرائيل، وبقي القضاء على أحفادهم حلما يراود أحفاد بني إسرائيل.
فلا عجب اليوم إذا أن يستشهد نتنياهو بمقطع التوراة الذي يذكر العماليق، ولا عجب أن يذكر نتنياهو وغيره من مسؤولي الكيان العداء القائم بينهم وبين العماليق منذ 30 قرنا، ولا عجب أن يستخدموا أوامر التوراة بقتل العماليق نسائهم وأطفالهم ورجالهم وأغنامهم وحميرهم دون رحمة لتبرير ما يجري على أرض اليوم.
فالفلسطينيون هم أحفاد العماليق بحسب الصهاينة، وما جرى في ذلك اليوم من أشهر مضت ما هو إلا إعادة تجسيد لمعركة رفيديم.
ولكن بنو إسرائيل هذه المرة مصممون على القضاء على أحفاد العماليق، أو إبعادهم عنهم قدر الإمكان أو بكلمة أخرى إبادتهم، فهل فهمتم الآن لماذا أوردت جنوب إفريقيا قول نتنياهو؟هذا في دعواها؟
قد يتساءل بعضكم لماذا الآن؟ مع كل الحروب التي خاضها الكيان لماذا الآن ذكر العماليق أنصتوا جيدا
بعض أبرز المصادر التاريخية التي تناولت موضوع تاريخ غزة ذكرت أمرا مثيرا للاهتمام وهو ان بنو إسرائيل انتشروا فعلا في أرض فلسطين التي كانت أصلا مأهولة بالحضارات الأخرى، كالكنعانيين والعموريين، والفلستينيين وغيرهم الكثير، وغزة من بينها
إلا أن غزة تحديدا بحسب هذه المصادر كانت مسكونة من العماليق أو الجبارين، ولم يستطع بنو إسرائيل دخولها لخوفهم منهم، بل هي المدينة التي أرسل إليها النبي موسى جواسيسه لاستطلاع أخبارها، وعاد بأخبار العماليق،
وهناك قامت معركة كبيرة استطاع فيها بنو إسرائيل هزيمة العماليق بعد جهد جهيد، وبتدخل من موسى عليه السلام التي قتل عملاقهم الأكبر ومن يدري على الأرجح كان هذا العملاق هو عوج من عنق نفسه.
إذا الموضوع قديم قدم الزمان، والثأر ما زال قائما، والخوف يبدو أنه يسري في الجينات اليهودية من العماليق وذكرهم ولهذا، فإن السعي لتحقيق نبوءات التطورات، وعلى رأسها نبوءة اشعيا، قائم على قدم وساق،
كما أن الخوف من نبوءات الزوال كالعقد الثامن، وغيرها أيضا، حاضر وبقوة، أما النتيجة ف معلقة تنتظر الأحداث وتطورها، تماما كما ننتظر نحن كيف ستنتهي معركة عماليقالعصر الحالي.
إلى هنا أصدقائي ينتهي الحديث عن قوم العماليق أعداء بني إسرائيل الأزليين، رغم أن الحديث عنهم وعن نبوءات التوراة ومحتواها يحتاج لمقالات كثيرة، إلى أن القصد من هذه المقالة كان تسليط الضوء على أحد جوانب هذه الحرب، الجانب الديني والتاريخي. الذي لم يعد خفيا على أحد.
العماليق كانو موجودين، لا خلاف على هذا الأمر، لكن هل كان عوج من عنق منهم؟ فهذا أمر كان ومازال وسيبقى على الأغلب مثار جدل وغموض للأجيال السابقة واللاحقة،
وكما أسلفنا الحقيقة بشأن نسبهم اختلفت من مؤرخ لآخر، ومن دين لآخر، إلى أن الثابت أمران،
- الأول علاقة العماليق بالعرب، سواء لجهة كونهم أصل العرب، أو لكونهم اندمجوا مع العرب بعد هزيمتهم من بني إسرائيل،
- والأمر الثاني العداء الأزلي بين العماليق وبين بني إسرائيل، العداء الذي لم يعد خافيا على أحد.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا الآن إعادة هؤلاء القوم من تاريخهم السحيق إلى الواجهة في تصريحات مسؤولي الكيان الغاصب؟
هل لغاية دينية، كي يصبح كل شيء مباحا تحت ذريعة الدين؟ وماذا عن العماليق الجدد بحسب تصريحات الإسرائيليين؟ المعركة قائمة، وهم يريدون القول بأن التاريخ يعيد نفسه فكيف ستنتهي المعركة؟ وماذا عن مصير عمالقة العصر الحديث؟
إجابات هذه الأسئلة ستبقى معلقة إلى حين نهاية المعركة، وانجلاء غبارها
وإلى ذلك الوقت وحتى انجلاء الغمة عن أهلنا في غزة، و عن هذه الأمة ابقوا أصدقائي في أمان والسلام. ولمعرفة المزيد عن تاريخ بني اسرائيل يمكنك الاطلاع عليها من هنا