عن قصة الملكة اولغا أخطر قديسة في التاريخ فقد قيل الجزاء من اصل الفعل قيل هكذا وكم من مجازر ومذابح سطرت بحجه هذه القاعدة مجازر ابادت شعوب ويتمت أطفال ورمل نساء والمحصلة غالبا امراء تلك الجرائم في الامس هم اهل الجاه والرفعة والقيمة اليوم.
نأخذ بأحكامهم، ننظر تتويجهم تارة رجال دين وتاره أخرى حكاما يسعون لصلاح الأمم والشعوب وكأن شيئا في الماضي لم يكن، لعل هذه الصورة لا نراها اليوم كما هي ولكن حتما سينقشع الضباب وتنكشف الرؤية وسنرى الصورة الحقيقية عندما يشاء الله ويقرر التاريخ ان يعيد نفسه.
أصدقائي الكرام الوجهة اليوم روس الكيفية وهي مملكة قديمة ضمت بين أراضيها روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وبطلة القصة اليوم اميرة، اميرة ليست كاميرات الخيال او القصور اللواتي حفرن في ذاكرتنا منذ الطفولة قصتنا اليوم قصه غرام وانتقام وليس أي انتقام، بل انتقام يرنو الى مستوى الإبادة الشاملة لشعب كامل.
والمفاجأة فيما ستعرفونه عن هذه الأميرة لن نطيل الحديث اكثر ولنستمع سويا الى قصة الأميرة اولجا وانتقامها الدموي.
من هي الملكة اولغا
الملكة اولغا او بالأصح القديسة اولجا نعم كما سمعتم أصدقائي قديسة هي اميرة من القرن العاشر الميلادي طوبت قديسة من قبل الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية بالطبع نحن نعلم جيدا ان لقب قديس يمنح بحسب الأعراف المسيحية للشخص الذي يحمل صفات التسامح والمحبة والعطف والسلام.
ولكن هذه القديسة تفردت عن غيرها من القديسين بماضيها الأسود الدموي وقصتها سطرتها كتب التاريخ والمؤرخين.
قصة الملكة اولغا أخطر قديسة في التاريخ
لنبدأ ولدت الملكة اولغا حوالي العام 900 ميلادي هذه الأميرة كانت من احفاد الفايكينج الأول الذين استقروا في تلك المنطقة التي تعرف اليوم بروسيا، تزوجت الأمير ايجور عندما اتمت ال 15 من عمرها، عام 945 ميلادي اعتلى الأمير ايجور العرش ابان وفاه والده الملك اوليج.
قبل وفاته كان الملك اوليج قد فرض سيطرته على معظم الأراضي والقبائل التي سكنت تلك المنطقة ما عدا قبيلة واحدو قبيله الدريفليون، القبيلة المعروفة بتمردها على اسلاف ايجور واجداده ولكن ورغم تمردهم استطاع والد الملك اخضاعهم ولو بشكل جزئي والزامهم بدفع الضريبة او الجزية كما عرفت سابقا.
بعد وفاه الملك وتولي الأمير ايجور الحكم عاودت تلك القبيلة التمرد ورفضت علنا دفع الجزية الباهظة التي كان ايجور قد فرضها عليها، لذلك قرر ايجور التوجه بجيشه الى عاصمه الدريفليون لإخضاعهم واخذ الجزية منهم.
القبيلة المحاربة وصلها الخبر فكانت على اتم الاستعداد تم نصب كمين للملك ومن معه وبالفعل وقع الجيش وملكه في الكمين وقتل ايجور بطريقة بشعه بأمر من قائد القبيلة المدعو الأمير مال.
والطريقة ثني شجرتين من أشجار البتيولا وربطهما بساقي الملك ومن ثم ترك الشجرتين لتستقيما مره أخرى، والنتيجة تمزيق جسد الملك الشاب الى نصفين.
قتل الملك وخلف وراءه ارملته الشابة اولجا وابنه ذو الثلاث سنوات سفياتوسلاف، وبطبيعة الحال الأميرة اولغا اعتلت العرش بحكم بكونها وصية على الأمير الصغير لحين بلوغه السن القانوني.
ولكن الحكم ومن يأتي معه من رغد العيش لم يعني شيئا للأرملة المكلومة فنير الحزن والاسى على مقتل شريك حياتها استعرت في قلب الأميرة الشابة والانتقام اصبح شغلها الشاغل، لتأتيها الفرصة على طبق من فضه كما يقال.
الدريفليون بعد قتلهم الملك استهانوا بقدرات الأميرة الشابة بل وصل بهم تفكيرهم الى حد الطلب من الأميرة الموافقة على الزواج من اميرهم الأمير مال والهدف بالطبع تولي الحكم وفرض السيطرة على أراضي المملكة.
ولهذا الغرض توجه 20 رجلا من وجهاء القبيلة الى مقر الأميرة اولغا لغرض طلب الزواج والمفاجأة الأميرة الأرملة وافقت على الطلب ولكنها طلبت منهم العودة الى مراكبهم ليدخلوا المدينة صباحا محمولين على الاكتف كنوع من التعظيم امام شعبها.
ولكن مخطط الانتقام كان قد بدا اولغا طلبت من جنودها ان يحفروا خندقا والهدف دفن العشرين رجلا احياء في اليوم التالي وهو ما جرى، فقد تم احضار الرجال العشرين والقائهم في الخندق ليدفنوا احياء.
المثير في الامر ان الأميرة وقفت عند دفنهم على حافة الخندق بحسب ما ورد في بعض المصادر التاريخية القديمة سائلة الرجال ان كان قد اعجبهم التكريم الذي حظوا به ليجيبوها وهم يلفظون انفاسهم الأخيرة ان ما يمرون به أسوأ من موت زوجها ايجور.
من المفترض ان تخمد نار الغضب قليلا في قلب الأميرة ولكن هيهات، المخطط كان مستمر أرسلت الأميرة اولغا كتابا الى الأمير مال طالبه منه ارسال اقوى واعتى رجاله لمرافقتها الى مقره بغيه الاتفاق على الزواج، الأمير المزهو بنشوة الانتصار والجاهل بما حل برجاله العشرين نفذ الطلب فورا وقام بإرسال خيرة قادة جيشه لمرافقة الملكة اولغا.
وصل القادة الى كييف القديمة مقر سكن الأميرة اولغا الأميرة وبحسن نيه ظاهره منها عرضت على الموكب المهيب ان يستمتعوا بحمام ساخن في حمامها الخاص، الرجال لم يكذبوا خبر وفعلا تجمعوا كلهم في الحمام قاصدين الاستحمام والاستجمام والراحة فكانت راحتهم الأبدية.
الأميرة بكل بساطة اضرمت النار بال المبنى فأحرقته بمن فيه فلم ينجو احد ليخبر بما جرى عليهم من ويلات، ولكن الانتقام لم ينتهي، حيث توجهت الأميرة مع موكب من رجالها الى عاصمه قبيلة الدريفليون وارسلت الى الأمير مال تطلب منه إقامة مأدبة لتكريم زوجها الراحل.
الأمير بطبيعة الحال لن يرفض أي طلب للأميرة الشابة، المأدبة أقيمت والجميع اكل وشرب حتى الثمالة ولكن فجاه ومن دون انذار استل جنود اولجا سيوفهم وخرجوا من مخابئهم ليقضوا على 5 الاف رجل من جيش الدريفليون، وأيضا لم ينتهي الانتقام.
هنا دب الذعر في قلب الدريفليون من الأميرة الغاضبة وعرضوا عليها الصلح او دفع الجزية ولكن هيهات الوقت كان قد فات، الأميرة فرضت حصارا على عاصمه الدرفليون لأكثر من عام حتى باتوا يتوسلون الرحمة منها.
وهنا كانت محطة الانتقام الأخيرة، الأميرة اذاعت بين شعب الدريفليون انها لن تفرض الضرائب والجزية الباهظة عليهم ولكنها في المقابل طلبت من كل منزل ان يسلمها ثلاث حمائم أي طيور حمام نعم كما سمعتم والسبب ركزوا جيدا،
الدرفليون طبعا وبسبب معاناتهم طوال عام الحصار قبلوا فورا بهذا الثمن الزهيد ومنحوا الأميرة ما ارادت وفي المقابل وخارج اسوار المدينة كان كان رجال الأميرة يعملون على قدم وساق لتنفيذ الانتقام الأخير.
طيور الحمام التي حصلوا عليها من الدريفليون تم ربط قطع من القماش على اقدامها وعندما حل الظلام تم اشعال هذه القطع وارسال الحمائم الى منازلها ولكم أصدقائي ان تتخيلوا ما الذي حدث، المدينة بأكملها اشتعلت كل منزل وحي وشارع اشتعل بنيران الانتقام.
الناس خرجوا هائمين على وجوههم قاصدين الأمان، ولكن سيوف جنود الملكة اولغا كانت بالمرصاد قتل من قتل واسر من اسر والمحظوظين فقط هم من سمحت لهم الأميرة الدموية بأعاده بناء مدينتهم ودفع الجزية لاحقا.
وهنا حققت الملكة اولغا انتقامها وخمدت نار الحقد والغضب في قلبها لتعود الى مملكتها بعد ان حققت ما كانت تصب اليه.
لماذا تم اطلاق لقب قديسة علي الملكة اولغا
والسؤال الان، كيف تم تطويبها كقديسة رغم كل هذه الوحشية والدموية؟
الجواب بحسب الوثائق القديمة الملكة اولجا او الملكة اولغا كانت وثنيه هي وقومها ولكن بعد إتمام انتقامها تلقت الأميرة دعوة من الامبراطور قسطنطين السابع لزيارة مملكته، الدعوة كانت بغية اقناع الأميرة باعتناق المسيحية وبالفعل اعتنقت الأميرة اولغا المسيحية وعادت الى قومها لتقنع هم بدورهم بالتحول الى المسيحية.
فكانت بذلك اول حاكم من مملكة روز كييف يعتنق المسيحية بل وساهمت بشكل كبير في انتشارها فيما يعرف اليوم بأوروبا الشرقية لتقوم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بتطويرها كقديس عام 1547 ميلادي وتقوم الكنائس الباقية بإطلاق لقب مساو للرسل عليها تعظيما من شانها.
موت الملكة اولغا
ولتموت الملكة اولغا قديسة وشفيعة الارامل عام 969 ميلادي ميته طبيعية نتيجة مرض الم بها في نهاية حياتها ويسدل بذلك الستار عن احدى افظع واكثر عمليات الانتقام دموية عبر التاريخ والمنتقم امرأة الملكة اولغا.
اذا أصدقائي هذا ما كان في جعبتنا حول اولغا الأميرة او بالأصح القديسة الدموية، القديسة التي أصبحت رمزا للانتقام والحب في ان واحد، انتقام وابادة لشعب بأكمله أضحت خير دليل على ما يمكن لامرأة بقلب مفجوع ان تقدم عليه.
وانتقام من المنقلب الاخر يظهر مدى الوحشية التي تستوطن العقل البشري وتستعد لإظهار براثنها عندما يحين الوقت المناسب، البعض قد يعتقد ان الأميرة اولغا قد بالغت في ردة فعلها فيما من الممكن ان يرى البعض الاخر عدالة ما فعلته بحكم ان الجزاء من اصل الفعل.
قصه انتقام الملكة اولغا قصة غريبه وسوداوية بطبيعة الحال ولكنها ليست قصة الغرام والانتقام الوحيدة في في كتب التاريخ فالتاريخ يزخر بهكذا قصص وبعضها يعود الى حضارات وعصور ما قبل الميلاد،
هذه القصص حالها كحال العديد من القصص الأخرى التي ستكون حتم المواضيع لمقالتنا القادمة ارجو أصدقائي ان تكون هذه القصة قد نالت اعجابكم وان كان كذلك فلا تنسوا ان تقترحوا في التعليقات عنوان القصة القادمة من قصص شخصيات تاريخية وكما العادة يبقى القول الأخير لكم في التاريخ عبرة، ابقوا في امان الله والسلام .