نظام الملك الوزير المصلح اعظم وزير عرفه التاريخ الإسلامي، كان قائدا فذا نشأ على تعلم القرآن وطلب الحديث فاخذ على عاتقه حماية سنة رسول الله ومواجهه خطر فرقه الحشاشين الضالة الذين اتخذوا من القتل والاغتيال سلاحا لنشر دينهم الباطل وابادة السنة.
فكان اول من ادرك خطرهم وأول من جابهم بالقلم والبيان والسيف والسنان فخاض معارك ضارية ضد حسن الصباح متسلحا بالعلم والفكر قبل السيف والدرع،
فعجز ذلك الشيطان الشيعي حسن الصباح عن اخماد نور نظام الملك حتى صار خطرا عظيما يداهمه في كل مكان، فأهلا بكم في حضره نظام الملك الوزير المصلح في زمن كثر فيه الكفر والشرك والبدع والضلال ومعاركه ضد قائد الحشاشين حسن الصباح.
من هو نظام الملك؟
الوزير الشهيد المصلح نظام الملك هو الحسن الطوسي رجل من اعظم رجالات التاريخ الإسلامي حيث كان له دور بارز في حماية السنة ومحاربة الجماعات المتطرفة كالشيعة وعلى رأسهم فرقه الحشاشين بقياده حسن الصباح.
نشأة نظام الملك
ولنعرف قصة نظام الملك علينا التحدث اكثر عن نشأته التي كان لها اثر كبير في مسار حياته وانجازاته.
ولد نظام الملك عام 408 هجرية في احدى القرى التابعة لولاية طوس شرق ايران وكان والده زعيما لمدينة بيهق في طوس التي كان يسيطر عليها الغزنويين فكان والده من رجال الإدارة الغزنوية ومع ذلك كان دخله ومرتبه الشهري لا يكفي حاجته وحاجه أبنائه ومنهم نظام الملك.
كانت طفولة نظام الملك مأساة حقيقية فقد توفت والدته وهو لا يزال رضيعا ولان والده كان فقيرا ولا يستطيع استئجار مرضعة كان يمر به على بيوت المسلمين فيسترضع لابنه لوجه الله، وبالرغم من ان عينه فتحت على الفقر التام الا ان والده حاول تربيته على التعلم والاجتهاد والعمل.
فبدأ نظام الملك بالتعلم وحفظ القرآن الكريم فوصفه المؤرخ بن الاثير انه نشا وسر الله فيه يدعوه الى علو الهمة والاشتغال بالعلم فتفقه وصار عالما فاضلا.
وفي بلدته التي ولد فيها تعلم الحسن الطوسي العربية والفارسية وقرا القران الكريم والحديث واللغة والنحو ودرس الفقه على المذهب الشافعي وقد أحب نظام الملك علم الحديث النبوي بشده فارتحل الى العديد من بلدان العالم لطلب العلم وسماعه من كبار المحدثين في كلا من العراق وخراسان والري واصفهان ونيسابور،
حتى وصل لدرجة عالية في علم الحديث فجلس يروي الاحاديث لطلبة العلم في مدينه الري، لكن سرعان ما تعلق بما شغف به والده وانخرط هو الاخر في سلم الإدارة وعمل في دواوين الدولة الغزنوية وتحديدا عاصمتها غزنة.
في ذلك الوقت كان السلاجقة قد فتحوا بلادا كثيرة واستطاعوا حكم مناطق بلاد ما وراء النهر وشيئا فشيئا كانوا يتوسعون على حساب الغزنويين في مناطق خراسان،
فانتقل الحسن الطوسي للعمل في خدمه السلاجقة حين رأى منهم الصلاح في زمن انهيار الدولة الغزنوية فلفتت مهاراته وعلمه وذكاؤه الوزير أبا علي بن شاذان وزير الأمير الب أرسلان والذي لم يكن سلطانا للدولة السلجوقي بعد فاصبح الطوسي على اتصال وثيق بأمراء ثم سرعان ما ارتقى من مجرد مساعد للوزير الى كاتب شخصي للأمير الب أرسلان.
حين تولى الب أرسلان منصب السلطان السلجوقي قرر ان يجعل كاتبه المقرب الحسن الطوسي وزيرا للدولة السلجوقية عام 455 هجرية وكانت هذه هي اللحظة الفارقة في حياه نظام الملك.
قصة الوزير نظام الملك حسن الطوسي وزير الدولة السلجوقية
ثلاثون عاما قضاها نظام الملك في الوزارة حتى لقب بتاج الحضرتين لأنه كان وزيرا للسلطانين الب أرسلان وملك شاه وكذلك منحه الخليفة العباسي لقب رضي امير المؤمنين وهو اللقب الذي لم يمنحه لاحد قبله ولا بعده لبراعته في تقريب وجهات النظر بين السلاجقة والعباسيين.
وفوق ذلك كان نظام الملك يساهم في تدبير شؤون الديوان والولاية ويقوم على تنظيم العساكر وتعبئه الجيوش حتى انه كان يقاتل في طليعة الجيش في الحروب جنبا الى جنب مع أبنائه وغلمانه وبقيه عساكر الجيوش السلجوقية.
حرص نظام الملك دائما على التقرب من الرعية والنظر في مظالمهم وإقامة العدل فيهم فكان يحكم بين الناس بكتاب الله وسنه رسوله كما حريص على تدوين تجربته وخبرته في الحكم والإدارة فالف كتابه الشهير سير الملوك والذي الفه في أواخر حياته بناء على طلب السلطان ملك شاه،
الذي كلف عددا من وجهاء وحكماء دولته عام 479 هجريه ان ينظروا في أحوال المملكة السلجوقية ويكتبوا له عن كل شيء غير محمود فيها وان يرفقوا بذلك ما يعرفونه من السنن الحميدة للملوك السابقين ثم يعرضونها عليه ليتخذ منها دستورا.
فقدموا له عده كتب لكنه اختار منها كتاب سير الملوك الذي كتبه الوزير نظام الملك وقال ملك شاه لقد اتخذت هذا الكتاب اماما لي وعليه سأسير.
كان لنظام الملك عين بصيره وعقل فطن فمنذ اللحظة الأولى لتوليه الوزارة ادرك ان الفترة التي سبقت مجيء السلاجقة في ظل السيادة الدينية للعباسيين كانت فتره يحكمها الشيعة في العراق وايران وهي فتره انتشر فيها المذهب الشيعي الامامي والإسماعيلي،
فضلا عن وجود الدولة الفاطمية في مصر والتي كانت تبث دعاتها وتنفق الأموال الطائلة لنشر التشيع وتسعى جاهده لإضعاف تواجد اهل السنة في مناطق نفوذ العباسيين والسلاجقة كافة.
ومن هنا قام نظام الملك في كتابه سير الملوك بهجوم حاد على تلك الفرق الرافضية الخطرة ومدى خطرها وعبثها بعقول البشر وهدم العقيدة الأساسية للمسلمين، فنصح نظام الملك سلاطين السلاجقة بعدم التعاون او الوثوق في الشيعة وقال:
سيتضح للسلطان في اليوم الذي اتنحى فيه جانبا فساد تلك الجماعات وسوء فكرهم وافعالهم وسيعلم ايضا مدي ما كان لي من شفقه وهوى وميل في دولته القاهرة واني لم اكن بغافل وغير مطلع على أحوال هذه الطائفة وما كان يدور في خلدها بل لقد كنت اعرضها على الاعتاب السامية دائمة، لكني لما رأيت ان اقوالي لم تكن تلقى قبول لديه ولم يصدقها عزفت عن تكريرها.
قصة الوزير نظام الملك مع طائفة الحشاشين
وكان من بين تلك الفرق واخطر على الاطلاق فرقه الحشاشين بزعامة الحسن الصباح وقلاع المتناثرة في كل مكان من ايران وبلاد الشام وكثيرا ما أرسلت القوة السلجوقيه للقضاء على هذه الطائفة التي كانت تقوم بتنظيم عمليات اغتيال إرهابية لكبار الامراء وعلماء اهل السنة وكل من كان يرونه عقبه امام أفكارهم ودينهم الباطل.
واستطاعوا بسبب حصانة مواقعهم ونشاط دعاتهم ان يستميلوا كثيرا من اهل المناطق المحيطة بهم في دمغان وألموت وغيرها من أقاليم ايران فضلا عن توسعهم في بلاد الشام أيضا، وهو الامر الذي طالما حذر منه نظام الملك السلطات السلجوقية.
ايقن نظام الملك ان مواجهة الحشاشين وغيرهم يجب ان تكون متعددة الأوجه فلا يكتفي بالعنصر العسكري او الأمني فقط يجب ان يرافقها مشروع ثقافي تتبناه الدولة كان هذا المشروع متمثلا في انشاء المدارس النظامية السنيه في مراكز العالم الإسلامي المختلفة ببغداد ونيسابور ومرو والري وغيرها.
وكانت هذه المدارس بمنزله الجامعات الحكومية اليوم وخصصت لها مبالغ ضخمه لتعليم الناس السنة وتبيان كفر وضلال وحماقة المذهب الشيعي.
كان لنظام الملك حظ طيب بمعاصرته لأكابر من علماء السنه مثل العلامة امام الحرمين ابي المعالي الجويني وابي إسحاق الشرازي وغيرهم من العلماء الا وانتشرت المدارس النظامية في البصرة واصفهان وبلخ وهرا ومرو والموصل وكان اكثر أساتذة النظاميات وكتابها وطلابها من مشاهير العلماء في ذلك الوقت.
لكن كانت الأولوية لعلماء الشافعية وقد انتشر طلاب تلك الجامعات في بلدان العالم الإسلامي واصبحوا مؤهلين ان يتولوا الوظائف المختلفة في بلدانهم.
حتى ان العلامة أبا إسحاق الشيرازي المدرس الأول لنظامية بغداد يحكي عن الأثر الكبير الذي احدثه مشروع المدارس النظامية فيقول لما خرجت في رسالة الخليفة المقتدي الى خراسان لم ادخل بلدا او قرية الا وجدت قاضيها وخطيبها من تلامذتي.
ومن هنا بدأ المشروع يؤتي ثماره بتخرج دفعات من الطلاب الحريصين على نشر المذهب السني والوقوف في وجه الحركات الباطنية الكارهة لأهل السنه حتى اصبح للمدارس النظامية سمعتها وقوتها في جميع ارجاء العالم الإسلامي.
كانت الضربة الثانية من نظام الملك للجماعات الإرهابية هي تشجيع علماء المدارس النظامية على تأليف مصنفات تواجه ادعاءات واكاذيب الفرق الفاسدة لتبين حقيقه هذه العقائد وتكشف الاسرار التي لا يدركها عامة الناس.
فأيدت الخلافة العباسية نظام الملك ودعمت مشروعه الثوري وكان من اكثر تلك المصنفات شهرة ما كتبه حجه الإسلام أبو حامد الغزالي في رسالته الشهيرة في نقد عقيده الحشاشين وغيرها من الفرق الباطنية.
لم تستطع فرق الحشاشين التصدي لأفكار نظام الملك وعقليته الفذة في هدم دينهم بنشر العلم والدين الحق والتي بدأت رويدا في محق أفكار الكفر والضلال وكشف زيغها للناس.
اغتيال نظام الملك من قبل طائفة الحشاشين
حينها قرر حسن الصباح الانتقام من الوزير نظام الملك الذي بدد جهودهم واحلامهم لحكم العالم الإسلامي واغراق في حماقات التشيع والتحكم في عقل المسلمين.
وبعد ان فشل في مواجهه نظام الملك بالحجة والعلم وفشل أيضا في مواجهه السلاجقة رجلا لرجل في ميادين القتال لجأ ذلك الشيعي الحقير الى اجبن الأساليب واحطها التي اعتادوها منذ أبو لؤلؤه المجوسي والتي اغتال بها امير المؤمنين عمر بن الخطاب.
وخططوا لاغتيال نظام الملك غدرا وخسة عن طريق احد كلاب الصباح الضالة من الحشاشين الذين كانوا يطعمهم المسكرات فيلهثون خلف خرافاته وينفذون ما يطلبه منهم كالكلب الذي يرضي سيده.
وقعت تلك الجريمة وهي موت نظام الملك واغتياله من قبل طائفة الحشاشين على ارض بلاد فارس
عندما نزل الوزير نظام الملك في قرية قريبة من نهاوند عائدا الى بغداد واثناء توقفه في هذه القرية وبعد تناوله طعام الإفطار خرج في هودجها متجها الى خيمه زوجته لكنه لم يكن يدرك ان فحيح الموت يقترب منه،
حيث اتاه صبي ديلمي فارسي كان يرتدي ذي الصوفية لئلا يظن به السوء وفي يده خصله شعر فدعا ذلك الصبي لنظام الملك وسأله ان يأخذ منه خصله الشعر وما ان مد نظام الملك يده ليلتقطها وفي لحظه غفله حتى قبل ان يفكر طعنه ذلك الحقير بسكين في قلبه.
وعلى الفور حمله الجنود الى خيمته لكنه لم يلبث قليلا حتى ارتقى الى ربه نحسبه والله حسيبه من الشهداء المدافعين عن الإسلام وسنه النبي العدنان طوائف الشيعة.
اما عن الكلب الذي طعنه واهداه الشهادة في سبيل الله فان ذلك الصبي لم يتمكن من الفرار بضعه امتار حتى القي القبض عليه وتم قتله على الفور.
لكن وان كان الشيعة قد تمكنوا من قتل شخص نظام الملك لكنهم لم يتمكنوا من التغلب على ايمانه وفكره الذي نشره في الامة الإسلامية بكل ما اتاه الله من قوه لردعهم.
فقد استمرت نظامي وكتابه وكتب العلماء معه ومن بعده في توضيح حقيقه تلك الطوائف الباطلة لقرون عديده تجابه كل ملل الكفر تلك وتفضح زيفهم وحماقاتهم على مر العصور.
فرحم الله أبا علي الحسن الطوسي نظام الملك الذي كان شوكه في حلق ملل الكفر من الشيعة والصليبيين وناشر مذهب السنة بأول جامعات نظامية إسلامية سنية.
ذلك العالم الفذ في ميادين الجهاد والاجتهاد والحكم والإدارة والتدريس ومقار الأعداء بالسنان والبنان والسيف واللسان وصلى الله وسلم على سيدنا محمد معلم الناس الخير.