قوبلاي خان إنه واحد من أهم زعماء المغبون، ذلك القائد المغولي حفيد، مؤسس إمبراطورية المغول جنكيز خان، والذي نشأ مع أخيه السفاح الشهير هولاكو، ورث طموحات جده التوسعية، واستطاع أن يحقق ما فشل فيه جنكيزخان، فاستكمل فتح الصين ووحدها لأول مرة منذ قرون، لتبلغ في عهده إمبراطورية المغول أقصى تساع لها.
إنه إمبراطور المغول الخامس قوبلاي خان تابعون للنهاية لتعرفوا قصته وكامل المعلومات عنه.
محاولات جنكيز خان فتح الصين
قبل أن حادث، كم عن قوبلاي خان يجدر بنا ان نرجع قليلا إلى الوراء لنتعرف على حكاية غزو جنكيز خان للصين، فقد كانت الصين في ذلك العصر مكونة من عدة ممالك، ولم تكن موحدة كما هي عليه اليوم،
وقد واجهت بدورها ذلك الكابوس المخيف الذي هدد الكثير من البلدان، متمثلا في شخصية جنكيز خان. الذي استطاع أن يوطد سلطانه، ويسيطر على كافة المناطق التي يسكنها المغول، ويوحد منغوليا بأكملها تحت رايته،
ومع توسعات جنكيز خان، ازدادت الحاجة إلى الطعام ومختلف الاحتياجات، فبدأ جينكيز خان يتطلع إلى الصين التي كانت تحكمها أسرة سونج التي ازداد تدخلها في شؤون القبائل المغولية، وكانت لا تكف عن تحريض القبائل التركية والمغولية ضد بعضها كي ينشغلوا بأنفسهم وتأمن هي شرهم.
فأراد جنكيز خان أيده احد التدخل الصينيين في شؤون القبائل المغولية، وفي الوقت نفسه تطلع إلى ثروة الصين وكنوزها، فاشتبك معها لأول مرة في عام 608 للهجرة 1211 للميلاد، واستطاع أن يحرز عددا من الانتصارات على القوات الصينية،
ويخضع البلاد الواقعة في داخل سور الصين العظيم لسلطانه، ويعين عليه احكام تابعين له.
ثم قرر غزو الصين مرة ثانيه بعد أن حشد لذلك حشود هائلة، وذلك في عام 610 للهجرة، 1213 للميلاد، لكنه لم يحرز نصرا حاسما، ثم جرت محاولة للصلح بين الطرفين، لكنها لم تفلح،
فعاود جنكيز خان القتال واستدار بجيشه الذي كان عائدا إلى بلاده، واشتبك مع جحافل الصين التي لم تكن قد استعدت للقتال وانتصر عليها في معركة فاصلة سقطت على إثرها العاصمة بكين عام 612 للهجرة. 1215 للميلاد،
ولم يكمل جنكيز خان فتح الصين، وإنما اتجه بعدها إلى الدولة الخوارزمية.
الأوضاع في دولة المغول بعد وفاة جنكيز خان
في عام 1227 للميلاد، وفي جنكيز خان، تاركا وراءه واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ تمتد من المحيط الهادئ إلى بحر قزوين، وقد خلفه من بعده ابنه أوقطاي الذي تولى منصب الخان الأعظم للمغول، وتلاه ابنه جيوك،
ثم انتقلت الخلافة إلى مونكو، حفيد جنكيز من ابنه تولوي، ويبعد أن تدخل باتو خان وأخوه بيركاي خان الذي عرف بعد ذلك ببركة خان لينقل منصب الخان الأعظم من أسرة أوقطاي إلى أسرة تولوي.
ولولا ذلك لما أصبح قوبلاي خان حاكم أعظم للمغول.
من هو قوبلاي خان
إذا، من هو قوبلاي خان هذا؟ وكيف كانت نشأته؟
ولد قوبلاي خان عام 1215، وقد لعبت والدته سرقويتي بيجي دورا كبيرا في تشكيل شخصيته، فعلمته التقاليد المغولية ووظفت له معلمين صينيين حتى يتعلم قوبلاي خان التقاليد المحلية للصين وأسس البوذية والطاوية.
كما أنها هي من ناقشت سياسات السلالة الحاكمة بمهارة عالية، لتضمن تولي ابنها الأكبر مونكو الخلافة، وتحقق لها ما أرادت.
فصار مونكو الخاقان الأعظم الرابع عام 1251، وقد شارك قوبلاي خان في توسعات شقيقه الإقليمية، وفي حين كان هولاكو يعيث فسادا ببلاد المشرق الإسلامي كان أخوه الكبير قوبلاي خان يحتل جنوب غربي الصين وفيتنام المعاصرة.
وبعد وفاة مونكو خان عام 1259 أسرع أخوه أريق بوقا أعلن نفسه إمبراطورا على عرش المغول.، وعندما علم قوبلاي خان بذلك، رفض رفضا قاطعا، وأعلن الحرب على أخيه بوقا، واصطفى بركة خان، إلى جانب بوقا، فيما دعم هلاك وجبهة قوبلاي خان الذي حسم صراع العرش لصالحه.
كانت الإمبراطورية المغولية قد قسمت بين أبناء جنكيز خان بعد وفاته على أن يدين الجميع بالولاء للخان الأعظم، فنجد الأراضي المغولية قد انقسمت إلى خانات ودول فرعية.
فهناك القبيلة الذهبية على نهر الفولجا التي اعتنقت الدين الإسلامي على يد زعيمها بركة خان الذي تحالف مع المماليك ضد أبناء عمومته.
وهناك خانية الجاغطاي بآسيا الوسطى، بالإضافة إلى الدولة الإلخانية في إيران، ومؤسسها هولاكو، إلى جانب الأراضي الصينية التي كان يحكمها قوبلاي خان نفسه.
كانت هذه هي الخانات التابعة للخان الأعظم لكنها كانت مستقلة في الوقت نفسه.
كانت الخانات قد شهدت العديد من الأحداث والصراعات بعد وفاة جنكيز خان، أبرزها ذلك الصراع بين بركة خان وهولاكو خان في أول حرب أهلية تشهدها الإمبراطورية المغولية، لكن لهذا حديث آخر.
فتح الصين علي يد قوبلاي خان
بعد هزيمة أخيه أريق بوقا عام 1264 للميلاد استأنف قوبلاي خان حملاته ضد سلالة سونج الحاكمة لجنوبي الصين وقد قاومت سلالة سونج بالفعل العدوان المغولي لسنوات طويلة، لكن قوبلاي لم يكن ليتراجع عن حلمه في ضم كامل الصين إليه وتحقيق ما فشل فيه جده، فتابع هجماته على الصين.
ولما كانت سلالة سونج تعلم أن قوة قوبلاي خان تكمن في هجمات الفرسان المغول السريعة على الأراضي المفتوحة، قامت سلالة سونج بالانسحاب إلى مواقع شديدة التحصين.
لكن قبل اي لم يستسلم فضرب الحصار عليهم لمدة طويلة وشن حملة من الهجمات الساحلية لقطع طرق إمدادهم ليتحقق له ما أراد في النهاية.
فأخذت المدن الصينية تسقط في يديه واحدة في الأخرى، حتى سقطت أراضي سونج الجنوبية كاملة في قبضة قوبلاي خان عام 1279 للميلاد، وتوحدت الصين للمرة الأولى منذ قرون.
تاريخ الصين في عهد قوبلاي خان
أعلن قوبلاي خان أن عهده يمثل سلالة حاكمة جديدة للصين ونصب نفسه إمبراطور السلالة التي سماها يوان التي تعني الأصل العظام، وقد سعي قوبلاي خان إلى تبني ثقافة الصينية فارتدى الأزياء الصينية واعتنق عاداتهم ودمج أساليب الحوكمة والإدارة الصينية في دولته،
وشكل فريقا من المستشارين المحليين لمساعدته في إدارة البلاد.
كما قام قوبلاي بنقل عاصمة المغول من قراقورم العاصمة التي أسسها جينكيز خان إلى مدينة شانغدو.
كما اعتمد قوبلاي على الأفراد العسكريين من غير المغول والمستشارين الأجانب، الأمر الذي أسفر عن إخفاقات عسكرية بارزة، مثل محاولاته غزو اليابان، ونجح في غزوة فيتنام وبورما،
لتبلغ إمبراطورية المغول في عهده أقصى اتساع لها، حيث كانت تضم الصين والهند الصينية وشمالي الهند وآسيا الصغرى وكوريا والتبت وإيران و روسيا والقرم وغيرها.
شهدت الصين في عهد قوبلاي خان نهضة حضارية كبيرة، وانبعثت من ركودها بعد الحرب القاسية فقد قام قوبلاي خان بتنظيم البريد واستصلاح الأراضي، واهتم بالزراعة، فأصلح وسائل الري، وكانت النتيجة إزدهار الصين وارتقائها بشكل فعال.
كما هت مقبلا بالتجارة وعمل على تمهيد الطرق للقوافل التجارية وقام بتأمينها وعين عليها حراسة قوية، فأصبحت القوافل تسافر وتعود في أمان.
كما اهتم بالعمران وتعمير البلاد وسعي إلى إزالة أي عقبات تقف في طريق العلماء والحرفيين، وتعطل مسيرة عملهم، فعم الرخاء البلاد،
ورغم أن قوبلاي خان أحسن إلى رعيته، حيث كان يتمتع بأفق واسع وعدم التعصب، وانفتح على العادات الأجنبية والديانات المختلفة، على عكس إخوته.
إلا أن التسلسل الهرمي لسلالة يوان كان صارما، إذا احتل المغول قمة الهرم يليهم أبناء أسيا الوسطى ثم الصينيون.
ورغم اعتماد قوبلاي خان على بعض الصينيين ليكونوا مستشاريه المقربين، فإن نبلاء الصينيين كانوا مستائين من إبعادهم عن المناصب العليا في حكومته.
وفي الوقت ذاته، استاء المغول من طبيعة هيكل إمبراطورية قوبلاي خان الذي كان يرتكز على الصين بشكل متزايد، الأمر الذي نفر الأرستقراطيين المغول الذين اعتبروا الصينيين أدنى مكانة منهم.
وفاة قوبلاي خان
في عام 1294 للميلاد، وفي قوبلاي خان، تاركا وراءه إمبراطورية مستقرة ومزدهرة نسبيا، إلا أن التوترات بين المغول والصينيين لعبت دورا كبيرا في زعزعة استقرار الحكم المغولي، وما لبثت أن انهارت الإمبراطورية التي أسسها إمبراطورية بعد أقل من قرن على وفاته.
نأمل بأن يكون المحتوى قد نال إعجابكم عن قوبلاي خان ، ابقوا في امان الله والسلام