ها هي في مصر تبدأ عهدا جديدا بعد انهيار الأسرة الأولى لتعتلي عرش مصر أسرة جديدة، وهي الأسرة المصرية الثانية التي شكلت نهاية عصر الأسر المصرية المبكرة، والتي بدأت بالملك حتب سخم وي، وتتابع على حكمها 12 ملكا، كان آخرهم الملك خاع سخم وي.
ليستمر حكم تلك الأسرة أكثر من قرنين من الزمان، ممهدة لعصر بناة الأهرامات، إنها الأسرة المصرية الثانية، ابقوا معنا لنعرفكم على تلك الحقبة الهامة من التاريخ المصري القديم.
تاريخ الأسرة المصرية الثانية
بداية الأسرة المصرية الثانية علي يد الملك حتب سخم وي
قبل أن نحدثكم عن تاريخ الأسرة المصرية الثانية، لا بد وأن نعلمكم بأن ملوك تلك الأسرة هم الأكثر غموضا على مدار التاريخ المصري القديم، لذا نجد اختلافا كبيرا بين آراء المؤرخين حول تواريخ وملوك تلك الفترة والآن دعونا نبدأ.
نجحت الأسرة المصرية الأولى في توحيد مصر، وبدأ بها التاريخ المصري، لتستمر في الحكم، حتى بدأت المنازعات على السلطة بين أفراد البيت المالك، الأمر الذي أدى إلى انهيار تلك الأسرة في عهد آخر ملوكها الملك قاع،
وتبدأ معها الأسرة المصرية الثانية مع ارتقاء الملك حتب سخم وي عرش مصر.
وقد استدل علماء الآثار على هذا الملك من خلال الأختام الطينية والأواني الحجرية، واسطوانات العظام التي عثر عليها في سقارة والجيزة والبداري و أبيدوس.
كما وجد اسمه أيضا على العديد من النقوش الحجرية على الأوعية مع اسم خليفته نب رع.
اختلفت آراء المؤرخين حول فترة حكم سخام وي فتذكر بردية تورين ان سخم وي حكم لمدة 95 عام، في حين يذكر المؤرخ مانيتون ان سخم وي استمرت مدة حكمه لمدة 38 عام، أما علماء المصريات فقد قدروا فترة حكم هذا الملك ما بين 25 إلى 29 عام.
ورغم أهمية فترة الملك سخام وي كونه أعاد الاستقرار لمصر بعد فترة من الاضطرابات التي سادت البلاد في نهاية الأسرة الأولى، فإن أكثر المعلومات حول هذا الملك ما تزال مجهولة،
وأهم ما نعرفه عنه أنه خرج على التقاليد الملكية المصرية، فقد هجر جبانة الأجداد في أبيدوس لمصلحة موقع مجاور للعاصمة، وكان تصميم المقبرة الملكية في سقارة جديدا بشكل كامل.
كما شهدت البلاد في عهد سخم وي انشقاقا في الأرض بالقرب من مدينة تل بسطا، وهي الزقازيق حاليا، وابتلع عددا كبيرا من الناس، ورغم ذلك فقد استطاع سخم وي الحفاظ على استقرار مصر .
الملك نب رع وعودة الديانة المصرية القديمة
بعد وفاة الملك سخم وي خلفه على عرش مصر الملك نب رع، او رع نب الذي نحتمل أن يكون بن الملك سخم وي، وهذا الملك أول من استخدم المعبود رع، وهو معبود الشمس في اسمه الملكي، وهذا قد يعني أن هذا العهد هو الذي أعلن بداية أهمية عبادة الشمس،
كما دعا هذا الملك إلى عبادة العجل آبيس في منف، والعجل منفيس في عين شمس، و عبادة الكبش في منديس هذا يعني أن هذه الأسرة أعادت عبادة الحيوانات التي كانت تعبد في البلاد قديما.
عثر على أختام لنب رع مع أختام لجتب سخم وي وفي مقبرة الرواق الكبير في سقارة، وهو ما يوحي بأن نب رع قد أشرف على دفن سلفه.
كما عثر على إناء باسم الملك رع نب في معبد الملك منكاورع وهو من ملوك الأسرة الرابعة.
كذلك فقد استدل على نب رع من نقش، صرخة في الصخر في الموقع 34، خلف أرمنت، ويوحي هذا النقش أن نب رع قد أرسل حملة خارجة وادي النيل، لكننا للأسف لا نعلم شيئا عن تلك الحملة.
تولى حكم مصر بعد الملكين نب رع الملك نينتر أو ني نتجر، ويعني اسمه سليل الرب، وقد عثر له على تمثال صغير من المرمر، رأي يمثله جالسا على العرش.
حكم ني نتجر أكثر من 35 عاما، وقد استدل على بعض أحداث فترة حكمه من خلال حجر باليرمو والذي أشار إلى إقامة هذا الملك لبعض الأعياد والمهرجانات، وقيامه بعمل إحصاء،
كما حدث حروب أهلية في الشمال في السنة الثالثة عشرة، من حكم ني نتجر، وهو ما أدى إلى ضعف وانهيار السلطة المركزية في البلاد.
ويعتقد بعض المؤرخين ان ني نتجر قام بتقسيم مصر إلى مملكتين منفصلتين بين ابنيها على أمل أن يتمكن من إدارة الولايات بشكل أفضل.
ملوك الأسرة المصرية الثانية
خلف الملك ني نتجر ملكين هما الملك وينج والملك سند، الذين استدلا على اسمهما من بعض الآثار، لكن لا تتوافر لدينا أي معلومات عنهما، سوي ان حكهما قد اقتصر غالبا على شمال مصر دون الجنوب،
وهناك أيضا الملك نوب نفر، الذي استدل عليه من أواني وجدت في الهرم المدرج، وربما كان حاكما عابرا لفترة قصيرة خلال عصر الاضطراب الذي تبع وفاة ني نتجر، لكن لا يمكن تحديد موضع نوب نفر الدقيق في ترتيب تتابع الملوك.
هناك أيضا الملك بر ايب سن الذي يعتقد أنه حاكم جنوب مصر، وقد روج هذا الملك لعبادة المعبود ست على عبادة حورس المعبود المفضل لدى أسلافه، الأمر الذي أحدث رد فعل عنيف تجاه هذه الثورة الدينية، ولكن تم استعادة سيادة حورس بعد وفاته.
ويقع قبر الملك بر ايب سن في المقبرة الملكية الأسرية المبكرة في أبيدوس في صعيد مصر.
نهاية الأسرة المصرية الثانية
هكذا، وكما يقول المؤرخون، فقد مرت مصر بفترة عصيبة منذ نهاية عهد الملك ني نتجر، وتتابع على حكمها ملوك لا نعرف عنهم سوى أقل القليل، حتى جاء آخر ملوك الأسرة الثانية المصرية، وهو خع سخموي، الذي حكم نقطة فارقة في تاريخ مصر، فقد حكم هذا الملك، كما يقول المؤرخ مانيتون 30 عاما.
ويبدو أنه حاول إنهاء النزاع بين أتباع المعبود حورس وأتباع المعبود ست، فوضع اسمه، في الصرخ يعلوه صورتين للمعبودين حورس وست جنبا إلى جنب،
ويبدو أنه تزوج إحدى أميرات الشمال، وهي الملكة ني ماعت حب والتي وجد اسمها في آثار في أبيدوس بلقب الأم الملكية أو أم أولاد الملك، أو أم الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة،
وقد عمل الملك خع سخموي على تحقيق السلام والهدوء في كل البلاد، وتوطيد وحدتها، ويبدو أن إنجازاته السياسية قد أعادت تأسيس الاستقرار والازدهار الداخلي الضروريين للإنجازات الثقافية الكبرى لخلافاءه
شيد خع سخموي في مدينة أجداده، نخن معبدا بوابته من الجرانيت الصلب، تخليدا لذكرى هذا الانتصار، وشيد لنفسه مقبرة في الجبانة الملكية في أبيدوس. وقد كشفت الحفائر التي تمت في هذه المقبرة على بقايا رموز ملكية وأوان حجرية و فخارية.
وعثر على اسمه في بقايا معبد الكعب، وعلى قطعة حجر عثر عليها في مدينة بيبلوس، وقد جاء على حجر باليرمو أنه صنع له تمثالا من النحاس.
وبوفاة الملك خع سخموي. انتهى عصر الأسرة المصرية الثانية التي استمرت أكثر من قرنين ونص من الزمان، وبدأت الأسرة المصرية الثالثة بتولي ابنه الملك زوسر حكم البلاد.
ومن أهم الآثار التي لازالت باقية حتى اليوم من عصر الأسرة المصرية الثانية بناءان كبيران من اللبن في أبيدوس أحدهما يطلق عليه اسم شونة الزبيب، وكان كل منهما فيما يبدو قصرا مؤقتا ينزل فيه الملك عندما كان يشترك في احتفالات معبد أبيدوس الدينية.
نأمل بأن يكون المحتوى عن تاريخ مصر القديمة قد نال إعجابكم، ابقوا في امان اله والسلام .
