الدولة الزيانية انها واحدة من الدول التي حاكمت الجزائر، دولة استغلت الظروف التي ألمت بدولة الموحدين بعد معركة العقاب لتستقل بالجزائر وتحكمها أكثر من ثلاثة قرون، حتى جاء الغزو الصليبي الإسباني الذي نجح في الاستيلاء على عدد من المدن الجزائرية،
بل وسعي للاستيلاء على الجزائر دون أن يقوى ساسة هذه الدولة على التصدي لهم، بل وتحالفوا معهم حتى جات الدولة العثمانية لتنقذ الجزائر من الإسبان، وتسقط تلك الدولة، إنها دولة الزيانيون ، تابعونا للنهاية لنعرفكم على تاريخ تلك الدولة من البداية إلى النهاية.
من هم بنو زيان مؤسسي الدولة الزيانية
عرفت الجزائر منذ الفتح الإسلامي لها تعاقب العديد من الدول الإسلامية على حكمها من ذلك الدولة الزيانية التي حكمت البلاد لأكثر من ثلاثة قرون، وترجع تسمية هذه الدولة إلى زيان بن ثابت، والد يغمراسن مؤسس الدولة الزيانية.
كما أنها تسمى بدولة بني عبد الواد نسبة إلى قبيلة عبد الواد التي ينتمي إليها بنو زيان وهي إحدى قبائل زناتة العرقية ذات الأصول الأمازيغية التي سكنت في بلاد المغرب.
قبل استقرارهم بتلمسان، كان بنو زيان عبارة عن قبائل رحل يجوبون صحراء المغرب الأوسط بحثا عن المراعي لدوابهم، ومع بداية الفتح الإسلامي ساند ابن زيان القائد عقبة بن نافع الفهري وشكلوا فرقة من جيشه تابعت معه فتوحاته غربا.
وبعد استقرار قبائل عبد الواد في سواحل المغرب الأوسط استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم بالقوة على أهالي هذه البلاد، وأصبحوا فيما بعد سادة المغرب الأوسط.
الظروف التي مهدت لقيام دولة الزيانيون
دعونا الآن ننتقل إلى دولة الموحدين لنتعرف على الظروف التي مهدت لقيام الدولة الزيانية، فقد كان يغمراسن بن زيان يتولى حكم المغرب الأوسط، أو كما تعرف بالجزائر، بأمر الخليفة الموحدي عبدالواحد الرشيد بن المأمون،
لكن بعد الهزيمة الساحقة التي مني بها الموحدون في معركة العقاب عام 609 للهجرة، أخذت دولة الموحدين في الانهيار سريعا، الأمر الذي شجع بعض القوى على الاستقلال.
فشجع ذلك بدوره بني عبد الواد على الاستقلال بالمغرب الأوسط عام 627 للهجرة فألغى يغمراسن سلطة الموحدين على تلمسان واستقل بها مع إبقائه على الدعاء و الخطبة للخليفة الموحدي وذكر اسمه في السكة، واتخذ الوزراء والكتابة والقضاة.
العلاقات بين دولة بني زيان والدولة المرينية والدولة الحفصية
لنتعرف الآن على الأخطار الخارجية التي هددت الدولة الزيانية خاصة في بداية حكمها، فقد كانت الدولة الزيانية أصغر دويلات الشمال الأفريقي واقلها قوة فبسبب موقعها وسط الدولة الحفصية في تونس، والدولة المرينية في المغرب،
كلف ذلك دولة بني زيان الكثير وجعلها تعيش فترات صعبة خاصة مع بداية حكمها وبسط سلطانها على المغرب الأوسط.
وقد أيقن يغمراسن بالخطر القادم من المغرب الأقصى بعد صعود نجم قبائل بني مارين الذين خاضوا العديد من المعارك ضد الموحدين لإسقاط دولتهم، لذلك تحالف يغمراسن مع خلفاء الموحدين كي لا يعرض دولته الناشئة لمعارك جانبية تصرفه عن تأسيس الدولة من جهة ولكسر شوكة المرينيين من جهات أخرى.
إلا أن تلك الأحلاف لم تستمر، وانتهى الأمر بوصول بني مارين إلى الحكم بعد إسقاطهم للموحدين.
أرادت الدولة المرينية أن تؤمن حدودها الشرقية، فدخلت في صراع عنيف مع الزيانيين الذين هزموا عامة 670 للهجرة أمام القوات المرينية قرب وجدة، ثم تحرك المرينيون نحو تلمسان وضربوا عليها حصارا استمر لمدة عام كامل، قبل أن يرفعوا الحصار ليتفرغ للاستيلاء على ما تبقى من أقطار المغرب الأقصى.
كما انشغلو بالجهاد في بلاد الأندلس، وقد قام الزيانيون بالهجوم على حدود الدولة المرينية، فعاد المرينيون إلى قتال بني زيان.
وكان بنو زيان ينتهزون الصراعات التي تحدث بين أبناء البيت المريني، فيناصرون فريقا على حساب آخر، كما كانوا يدخلون في أحلاف ضد المرينيين مع الحفصيين في تونس.
الا ان تلك الحالة لم تستمر طويلا، حيث دخلت الدولتان في صراع عنيف ضد بعضهم البعض.
وبالحديث عن الحفصيين، نجد أنهم كثيرا ما تحالفوا مع المرينيين ضد الزيانيين منذ قيام الدولة الزيانية، حيث أقدم الجيش الحفصي على احتلال مدن عديدة على الحدود والسيطرة عليها، عندما يكون الجيش الزياني مشغولا بمحاربة بني مارين، أو تكون الحكومة مشغولة بالقضاء على الاضطرابات الداخلية.
وقد هاجم الحفصيون مدينة تلمسان عام 640 للهجرة، فهادنهم الزيانيون ، وبايعوهم ووضعوا وعلى منابرهم للحفصين، وفي الوقت نفسه بعث بجنودهم إلى الجبال، واتخذوا من الإغارة على القوات الحفصية وسيلة لطردهم من تلمسان والمغرب الأوسط، فاضطر الحفصيون إلى عقد صلح معهم.
وقد اتبع يغمراسن سياسة حكيمة لدرء الخطر عن دولته، فقد جاء بقبيلة بني عامر وأقطعها نواحي وهران وتلمسان لتكون حائط الصد لأعداه ثم قام بمصاهرة الحفصيين، حيث زوج إحدى بناته لعثمان بن الأمير الحفصي أبي إسحاق، فأمن بذلك شرهم وهجماتهم على الحدود الشرقية لدولته.
فترة حكم الدولة الزيانية
استمر يغمراسن في الحكم نصف قرن كامل حتى عام 681 للهجرة، بعد أن تمكن من التغلب على جول خصومه وتوطيد أركان ملكا، وقد خلفه من بعده ابنه أبو سعيد عثمان الذي دخل في قتال ضار مع بني توين ومغرادة التين شقتا عصا الطاعة على الدولة،
فاضطر عثمان إلى مواجهتهم، واستولى على مازونة من مغرادة عام 686 للهجرة ثم احتل مدينة تنس ودخل انشريش، لكن هذا الاتساع اعد إلى الانكماش ثانيه نتيجة احتلال بني مارين للمغرب الأوسط وحصارهم لتلمسان.
وهكذا عاد الصراع بقوة بين الزيانيين ين والمرينيين وقد تمكن المرينيون من إسقاط الدولة الزيانية أكثر من مرة، ففي عام 737 للهجرة، تمكن المرينيون بقيادة السلطان أبو الحسن من الاستيلاء على تلمسان وقتل السلطان الزياني أبو تاشفين عبد الرحمن ابن موسى بن عثمان.
وكان سقوط المدينة إيذانا بانتهاء الحقبة الأولى من حكم بني زيان.
ظلت تلمسان في يد بني مارين حتى عام 749 للهجرة، حين استردها الأخوان أبو سعيد عثمان وأخوه أبو ثابت الزعيم ابن عبد الرحمن بن أبي يحيى بن يغمراسن وصار أبو سعيد هو السلطان وأخوه صاحب الأمر والنهي فيها حتى عام 753 للهجرة،
حين عاود بنو مرين بقيادة السلطان أبي عنان الهجوم على تلمسان وقتلوا السلطان أبا سعيد وأخاه لتنتهي بمقتلهما الحكمة الثانية من حكم بني زيان.
ما لبث أن استرد بن زيان عرشهم في تلمسان للمرة الثالثة عام 760 للهجرة على يد ابن أخ القتيلين أبي حمو موسى الثاني بن يوسف بن عبد الرحمن، لكن الاضطرابات في الدولة الزيانية لم تنتهي فقد عاشت هذه الدولة في حروب وصراعات دائمة.
فإلى جانب حروبهم مع أعدائهم، احتدمت الخلافات بين أفراد البيت الزياني، وتفشت ظاهرة قتل الصلاتين بدولة بني زيان، دون أن يلتفتوا إلى الخطر الحقيقي المحدق بهم المتمثل في الإسبان الذين أسقطوا دولة الإسلام في الأندلس عام 897 للهجرة.
ووجهوا أنظارهم إلى بلاد المشرق الإسلامي، ونجحو في الاستيلاء على مرسى وهران عام 911 للهجرة، ثم استولوا في العام التالي على وهران وبجاية ودلس، وهي موانئ تابعة لبني زيان،
ووافق السلطان الزياني أبو حمو الثالث على دفع ضريبة سنوية للإسبان لكي يبقى في مقعد الحكم، فاستنجد الناس بالعثمانيين لتخليصهم من هذا الاحتلال، فأسرع الأخوان عروج، وخير الدين بربروس لنجدة الجزائر.
وأرسلت إسبانيا بالإمدادات لتعزيز قواتها وحليفها أبي حمو الذي فر إلى وهران للاحتماء بالقوة الإسبانية هناك، وحاصر الإسبان مدينة تلمسان واستشهد عروج عام 924 للهجرة، ومات أبو حمو في سنة نفسها.
سقوط الدولة الزيانية علي يد الدولة العثمانية
وتوالت الاضطرابات في الجزائر، وازداد التنافس على العرش، وأقبل السعديون من المغرب الأقصى واستولوا على تلمسان عام 957 للهجرة في عهد آخر سلاطين الدولة الزيانية الحسن بن عبد الله الذي ثار عليه الناس لميله إلى الإسبان،
فخلعه العثمانيون الذين دخلوا في معركة مع السعوديين وهزموهم، فعادوا إلى المغرب الأقصى، و دخل العثمانيون العاصمة تلمسان، لتنتهي بذلك الدولة الزيانية نأمل بأن يكون المحتوى قد نال إعجابكم عن تلك الحقبة من تاريخ الجزائر، ابقوا في امان الله والسلام .