أكيد كلنا درسنا في ابتدائي، إن الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس هو الرحالة الذي اكتشف الأميركتين أثناء رحلته البحرية من أوروبا لآسيا بحثا عن الهند، لكن هل هي تلك فعلا الحقيقة؟ هل كولومبوس كان يريد ان يثبت إن الأرض كروية؟ مثلما يقول كتير من الناس؟ ولا كروية الأرض كانت مسألة مفروغ منها أصلا؟
طب عمرك سألت نفسك هو لماذا أحد من العلماء أطلق اسم كريستوفر كولومبوس على تلك القارة باعتبار إن هو اللي اكتشفها، و بدلا ما يعملوا ذلك أطلقوا عليها اسم أمريكا نسبة للمستكشف أمريجو فيسبوتشي.
وما هي سر الدعوات اللي يتم إطلاقها حاليا في الغرب لتشويه سمعة كولومبوس بعدما عرفوا الحقيقة، وفهموا إن القارة تلك في الحقيقة اكتشفها الفايكنج قبله بأكثر من أربع قرون،
والمفاجأة الأكبر كمان هو ظهور مخطوطة لبحار مسلم، اكتشف تلك القارة قبلهم هما الإثنين وحكى عنها المؤرخين المسلمين في كتبهم، ووصل الأمر كمان للتبادل التجاري السلمي بين المسلمين والسكان الأصليين لأمريكا.
ولماذا قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن تغيير اسم العيد السنوي لاكتشاف القارة؟ ولماذا وافق على إزالة كل التماثيل اللي تجسد صورة كريستوفر كولومبوس؟ هل جرائمه في حق السكان الأصليين كانت هي السبب؟ ولا الخرائط الجديدة اللي تم اكتشافها اللي بتثبت إن كتير من الرحالة والجغرافيين اكتشفوا القارة دي قبله بمئات السنين؟
تعالوا نعرف حقيقة المستكشف اللي لم يكتشف شيء، ونفهم لماذا الغرب حاليا يطلق دعوات لإعادة كتابة التاريخ من جديد. تابعو معنا المقالة للنهاية لكي نعرف كل التفاصيل.
من هو كريستوفر كولومبوس
مبدئيا لازم تعرف إن تاريخ ميلاد كريستوفر كولومبوس هو مسألة عليها خلاف طويل بين الباحثين الي الان، لكن في الأغلب إن ولد كريستوفر كولومبوس في 31-10-1451م في مدينة جنوة في إيطاليا بعض المصادر تفيد بإن والده كان صاحب دكان لبيع الأجبان،
عدد ثاني من الباحثين يعتقدوا إن والده كان خياط سوف شهير ولكن مش متأكدين أن أي معلومة هي الصح.
والده دومينيكو كولومبو أنجب ولدين قبله، أكبرهم اتجه للعمل كرسام خرائط في مكتبة معروفة، أما كريستوفر وأخوه الثاني، فقرروا إنهم يعملوا في نفس مجال والدهم، وبعدها أصبحوا بحارة لكي يوسعوا دائرة تجارتهم في المنتجات الصوفية أو الأجبان،
الي ان بلغ كريستوفر كولومبوس منتصف العشرينات من عمره، فاتجه للعمل كسمسار أعمال لصالح أكتر العائلات الثرية في جنوة مثل سبينولا و سينتوريوني ودي نيجرو.
وبسبب عمله الجديد، اضطر كريستوفر كولومبوس إنه ينتقل ما بين دول أوروبا مثل إنجلترا وفرنسا وأسبانيا والبرتغال، وتنقلاته الكثير دي هي اللي تسببت في وجود حيرة شوية عند كثير من الباحثين بخصوص موطنه الأصلي،
لكن نقدر نقول إن المتفق عليه هو إنه في النهاية استقر في مدينة لشبونة في عام 1477، زتزوج هناك من النبيلة فيليبا مونيز، ابنة الحاكم بورتو سانتو، إلا إنها ماتت بعد خمس سنين فقط.
فسافر كولومبوس بعد كده ثانية لقشتالة، وهناك تعرف على فتاة عشرينية يتيمة، كانت في منتهى الجمال واسمها بياترث انيكريث دي أرانا.
على الرغم من استهجان المجتمع ساعتها لأي علاقة، تتم خارج إطار الزواج، إلا إن كريستوفر كولومبوس أنجب من بياترث ولد بدون زواج واعترف بأبوته للابن غير الشرعي ده لغاية ما قرر إنه ينفذ أضخم مشروع استكشافي وقتها عن طريق إبحاره للغرب ناحية الهند وشرق آسيا.
حقيقة كريستوفر كولومبوس وهل هو حقا مكتشف الأميركتين؟
قبل ان نكمل، يجب ان انبهك على بعض النقاط المهمة اللي لازم تعرفها فهناك بعض المؤرخين حاولوا ينسبوا لكولومبوس اكتشاف الأميركتين، ومنهم حتى اللي ادعى إن الغرض الأساسي من الرحلة كان إثبات كروية الأرض، إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك،
وذلك لإن كروية الأرض كانت مسألة مثبتة بالفعل، وتم العثور على خرائط كثير تثبت ذلك مثل خريطة الجغرافي الألماني إنريكي مارتيلو اللي عاش في إيطاليا، وترجع لعام 1489.
وأيضا خريطة أندرياس والس بليخر لعام 1448، ذلك غير الخريطة المعروفة لعالم الفلك الإيطالي باولو توسكانيلي.
تلك الخرائط أيضا كانت تحتوي على رسومات غاية في الدقة للأمريكيتين، وبعضها كان مرسوم قبل ان يولد الرحالة كريستوفر كولومبوس بعشرات السنين أصلا.
على سبيل المثال البحار المسلم خشخاش بن سعيد بن الأسود اللي أبحر من جنوب أسبانيا لأمريكا عام 889 ميلادية، ورجع من هناك بحمولات ثقيلة من الهدايا والذهب، وتلك الواقعة ذكرها المؤرخ والجغرافي العراقي أبو الحسن علي بن الحسين، بن علي المسعودي الملقب بهيرودوت العرب في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر.
والميناء اللي خرج منها الرحالة المسلم خشخاش بن سعيد هو نفس المينا اللي خرج منه كريستوفر كولومبوس بعد أكتر من خمس قرون، ولذلك عدد كبير من المؤرخين يرجحوا ان كريستوفر كولومبوس في الحقيقة اعتمد على كتاب مروج الذهب اعتماد كبير قبل ان يبدأ رحلته الاستكشافية،
ذلك غير إن الباحثة لويزا إليزابيل مؤلفة كتاب إفريقية مقابل أمريكا، تؤكد في كتابها إن السفر الأميركتين قبل رحلة كولومبوس كانت مسألة سهلة، و حصلت بالفعل على يد المسلمين ومن بعدهم الفايكنج،
وأكدت كمان إن المسلمين كانوا يتاجروا بشكل سلمي مع السكان الأصليين للقارة الأمريكية من غير احتلال قبل ان يصل كولومبوس بمئات السنين.
ولذلك أغلب الظن هو إن كلهم لم يكن يريد يقوم باكتشافات جديدة، ولا شيء، ولا حتى كان يحاول يدور على طريق يصل لأسيا من غير ما يضطر إنه يعبر مصر، والبحر الأحمر اللي كانوا ساعتها تابعين للإمبراطورية العثمانية.
في الحقيقة كلهم بس كان يريد ان يستعمر أراضي جديدة ويحصل على ثرواتها بحجة إن هو اللي اكتشفها، أما مسألة غيرته الشديدة على معتقداته الكاثوليكية، فكانت هي عصا موسى اللي يستخدمها في الدعاية لرحلته مش أكثر.
فبدأ الموضوع بإنه يروج لرحلته بدافع غيرته على الدين، وحاول إنه يقنع ملك البرتغال يوحنا الثاني، إلا إن الملك رفض، وأكد إن الرحلة سوف تتكلف مبالغ طائلة بدون فائدة حقيقية تذكر.
فحاول يحصل على دعم مادي من ملك إيطاليا، وأيضا من ملك فرنسا، تشارل الثامن، ولكن أيضا الإثنين رفضوا إنهم يمولوا الحملة الاستكشافية، فحاول أخيرا مع ملكة إسبانيا، ايزابيلا الأولى،
ايزابيلا الأولى كانت مشغولة جدا في حروبها ضد المسلمين، ولكنها بعد إلحاح شديد قررت إنها توافق على تمويل الرحلة الاستكشافية تلك بعدما استردت آخر الحصون الإسبانية من المسلمين.
كولومبوس، أبرم معي ايزابيلا اتفاق قوي يحقق المصالح للطرفين، وكان عبارة عن إن هي يبحر بثلاث سفن لكي يكشف لها طريق يربط بين أوروبا والهند من غير ما يعبر من داخل الحدود العثمانية التابعة وقتها للمسلمين، وفي المقابل تعينه الملكة كنائب لها على كل أرض جديدة يكتشفها،
بالإضافة لتسليمه ربع الثروات في الأراضي تلك، ذلك غير منحه لقب أدميرال بحري، الحقيقة إن اللقب ده ساعتها كان مقتصر على فئة محدودة جدا من النبلاء العسكريين والملكة، كان ليها شرط أساسي قبل كل ذلك، وهو إنه يحسن لأي شعوب يصادفها في طريقه.
وبالفعل، أبحر كريستوفر كولومبوس من ميناء بالوس دي لا فرونتيرا في جنوب أسبانيا في عام 1472، وقدر بعد خمس أسابيع إنه يوصل جزر البهاما اللي كان اسمها وقتها جوانا هاني، ووثق الاتصال اللي حصل ما بينه وما بين الأهالي هناك من خلال مذكراته اللي كتب فيها الآتي:
“الأهالي هنا حمق بشكل رهيب، لقد جلبوا لنا ببغاوات و كرات من القطن ورماح، والكثير من الأشياء الأخرى التي قايدوها بالخرز المصنوع من الزجاج، لقد قايضوا كل شيء يمتلكونه طوعا، إنهم أغبياء و يتمتعون بأجسام قوية وملامح وسيمة،
ولا يحملون أسلحة ولا يعرفون ماذا تكون إذا أنني أعطيتهم سيفا فأمسكوه من النصل، وجرحوا أنفسهم بسبب جهلهم، من الممكن أن يصبحوا خدما جيدين، ونستطيع بمساعدة 50 رجلا، أن نستعبدهم ونجعلهم يفعلون ما نريد.”
كريستوفر كولومبوس ترك وراءه 39 شخص من الطاقم خاصته، وأكمل في رحلته البحرية الي ان وصل لكوبا، وقدر إنه يتحصل على كمية لا بأس بها من الذهب، ورجع في العام اللي بعده لأسبانيا لكي يعرف الملكة إنه اكتشف طريق جديد يؤدي للهند مثلما اتفق معها، وإنه أخيرا عثر على الذهب.
والأغرب من كده إن كولومبوس أطلق على تلك الأراضي اسم الجزر الهندية، رغم إنها كانت بعيدة تماما عن الهند، لكن الملكة صدقته، وقررت إنها تدعمه بشكل أقوى بعدما وصل للذهب مثلما وعدها.
فأضافت لرحلته الجديدة 17 سفينة وطاقم مكون من 1500 جندي وبحارة كثير لكي يستعمر تلك الأراضي.
وأبحروا جميعا، في بداية عام 1494، الي ان وصل مستعمرة هسبانولا اللي ترك فيها رجاله، لما وصل كولومبس اكتشف إن أهالي الجزيرة الأصليين قتلوا رجالته وخلصوا عليهم لانهم كانوا يحاولوا إنهم يستعبدوهم،
وقتها حاصر كولومبوس الجزيرة وأجبر الأهالي هناك على الإذعان له، وبعدها عين أخوه بارتولوميو، حاكم للمكان نيابة عنه قبل ان يبحر ثانية مع باقي الطاقم لجزر الأنتيل وكمل الي البحر الكاريبي في جنوب كوبا.
وبعد ست شهور قدر إنه يوصل في النهاية لجامايكا وعدد من الجزر الواقعة في شرق القارة الأمريكية، وقتها كولومبوس كان فاكر إنه وصل أخيرا للهند لدرجة إنه أطلق على الشعوب هناك اسم الهنود الحمر إلى إنه في الحقيقة كان وصل لأمريكا الشمالية.
وبدلا ان يرجع كولومبوس بالذهب والتوابل اللي وعد الملكة بيهم، رجع مع 500 من السكان الأصليين اللي أطلق عليهم اسم الهنود الحمر، وسلمهم لملكة أسبانيا باعتبارهم عبيد،
إلا إن ملكة أسبانيا استاءت جدا بسبب التصرف ذلك الوحشي، وأكدت إنهم من رعايا التاج الملكي وفكرته ببنود الاتفاق اللي كان ما بينهم في البداية،
وإنهم كانوا متفقين إنه سوف يحسن لأي شعب يقابله في طريقه باعتبارهم شعوب خاضعة لإسبانيا، وعنفته كمان لإنهم أكيد سوف يأخذوا فكرة وحشة عن الديانة المسيحية بعد ذلك التصرف الهمجي، وبناء عليه أمرت بتحريرهم وإعادتهم مرة ثانية لوطنهم في سلام.
وفي عام 1498 أبحر كولومبوس للمرة الثالثة وزار المرة دي ترينداد، وأيضا وصل لبر أمريكا الجنوبية، ولما رجع لمستعمرة إسبانولا ولا اللي عين عليها أخوه بارتولوميو، اكتشف إن الأهالي هناك، قاموا بثورة عنيفة بسبب الوحشية الشديدة اللي أخوه كان يتعامل بها معهم،
وذلك لإنه كان يجبرهم على العمل في مزارعهم بدون أي مقابل بالإضافة لتشغيلهم في السخرة لكي ينقبوا عن الدهب في أراضيهم.
والأوضاع دي وصلت لملكة اسبانيا إيزابيلا الأولى وقررت إنها ترسل بعثة استكشافية، لكي تتأكد من الجرائم اللي ارتكبها كولومبس وفريقه هناك، وتأكدت بالفعل إن كولومبوس ارتكب أفظع الجرائم ضد الأهالي هناك مثل اغتصاب النساء، وقتل أي شخص يرفض العمل بدون أجر، تحت التاج الملكي،
ووصل الأمر لتعذيب السكان الأصليين وقطع أطرافهم، لدرجة إن عدد كبير منهم كان ينتحر وأعداد المنتحرين كانت تزيد يوم عن الثاني لإنهم فشلو في الهروب من العذاب اللي يروه كل يوم على إيد الإسبانيين.
وقتها أمرت إيزابيلا الأولى باعتقال كولومبس وأخوه وتقديمهم لمحاكمة بعدما عرفت السبب الحقيقي وراء رحلاته، ولكن بعد فترة تم تبرئتهم من أغلب التهم المنسوبة لهم، ولكن وقتها كان تم تعيين حكام جدد على المستعمرات اللي اكتشفوها،
واكتفت الملكة بإنها تجرد كولومبوس من لقب الأدميرال، وبذلك لن يكون له أي ربح من الأقطان، والذهب اللي سوف يخرجوا من الأراضي هناك،
وقتها رجع كولومبوس يضغط عليها ثانية لكي تسمح له إن يبحر مع طاقم استكشافي للمرة الرابعة، وبعد إلحاح شديد جدا، وفقت أخيرا، وأنهى كريستوفر كولومبوس رحلته بالوصول لهندوراس ونيكاراغوا وكوستاريكا، الي ان وصل لبنما ورجع لأسبانيا في النهاية بدون ما يصل لأسيا مثلما كان يحلم ولو إنه هو نفسه كان مقتنع بإن وصل ليها فعلا.
بعدها بشهور تدهورت صحته جدا ومات كريستوفر كولومبوس في عام 1506، وتم دفنه بدون القيام بالمراسم الجنائزية اللي كان يحصل عليها العلماء والمستكشفين وقتها، وذلك لأن الحكومة هناك اكتشفت إنه كان مجرد رجل أعمال مش عالم ولا جغرافي حقيقي.
وبعدها بسنة واحدة بس أعلن الرحالة والمستكشف أمريجو فيسبوتشي إن كولومبوس لم يصل للهند أصلا، بل وصل للعالم الجديد اللي هو أمريكا، ولذلك سميت القارة على اسمه.
وقام رسام الخرائط الألماني مارتن فالدسميلر برسم خريطة جديدة للكرة الأرضية، ووقتها رفض رفض تام إنه يضع على القارة الجديدة اسمه كولومبوس، لإنه حتى لو هو أول واحد وصل لهناك فالرحلة أمريجو فيسبوتشي، هو اللي اكتشف إنها ليست الهند، ذلك غير إن فيه علماء و جغرافيين كتير كانوا سبقوه لأمريكا أصلا.
ومع بداية الألفينات عرفت الحقيقة كاملة للغرب وبدأوا ينادوا بإعادة كتابة التاريخ، وأكدوا إن كريستوفر كولومبوس نال شرف لم يكن يستحقه وطالبوا بإلغاء عيد كريستوفر كولومبوس اللي بيكون في 1 من أكتوبر كل عام وتغيير اسمه لعيد السكان الأصليين تعويضا لهم عن الجرائم اللي ارتكبها الرحالة الإيطالي هو وأخوه في حقهم.
فاستجاب الرئيس جو بايدن لمطالبهم بعد زيادة الهاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأمر بإزالة تماثيل كريستوفر كولومبوس من ولايات كثيرة، وحصلت نفس الواقعة مع عدد من الدول الأوروبية.
بذلك تكون انتهت مقالتنا اليوم عن كريستوفر كولومبوس وتلك الفترة عن تاريخ أمريكا.