نرجع لثاني مقالة من مقالات تاريخ بلاد الحجاز واليوم سوف نتكلم عن الحركة الوهابية وتأثيرها في نشأة بلاد الحجاز، فملثما ذكرنا الخطر الأول اللي كان يهدد الأشراف في الحجاز بالنسبة لمفتي مكة الشيخ أحمد دحلان كان العثمانيون ولكن كان هناك خطر ثاني قوي وهو الوهابيين.
ولكي نفهم الحكاية بشكل تفصيلي محتاجين ندرس الوهابيين بعمق أكبر، فتابعوا المقالة للنهاية لمعرفة كل تلك المعلومات.
الحركة الوهابية وتأثيرها في نشأة بلاد الحجاز
الحركة الوهابية والصراع مع الأشراف
الحركة الوهابية بدأت بفكرة التوحيد والعدل ورفض كل أشكال البدع في الدين، مثل التوسل لأصحاب القبور والأولياء لتحقيق الحاجات أو الاستجابة للدعاء، وأيضا رفض إقامة القباب،0 هدفهم كان الدعوة للإسلام الحقيقي والتخلص من كل مظاهر الشرك. والجهل.
والدعوة الوهابية ليست جديدة أو نابعة من شيء مختلف غير متعارف عليه، لإنها منبثقة من المذهب الحنبلي وفيها تأثر كبير بابن تيمية، لكن ليست فقط كانت محاولة لتحويل المسلمين من بدعهم، كمان كان تحدي للسلطات القائمة سواء كانت سلطة القبائل في نجد أو الأحساء أو أمراء مكة، أو حتى السلطة العثمانية، وأي سلطة عربية بجانبها.
محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة الوهابية ولد لعائلة كبيرة في الحجاز سنة 1703 ميلادية وكان ابن قاضي في عيينة ولك جعله انه من الطبيعي إنه يدرس العلوم الدينية من الفقه والتوحيد وحفظ القرآن والحديث ويطلع على تفسير القرآن ويقرأ عن المذاهب الأربعة وكتبها.
بعد ذلك سافر بغداد ومناطق ثانية لكي يزود معرفته الدينية وبعدما انهي دراسته رجع لعينة وكتب رسائل دينية منها رسالة التوحيد اللي ضمن فيها التعليم الإسلامية.
وبعد ذلك بدأ يسمعها للناس الي ان اصبح له مريدين معه على السمع والطاعة، وبدأ يعيد نشر الإسلام، لكن بمفهومه هو وحصل كتير من الحروب ضد المسلمين، انتهت بقتل أغلب شبابها وأخذ نسائها كجواري.
لكن لو تريد ان تعرف البداية الحقيقية نقدر نقول إنها كانت لما تقابل مع محمد بن سعود اللي دعمه وساعده بنفوذه وأمواله ورجاله في خدمة الحركة الوهابية.
وانتشرت الحركة بسرعة، وغزت مناطق الخليج العربي كلها من البصرة وكربلاء والزبارة في الشمال لعمان في الجنوب ووصلت للبحر الأحمر للاستيلاء على مكة والمدينة، واستولت على عسير، و وصلت حدود اليمن بعدما استقرت في وسط نجد.
وبعد مرور 26 سنة على ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرعية وتعاونه مع البيت السعودي، بدأ أول اتصال بين الوهابيين والأشراف، كانت البداية عبارة عن بعثة من علماء الوهابيين أرسلهم ابن عبد الوهاب إلى مكة للنقاش مع علمائها.
الشريف الغالب حاكم مكة استقبالهم بحفاوة، وعلماء مكة رأوا إن دعوتهم مشابهة لمذهب أحمد بن حمد، ولم يكن هناك شيء يخالف الدين، لكن ذلك الجو الجميل لم يستمر كثيرا.
أولا وجدوا كتير من الضلال في أفكار محمد بن عبد الوهاب، ذلك غير إنه كان ينال سمعة سيئة جدا من أهل بيته ومنطقته، فوالده أعلن التبرأ منه وأخوه الكبير نقد الكثير من أفكاره التشددية في كتاب الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية.
ذلك غير أيضا إنه كان يفسر الدين بما يخدم مصالحه الشخصية، وذلك كان السبب الرئيسي اللي جعل بعض الأشراف يرفضوا دعوة محمد بن عبد الوهاب، لأنهم فهموا إن موضوع ليس ديني مثلما يعتقدون بل له أبعاد سياسية واجتماعية بمشاركة عبد العزيز بن آل سعود.
بعد وفاة بن عبد الوهاب سنة 1792 الوهابيين سيطروا على الأحساء وانتصروا على بني خالد سنة 1795.
الأحساء كانت لها أهمية استراتيجية كبيرة للعثمانيين فبدأوا يشعروا بالقلق من النفوذ الوهابي المتزايد، خاصة إن الوهابيين قدروا يكسبوا تأييد القواسم في الجنوب.
الأحساء كانت أرض خصبة ومرافقها على الخليج، كانت ممر للتجارة الأوروبية والهندية والعربية، ولو رجعنا للوراء قليلا يعني سنة 1793 ،فقد كان الوهابيين اصطدموا مع العتوب في الكويت والبحرين، وكانوا يعتبروا قبيلة العتوب مشركين.
ورجع والوهابيين هجمو الكويت اني سنة 1795 وجندوا عناصر من داخل الأحساء،
أما بالنسبة لقبيلة العتوب، فكانوا أصدقاء للعثمانيين اللي كرموا شيخ الكويت عبد الله الصباح، لما زار عاصمتهم سنة 1794، بعدها باشا بغداد أرسل حملة بقيادة ويني بعد سقوط الزبارة في يد الوهابيين وفي مخطوطة لمع الشهاب في المتحف البريطاني فيها تفاصيل عن فشل تلك الحملة دي ضد الوهابيين سنة 1796.
الحروب العثمانية والوهابية
مع نهاية القرن ال18 وبداية ال19، نأتي لثالث شيء أثر على الأشراف، الأمور في مصر كانت تتغير الفرنسيين بقيادة نابليون، احتلوا مصر سنة 1798، وفي شخصية ألبانية كانت في قوة أرسلها الباب العالي لطرد الفرنسيين من مصر في 1799،
وقدرت تصدر الموقف، بل كمان تصدت لهجمات الإنجليز، وتلك الشخصية هو محمد علي، وبعدها تم الاعتراف بمحمد علي واليا على مصر، و بعد عشر سنين من حكم محمد علي لمصر، بدء يأسس نواة جيش قوي.
وفي سنة 1811 وفي المعركة الأولى بين قوات الحركة الوهابية بقيادة سعود بن عبد العزيز وبين إبراهيم بن والي مصر محمد علي قامت الحرب على الحدود الفاصلة بين مصر والسعودية بالقرب من البحر الأحمر.
وفي أول المعركة بالرغم من القوة الكبيرة اللي كانت في جيش إبراهيم، إلا إن سعود بن عبد العزيز كان هو الأقرب للفوز الي ان حصل إبراهيم على تعزيزات من الخلافة العثمانية، وأيضا من أشراف الحجاز، وقدر إنه يستولي على المدينة في 1812، وأنهى الجيش المصري التابع للدولة العثمانية الدولة السعودية الأولى.
المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي في كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار اللي كان معاصر لتلك لأحداث قدر عدد المأسورين من أل سعود شيوخا وشبابا ونساء وأطفالا اللي رآهم في القاهرة ب400 شخص تم التحفظ عليهم في منطقة الأزبكية لكن قدروا بسرعة يهربوا من محمد علي وبدأوا يختلطوا بأهل مصر ويخرجوا ويشتروا حاجياتهم.
وبسبب ذلك قدر واحد من آل سعود وهو مشاري بن سعود بن محمد آل سعود يهرب من المعسكر المصري ويرجع للدرعية.
هنا، بدأ يشتغل على إعادة إحياء دولة آل سعود، ليس ذلك فقط، لكنه كمان تمكن من التوسع في مناطق نجد الأخرى مثل حريملاء والوشم، ووصل حدا اسدير والسلمية واليمامة والدلم.
تأسيس الدولة السعودية الثانية
لما هرب الأسرى من آل سعود، تقدر تقول إنها كانت بداية قيام الدولة السعودية الثانية رغم الدمار والخراب اللي سببته قوات محمد علي بقيادة إبراهيم باشا في وسط الجزيرة العربية، وهدم الدرعية وتدمير كثير من البلدان، ونشر الخوف في نواحي الجزيرة العربية، إلا إنهم لم يقدروا ان يقضوا على مقومات الدولة السعودية.
الأهالي في البادية والحاضرة، فضلوا على ولائهم لأسرة آل سعود، التي أسست الدولة السعودية الأولى، وقدروا معاملتهم وقيادتهم الحكيمة، ومناصرتهم للدعوة السلفية، و ولم يعدي سنتين يا صديقي من نهاية الدولة السعودية الأولى، إلا ورجع القادة من أل سعود يظهر من جديد،
لكي يعيدوا تكوين الدولة السعودية، وأول محاولتهم كانت سنة 1235 هجرية 1820 ميلادية، لما حاول الأمير مشاري بن سعود يرجع الحكم السعودي في الدرعية، لكنها لم تدم الا فترة قصيرة فقد كانت كم شهر فقط.
وبعدها أتت محاولة ناجحة قادها الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في سنة 1240 هجريا 1824 ميلادية واللي أدت لتأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض.
الدولة السعودية الثانية استمرت على نفس الأسس والركائز اللي قامت عليها الدولة السعودية الأولى. من حيث اعتمادها على الإسلام، ونشر الأمن والاستقرار وتطبيق الشريعة الإسلامية.
النظم الإدارية والمالية كانت مشابهة للي كانت في الدولة السعودية الأولى في سنة 1309 حجرية 1891 ميلادية، ترك الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي الرياض، بعد خلافات بين أبناء الإمام فيصل بن تركي وسيطرة محمد بن رشيد حاكم حائل عليها.
وبذلك انتهت الدولة السعودية الثانية في أقل من شهور بسيطة.
تفتكر بذلك الدولة السعودية انتهت بلا رجعة ولا رجعت للمرة الثالثة؟
الحقيقة إنها رجعت للمرة الثالثة، لكن لكي تعرف كيف رجعت أو كيف تأسست الدولة السعودية الثالثة بشكل دقيق؟ لازم نذهب لشخصية مهمة جدا، آخر أشراف مملكة الحجاز الشريف حسين بن علي وهو ما سوف نتعرف عليه في المقالة القادمة، ابقوا في امان الله والسلام.