آخر أباطرة الأسرة اليوليوكلاودية

آخر أباطرة الأسرة اليوليوكلاودية

جدول المحتوي

IMG 20231113 WA0027

نيرون

 

كتبت/ دينا ايمن 

ألاء عاطف

زينب عيسي 

#فرع_القاهرة

 

الإمبراطور الذي أحرق روما:

 

تعد الأسرة اليوليوكلاودية هي الأسرة الحاكمة من عام (14 – 68م)، وينحدر أباطرة هذه الأسرة من عائلتين هم “يوليا”، وهي العائلة التي ينتمي إليها “أغسطس” بعد تبنيه من “يوليوس قيصر”، والعائلة (الثانية) هي “كلوديا”، وهي العائلة التي ينتمي لها أبناء الإمبراطورة “ليفيا” من زوجها (الأول) “تيبيريوس”، ويعد آخر أباطرة هذه الأسرة هو الإمبراطور “نيرون”، والذي لقبه المؤرخون بالمجنون، وذلك لِما أحدثه داخل الإمبراطورية، حيث أنه تسبب في حريق روما بالإضافة إلى أنه اضطهد المسيحيين اضطهاداً شديداً.

 

من هو الإمبراطور نيرون: 

 

هو ابن “اجربينا الصغرى”، وقد تبناه الإمبراطور “كلوديوس” عندما تزوج من أمه، وخاله هو “الإمبراطور جايوس كاليجولا”، ومن هنا يمكن أن نفسر أن تلقيبه بلقب المجنون يعود إلى قرابته “بالامبراطور كاليجولا” المعروف بأنه رجل ذو طبع جنوني، أما أبيه فهو “اهينوباربوس”، وكان شاباً عنيفاً، كما أنه كان يتميز بالصحة والحياة وذواقاً للفن والجمال، وتعود القسوة والعنف اللذان غلبا على طبعه إلى اسرة أبيه، والتي كانت تتميز بالقسوة والعنف، بالإضافة إلى أن أبيه كان يتميز بأنه أغلظ الناس قلباً وأقساهم طباعاً، وقد تربى “نيرون” على أيدي (إثنين) من أعظم الكُتاب الرومان وهم “بلينوس الأكبر” صاحب كتاب التاريخ الطبيعي و”سينيكا” الفيلسوف والأديب الذي كان يمتلك ضيعة كبيرة بمديرية أرسيوني في مصر.

 

تولية الإمبراطور نيرون العرش: 

 

تولى الإمبراطور “نيرون” العرش بعد وفاه “كلوديوس” في عام (54م)، ويُقال أن “أجربينا الصغري” أم “نيرون” هي من دست السم للإمبراطور “كلوديوس” حتي مات، وذلك لكي تضمن لابنها العرش على حساب “بريتناكوس” وهو الابن الرسمي للإمبراطور “كلوديوس”، ومن ثم بعد مقتل “كلوديوس” تم إعلان “نيرون” إمبراطوراً تحت اسم “نيرون كلوديوس قيصر”، وقد تولى العرش وهو في عمر (السابعة عشر)، ولكن كان حوله (ثلاث) شخصيات يريدون أن يسيطروا على مقاليد الحكم وأولهم هي أمه، والتي كانت تعتقد أنه سيسمح لها بالسيطرة على مقاليد الحكم.

 

أما (ثانيهم) فهو “سينيكا” الفيلسوف المعروف، و(ثالثهم) هو “بوروس” قائد الحرس البرايتوري، وفي إحدى الأيام انقلبت “اجربينا الصغرى” على ابنها الإمبراطور “نيرون”، حيث أيدت حق “بريتناكس” الابن الرسمي “لكلوديوس” في العرش مما أدى إلى وجود تحالف قوي بين “بوروس” و”سينيكا”، وذلك لكي يستطيعوا أن يتخلصوا من نفوذها على الإمبراطور “نيرون”، وفي عام (55م) قُتل “بريتناكس” بتدبير من “الإمبراطور نيرون” ورجاله، وهكذا تخلص “نيرون” من منافسه على العرش، ولم يتبقى أمامه سوى أمه فعمل على التخلص منها، حيث أوعز إلى أحد رجاله بقتلها وبالفعل قتلها، وهكذا تخلص “نيرون” من أمه وانفرد بالحكم.

 

زواج نيرون وحبه للغناء والثقافة:

 

بدأ “نيرون” يُهيم حباً بزوجة رومانية هي “بوبابا سايتيا”، وكانت زوجة لرجل من الأشراف هو “ماركوس سالفيوس اوتو”، ولما عنفته أمه لهذا انصرف إلى الفن والشعر والتمثيل والغناء ولعدم اكتراثه بفن الحكم غضب منها، وتحت تأثير عشيقته “بوبابا” دبر مصرع أمه عام (59م)، وما إن تخلص من أمه حتى طلق زوجته الشرعية “أوكتافيا”، ولم يكتفي بذلك بل نفاها ثم تخلص منها عام (64م) وتروج رسمياً من “بوبابا سايتيا”، وكان نيرون يعشق الثقافة والفن الإغريقي حتي فقد اتزانه إذ تمنى أن ينقل بلاد اليونان وحضارتها والإسكندرية وفنونها ومؤسساتها إلي روما، كما كان أيضا عاشقاً للمباريات الرياضية والتراث الفني الذي شهده العالم الهللينستي، حيث كان “نيرون” يعتقد أنه فنان موهوب ولا يجارية في عبقريته أحد، فذهب يتدرب على الغناء ويتمنى أن يهزم أعداءه في حلقات الشعر أو مباريات العزف، وفي عام (56م) ظهر “نيرون” على المسرح الروماني كمغني وموسيقي يعزف ألحان ربانية على قيثارته الذهبية، مما جر عليه استياء الأرستقراطية الرومانية فانفضت عنه، ولم يكتفي بذلك بل أصر على عرض فنونة في المباريات الإغريقية التي كانت تقام في أولمبيا وفي دلفي، ومن أجل ذلك قام “نيرون” بزيارة مقدسة إلى بلاد اليونان عام (66 و67م) ليغني في موطن ربات الشعر.

 

سياسة نيرون في الولايات:

 

شهد حكم “نيرون” فترة تدهور في الإدارة الرومانية للولايات، ولم يهتم “نيرون” بأي شعب تابع له إلا الإغريق الذين كان متيماً بحبهم وخاصة مدينة الإسكندرية، حيث أعلن أثناء رحلته إلى بلاد اليونان قرار بمنع الحرية لبلاد اليونان، وكان أغلب الظن أن الحرية التي منحها الإمبراطور لبلاد اليونان لم تكن سوى الإستقلال المحلي والاعفاء من ضريبة الرأس، وبسب هذا الإهمال اندلعت حركات التمرد والثورات ضد الرومان، ومن أخطارها ثورة قامت في بريطانيا (عام 61م) بزعامة ملكة الإيكينين وكانت تدعي “بوديكا”، وبسب ذلك ساءت الإدارة في هذه الولاية الجديدة، وكان هناك جشع في جمع الضرائب وبلغ من عنف هذه الثورة في بريطانيا أن دمر العديد من المدن مثل كامولدنوم وفيرولاميوم وغيرها، وقتل ما يقرب من (سبعين ألف) جندي روماني أي ما يقرب من كتيبة رومانية بأكملها قد هلكت في هذا التمرد، إلا أن القائد الروماني “باوليوس” جمع شتات القوات الرومانية ثم أعاد تنظيمها لما تمكن من إخضاع الثورة وبالتالي هزيمتهم، حيث اُجبرت الملكة “بوديكا” على الانتحار، وفي مملكة أرمينيا اندلعت الصراعات في الشرق، حيث كانت أرمينيا ساحة الصراع السياسي بين روما والبارثين، وفي عهد “نيرون” أعلن ملك أرمينيا الجديد إلغاء الإمتيازات والنفوذ الروماني في مملكته، وبعد سلسه من المعارك انتهت باتفاق وسط وهو الإبقاء على الملك بشرط أن يعلن صداقته لروما ويتوج بواسطة “نيرون” شخصياً، وكان “نيرون” يحاول أن يسيطر على بحر قزوين ويتحكم في طرق القوافل المحيطة به، والتي كانت أرمينيا تسيطر عليها من البحر الأسود إلى الهند شرقاً، ولكن هذه المغامرة لم تتم لقيام الثورة ضده، وكذلك أدت سياسة الإمبراطور الفاشلة وجهل موظفيه وقسوة قواته وجشاعة جامعي الضرائب إلى دفع فلسطين كلها إلى الثورة على الرومان (عام 66م).

 

حريق روما وبدايه إضطهاد المسيحيين: 

 

في (عام ٦٤م) شب في روما حريق إستمر (ستة) أيام وأحدث هذا الحريق رعباً بين النساء والأطفال فخرجوا من ديارهم يحملون ما استطاعوا من المتاع، وكان الإمبراطور “نيرون” وقتذاك خارج العاصمة، وعندما عاد الإمبراطور إهتم بتخفيف الآلام عن الناس، ففتح حدائقه الخاصة لهم وبنا لهم أكواخ مؤقتة، وبعد أن توقفت النيران في اليوم (السادس) نشبت مرة (ثانية)، وإتهم الناس الإمبراطور بأنه المدبر لهذا الحريق لأنه بعد الحريق أمر عبيده بالتخلص من بعض الأحياء القذرة التي لم تصل إليها النيران في الحريق الأول وإستغلالها في بناء القصور.

 

ويقول المؤرخون أن الحريق دمر تراث العمران كالمسارح والمكتبات والمعابد إلخ، واستغل مستشار الإمبراطور ذلك باتهام المسيحيين بإشعال ذلك الحريق عمداً، وكانوا يعلمون مدى كراهية الشعب الروماني لهم، وقُدم (المئات) من المسيحيين الرومان إلى المحاكمة بتهمة الاتيان بأفعال فوضوية، وأنزل بهم عقوبات بربرية، واستقبل المسيحيون الشهداء الموت بالترحاب، وكان هذا بداية إضطهاد الرومان للمسيحيين.

 

نهاية نيرون: 

 

بعد عودة “نيرون” من رحلته إلى بلاد اليونان بعد أن أعلن الإنعام على شعبها بالحرية حتى واجه أمراً خطيراً فقد إندلعت حركة تمرد كبرى في بلاد الغال يتزعمها “جوليوس فندكس”، وكان أحد حكام مقاطعاتها، وكانت حركة قومية غالية، وأعلن السناتو أن الإمبراطور عدو للشعب الروماني، فهرب “نيرون” مع عدد كبير من المخلصين إلا أن هناك من ضربه بخنجر في عنقه، وساعده أصدقاؤه على إكمال مشواره حتى سقط صريعاً، وهكذا بموت “نيرون” ينتهى حكم الأسرة اليوليوكلاودية.

 

المراجع/

١/ كتاب الإمبراطورية الرومانية السياسي والحضاري لدكتور “سيد احمد علي الناصري” ص (١٥٦-١٦٨).

٢/ كتاب الإمبراطورية الرومانية من النشأة إلى الإنهيار لدكتور “احمد غانم حافظ” ص (٥٩ – ٦٠).

 

——————————————————————————

((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))

 

#مبادرة_حكاوى

#الموسم_الخامس

#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top