العصور الوسطى العالية الجزء الرابع

العصور الوسطى العالية الجزء الرابع

جدول المحتوي

 

صراع الإمبراطورية والبابوية

كتبت/ سمر محمد.

أوتو الثالث:

إن “أوتو الثالث” حفيد “أوتو الأول” بما له من سجايا قد جمع في شخصيته بين قوة الألمان عن طريق والده وحساسية اليونان عن طريق والدته، وهي إحدى الأميرات البيزنطيات، واستفاد كثيراً من معلمه ومرشده “جيربرت الأوريلاكي”، وهو أحد كبار العلماء والذي استطاع أن يقيم عدة أجهزة فلكية أدخل بها الغرب الأوروبي لأول مرة في مجال الحسابات الفلكية، و”جيربرت” هذا هو الذي عرف فيما بعد باسم البابا “سلفستر الثاني” منذ عام (999م)، والذي ألهم تلميذه الصادق الحلم المثالي لإمبراطورية وبابوية تحكمان العالم المسيحي في انسجام لصالح البشرية ومجد الرب، ولكن هذا الحلم سرعان ما تحطم بموت الإمبراطور المفاجئ عام (1002م) وموت “جيربرت” في السنة التالية.

هنري الرابع:

في عام (1053م) اختار الأمراء الألمان “هنري الرابع” ملكاً كوريث من الفرع السكسوني، فاعتلى “هنري” العرش وهو طفل صغير، إلا أنه سرعان ما أثبت قدرة كبيرة على التفوق والنبوغ، وكملك كفؤ حاول أن يمنح الإمبراطورية التي ورثها عزماً جديداً، وكان من الممكن أن يصبح إمبراطوراً عظيماً لو أنه لم يدخل في صراع مع البابا “جريجوري السابع”، الذي كان على قدر كبير من الذكاء ومليئاً بروح الحماس لجعل البابا الحاكم الفعلي لمملكة المسيح على الارض.

جريجوري السابع:

كان “جريجوري” صغير السن ممتلئ الجسم قصير الساقين، ومن حيث المولد فربما كان ينتمي إلى أصل متواضع، ومن حيث مزاجه العقلي كان أقرب إلى عامة الناس وبشكل كبير، كما كان مدركاً بأنه كخادم للرب يجب أن يناضل ضد الحكام الأشرار، كذلك كان (واحداً) من هؤلاء الرجال الأقوياء ذوي الإيمان الحق، الذين يمكنهم بقوتهم الروحية تغيير العالم حتى ولو لم يكن هذا التغيير دائماً إلى الأفضل، ولقد استحوذ عليه شيء (واحد) وهو أن ينقي الكنيسة مما وقعت فيه من مفاسد، ويستعيد لمدينة روما قوتها الروحية المستمدة من الرسل، وعندما تتمكن كنيسته من لم الشمل وأن تعاقب وتصدر قرارات التحلل من الإيمان، فسيكون لها الكلمة العليا فوق أي سلطة بشرية أخرى بما فيها الإمبراطورية الرومانية المقدسة.

إلغاء التقليد العلماني:

وفي ربيع عام (1075م) أصدر “جريجوري” مرسوماً يقضي بإلغاء التقليد العلماني أي النظام السابق، والذي كان يقوم فيه الحكام العلمانيون بتعيين رجال الدين كهنة وأساقفة في وظائفهم الكنسية، هذا المرسوم جعل الخاتم والصولجان في يد البابا أو بعبارة أخرى فرض هيمنة البابا على رجال الدين، وإن كان بعض المغرضين يرون أن هذا التقليد كان قديماً، ولكن متطلبات العصر حتَّمت ضرورة الشعور بقوة هذا الرمز، كما أن الخاتم كان الرمز الأسقفي لرسامة الكاهن، فضلاً عن أنه كان رمزاً لرعاية البابوية لأتباعهم من رجال الدين، ولقد نظر كثيرون إلى عملية التقليد العلماني على أنها دليل واضح على حق الملك في اختيار وتعيين رجال الدين.

كما أن المرسوم الذي أصدره “جريجوري” كان لطمة قاسية بالنسبه “لهنري الرابع”، ذلك لأن الكنيسة كان في حوزتها أكثر من (ثلث) حدود ألمانيا، كما أن كبار رجال الكنيسة هناك كانوا أتباعاً مخلصين وحكام خاضعين “لهنري”، ويعملون مدراء في مؤسسته السياسية والمالية والإدارية، ويمدونه بمعظم دخله، كما أنهم كانوا له حصناً قوياً ضد أعدائه الدائمين من البارونات الثائرين، وتعيين هذا العدد الكبير في جهاز الدولة من قِبل البابوية كان معناه ضياع الحكومة أو الفوضى السياسية والإجتماعية، واعتقد “هنري” أن البابا قد اختل عقله، إلا أنه في نفس الوقت لم يتخذ أي إجراء ضد مرسوم “جريجوري” لأنه كان مشغولاً بإخماد الثورة في إقليم سكسونيا.

يتبع..

المرجع/
تاريخ أوروبا في العصور الوسطى.

——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))

#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top