فتح أثينا والمورة علي يد السلطان محمد الفاتح

فتح أثينا والمورة علي يد السلطان محمد الفاتح
فتح المورة 

جدول المحتوي

هل تتخيل ان قصة حب في أثينا صنعت التاريخ ووضعت اقدام العثمانيين في تلك الرقعة الهامة من أوروبا وهي فتح أثينا والمورة، انها احدى فتوحات السلطان العثماني محمد الثاني بعد فتح القسطنطينية والذي تابع مسيرة فتوحاته في أوروبا حتى وقعت قصة حب غيرت تاريخ اثينا ثم صراع أخوين ليغير تاريخ المورة وتصبح اغلب بلاد اليونان تحت السيادة العثمانية تابعونا للنهاية لنعرفكم على تلك الحقبة الهامة من التاريخ العثماني.

انتشار الإسلام في أوروبا علي يد السلطان محمد الفاتح

ها هو ذا السلطان محمد الثاني يفتح مدينة القسطنطينية عاصمه الدولة البيزنطية ليبدأ بعدها رحله طويلة لنشر الإسلام في أوروبا وضم أجزاء منها الى الدولة العثمانية، فكان ان بدا ببلاد البلقان حيث ضم صربيا والبوسنة والهرسك التي أصبحت ولايات عثمانية.

فتح أثينا

وفي خضم ذلك جاءته الفرصة لفتح أثينا وضمها الى الدولة العثمانية دعونا الان ننتقل الى اليونان لنتعرف على الأوضاع فيها.

فقد كانت اليونان تقع تحت سيطرة الدولة البيزنطية التي تآكلت مع الوقت ومن ثم أصبحت اليونان مقسمة لمدن ودويلات كما كانت جمهورية مدينة البندقية الإيطالية تسيطر على أجزاء منها أيضا.

وبين هذه الصراعات السياسية داخل اليونان احتفظت مدينه أثينا اليونانية بمركز ثقل متميز، اذ يذكر الدكتور محمد سالم الرشيدي في كتابه السلطان محمد الفاتح ان أثينا كانت تحكمها اسره اكسييولي الفلورنسية وكانت تدفع الجزية للدولة العثمانية.

وعندما مات حاكم أثينا نريو اكسييولي عام 1453 ترك وراءه طفلا قاصرا وزوجته التي أصبحت واصية عليه، وقد احسنت زوجه نيريو ادارة شؤون دوقيه أثينا في البداية لكنها وقعت في غرام شاب إيطالي يدعى بترو الميريو والذي كان رسولا من جمهورية البندقية لمفاوضتها في شئون التجارة .

وقد أقدم بترو علي قتل زوجته بالسم ليتزوج دوقة أثينا فغضب اهل أثينا من هذا الزواج وتخوفوا من أنه استحوذ الميريو والبندقية علي السلطة في أثينا فقد يؤدي ذلك وقوعهم تحت سيطرة البندقية.

فارسلوا الي السلطان محمد الفاتح يطلبوا منه ان يعينوا فرانكو اكسييولي ابن اخو نريو اكسييولي دوقا عليهم.

واصغى الفاتح الى شكاية الاثينيين وخشي بدوره ان يتسع نفوذ البندقية وسلطانها في اليونان فاستجاب لأهل أثينا وابعد الميريو عن الحكم وعين مكانه فرانكو اكسييولي،

لكن هذا الأخير لم يطمئن للدوقة وخشي من ان تقوم بانتزاع الحكم منه فقام بقتلها فغضب الاثينيون من هذا الاغتيال ونقموا على فرانكو فاستغل الميريو والبندقية هذه الحالة وأرسل الى الفاتح يطلب منه معاقبه القاتل وان يعيده الى حكم أثينا وعلى الأمير الطفل الذي يخشى عليه من فرانكو قاتل امه.

هنا قرر الفاتح ان يتدخل ليقضي على تلك الفوضى التي سادت أثينا ويضمها الى الدولة العثمانية فأرسل عمر بن طرخان على راس جيش عثماني الى أثينا،

وحاول فرانكو ان يحارب الجيش العثماني واستنجد بالأمراء اللاتين لكن لم ينجده أحد فاضطر الى التسليم وقبل ما عرضه عليه طرخان وهو ان يذهب بأمواله الى طيبة وبيوتي ويكون اميرا على تلك المنطقة وذلك عام 860 للهجرة 1456 للميلاد.

وهكذا أصبحت اثنا تحت السيطرة العثمانية.

وقد استقبل اهل اثنيا الحكم العثماني بفرح وابتهاج ولا ادل على ذلك من انه عندما زار السلطان محمد الفاتح مدينة أثينا بعد عامين من فتحها استقبله أهلها بحماس عظيم فاغدق عليهم السلطان محمد الفاتح بالعطايا والمنح السخية.

فتح أثينا

فتح المورة

دعونا الان ننتقل الى فتح المورة فقد كانت شبه الجزيرة تلك تحت حكم قسطنطين الحادي عشر قبل ان يصبح امبراطورا عام 1448، وعندما أصبح قسطنطين امبراطور للدولة البيزنطية عهد بالحكم الى اخويه توماس وديمتريوس.

فكان توماس يقيم في باتراس وديمتريوس يقيم في سبرتا، ورغم ان اخاهما قسطنطين قد اخذ عليهما الايمان والعهود الغلظة بان يعيشا في سلام ولا يبغي أحدهما على الاخر فان الخلاف دب بينهما بمجرد وصولهما الى المورة واستمرت المنافسة والشقاق بينهما حتى فتح السلطان محمد الثاني القسطنطينية وقتل اخوهما قسطنطين.

فاستولى الذعر عليهما وخشي على ملكهما، فبادرا الى طلب السلام من الفاتح مقابل ما يراه من شروط، ففرض عليهما دفع الجزية وابقائه في حكميهما.

لكن سرعان ما عمت الفوضى المورة حيث انتشرت اعمال السلب والنهب بجانب طمع الالبان في حكم المورة حتى انهم أرادوا طرد السكان الروم من جزيرة المورة لكي يتوسعوا هم أكثر داخل الجزيرة ويسيطروا عليها بشكل كامل.

وازداد الصراع بين البيزنطيين والالبان وازدادت معها الأوضاع سوءا فعم الخراب المورة وترك الفلاحون قراهم وتوافدوا على المدن حيث ماتوا فيها بعد ذلك من الجوع، كما رحل الصناع والتجار مغادرين المورة الى بلاد أخرى.

ومع اشتعال الثورة في المورة حوصر الحاكمان الاخوان وضيق عليهما الخناق وتسابق الطرفان المتحاربان الى كسب تأييد الفاتح حيث أرسل الالبان نفس الجزية التي يدفعها الاخوين كما أرسل القائد الرومي الذي يتولى الحامية الرومية في كورنثه الى الفاتح يلتمس منه العون لإخضاع الالبان.

وتوقف مصير المورة على الفاتح الذي أرسل القائد عمر بن طرخان لإنقاذ الحاكمين المحاصرين وليبقي على قدر متوازي من القوة بين الطرفين المتنازعين بحيث لا يطغى أحدهما على الاخر .

وبالفعل فقد نجح الجيش العثماني في اخماد ثوره الالبان ونظم شؤون المورة وأعاد الاستقرار اليها ثم غادر طرخان البلاد بعد ان أوصى الاخوين الحاكمين بكف الظلم عن الناس وبتوخي الحق والعدل في الحكم والا زحف السلطان بنفسه الى المورة.

لكن الحاكمين لم يستمعا الى نصائح طرخان وما لبثت الأمور ان اضطربت في المورة وعاد الصراع بين الروم والالبان ووصلت الى الفاتح شكاوى كثيره من أهالي المورة يشكون اليه ما لحق بهم من ظلم واذي ويطلبون منه التدخل بنفسه.

وبالفعل فقد ذهب محمد الفاتح بنفسه على راس جيشه الى المورة وذلك في ال 15 من مايو عام 1458، وما ان وصل حتى استسلم له الالبان وقدموا له 300 من الغلمان ليجندوا ضمن الإنكشارية.

ضم محمد الفاتح العديد من المدن حتى أصبح تحت سلطته جميع الجانب الشمالي من بلاد المورة وجعل عمر طرخان واليا عليها وأبقى كذلك على توماس وديمتريوس حاكمين في بعض مناطق المورة وفرض عليهم الجزية.

فتح المورة 

الصراعات في المورة

لكن توماس كان يترقب الفرصة للانقضاض على العثمانيين حيث انتهز انشغال الدولة العثمانية بشؤون صربيا والاضطرابات التي نشأت في اسيا الصغرى فهجم على أخيه ديمتريوس والدولة العثمانية في ان واحد، وذلك في يناير عام 1459.

فاستولى على عده مدن وانضم بعض من اتباع ديمتريوس الى توماس وذهبت فرقه من جيشه وحاصرت الحامية العثمانية في بتراس ونهض ديمتريوس للانتقام من أخيه فنشب القتال بين جيش ديمتريوس وجيش توماس.

وانتهز الالبانيين تلك المعمعة فعمت الفوضى مجددا واهرقت الدماء في كل مكان.

الصراعات في المورة

ولما وصل الى الفاتح خبر هذه الاضطرابات اعتبر تلك الفوضى تقصيرا من عمر بن طرخان فعزله وأرسل مكانه قائدا اخر يدعى حمزة ليحل محله، فزحف حمزة الى توماس وهزمه واخذ عتاده ومدافعه غنيمة للعثمانيين وأدرك توماس انه يستطيع الوقوف في وجه العثمانيين فطلب الصلح.

ووافق الفاتح الذي كان يريد التفرغ لأمور أخرى أكثر اهمية وفرض عليه دفع 3000 قطعة ذهبية كتعويض حربي لكن توماس الذي اظهر الصلح كان يضمر في نفسه امرا اخر وهو مواصلة قتال العثمانيين.

قرر الاخوان توماس وديمتريوس ان ينبذا الخلافات التي بينهما وان يقفا معا في مواجهه العثمانيين، وعندما علم الفاتح بذلك اعتبر الامر فشلا من قائده حمزة فعزله وأرسل زغانوس باشا مكانه لكن سرعان ما نسي الاخوان ما تعاهدا عليه وعادا الى سابق عهدهما وثار الالبانيين مره أخرى وتضاعف الخراب في المورة.

فقرر الفاتح ان يقضي على هذا الوضع المضطرب نهائيا فاتجه أولا نحو سبارتا حيث استقبله ديمتريوس مستسلما فامر السلطان أن يأمر كل المدن والقلاع التابعة له بان تستسلم للعثمانيين، لكنه كان قد فقد سيطرته عليها فلم يكن هناك بد من اخضعها بالقوة،

فتوجه السلطان الى قلعه كاسرتزا فقاومت مقاومة عنيفة فقتل فريقا من حاميتها الاشداء، الامر الذي اثار الرعب في باقي المدن والقلاع فاستسلمت له وعمل الفاتح الناس معاملة حسنه كعادته.

ثم اتجه الفاتح الى مدينة سالمينكو فقاومت مقاومة عنيفة فقطع الفاتح عنها المياه فاستسلمت المدينة.

وكان الفاتح قد أرسل زغانوس باش لفتح الشمال الغربي من بلاد المورة اما عن حاكمي المدينة،

ديمتريوس وتوماس فانه جعل للأول مقرا في مدينه اينوس وعين له راتبا سخيا وقضى ديمتريوس باقي حياته في رفاهية وهدوء ثم دخل سلك الرهبنة في أواخر عمره وتوفي بادرنة عام 1471.

اما توماس فقد هرب بمجرد دخول الفاتح سبارتا وطلب العون من البابا لكنه لم يتلقى شيء فعاد الى البانيا وظل بها حتى مات عام 1465.

اما عن شبه جزيرة المورة فقد استأصل الفاتح كل أسباب الفتن والاضطرابات فيها وضمها الى الدولة العثمانية وبفتح أثينا والمورة أصبحت اليونان كلها تحت سيادة الدولة العثمانية باستثناء بعض المناطق القليلة التابعة للبندقية.

نأمل بان يكون المحتوى قد نال اعجابكم عن تلك الفترة من تاريخ الدولة العثمانية، ابقوا في امان الله والسلام.

 

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top