كتب/ احمد عادل عن الآثار الغارقة بالإسكندرية بمنطقة ابو قير
بداية الآثار الغارقة في الإسكندرية:
كان اول من تحدث عن وجود آثار غارقه في منطقه قلعة قايتباي أو الآثار الغارقة في الإسكندرية الغواص المصري الراحل “كمال أبو السعادات” في عام (1961) حيث ذكر في تقرير له قدمه للمتحف اليوناني الروماني أنه شاهد أثناء قيامه بالغوص في هذه المنطقة العديد من التماثيل والكتل الحجرية الغارقة
وانه قام برسم وتحديد مواقع بعض تلك القطع وعلى هذا الأساس فقد قام بعض الغواصين من القوات البحرية المصرية في عام (1963) بانتشال تمثال ضخم من الجرانيت لسيده بطول (8 متر) ووزن (25 طن) وهو الموجود حاليا بالمتحف البحري
والذي كنا نعتقد انه تمثال للمعبودة المصرية إيزيس الا أنه الآن من الأرجح انه تمثال لزوجه أحد البطالمة غالبا “بطليموس الثاني” مصورة على هيئه المعبودة “إيزيس” وعلى ذلك تكون صاحبه التمثال الملكة “ارسينوى الثانية”.
محاولات الأثريين بقيام بعض الحملات لاكتشاف الآثار الغارقة في الإسكندرية
1- منذ عام (1963) تمت محاولات قليله من قبل بعض الاثريين لاكتشاف المزيد حول هذه المنطقة مثل ما حدث في عام (1968) حين قامت العالمة الإنجليزية “أونر فروست” بمصاحبة “كامل أبو السعادات” بالغوص في المنطقة وتسجيل (17) قطعه من الجرانيت
ما بين تماثيل أبي الهول وبعض الأعمدة والقواعد ولكن الأمر لم يكن بمجرد التسجيل والوصف المبسط
2- في عام (1994) بدأت البعثة الفرنسية التابعة للمركز الفرنسي لدراسات الإسكندرية برئاسة “جان إيف أمبرير” بعمل اول مسح أثري دقيق للمنطقة أسفر عن اكتشافات أكثر من (2500) قطعة أثرية،
(90%) منها من الجرانيت وهي عبارة عن أعمده وأجزاء من أعمده وحوالي (26) تمثال مختلف لأبو الهول وأجزاء من مسلات بالإضافة الى أجزاء معمارية ضخمة حوالي (12 قطعه) يبلغ وزن بعضها اكثر من (70 طن)
وجميعها ترقد على عمق يتراوح ما بين ( 8- 10 أمتار) تحت الماء وهذه القطع هي بعض بقايا فنار الإسكندرية وبقايا بعض المباني الأخرى التي كانت قائمة في تلك المنطقة وتتفاوت تواريخ تلك القطع ما بين قطع يونانيه بطلمية الطاب
ع مثل التمثال الضخم الذي تم انتشاله من الموقع في (6 أكتوبر عام 1995) وهو لأحد ملوك البطالمة “بطليموس الثاني” الذي يرجح أنه كان قائما في مكان بارز حول منارة فاروس التمثال كان معرضا في فرنسا ويظهر “بطليموس”
في هذا التمثال يرتدي ملابس الملك وعلى رأسه التاج الذي يرمز لشمال مصر وصعيدها وبعض القطع المصرية الفرعونية مثل أجزاء المسلات وأبو الهول التي ترجع الى فترات زمنيه متفاوته من عهد “سيزوستريس الثالث” الأسرة (ال12) الى عهد “أبسماتيك الثالث” الأسرة (ال26)
وبعض هذه القطع كانت قائمه في هذه المنطقة بالفعل والبعض الاخر ربما نقله بعض ملوك البطالمة من منطقه هليوبوليس لتزيين الموقع حول المنارة،
بالإضافة الى القطع المعمارية الكبيرة التي يرجح انها تنتمي الى المنارة نفسها وكذلك العديد من الأعمدة المكسورة وغير الكاملة التي يرجح ان حاكم الإسكندرية في عهد “صلاح الدين الايوبي” قد جلبها من منطقه عمود السواري وألقى بها في مدخل الميناء لسده لمنع اي محاوله للغزو الصليبي.
اما تلك القطع المنتشلة وعددها حوالي (35) قطعه فتعتبر من أفضل القطع التي عثر عليها من حيث حالتها والتي أمكن معالجتها وترميمها في معمل الترميم بمنطقه المسرح الروماني بكوم الدكة.
أثر المياه علي الآثار الغارقة في منطقة أبي قير
أما عن أثر مياه البحر على تلك القطع فنظرا لأن هذه القطع من مواد صلبه مثل الجرانيت والكوارتزيت فلقد تحملت وجودها تحت المياه لكل هذه الفترة ولكن نلاحظ اختفاء معالم الوجوه بالنسبة للأبو الهول وكذلك اختفاء بعض النقوش والزخارف من المسلات
وذلك لأن البحر وحركه الأمواج والرمال وخاصه في فصل الشتاء والعواصف واحتكاك تلك القطع ببعضها البعض في هذه المنطقة على مدى (آلاف السنين) أدت هذه العوامل كلها الى طمس بعض المعالم، لكن بوجه عام القطع في حاله جيده.
بعد الانتشال يتم وضع القطع في أحواض من الماء العذب وذلك لإزاله الأملاح التي تشبعت بها تلك القطع اثناء وجودها تحت الماء ويتم تغييرها بشكل دوري وأيضا قياس درجه الملوحة حتى يتم التأكد من تخلص القطع من كل الملح الذي تشبعت به،
عندئذ يمكن تعريضها للهواء دون خوف أما إذا تعرضت للهواء مباشرة دون أن تتخلص من الملح الموجود بها فإنها تتعرض للتفتت حتى ولو كانت من الجرانيت.
مشروع تحويل المنطقه لمتحف حي:
ما زال بالموقع العديد من القطع الذي قامت البعثة بتسجيلها جميعاً بدقه والتي سوف تفيدنا كثيراً في معرفه المزيد حول مناره الإسكندرية الشهير وعن طريقه بنائها وهناك عده مشروعات مقدمه لتحويل هذه المنطقة الى متحف حي تحت الماء
وتدرس هيئه الاثار المصرية حاليا المشروع المقدم من فرنسا بشأن عمل أنفاق زجاجيه تحت الماء يستطيع الزائر من خلالها رؤيه ما هو موجود تحت الماء من آثار.
انتشال الاثار الغارقة من الإسكندرية
في (شهر أكتوبر 1998) تم انتشال تمثالين من الميناء الشرقي أحدهما تمثال لأبي الهول يعتقد أن وجهه يمثل ربما الملك “بطليموس السادس” أما التمثال الاخر فهو لأحد كهنه “إيزيس” الذي يرتدي عباءه تلف الجسم بالكامل ويحمل إناء على شكل “أوزوريس”
وقد اكتشفت البعثة الفرنسية بقياده “فرانك جوديو” تمثالا فريدا من نوعه يمثل أبو الهول برأس الصقر “حورس” وهو من الموضوعات نادره التصوير في الفن المصري عامه وفي الفن البطلمي خاصة، هذا وتواصل البعثات الفرنسيه اعمالها حاليا في منطقه الميناء الشرقي بقياده “أمبرير وجوديو”
كذلك تدرس هيئه الآثار المصرية مشروعا لبناء موديل من فنار الإسكندرية الى جوار قلعه قايتباي عند الطرف الشرقي لجزيره فاروس في مقابل معهد الأحياء البحريه.
احتفال باريس بالقطع المنتشله من الإسكندرية
هذا وقد أقيم معرض في باريس في (مايو عام 1998) اختص بعرض القطع المنتشله من قاع الميناء الشرقي بالإسكندرية تحت اسم معرض (مجد الإسكندرية)
وهذا المعرض عكس لأول مره أمجاد هذه المدينة التي كانت مناره ثقافيه وادبيه وفنيه للعالم على مر العصور وقد أقيم هذا المعرض في القصر الصغير بباريس ويعتبر هذا المعرض اول معرض دولي خارجي يسلط الأضواء على المكتشفات الحديثة بمدينه الإسكندرية
ونظرا لأهمية هذا المعرض فقد افتتحه الرئيس المصري “محمد حسني مبارك” والرئيس الفرنسي “جاك شيراك” تجسيدا للعلاقات المصرية الفرنسية في مجال الآثار.
خاتمة حول الآثار الغارقة في الإسكندرية
المرجع: آثار الإسكندرية القديمة
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ)) ولمعرفة المزيد من آثار مصرية يمكنك الاطلاع عليها من هنا
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الرابع
#ديوان_التاريخ_مستقبلك_في_الاثار_والتاريخ