الإمبراطور جايوس كاليجولا
كتبت/ دينا أيمن
#فرع_القاهرة
تاريخ العالم بين الغرابة والجنون:
يتحفل تاريخ العالم بالعديد من الحكام غريبي الأطوار، الذين وصلت غرابتهم فى بعض الأحيان إلى درجة الجنون أو حتى السادية، ولعل أبرزهم الإمبراطور الروماني “جايوس كاليجولا” الذي استحق بجدارة لقب أشهر طاغية في التاريخ الإنساني، حيث فاق جنونه كل الحدود كما أن “كاليجولا” لم يكن مجرد حاكم طاغية ينهب ثروات شعبه، لكنه كان نموذجاً للشر وجنون العظمة، فكان من أشهر أقواله: أشعر بأني وحيد إن لم أقتل لا أرتاح إلا بين الموتى.
مولد كاليجولا ونشأته:
ولد الإمبراطور “جايوس كاليجولا” في عام (١٢م)، في مدينة أنتيوم بإيطاليا، وقُتل في عام (٤١م)، وهو إبن “جرمانيكوس”، الذي توجد بينه وبين الإمبراطور “تيبيريوس” صلة قرابة، فهو ابن أخيه كما أنه قد تبناه بأمر من “أوغسطس”.
كما أن “كاليجولا” هو ابن “أغريبينا الكبري”، وهي كما هو معروف ابنة “جوليا” أحد أبناء الإمبراطور “أوكتافيوس”، كما أنه يعد (ثالث) الأباطرة الرومان، واسمه الحقيقي ليس “كاليجولا “، وإنما اسمه “جايوس يوليوس قيصر”، وقد اشتهر باسم “كاليجولا “، والذي يعني “الحذاء العسكري الصغير”، ومن المعروف أنه اكتسب ذلك الاسم من خلال وجوده مع الجنود على نهر الراين وهو طفل صغير، وذلك خلال حملة أبيه على نهر الراين، وذلك لأن أمه “أجريبينا الكبري” كانت قد اعتادت أن تلبسه لباس الجنود الصغار بما في ذلك الحذاء الصغير.
كما أنه تربي في بيت جدته “أنطونيا” ابنة “ماركوس أنطونيوس” و”أوكتافيا”، حيث التدليل والرعاية، كما أنه تربى في صحبة أمراء شرقيين أمثال الأمير اليهودي “هيرودس أجريبا” حفيد “هيرودس الكبير” وأبناء أمراء تراكيا، فتعلم منهم الحكم الشرقي الذي كان سائداً في الممالك الهلينستية،. بالإضافة إلى ذلك توجد بينه وبين الإمبراطور “نيرون” صلة قرابة من ناحية الأم.
ولاية كاليجولا العرش:
تولي الإمبراطور “جايوس كاليجولا” عرش الإمبراطورية الرومانية بعد وفاة الإمبراطور “تيبيريوس”، وكان في ذلك الوقت رئيس الحرس البريتواري “سيانوس” يطمع في تولي العرش، لذلك أخذ يوهم الإمبراطور “تيبيريوس” بأن هناك مؤامرات تقام ضده، وقد استغل الإتهام الذي وجهته “أجريبينا” أرملة “جرمانيكوس”، حيث قد اتهمت الإمبراطور “تيبيريوس” بأنه هو من تسبب في مقتل “جرمانيكوس” في سوريا بالاشتراك مع وليها المدعو “بيسو”.
وحينما كان الإمبراطور “تيبيريوس” يعتكف لبعض الوقت في إحدى الجزر أصدر “سيانوس” قرار بنفي “أجريبينا” إلى جزيرة بعيدة، وبالتالي انتحر ابنها “نيرون”، وقام “سيانوس” بإعدام ابنها (الثاني) “دروسوس” بتهمه الخيانة العظمى، ولم يتبقى من أبنائها سوى “كاليجولا”، إلا أن “أنطونيا” جدة “كاليجولا” نجحت في كشف مؤامرة “سيانوس” للإمبراطور “تيبيريوس”، وأمر الإمبراطور بإعدامه وتبنى الطفل “كاليجولا” ونقله إلى قصره، وأوصى بأن يتم تعيينه كإمبراطور للإمبراطورية من بعده، وعرض ذلك الأمر على مجلس السناتو، واختار المجلس أن يكون “جايوس كاليجولا” هو الإمبراطور الذي يلي الإمبراطور “تيبيريوس”.
وكان الإمبراطور “جايوس كاليجولا” عندما تولى عرش الإمبراطورية عمره لا يتعدى (الخامسة والعشرون عاماً)، وبعد اختياره ساد الفرح بين الشعب الروماني، وكانت بدايته بداية طيبة حيث أطلق سراح المسجونين السياسيين، وألغي نظام المخبرين، وأخفض الضرائب عن الناس، وخلال فترة حكمه قام بالعديد من الأعمال حيث قام بإصلاح الطرق الهامة في إسبانيا، وقام ببناء فناراً في بولونيا لإرشاد السفن القادمة من بريطانيا.
أما فيما يتعلق بألقابه فلم تعجبه جميع الألقاب، وعندما أصيب “كاليجولا” بمرض شديد جعله ضعيفاً ونحيفاً، فبدأ البعض من حوله يسخرون من شكله ولقبوه بالماعز، وعندما ذهب مرضه جمع كل من وصفوه بالماعز وأعدمهم على الفور.
جنون كاليجولا:
بعد مرور (ستة أشهر) من تولي الإمبراطور “كاليجولا” عرش الإمبراطورية الرومانية داهمه مرض خطير، حيث أصيبت قواه العقلية، ويعود ذلك إلى ما عاشه هذا الإمبراطور قبل توليته العرش، حيث مات أبوه مسموماً وأخويه بتهمة الخيانة في حين انتحر أخيه (الثاني)، ومن هنا فمن الطبيعي لرجل عاش تلك الحياة المأساوية أن تختل قواه العقلية، ولكن ما يدعوا للغرابة هو أن ذلك الإختلال تحول إلى جنون، حيث طالب بأن يقوم مجلس السناتو بتأليهه وبتأليه إخوته البنات.
كما أنه أجبر الشعب الروماني على عبادته، ومن ثم أعلن الأضحية والقرابين التي يجب أن تقدم له، وبالإضافة إلى ذلك فقد حاول تقليد البطالمة، حيث شرع في الزواج من شقيقته حيث كان مهووساً بشقيقته “دروسيلا”، كما أنه فضل الحكم المطلق وألغى المناصب الجمهورية، وانتهك جميع الحقوق السياسية لمجلس السناتو، وقد وصل إلى أعلي مراحل الجنون، حيث أعلن الحرب علي البحر فكان يحب “كاليجولا” أن يراه الناس بطلاً، رغم أنه طوال فترة حكمه لم يحقق أي إنجاز عسكري ما عدا إنتصاره في حربه الجنونية امام البحر.
ففي إحدى المرات أعلن الحرب علي معبود البحر وأمر جنوده بأخذ الأصفاد البحرية كأسرى حرب، واعتبر ذلك إنجاز عسكري، ومما زاد من جنون “كاليجولا” أنه إنقلب على طبقة الأغنياء من أعضاء السناتو، حيث استخدم المخبرين لمعرفة أسماء الأغنياء، وذلك لكي يصادر أموالهم وضياعهم، كما أنه طلب من المخبرين التبليغ عن أي شخص يعادي أمه وأخويه في إحدى الأيام، وقد زاد في احتقار الناس، حيث أعلن حِصانهُ من طبقة النبلاء، وكان ينوي تعيينه قنصلاً شريكاً له في الحكم.
المراجع/
1- كتاب تاريخ الإمبراطورية الرومانية السياسي والحضاري (لدكتور “سيد الناصري” )
2- كتاب تاريخ الإمبراطورية الرومانية من النشأة إلى الإنهيار (لدكتور “أحمد غانم حافظ“)
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ