الحرب التركية الكبرى

الحرب التركية الكبرى
الحرب التركية الكبرى

جدول المحتوي

الحرب التركية الكبرى انها الحرب التي وضعت حدا فاصلا بين عصرين عثمانيين، تلك الحرب التي كانت إيذانا بنهاية عصر القوة والتوسع العثماني في أوروبا، لتبدأ مرحلة طويلة من التراجع التدريجي والانسحاب الإجباري من وسط ثم شرقي القارة الأوروبية، حتى كانت نهاية الدولة العثمانية مع هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

إنها الحرب التركية الكبرى، تتابعون للنهاية لتعرفوا كل التفاصيل عن تلك الحرب.

الأزمات في الدولة العثمانية قبل الحرب التركية الكبرى

في القرن السابع عشر لم تعد الدولة العثمانية كما كانت، فقد ضعف الصلاتين بالتزامن مع تعاظم سطوة العسكر الانكشاريين في الدولة العثمانية وتمردهم على السلاطين العثمانيين ووزراء الدولة، حتى إنهم قتلوا السلطان عثمان الثاني عام 1622 للميلاد، بعدما اتهمهم بإفساد حملة بولندا عام 1621 للميلاد.

كما قتل السلطان إبراهيم الذي كان ينوي التخلص من بعض قادة الانكشارية لعجزه عن السيطرة عليهم، فقتلوه ونصب مكانه ابنه محمد ذي الأعوام السبعة والذي لقب بمحمد الرابع وآلت الوصاية إلى أمه السلطان خديجة تارخان.

لم تكن الأزمات الداخلية فقط هي ما تهدد الدولة العثمانية، إذا كانت هذه الأخيرة محاطة بالأعداء من كل جانب، والمتحفزين للهجوم عليها، فمن الشرق والشمال الشرقي توجد روسيا القيصرية التي تريد التوغل جنوبا للسيطرة على البحر الأسود وبحر قزوين والبحر المتوسط.

ومن جهة الشمال، يوجد الكومنولث البولندي الليتواني المعادي لها، ومن الغرب توجد إمبراطورية النمسا، ومن الجنوب جمهورية البندقية صاحبة النفوذ الكبير في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.

الأزمات في الدولة العثمانية قبل الحرب التركية الكبرى

محمد باشا كوبريللي ينهض بالدولة العثمانية

كان اغتيال السلطان إبراهيم إبان الحملة العثمانية على جزيرة كريت، وإزاء الخطر المحدق بالدولة العثمانية، استعانت السلطانة خديجة بمحمد باشا كوبريللي ليصير الصدر الأعظم للدولة العثمانية والذي قبض على السلطة بقوة وقمع تمرد الجنود الانكشاريين ونجح في تحقيق انتصارات الرائعة لصالح الدولة العثمانية وهزم الروس الذين حاولوا النيل من أراضيها.

وبعد وفاة محمد كوبري لعام 1661 للبلاد خلفه بنه أحمد باشا كوبريللي الذي نجح في إدارة الدولة داخليا وخارجيا بكفاءة، وقد نجحت جيوش الدولة العثمانية في عهد أحمد كوبريللي في انتزاع قلعتين نوهزال وسرينوار شديدتي التحصين اللتين تقعان على مقربة من العاصمة النمساوية فيينا.

وفرض كوبريللي اتفاقية سلام مهينة على النمساويين تضمنت دفعهم جزية كبيرة، واعترافهم بما سيطر عليها العثمانيون.

ومن أهم إنجازات كوبريللي أنه وضع النهاية لحصار كريت الذي استمر 21 عام، وذلك عام 1669 للميلاد، لتنتقل جزيرة كريت إلى سيادة الدولة العثمانية.

ها نحن ذا نقترب من الحرب التركية الكبرى، والتي بدأت بإعلان الدولة العثمانية الحرب ضد النمسا، فما السر وراء ذلك؟ ومن هو البولندي جون سوبيسكي الثالث الذي تدخل في هذه الحرب؟ وكيف ستؤول الأمور في ذلك الصراع ياترى؟ ترقبوا الفقرة القادمة لمعرفة كل ذلك.

محمد باشا كوبريللي ينهض بالدولة العثمانية

الحرب التركية الكبرى

معنى للنهاية؟ في عام 1672 للميلاد، اندلعت الحرب العثمانية البولندية والتي استمرت أربعة أعوام، وقد نجحت جون سوبيسكي الذي اعتلى عرش بولندا عام 1674 للميلاد في الانتصار على الجيش العثماني في عدة مواقع، كما نجح في تقليص التنازلات البولندية للعثمانيين عندما عقد معه مصلحة زوفرانو عام 1676.

لكن سوبيسكي لم يكتفي بما حقق، بل أخذ يحشد القوى الأوروبية لشن حملة صليبية كبرى لإنهاء الوجود العثماني في أوروبا، لكن جهوده لم تنجح، ثم جاءته الفرصة للنيل من الدولة العثمانية عندما أعلنت هذه الأخيرة الحرب على النمسا.

في عام 1682 أعلنت الدولة العثمانية الحرب على النمسا وكان السبب وراء ذلك هو بسبب تعديات الإمبراطور النمساوي ليوبولد الأول على الجزء المجري تابعة للعثمانيين في عصر إمبراطور النمسا يستنجد بالدول الأوروبية للوقوف بوجه العثمانيين واستجاب له الأوروبيون.

وقاد ملك بولندا جون سوبيسكي القوات الأوروبية لفك الحصار عن العاصمة في فيينا ونجحت القوات الأوروبية في هزيمة الجيش العثماني هزيمة منكرة فيما عرف بمعركة ألمان داجي أو معركة فيينا.

ولم تتوقف الكارثة التي حلت بالعثمانيين عند أسوار فيينا، فقد انتزع الأوروبيون أجزاء مهمة من المجر العثمانية في أواخر عام 1683.

الأعوام التالية أعواما عصيبة بالنسبة للعثمانيين. فقد تحالفت عليها القوى الأوروبية فيما عرف بالعصبة المقدسة، ففي عام 1684 هاجم الجيش النمساوي وحلفاؤه العاصمة المجرية بودابيست، لكن الحصار استمر لبضعة أشهر دون جدوى نتيجة استبسال الحامية العثمانية.

في البلقان، نجحت البندقية في احتلال العديد من المناطق التابعة للدولة العثمانية، وفي عام 1685 استولى النمساويون على قلعة أويفار قرب بودابيست ثم عبر سوبيسكي نهر دينستر بين أوكرانيا ومولدوفا للتوغل في شمال البلقان.

لكن خان القرم نجح في إلحاق هزيمة ساحقة به في الوقت الذي تمكن فيه القائد موروسيني من احتلال إقليم المور اليوناني من العثمانيين لصالح البندقية.

وفي عام 1686 تمكن جيش أوروبي بقيادة النمسا من انتزاع بودابيست من العثمانيين، وطوال عام 1687 فقد العثمانيون المزيد من المدن والحصون في المجر وفي البلقان حيث سقطت مدينة إيجر شمالي المزار في قبضة النمساويين،

وفي الجنوب اقتحمت قوات البندقية مدينة أثينا اليونانية، لكن على جانب آخر، فقد تمكن تتار القرم من هزيمة جون سوبيسكي مرة أخرى في موقعة كامانيجا.

ثم هزموا الجيش الروسي في معركة خاطفة قرب مدينة كييف الأوكرانية، حيث انضمت روسيا إلى تحالف العصبة المقدسة ضد العثمانيين.

كان لتلك الهزائم المتتالية أثرها السلبي على السلطنة العثمانية فأعلنت وحدات من الجيش و الإنكشارية التمرد اعتراضا على ضعف القيادة وتم عزل السلطان العثماني محمد الرابع وحل محله أخوه سليمان الثالث وازدادت الاضطرابات وخرج الجيش عن السيطرة،

في الوقت الذي استمر فيه الجيش النمساوي وحلفاؤه في الزحف جنوبا، فاستولوا على بلجراد عام 1688.

الحرب التركية الكبرى

وفي سبيل ضبط الأوضاع والسيطرة على الفوضى في الجيش، قام السلطان سليمان الثالث بتعيين فاضل مصطفى كوبريللي باشا منصب الصدر الأعظم والذي استطاع خلال وقت قصير السيطرة على الجيش و الانكشارية وأجرى العديد من الإصلاحات الاقتصادية.

ومع استمرار الأوضاع الداخلية، وجه فاضل باشا نظره باتجاه الأوضاع الخارجية فنجح الجيش العثماني بالتعاون مع قوات تتار القرم في إلحاق هزيمة ساحقة بالجيش النمساوي المتوغل في كوسوفو عام 1690.

ثم قاد فاضل باشا حملة عسكرية كبيرة استعاد خلالها أجزاء كبيرة من البلقان والمجر حتي اكتمل تحرير صربيا.

وبعد وفاة السلطان سليمان الثالث عام 1691، عين أحمد ثاني سلطان للدولة العثمانية، ثم خرج فاضل باشا للتحرير المجر واصطدم في معركة كبرى بالنمساويين وحلفائهم شمالي غرب صربيا.

لكن أثناء المعركة أصيب فاضل باشا برصاصة طائشة استشهد على إثرها فانسحب العثمانيون إلى داخل صربيا.

استمرت الحرب سجالا بين العثمانيين و العصبة المقدسة، فنجح العثمانيون في الدفاع عن بلجراد عام 1693 وتوغل مع تتار القرم في اقليم ترانسيلفانيا، لكنهم فقدوا جزيرة ساقيز في بحر إيجة على أيدي البنادقة وحلفائهم عام 1695.

في نفس العام توفي السلطان أحمد الثاني وخلفه أبن أخيه مصطفى الثاني الذي افتتح عهده بشأن حملات بحرية قوية ضد البنادقة واستعادة جزيرة ساقيز بعد أشهر قليلة من احتلالها.

وقاد السلطان مصطفي الثاني جيشا عثمانيا كبيرا عام 1695 لمحاربة النمسا ونجح في الاستيلاء على بعض المواقع الشرقي المجر، لكنه ما لبث أن عاد إلى إسطنبول لمواجهة حملة روسية بقيادة القيصر بطرس الأكبر ضد شرقي أوكرانيا.

فقد شن بطرس هجوما كبيرا على قلعة آزوف الحصين عام 1695 لكن صمود الحامية العثمانية حال بينه وبين هدفه، فاضطر بطرس الأكبر للانسحاب، ثم عاد بطرس لمهاجمة قلعة آزوف في صيف عام 1696 وسقطت القلعة الحصينة بعد أقل من شهرين من الحصار،

لتصل روسيا إلى هدفها الاستراتيجي الذي سعت نحوه منذ قرون وهي المياه الدافئة القادرة على قلب المعادلات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، والتي ستجعل روسيا دورا فعالا على المسرح العالمي.

في العام التالي خرج السلطان مصطفي الثاني لمواجهة النمسا، لكن الجيش النمساوي باغت الجيش العثماني أثناء عبوره نهر تيسا في صربيا، وحالة الهزيمة بالعثمانيين الذين أجبروا لأول مرة على التنازل للنمسة في معظم أراضي المجر و أجزاء مهمة من أراضي دولتي كرواتيا وسلوفينيا، وعن إقليم ترانسيلفانيا في رومانيا.

ولم تقف الانتكاسات التي حلت بدورة العثمانية عند هذا الحد، فقد احتلت جمهورية البندقية شبه جزيرة بيلبونيز في اليونان وإقليم دلماتيا المطل على شمال البحر الأدرياتيكي، وحصلت بولندا على أجزاء واسعة من أوكرانيا مقابلة إرجاع ما استولت عليه من مولدافا إلى العثمانيين.

ثم وضعت الحرب التركية الكبرى أوزارها بعقد معاهدة إسطنبول أو القسطنطينية مع روسيا عام 1700، والتي تنازلت الدولة العثمانية بموجبها عن منطقة أزوف الاستراتيجية.

وهكذا انتهت الحرب التركية الكبرى والتي كانت بداية السقوط للدولة العثمانية. نأمل بأن يكون المحتوى قد نال إعجابكم عن تلك الفترة من تاريخ الدولة العثمانية، ابقوا في امان الله والسلام.

 

Facebook
X
Telegram
LinkedIn
Tumblr
Reddit
Scroll to Top