فتره العصر البطلمي
كتبت/ روناء نصر
الزراعة:
ظلت الزراعة فى مصر البطلمية كما في مصر القديمة تحتل المكانة الاولى فى التركيبة الاقتصادية للمجتمع المصرى بوصفها الحرفة الاولى والأساسية لأغلب المصريين وظل حفر القنوات وبناء السدود وصيانتها من أهم واجبات الحاكم والتي استعمل في انجازها أسلوب السخرة للمصريين ولم يكن يعفى من هذه السخرة الا من يدفع ضريبة خاصة وكانت أهم المحاصيل هي الغلال كالقمح والشعير وتليها زراعة البساتين كالكروم والزيتون التي برع فيها الاغريق ، وادخلت الى مصر فى هذا العصر زراعات لم تعرفها من قبل كما عمل البطالمة في محاولة منهم لزيادة الانتاج الزراعى وبالتالي زيادة مواردهم المالية على زيادة الرقعة الزراعية باستصلاح مساحات واسعة من الاراضي في الفيوم وغيرها من المناطق .
كذلك اهتم البطالمة بتربية الحيوانات وقد ساعدهم على ذلك وفرة المراعى فى البلاد وأدى هذا الاهتمام من قبل البطالمة الى النهوض بالزراعة وزيادة الانتاج الزراعى ، لكن ارهاق الفلاحين بالضرائب الباهظة تبعه اضمحلال هذا الانتاج لان الفلاحين اهملوا اعمالهم وهجروا مزارعهم بل وعملوا أحيانا على تخريب هذه المزارع في محاولة للهرب من الضرائب.
الصناعة :
اعتمدت الصناعة على مواد أولية وجدت في البيئة المحلية مثل صناعة الزيوت ونسيج الصوف والكتان والجلود والخمور والزجاج كما وجدت أيضا ولكن بدرجة أقل صناعات تعتمد على المواد الاولية المستوردة كنسيج الحرير المستورد من الشرق الاقصى عن طريق البحر الاحمر واعمال النجارة المستخدم فيها الاخشاب المستوردة من سوريا ، كذلك استوردت معظم المعادن من خارج البلاد ، بالإضافة الى هذا انتعشت صناعات الذهب والفضة والبرونز فى الاسكندرية ورغم أن الملك البطلمي قد احتكر بعض الصناعات الا ان المصانع الحرة انتشرت بكثرة كما انتشرت مصانع أخرى تابعة للمعابد أو كبار الملاك .
لم تعتمد الصناعة فى مصر كما في اعتمدت في اليونان على العبيد بشكل اساسي وذلك بسبب الكثافة السكانية فى مصر واجمالا فقد ازدهرت الصناعة في فترة حكم البطالمة الاوائل الا أنه ببداية عهد “بطلميوس الثالث” بدأت في التدهور لانها اعتمدت اساسا على المنتجات الزراعية ولذا كان طبيعيا في ظل تدهور الانتاج الزراعى أن تتدهور الصناعة بعد ذلك.
التجارة :
ازدهرت التجارة فى عهد ملوك البطالمة الأوائل بسبب ازدهار الزراعة والصناعة واتساع الامبراطورية المصرية في ذلك الوقت وبالتالي أصبحت لمصر علاقات تجارية قويه مع البلاد الخاضعة لسيطرة البطالمة ومع غيرها ايضا سواء فى الجزء الشرقى من البحر المتوسط أو الجزء الغربى بالاضافة الى افريقيا والهند وفى مقدمة السلع التي تصدرها مصر تأتى الغلال دائما فقد كانت مصر أكبر مركز لانتاج الحبوب فى شرق البحر المتوسط بالاضافة الى احتكارها لصناعة البردى ، كما اشتهرت مصر أيضا بالمنسوجات الكتانية الرقيقة وفي المقابل استوردت مصر الاخشاب والمعادن والنبيذ وزيت الزيتون والبهارات والعطور والاصباغ والقطن وغيرها من السلع التي لا تتوافر في أرضها غير آن ما أصاب الزراعة والصناعة من تدهور في عهد البطالمة الضعاف وما أصاب ممتلكاتهم من تقلص أدى بالتالي الى انكماش حجم تجارة مصر الخارجية .
النقود :
تألفت فى مصر البطلمية من نقود برونزية وفضية وذهبية وكانت النقود الفضية اكثر استعمالا خاصة في عصر (البطالمة الثلاثة الاوائل) ، أما العملة الذهبية فكانت قليلة الاستعمال في الاسواق الداخلية ، وكانت العملة البرونزية تستخدم فى بداية الأمر بوصفها جزء من العملة الفضية وتدريجيا انتشر استعمالها في المعاملات الرسمية وغير الرسمية وفى البداية لم يوجد ما يمنع استعمال عملات اجنبية في المعاملات الداخلية غير أن “بطلميوس الثانى” فى محاولة منه لتقوية مركز العملة البطلمية لجأ لفرض استعمالها وحدها فى الصفقات التي تتم في داخل البلاد وقد ادت إلى كثرة انتشارها وشيوع تداولها الى انشاء مصارف خاصة بها مثل المصارف الخاصة التي يقتصر تعاملها على أموال الافراد فقط .
الضرائب :
فرض البطالمة على المصريين الكثير من الضرائب برغم الايرادات الضخمة التي جنوها من الزراعة والصناعة والتجارة ، وعاني المصريون من هذه الضرائب الكثير خاصة وان العديد من العناصر السكانية التي استوطنت مصر وبشكل محدد الاغريق لم يخضعوا لكل هذه الضرائب مما أوجد شعورا بالاضطهاد لدى المصريين تبلور فيما بعد في شكل ثورات مستمرة وصلت إلي حد العصيان والتمرد العسكرى تبعه المنظم واهم الضرائب التي فرضها البطالمة كانت ضريبة حيازة المباني ، وضريبة نقل ملكية الاموال الثابتة من منازل وأراضي وبعض الاموال المنقولة ، وضريبة التركات ، واختلف الباحثون حول ضريبة الرأس وهل كانت مفروضة فى العصر البطلمي أم أنها فرضت في العصر الروماني فقط فهناك ما يشير الى أن هذه الضريبة اقتصرت على المصريين فقط وتعتبر من قبل الضريبة ايضا حملات التسخير التي كان يسخر فيها الناس فى أعمال الحصاد وبناء الجسور وشق الترع وغيرها ويتميز نظام الضرائب فى العصر البطلمي بعدم المساواة بين الافراد في خضوعهم لها وكانت طريقة جباية الضرائب تختلف بإختلاف نوع الضريبة فالضرائب العينية كانت الدولة تتولى جبايتها مباشرة بواسطة موظفيها ، أما الضرائب النقدية فقد لجأ البطالمة فيها الى نظام الإلتزام وهو النظام الذى كان قد حقق فائدة المداولة في حصولها على الضريبة التي فرضتها كاملة الا أنه من الناحية الأخرى ارهق دافعى الضرائب الى أقصى حد بسبب محاولة كل ملتزم أن يخرج لنفسه بأكبر كسب ممكن بعد اعطاء الدولة حقها الرسمى المطلوب.
المرجع/
حسين الشيخ ، العصر الهللينستي فى مصر
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ