في تلك المقالة سوف نعرف قصة أمرأه رسخت أقوى روابط الأخوة على مر العصور وهي قصة الخنساء فسوف نعرف من هي الخنساء وما هي أبيات الخنساء ترثي أخاها صخر.
لمن ينكر ورود فضل النساء وأثرهم في كتبنا وتاريخنا قولوا لهم تعالوا واسمعوا اليوم نذكر قصة خلود أم وزوجة ومربية أبطال وأخت رسخت أقوى روابط الأخوة على مر العصور وباتت تلك سمتها الكبرى التي سيذكرها التاريخ بها دوما
أصدقاء القراء قصتنا اليوم قصة امرأة عاشت في الجاهلية وعاصرت وتوفيت في الإسلام فاستحقت لقبل المخضرمة امرأة فاضت طريحتها بأروع ما كتب من شعر الرثاء يوما
امرأة كان لمقتل أخويها الأثر الأكبر في إبراز شخصيتها الشعرية امرأة نالت نصيبها من المآسي في الإسلام كما في الجاهلية وهي الشاعرة الخنساء إليكم أصدقائي القصة الكاملة
الخنساء هي تَماضُر بنت عُمَرُو بن الْحَارِث السَّلَمِيَّة شاعرة من أهم شعراء العصر الجاهلي والإسلامي على حد وكانت ابنة أحد سادات وأشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم إحدى أكبر قبائلي مضر
أبو الخنساء عمرو بن الحارث كان حاضن لها آخذا برأيها معليا لمقامها شأنها شأن أخويها معاوية وصخر
أما عن لقب الخنساء فقد أجمعت مصادر المؤرخين العرب على أنها اكتسبت اسمها الخنساء أي ان معني اسم الخنساء هو قصر أنفها وارتفاع أرنتيه
صفات الخنساء : تماضر أو الخنساء هي بحسب أغلب المصادر كانت ذات جمال أخاذ وجاذبية كبيرة بالإضافة إلي طلاقة لسان وذكاء لغوي جعلها تتبوأ مكانة عالية بين شعراء العرب
أولى أبرز المحطات في حياتها كانت خطبة سيد بنو جشم دريد بن الصمة لها حيث تخبرنا كتب التاريخ أن دريدا هذا رأى الخنساء وهي تتمشى مع بعير لها فلفت نظره جمالها ليسأل عنها فيعرف أنها تماضر بنت عمر شقيقة صديقه الحبيب معاوية
ليرقص قلبه فرحا فإنا لها أن ترفضه وهو سيد بني جشم الفارس المشغهود له في كل الميادين وصديق أخوها
بل إنه من فرحه أنشد أبياتا من الشعب أذكر منها
وبالفعل تقدم دريد لخطبة الخنساء وكله ثقة بأن مراده لن يخيب
الأب رحب بالفارس النبي والأخ سعد لحظة أخته ولكن كان شرط الأب أن يسمع ويأخذ رأي الخنساء فهي التي تربت على العز والشأن الكبير وهي صاحبة العقل الراجح والعقل السديد.
سئلت الخنساء فكان جوابها صادم لدريد فقد رفضت سيد بني جشم لسبب بسيط ألا وهو أنها لن تتزوج إلا من بني عمومته
ا موقف الخنساء أزعج دريد إلا أنه لم يخن صداقة معاوية بل كان له دور في الثأر من قتلة معاوية وهو ما سنرويه فيما بعد
في هذه الحادثة كان أخوها صخر سندا لها رغم معارضة معاوية لقرارها
تمضي الأيام فتتزوج الخنساء من رجل من قبيلتها وأحد أبناء عمومتها ويدعى عبد العزة السلمي وتكشف الأيام للخنساء أن زوجها رجل مقامر أفرغ ماله كله على القمار
ثم اتجه إلى مال الخنساء التي أعطته له يطيب خاطر كي لا يسأم من العيش معها ويتركها عرضة لألسن أهل القبيلة وهي التي رفضت سيد آل جشم قبله
لم يكتف عبد العزة بمال الخنساء بل أخذ يقيم الحيل عليها وبالأخص حيلته بتركها وحيدة كلما شح المال
فتقوم الخنساء بالذهاب إلى أخيها صخر تشكو له ضيق الحال فما يكون من الأخ الحنون إلا أن يقسم ماله نصفين بينه وبين الخنساء
استمر الحال على هذا المنوال حتى ضاقت الخنساء ذرعا به وتركه ولجأت إلى بيت أهلها ولها منه ولد واحد هو عبد الله السلمي المكنى بأبو شجرة
أبو شجرة هذا نتيجة للتخبط والضياع الذي عاشه بين شخصية أمه القوية وبين صفات أبيه الذميمة جعلته إنسانا انتهازيا لا يهمه الا مصلحته
وقد كان من أوائل من ارتدوا عن الإسلام بعد وفاة النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام طمعا في المال ولكنه عاد إلى الإسلام عندما لم يجد جدوى من ارتداده
بعدا انفصال الخنساء عن عبد العزة تزوجت الخنساء أيضا برجل قبيلتها وهو مرداس بن أبي عامر السلمي الملقب بالفيض لكرمه وشدة سخائه
هذا الزواج تم بعد مقتل أخوية كان مرداس نعمة السند للخنساء في مصيبتها والرجل الكريم الذي لا يألو جهدا لتوفير الرخاء لعائلته
توفي المرداس في إحدى الرحلات التي كان يقوم بها تاركا الخنساء مع 4 أبناء ثلاثة من الذكور وهم العباس وزيد ومعاوية وفتاة اسمها عمره وترك لها فاجعة حركت لهيبة الخنساء لترثيه بقصيدة اختار منها ما يلي من الخنساء ترثي زوجها المدراس :
نصل الآن إلى فاجعة الخنساء بأخويها التي كانت السبب الأبرز بشهرتها بين العرب بداية ماسي الخنساء كانت مع مقتل أخيها معاوية
فتبدأ القصة بإعجاب معاوية بفتاة تدعى أسماء المرية ولكن الفتاة رفضته لأنها تابعة لهاشم بن حرملة الغطفاني
بالطبع حصل تلاثم بين الرجلين ومن ثم مضى كل في طريقه بعد انتهاء موسم عكاظ الذي حصلت فيه هذه الواقعة
هذا الأمر لم يمر مرور السلام على معاوية فهو سيد مضر وأحد أشراف العرب فكيف يتم رفضه !
فنوي معاوية على غزوهم وحاول صخرا رده عن هذا الأمر إلا أن نرى الغيرة كانت قد اعمت قلبه وبالفعل انطلق معاوية غازيا
أول محاولة لم تثمر شيئا حيث عاد معاوية أدراجه بسبب تطيرهم من رمي الطيور فضلاتها عليهم وهي من أفكار الجاهلية القديمة
فلما بلغ الأمر هاشما قال أن الجبن هو ما منعه من المضي قدما وصل الخبر إلى معاوية فصمم على غزوهم العام التالي
وبالفعل خرج معاوية للغزو وعند ورودهم غديرا ليستسقوا رأتهم إحدى نساء الأعداء وأخبرت الغطفاني بموقعه فخرج مع أخيه دريد انتبهوا هنا دريد هذا ليس دريد بن الصمة صديق معاوية بل هو أخو هاشم الغطفاني عدو معاوية
نكمل هاجم الغطفاني ورجاله معاوية وفرسانه بغتة فقتل من الطرفين من قتل وكان ضمن القتلى معاوية بن عمر
عاد الفرسان إلى صخر شقيق معاوية وأخبروه بما حدث فانطلق صخر حتى وصل مضارب قبيلة العدو فسأل عن قتلة أخيه يبتغي ثأرا
فعرض عليه الغطفاني أن يقتص منه أو من أخيه دريد فقبل صخر وأراد رؤية قبر معاوية فدلوه عليه حتى أتى قبر أخيه ووعده بالثأر من قتلته
ثم إنه أخذ الشماء فرس معاوية ورحل متوعدا بالعودة في العام المقبل للثأر وهذا ما كان
عاد صخر في العام التالي لينجز وعيده فغزاهم على الشماء فرس أخيه فقتل منهم من قتل ونال من دريد أخوه هاشم الغطفاني فقتله آخذا بثأره
إلا أن دريد بن الصمة صديق معاوية الحميم لم يرض إلا أن يقتل الغطفاني ليتم الثأر لمعاوية.
رثاء الخنساء لمعاوية لم يكن غزيرا بقدر رثاء الخنساء لأخيها صخر وذلك لأن الدارسين للتاريخ الجاهلي اعتقدوا أن السبب الأبرز كان خوفها من أن يثير رثاؤها حمية صخر فيعود إلى القتال وتخسره كما خسرت معاوية
وكان في ما قالته الخنساء ترثي أخاها معاوية :
لم يرض صخر بهذا الثأر ولم يسكن قلبه فتابع غاراته على قبيلة الغطفاني والقبائل الأخرى حتى أصيب بإصابة قاتلة جعلته طريح الفراش
يأس صخر من حالته هذه فهو الفارس الهمام فانا له يصبح مقعدا لا يقوى حتى على النهوض وفي نهاية الأمر أتاه الموت وأراحه مما كان فيه
موت صخر كان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للخنساء فهي خسرت أخويها الاثنين في 3 أعوام
فلم يكن أمامها إلا الشعر لكي تضفي قليلا من لهيب فؤادها فأورثت الشعر العربي أجمل وأبلغ ما قيل في الرثاء فنسمعها تقول في ابيات الخنساء ترثي أخاها صخر :
وتارة أخرى تنشد في أبيات الخنساء ترثي أخاها صخر
وغيرها الكثير من أبيت الشعر التي أنشدتها ولعل أبرزها ما عرف رائية الخنساء التي أنشدتها يوما في سوق عكاظ أمام النابغة الذبياني وحسان بن ثابت
نصل الآن الآن إلى دخول الخنساء في الإسلام والتي أسلمت هي وبنيها وبنو عمها عام 8 للهجرة
الإسلام غير الكثير من العادات الجاهلية التي ورثها الخنساء إلا أنها لم تترك رثائها لأخويها بل أصبح من الشائع أن يسمع المسلمون رثاء الخنساء ويثنوا على البلاغة التي تنطق بها
إلا أن الإسلام في نفس الوقت ترك أثره في نفس الخنساء وهو ما يتجلى في موقفها يوم معركة القادسية
حيث أنه وكما ورد في أغلب كتب المؤرخين خاض أولادها الأربعة مواقعة القادسية مع جيش المسلمين ورافقتهم أمهم الخنساء وهي تحثهم على القتال والصبر ونصرة جيش المسلمين
حتى أتاها خبر استشهادي أولادها الأربعة فلا تجزع ولن تنظم فيهم قوافي الشعب اما اكتفت بمقولته الشهيرة “الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وأرجوا من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”
توفيت الخنساء سنة 24 الهجرة الموافق 645 ميلادي لتنهي بذلك قصة امرأة حولت مآسيها إلى خوالد في الشعر حتى يومنا هذا
كانت هذه أصدقائي قصة المخضرمة الخنساء الشاعرة والأخت والأم والتي علمتنا معنى الصبر عند المصائب وجعل أهوال مصائبنا مصدرا لخلق قوتنا
كما أنها ضربت لنا أروع مثلا لمعنى الأخوة والرابط الغير منقطع بين الأخوة
الرابط الذي لن ينقطع لو مهما جارت الظروف والأيام ولنا في ذلك عبرة
قصة الخنساء من اجمل قصص العصور بين الجاهلية والإسلام ولمعرفة المزيد من الشعراء يمكنك الاطلاع عليها من هنا .
مقالات موقع المنصة المعرفية
تعليقات