مصعب بن عمير
كتبت /اسراء حسين
المقدمه:
ما اجمل أن نبدأ به الحديث هو انه واحد من أولئك الذين صاغهم الإسلام ورباهم “محمد” صلى الله عليه وسلم ، ولكن اي واحد كان ، إن قصة حياته لشرف لبنى الإنسان جميعا ذلك الفتى الريان المدلل المنعم حديث حسان مكه ولؤلؤه نداوتها ومجالسها ، وايمكن أن يتحول إلى اسطوره من اساطير الإيمان والفداء؟.
مولده :
ولد “مصعب بن عمير” عام (585 م) تقريبا بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ب14سنه) .
نسبه :
هو” مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدي القرشي” ، يسمي “ابا عبد الله ” و ” ابا محمد ” ، وكان يلقب “بمصعب الخير”، وأمه هي “خناس بنت مالك المطرف بن وهيب بن عمرو بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر”، وكان لدي” مصعب” اخوه وهم:
1- “أبو هاشم بن عتبه بن ربيعة” رضي الله عنه وهو اخوه لأمه.
2- “ابو الروم بن عمير” رضي الله عنه اخوه لأبيه واسمه “منصور بن عمير “.
3-” ابو عزيز” رضي الله عنه شقيقه لأبويه واسمه “زراره بن عمير”.
4-” يزيد بن عمير” رضي الله عنه و قيل “زيد بن عمير”.
وكان لدي مصعب اخوات وهن:
1- “أم أبان بنت عتبه بن ربيعه عبد شمس” رضي الله عنها وهذه اخته لأمه.
2- “أم شيبه بنت عمير” رضي الله عنها.
3- “أم جميل بنت عمير” رضي الله عنها واسمها “هند”.
نشأته وشبابه:
لقد كان فتى مكه شبابا وجمالا وسبيبا ، وكان والديه يحبانه ، وكانت امه مليئة كثيرا بالمال ، وكان يلبس الحضرمى من النعال وتكسوه امه أحسن مايكون من الثياب وكان اعطر اهل مكه يدهن بالعبير ويزيل يمنة اليمن وكان رقيق البشره حسن اللمه ليس بالقصير ولا بالطويل وكان يذكره الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول “مارايت بمكة احد أحسن لمة ولا ارق حله ولا انعم نعمة من مصعب بن عمير” ، فلقد كان منعما مدللا من قبل أبويه فيأكل أفضل الطعام ويلبس أحسن الثياب وكانت امه شديدة الكلف به فلا يبيت إلا وتضع قعب الحيس عند رأسه فإذا أستيقظ أكل منه .
زواجه:
تزوج “مصعب بن عمير” رضي الله عنه من “حمنه جحش بنت رياب بن يعمر” وهي أخت “زينب بنت جحش” زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم وامهما “أميمة بنت عبد المطلب” بن عمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أنجب بنتا أسماها “زينب” ولم ينجب غيرها ، فلما كبرت “زينب” زوجها “مصعب” “بعبد الله بن أبي اميه بن المغيرة” وأنجبت منه “محمد ومصعب وقريبه وعاتكه” .
إسلامه:
لقد كان “مصعب بن عمير” يعيش بين أفراد قبيلته علي دينهم وعلى ما كان عليه اباؤه واجداده فتلك الجاهليه العمياء قادتهم إلى عباده الأصنام وشرب الخمور وحضور مجالس العزف والغناء وغيرها من العبادات الباطله مع ما يصحب ذلك من سوء في الأخلاق ودناءة في النفوس وخرافه في الأفكار التى كانت منتشرة في المجتمع الجاهلى ولكن “مصعب” بعقله البصير ورؤيته الثاقبه استطاع أن يميز بين ما هو عليه وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين الحق الذي رأى فيه من التعاليم الإسلامية السمحة التى توافق العقل ولا تعارض الفطرة الإنسانية فعزم بنفسه علي الدخول في هذا الدين فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم في دار “بن الأرقم بن أبي الأرقم” فأسلم وصدق به وخرج فكتم إسلامه خوفا من امه وقومه فكان يختفي إلى رسول الله سرا فى دار “الأرقم” ليختفي عن أنظار المترصدين من كفار قريش ويشارك بقية الصحابه في عبادة الله وحده ويتلقي العلم عند رسول الله فأخذ ينهل من معين الوحيين حتى أصبح من اعلم الصحابه في ذلك الوقت لذلك أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع من أسلم من الأنصار ليقرأ عليهم القرآن ويعلمهم أمور دينهم وذلك في هجرته الأولى إلى المدينة.
عذابه وابتلاؤه وصبره:
ومما كان ظاهرا في مكه من الترصد لأتباع النبي لذلك رأي “عثمان بن طلحة بمصعب بن عمير” وهو يصلي فأخبر أمه وقومه لتبدأ مرحله جديده من العذاب والنكال فأخذوه وحبسوه فلم يطل حبسه حتى إن خرج إلى أرض الحبشه في الهجرة الأولى وقد خرجت امه حيث علمت بإسلامه ناشره شعرها وقالت: (لا ألبس خمار ولا استظل ولا ادهن ولا آكل طعاما ولا اشرب شبابا حتى تدع ما انت عليه) ،فقال اخوه “أبو عزيز بن عمير” :(يا أماه دعيه واياه فإنه غلام عاف ولو أصابه بعض الجوع لترك ماهو عليه) ، ومر “مصعب” بأشد الوان العذاب ولذلك فارق ما عليه في الجاهلية وما وقع عليه بعد إسلامه فالأم التى كان لا يشغل لها بال إلا ابنها من فرط حبها له أصبحت معولا هدما لذلك الجسم المنعم فلا تتردد في تعذيبه وحرمانه مما كان عليه سابقا بل كانت أيضا تعين قومه عليه ، وفي حصار الشعب فقد بلغ الجهد منه مبالغه فلم يعد يقدر علي المشي من مما أصاب جسده من ضعف فقد قال “سعد بن أبي وقاص” :(كان “مصعب بن عمير” اترف غلام في مكه بين أبويه فلما اصابه ما اصابنا لم يقوى علي ذلك ولقد رأيته وان جلده يتطاير عنه تطاير جلد الحيه ولقد رأيته يتقطع به فما يستطيع أن يمشي فنعرض عليه القسي ثم نحمله علي عواتقنا) .
وفاته:
وفي غزوه احد طلب الرسول من “مصعب بن عمير” ان يحمل اللواء وفي أثناء المعركه عندما انتصر المسلمون في بادئ الأمر عصى الرماه الذين كانوا علي جبل احد أوامر الرسول ونزلوا من علي الجبل ليجمعوا غنيمة الحرب فألتف “خالد بن الوليد” خلف الجبل وهجم علي المسلمين وعندما كانوا في اتجاههم إلى أذية الرسول صلى الله عليه وسلم نادي “مصعب بن عمير” بأعلى صوته “الله أكبر الله أكبر” بصوت يهز الجبال من كثره شجاعته، وتصدي لهم كالجيش ليلفت انتباههم عن اذيه رسول الله فأقبل “ابن قيمئه” نحوه وهو فارس فضرب يد “مصعب” اليمنى فقطعها فقال “مصعب” وما “محمد الا رسول” وقد خلت من قبله الرسل وأمسك “مصعب” بكل شجاعة اللواء في يده اليسرى فضربها “ابن قيمئه” فقطعها فحنا “مصعب” علي اللواء وضمه إلى صدره وهو يقول وما “محمد” الا رسول قد خلت من قبله الرسل ثم ضربه “ابن قيمئه” بالرمح في صدره فسقط خوفا وقلقا علي رسول الله من بعده ولما قتل “مصعب” اخد يملك في صورته يحمل اللواء وفي آخر النهار نادي عليه “الرسول” صلى الله عليه وسلم ويقول اقبل يا “مصعب” فالتفت اليه الملك وقال لست “بمصعب” فعرف النبي انه ملك ايد به الله وان “مصعب” قد قتل وخرج الرسول إلى ساحة المعركة ومعه مجموعه من المسلمين يبحثون علي جثث الشهداء من المسلمين وجثه عمه “حمزه” ،وفي أثناء دفن “مصعب” لم يوجد غير نمره فغطوه بها فإذا غطى بها رأسه بدات رجلاه واذا غطى بها رجليه بدات رأسه فأمر النبي ان يغطوا رأسه ويجعل علي رجليه ذخرا ، وهذه كانت جزء من حياة الصحابي الجليل
“مصعب بن عمير” ينبغي أن يكون قدوة لكل شاب مترف يتقلب في نعمة الله تعالى وأراد الرجوع إلى الله ، “فمصعب” باع الدنيا بالآخرة ، وآثر النعيم المقيم على النعيم الزائل، فهو ممن يشمله قوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا …) .
المرجع : كتاب سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير .
_____________________________________
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الرابع
#ديوان_التاريخ_مستقبلك_في_الاثار_والتاريخ