بداية الإزدهار
كتبت/ سمر محمد.
المقدمة:
إن العالم المسيحي بعد حوالي (1000) سنة من انتشار المسيحية قد تعرض لنوع من اختبار العقيدة لدى المؤمنين بها، حيث وقعت الأرض التي كانت مهداً للمسيحية في قبضة المسلمين، وغدت روما بقداستها – والتي كانت ذات يوم حاضرة العالم – أصبحت مدينة تنعي أطلالها، وعلى ما يقرب من (250) ميلاً منها كانت جزيرة صقلية تحت الحكم الإسلامي، هذا في الوقت الذي لم تكن فيه إيطاليا تمثل أمة (واحدة)، بل كانت مجموعة من الإمارات الصغيرة كلٍ منها في صراع مرير مع جاراتها، أما فرنسا فمن حيث المظهر فقد كانت تمثل ائتلافاً قوياً من النبلاء مُلاك الأرض، والذين اختاروا أصغرهم ليكون ملكاً، وباستثناء المناطق الشمالية الجبلية في نافار وليون، فإن إسبانيا كانت تحت سيطرة المسلمين.
فترة السلام المضطرب:
كما شهدت إنجلترا فترة سلام مضطرب في ظل الحكم المعقد “لأنجلو سكسون” والدانيين، وفي ألمانيا كان هناك العديد من الإمارات التي يحكمها الدوقات، وهي في غالبها غير مستقلة، وما إن تم اختيار ملك إلا وثاروا عليه، أما ممالك اسكندنافيا فقد كانت أوكاراً للقرصنة، حيث يتم إرسال المحاربين لنهب وسلب الضعفاء المسالمين.
مرور فترة التمزق والإنحلال:
ومع هذا فمازال في إمكاننا أن نشير إلى بعض الإنجازات وبعض الطموحات والأمل، فالعالم الغربي على الرغم من كل مشكلاته كان قد وصل إلى شكل أفضل قليلاً عما كان عليه قبل قرن مضى، فكثيرٌ من الأخطار الخارجية والداخلية قد تمت مواجهتها كما أن فترة التمزق والإنحلال قد مرت، وكانت فكرة تحقيق نوع من الوحدة السياسية قد اختمرت لتحقيق نوع من القوة، وفي إمكان أي شخص منا أن يتلمس الخطوط العريضة على الخريطة الأوروبية لقيام كثير من الدول الحديثة سنة (1000م)، والتي لم يقدر (لألف) سنة أخرى أن تغير كثيراً مما اتسمت به من عنف شديد وسفك للدماء.
ومع ذلك فإن سنة (1000م) يمكن اعتبارها نقطة التحول، فحوالي ذلك الوقت أي مع نهاية (الألف الأولى للميلاد) بدأت فترة جديدة، وهي التي شهدت تزايداً كبيراً في السكان نتج عنه كثير من الإضطرابات في الحياة الإجتماعية وفي مجال العمل في كل من المدن والقرى، وما أدى إليه ذلك من استصلاح كثير من الأراضي الزراعية في غرب أوروبا والتي كانت بوراً، وفي إسبانيا اخذ المسيحيون يوسعون من نطاق غزواتهم شرقاً، كما أخذ الألمان في الاستحواذ على كثير من مناطق السلاف في الشرق، كذلك قام فرسان نورماندي وشمالي فرنسا بغزو إنجلترا وجنوبي إيطاليا وصقلية، وشاركوا في الحملة الصليبية (الأولى) عام (1099م)، وتم لهم الإستيلاء على الأرض المقدسه كذلك.
بداية ازدهار أوروبا:
في الوقت الذي أخذت فيه القرى والمدن تنمو وتخطو خطوات سريعة نحو المساهمة في التجارة المزدهره التي جذبت إليها الفائض من الأيدي العاملة الزراعية لفتح أسواق جديدة للإنتاج الزراعي، وتزايد استخدام التقنية الزراعية الحديثة، مما أدى إلى زيادة إنتاجية الفدان، وشجع الناس على زيادة استهلاك المنتجات، كذلك ظهرت مجالات الصناعة والأعمال التجارية والفنون والآداب والعلوم، وخطا الغرب الأوروبي أول خطواته نحو الإستفادة من الأرض الزراعية شرقاً وجنوباً، وهنا بدأت فعلاً العصور الوسطى العالية العظيمة.
يتبع..
المرجع/
تاريخ أوروبا في العصور الوسطى.
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ