في تلك المقالة سوف نعرف عن أهم نقطة في تاريخ مصر الإسلامية وهو الفتح الإسلامي لمصر وسنعرف أيضا متي تم فتح مصر وباختصار تاريخ مصر قبل الفتح الإسلامي فتابعوا المقالة.
مصر قبل الفتح الإسلامي
قبل أن نتحدث عن الفتح الإسلامي يجب علينا أولا أن نعرف أحوال مصر قبل الفتح الإسلامي العربي.
فقد كانت أوضاع مصر قبل الفتح الإسلامي مضطربة للغاية فبعد هزيمة كيلوبترا علي يد أوكتافيوس عام 31 قبل الميلاد احتل الرومان مصر وعاشت مصر قرون من الاستغلال في عهد احتلال الدولة الرومانية.
فقد نهب الرومان ثروات البلاد واستغلوا وكانت مر بمثابة محزن الخيرات بالنسبة للرومان لما نهبوه وسرقوه من مال وخيرات وزروع لذلك مصر من أفضل مصادر ترف وغني الدولة الرومانية.
ومن بين تلك الطرق الغير شرعية التي نهب بها الرومان ثروات الشعب المصري هي فرض الضرائب الباهظة علي جميع نواحي الحياة من فرض الضرائب علي الصناعات والماشية حتي فرض الضرائب لدفن الأموات.
مما أدي الي عيش المصريين في قرون من التعسف مما أدي الي غضب المصريين الكبير وقيامهم بالعديد من الثروات علي الحكم الروماني الظالم.
ومن أشهر تلك الثورات التي قام بها المصريون ضد الاحتلال الروماني المستبد هي ثورة حرب الزراع أو الحرب البوكولية ولكن كانت تبوء تلك الثورات بالفل في النهاية نظرا للقوة العسكرية الكبيرة للإمبراطورية الرومانية البيزنطية
ولم تكن تلك فقط مظاهر اضطهاد الرومان للمصريين بل كانت هناك مظاهر أخري فهل تعلم عن اضطهاد المسيحيين من الرومان في مصر ؟ ذلك ما سوف نوضحه لك باختصار الان.
اضطهاد المسيحيين من الرومان في مصر
هل تعرف لماذا تم اضطهاد المسيحيين من الرومان في مصر؟
- كانت المفاهيم في الإمبراطورية الرومانية في البداية الي تعظيم الامبراطور لدرجة التأليه تعالي الله عما يصفون مما أدي الي الرفض الكبير من قبل الكنيسة المصرية وأقباط مصر لتلك المفاهيم ومنعوا تجنيد المصريين في الجيش الروماني.
- اثار ذلك الرفض غضب شديد من الحكام البيزنطيين حتي أنهم اعتبروا أن من يعتنق الدين المسيحي بان تلك من الجرائم الكبرى في حق الإمبراطورية الرومانية.
- ومن هنا بدأ الاضطهاد الروماني للمسيحيين في مصر حتي أنهم قاموا بتعذيب الاقباط في مصر بكل الطرق الفظيعة والمحرمة واراقوا كثير من الدماء المصرية وقاموا بالعديد من المظاهر القهرية الأخرى مثل مصادرة أموال الاقباط وهدم كنائسهم وحرق الكتب المقدسة والقبض علي كل من يعارضهم وتعذيبه حتي الموت
- راح نتيجة كل ذلك الاضطهاد الروماني لأقباط مصر الكثير والكثير من الضحايا حتي أن ذلك العصر سمي عصر الشهداء لكثرة الذين وهبوا روحهم نصرة للدين المسيحي في مصر.
وبعد أكثر قرن من اضطهاد الدين المسيحي في مصر أعلن الدين المسيحي هو الرسمي للإمبراطورية الرومانية ولكن هل توقف اضطهاد الرومان لمسيحي مصر ؟
فالإجابة هي للأسف لا فقد كان هناك خلاف بين أقباط مصر والامبراطورية الرومانية علي بعض المعتقدات الدينية الكبيرة في الدين المسيحي وأتبع كل من الطرفين مذهبه ومعتقده الخاص واتبع أقباط مصر مذهب الأرثوذكس.
مما أدي أيضا الي قيام نوع أخر من اضطهاد أقباط مصر من قبل والي مصر في تلك الفترة وهو المُقوقس الذي قام بتعذيب أقباط وأفراد الشعب المصري بشتي أنواع الطرق حتي جاء الفتح الإسلامي الي مصر وبفضل الله خلص المصريين من اضطهاد وتعذيب الرومان.
وكان ذلك باختصار تاريخ مصر قبل الفتح الإسلامي ولمعرفة المزيد وكامل المعلومات حول أحوال مصر قبل الفتح الإسلامي بالتفصيل من حيث بداية حكم الروم والفرس حتي عودة الروم مرة أخري لاحتلال مصر من هنا.
تنبأ الرسول بفتح مصر
هل تنبأ الرسول بفتح مصر ؟
نعم بشر الرسول محمد صلي الله عليه وسلم بفتح مصر في عديد من المواضع منها
- 1- الحديث الذي رواه أبو ذر الغفاري – قال رسول الله صلي الله عليه وسلم {إِنَّكم ستفتحونَ مصر ، وهِيَ أرضٌ يُسَمَّى فيها القيراطُ ، فإذا فتحتُموها ، فاستَوْصُوا بأَهْلِها خيرًا ، فإِنَّ لهم ذمَّةً و رَحِمًا ، فإذا رأيْتَ رجُلْينِ يختصمانِ في موضعِ لَبِنَةٍ ، فاخرجْ منها} صحيح الجامع
- 2- وفي رواية أخري للحديث الشريف في صحيح مسلم {إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضًا يُذْكَرُ فيها القِيراطُ، فاسْتَوْصُوا بأَهْلِها خَيْرًا، فإنَّ لهمْ ذِمَّةً ورَحِمًا، فإذا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فاخْرُجْ مِنْها. قالَ: فَمَرَّ برَبِيعَةَ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ، ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، يَتَنازَعانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجَ مِنْها.}
وهما حديثان واضحان وصحيحان فيهما بشارة من النبي محمد صلي الله عليه وسلم بفتح مصر حيث أن الأرض الذي يذكر فيها القيراط هي مصر فقد وصي النبي محمد الصحابة بالخير والمعاملة الطيبة تجاه أهل مصر عند فتحها
فان لهم ذمة ورحمة إشارة أن النبي إسماعيل أبو العرب أمه السيدة هاجر وهي مصرية كما أن النبي صلي الله عليه وسلم تزوج من السيدة مارية القبطية وذلك حديث عن فتح مصر صحيح وواضح.
- 3- وفي الحديث الذي رواه الصحابي نافع بن عتبة بن أبي وقاص في صحيح مسلم {كُنَّا مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، في غَزْوَةٍ، قالَ: فأتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَوْمٌ مِن قِبَلِ المَغْرِبِ،
عليهم ثِيَابُ الصُّوفِ، فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ، فإنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَاعِدٌ،
قالَ: فَقالَتْ لي نَفْسِي: ائْتِهِمْ فَقُمْ بيْنَهُمْ وبيْنَهُ لا يَغْتَالُونَهُ، قالَ: ثُمَّ قُلتُ: لَعَلَّهُ نَجِيٌّ معهُمْ، فأتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بيْنَهُمْ وبيْنَهُ،
قالَ: فَحَفِظْتُ منه أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، أَعُدُّهُنَّ في يَدِي، قالَ: تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ،
ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ.
قالَ: فَقالَ نَافِعٌ: يا جَابِرُ، لا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، حتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ}.
وفي ذلك الحديث نبوءة النبي عن ما سيحدث مستقبلا من فتوحات المسلمين وأنهم سينتصرون علي الروم والفرس ويسقطونهم ويفتحون أراضيهم وفي تلك الفترة كانت مصر واحدة من الأراضي الواقعة تحت الحكم الروماني.
وتلك أحاديث عن فتح مصر وعلامة من علامات النبوة اذ تحققت بالفعل نبوءة النبي بفتح مصر والانتصار علي الفرس والروم.
وفي الفقرة القادمة سوف نبدأ الحديث عن أسباب فتح مصر.
أسباب فتح مصر
ما هي أسباب أسباب فتح مصر؟
هناك العديد من دوافع فتح مصر من قبل المسلمين من بينها الدوافع الدينية لفتح مصر وهناك بعض الدوافع والأسباب العسكرية لفتح مصر أيضا وسنبدأ بالدوافع العسكرية لفتح مصر.
الدوافع العسكرية لفتح مصر
بعد انتصار المسلمين علي الروم وفتح بلاد الشام انسحب الروم من تلك الأراضي وتمركزوا في مصر ونتيجة لذلك اقترح الصحابي الجليل سيدنا عمرو بن العاص علي سيدنا عمر بن الخطاب فتح مصر لعديد من الأسباب منها:
- اخضاع الروم ومحاصرتهم وطردهم من كل تلك الأراضي حتي لا يحاولوا مرة أخري استرداد الشام أو أيا من الأراضي التي انتصر فيها المسلمين وخوفا من أن يهاجم الروم اراضي الحجاز عن طريق البحر الأحمر من مصر.
- تأمين ظهر المسلمين من ناحية افريقيا
- حماية الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام حيث ان مصر تمثل امتدادا طبيعيا لبلاد الشام.
- من الاشياء التي سهلت فكرة فتح مصر هي الحصون الساحلية التي يعد الانتصار فيها سهل بالنسبة للدولة الإسلامية حيث أن معظم من فتحوا مصر من قبيلتي غافق وعك وهي قبائل يمنية تجيد محاربة الحصون الساحلية.
الدافع الديني لفتح مصر
هناك العديد من أسباب دينية لفتح مصر ومن بينها:
- مكانة مصر الكبيرة لدي المسلمين وتكريمها من الله عز وجل في كتابه فقد ذكرت مصر في القران الكريم في العديد من المواضع.
- ذكر مصر وارتباطها بالعديد من الاحاديث الشريفة ومنها الأحاديث التي نبأ فيها الرسول صلي الله عليه وسلم بفتح مصر
- ارتباط بكثير من الشخصيات الدينية من أنبياء ورسل وشخصيات لهم ذمة بالمسلمين مثل سيدنا يوسف وسيدنا موسيي والسيدة هاجر المصرية والدة سيدنا إسماعيل أبو العرب والسيدة مارية القبطية زوجة الرسول صلي الله عليه وسلم
- إرادة المسلمين في تحقيق نبوءة النبي ونشر الإسلام في مصر وتكون مصر بوابة نشر الإسلام في افريقيا أيضا
- كانت هناك العديد من المحاولات لفتح مصر ونشر الإسلام فيها في عصر الخلفاء الراشدين بالخطابات الي الروم لتسليم مصر عن طريق المخاطبات السلمية ولكن بالطبع رفض الروم فما كان غير الانتصار علي الروم وفتح الأراضي المصرية وتخليص أقباط مصر من اضطهاد الرومان
ولكن كيف تم فتح مصر و متي تم فتح مصر ذلك ما سوف نعرفه في قادم الفقرات.
الطريق الي فتح مصر
في البداية يجب أن نعرف أولا متي تم الفتح الإسلامي لمصر؟ و من هو فاتح مصر؟
- تم الفتح الإسلامي لمصر عام 640 ميلاديّة الموافق سنة 18 هجرية
- وتم الفتح الإسلامي لمصر علي يد سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه وسنبدأ سرد طريق الجيش الإسلامي الي مصر وبذلك فقد عرفنا تم فتح مصر علي يد من
مسيرة سيدنا عمرو بن العاص الي مصر
بعد أن وافق سيدنا عمر بن الخطاب علي اقتراح سيدنا عمرو بن العاص لضرورة فتح مصر الان كلفه أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب بتلك العملية ووضع تحت قيادته ما بين 350 الف الي 450 ألف جندي
وأنطلق سيدنا عمرو بن العاص من الشام قاصدا الفرما بوَّابة مصر الشرقيَّة وهو الطريق الساحلي لسيناء.
ورغم انطلاق جيوش المسلمين الي مصر كان سيدنا عمر بن الخطاب ما زال مترددا من فتح مصر خوفا علي جيش المسلمين بدخول افريقيا في ذلك الوقت.
فأرسل الي سيدنا عمرو بن العاص كتابا يحثه فيه علي الحذر الشديد ويرجع ان لزم الأمر ولكن كان سيدنا عمرو بن العاص قد دخل حدود مصر بالفعل
وقيل أن تلك كانت حيلة من سيدنا عمرو بن العاص أنه لم يستلم خطاب سيدنا عمر بن الخطاب الا بعدما دخل مصر حتي يكون دخل مصر دون أن يعصي أمر الخليفة.
فتح العريش والفرما
بالفعل وصلت الجيوش الإسلامية الي مصر بالعريش تحديدا في يوم عيد الأضحى 10 ذو الحجَّة 18 هجري المُوافق12 ديسمبر 639 ميلادي
والمفاجأة هنا أنه عندما وصل سيدنا عمرو بن العاص الي العريش وجدها خالية من قوات الإمبراطورية الرومانية فكانت بمثابة دفعة معنوية للجيش الإسلامية لمواصلة المسيرة.
بعد ذلك توجه سيدنا عمرو بن العاص وواصل السير وفي تلك الأثناء سمع المقوقس والي الإمبراطورية البيزنطية علي مصر بزحف المسلمين فقرر أن يصد زحف المسلمين في حصون مدينة الفارما
عندما وصل سيدنا عمرو بن العاص الي مدينة الفارما قرر أن يحاصرها لأن القوات البيزنطية كانت تتجنب المواجهة المباشرة لبراعة أفراد الجيش الإسلامية في حروب الصحراء.
وبالفعل حاصر الجيش الإسلامي مدينة الفارما لمدة شهر ودار في ذلك الشهر كثير من المناوشات بين القوات الإسلامية والبيزنطية
كما ساعد المصريين من أهل مدينة فارما سيدنا عمرو بن العاص علي فتحها وذلك تنفيذا لأوامر بطريرك الإسكندريَّة بنيامين الأوَّل الذي طلب من المصريين مساعدة جيوش المسلمين علي الفتح الإسلامي لمصر وبشرهم بقرب زوال حكم الروم.
وفي النهاية انتصر الجيش الإسلامي في حصار فارما وهدم سيدنا عمرو بن العاص أسوار وحصون المدينة حتي لا يستفيد منها البيزنطيون اذا سيطروا عليها ثانية وتم فتح مدينة الفارما كليا ولكن هل تعلم متي تم فتح الفارما ؟
تم فتح الفارما 19 مُحرَّم 19 هجري المُوافق 20يناير 640 ميلادي
وأمن ذلك الفتح خطوط الحصول علي التواصل والامدادات للمسلمين في مصر من الشام .
الفتح الإسلامي لمصر في باقي المدن
بعد ذلك انطلقت الجيوش الإسلامية لتكسر شوكة القوات البيزنطية في باقي مدن مصر وتكسر سيطرة البيزنطيين عليها.
فتم فتح العديد من المدن الرئيسية مثل بلبيس وأم دنين وفتح الفيوم
كما دارت العديد من المعارك الكبرى أهمها معركة عين شمس وسنتكلم باختصار عنها
معركة عين شمس
فامت معركة عين شمي في شهر شعبان سنة 19 هجري المُوافق شهر يوليو سنة 640 ميلادي
وكان فتح عين شمس هي نقطة محورية كبيرة بالنسبة للجيوش الإسلامية حيث ان مدينة عين شمس تصلح لتكون قاعدة عسكرية لأنها مرتفعة عن الأرض ويحيط بها سور كبير ويتوفر بها الطعام والشراب والمؤن اللازمة للجيش الإسلامي
وأعد سيدنا عمرو بن العاص جيدا لمعركة عين شمس مدركا أهميتها وكان من الصحابة حاضري تلك المعركة الزُبير بن العوَّام وعبادة بن الصَّامت، والمُقداد بن الأسود، ومسلمة بن مُخلَّد.
وطبق سيدنا عمرو بن العاص خطة ذكية وهي حصار جيش الرومان عن طريق مواجهتهم بجيش وأرسال فرقتين أخريين إحداهُما إلى أُم دنين، والأُخرى إلى مغار بني وائل ليحاصر شرق العبَّاسيَّة القوات البيزنطية ويمنعها من الهرب.
وبدا القتال في منقطة العباسية وأثناء ما كان القتال مشتدا أرسل سيدنا عمرو بن العاص الأوامر الي الفرقة التي في مغار بالتحرك ووصلت بالفعل في مؤخرة القوات البيزنطية.
وتم تطبيق كماشة الحصار عليهم ووقعت الكارثة علي رؤوس الروم ودب الرعب بينهم اذ وجدوا أنهم محاصرين بين جيشين.
وأراد أفراد الجيش البيزنطي الروماني الهروب الي أم دنين فخرجت عليهم فرقة أم دنين التي أرسلها سيدنا عمرو بن العاص قبل ذلك وبذلك طبقت ووجد الروم أنها مهزومين لا محالة فهلك منهم الكثير وهرب منهم من هرب الي حصن بابليون وانتصر المسلمون في معركة عين شمس قاصدين فتح حصن بابليون في القاهرة بعد ذلك.
حصار و فتح حصن بابلييون
بعد معركة عين شمس كان هدف سيدنا عمرو بن العاص التالي قبل أن يفتح الإسكندرية هو فتح حصن بابليون حتي يقضي علي الرومان في تلك المنطقة ويمنعهم من محاولة استرداد الأراضي التي فتحها سيدنا عمرو بن العاص في مصر.
فبدأت مسيرة الجيوش الإسلامية نحو حصن بابليون في شهر شوال سنة 19 هجري المُوافق شهر سبتمبر سنة 640 ميلادي وبدأ حصار حصن بابليون في ذلك الوقت.
وفي تلك الأحيان أعلن كثر من المصريين اسلامهم وانضموا الي الجيش الإسلامي بقيادة سيدنا عمرو بن العاص وكان لهم دور هام جدا في الحصار من حيث معرفة الأماكن والطرق واخبار سيدنا عمرو بن العاص عن أسرار الروم ونقاط ضعفهم.
مما أدي الي هروب كثير من القادة البيزنطيين الموجودين في الحصن الي الإسكندرية ولم يبقي سوي المقوقس وقليل من المستشارين بجانب حامية الحصن فضعفت عزيمة القوات البيزنطية التي تحمي الحصن.
وبعد شهر من حصار حصن بابليون رأي المقوقس والي الإمبراطورية الرومانية عي مصر بأن المسلمون صامدون وصابرون علي القتال فخرج بنفسه في الليل سرا للتفاوض مع سيدنا عمرو بن العاص.
فرد عليه سيدنا عمرو بن العاص بعد يومين وخيره بين تلك الأمور الإسلام أو الجزية أو القتال فما كان أمام المقوقس سوي دعوي الصلح والتفاوض مع سيدنا عمرو بن العاص علي شروطه.
فمنحه سيدنا عمرو بن العاص 3 هدنة فلما علم باقي القادة والجنود الرومان عن الهدنة ثاروا ضد المقوقس وأرادوا القتال واستعد الطرفان للقتال وانتصر المسلمين في كل المناوشات التي تمت بين الطرفين.
فعاد المقوقس مرة أخري للتفاوض ودعي الي الصلح وقبل الجنود الرومان مكرهين بسبب هزيمتهم ودعي لوقف العمليات العسكرية بين الطرفين حتي يأتيه رد خطاب الصلح من امبراطور الرومان هرقل ثم غادر المقوقس الي الإسكندرية.
فكان الرد من هرقل برفض دعوي الصلح فاستأنف الطرفان القتال مرة أخري وبعد فترة من استمرار القتل جاء خبر وقع كالصاعقة علي رؤوس الجنود الرومان وهو وفاة حاكمهم الامبراطور هرقل في شهر ربيع الأوَّل سنة 20 هجري المُوافق شهر فبراير 641 ميلادي فضعفت عزيمتهم وقدراتهم القتالية كما فر كثير منهم الي الإسكندرية.
واستطاع المسلمون اقتحام حصن بابليون في 21 ربيع الآخر 20 هجري المُوافق 9 أبريل 641 ميلادي حتي استطاع الصحابي سيدنا الزُبير بن العوام سور الحصن هو وفرد أخر من المسلمين وكبروا ففتح الحامية الحصن وطلبوا الصلح من سيدنا عمرو بن العاص فقبل وتم بذلك فتح حصن بابليون أحد أهم حصون الإمبراطورية الرومانية في مصر وكانت تلك من أهم خطوات الفتح الإسلامي لمصر.
حصار و فتح الإسكندرية
انتصار المسلمين في حصن بابليون كانت الضربة القاضية بالنسبة للبيزنطيين فهو واحد من أهم حصونهم ومواقعهم الاستراتيجية وكان يوجد به أهم قواتهم في مصر.
فبعد فتحه كان مسير الجيش الإسلامي بعد ذلك الي الإسكندرية ليتم فتح الإسكندرية وضمها الي الأراضي الإسلامية ويتم الفتح الإسلامي لمصر بنجاح.
وكان رجال الإمبراطورية البيزنطية مدركين خطورة فتح الإسكندرية علي يد المسلمين اذ قال الامبراطور الروماني «لَئِن ظَفَرَ العَرَبُ بِالإِسْكَندَرِيَّةِ فَقَد هَلَكَ الرُّومُ وَانقَطَعَ مُلكَهُم. فَلَيْسَ لِلرُّومِ كَنَائِسَ أَعْظَمُ مِن كَنَائِسَ الإِسْكَندَرِيَّة».
وبالفعل وصل الجيش الإسلامي بقيادة سيدنا عمرو بن العاص الي مدينة الإسكندرية ورأي سيدنا عمرو أن الإسكندرية مدينة منيعة مليئة بالحصون الرومانية ومحاطة بأسوار كبيرة
حيث يحميها من البحر الأسطول البيزنطي ويوجد بداخلها 50 الف جندي من القوات البيزنطية الحامية غير المجانيق فوق الأبراج والكثير من العدة والعتاد.
ومع ذلك لم ييأس سيدنا عمرو بن العاص وأعد خطة عسكرية محكمة وبالفعل بدأ حصار الإسكندرية فأحكم المسلمون حصارها.
حتي أن الحصار استمر لمدة أربعة أشهر ونص وفي تلك الأوقات كان هناك صراع كبير علي الحكم في الإمبراطورية الرومانية مما أدي الي انقطاع الامدادات عن الحماة الرومانيين في الإسكندرية
واستطاع المسلمون الانتصار في جميع المعارك والمناوشات التي دارت بين الطرفين حتي أستطاع الجيش الإسلامي العربي اقتحام الإسكندرية وفتحها.
ووقع المقوقس بعد ذلك صلحا مع المسلمين حتي يخرجوا البيزنطيين الرومان بسلام من الإسكندرية ويأمنهم سيدنا عمرو بن العاص علي أنفسهم ويسلموا الإسكندرية تحت مسمي معاهدة الإسكندرية بين المسلمين والروم.
وبالفعل دخلت الإسكندرية تحت ولاية الدولة الإسلامية وراية الحكم والدين الإسلامي في أوَّل مُحرَّم 21 هجري المُوافق 17 سبتمبر 642 ميلادي
وبعد فتح الإسكندرية استطاع الجيش الإسلامي العربي الفتح الإسلامي لمصر كاملة وتخليص المصريين من الاحتلال البيزنطي الظالم
وفي أول خطاب لسيدنا عمرو بن العاص للمصريين أمنهم علي أنفسهم وملَّتهم وأموالهم وكنائسهم وصُلبهم وبرِّهم وبحرهم في معاهدة سميت معاهدة عمرو بن العاص مع أهل مصر حيث كان ينص عهد سيدنا عمرو بن العاص مع المصريين علي ما سوف نعرفه في الفقرة القادمة.
معاهدة عمرو بن العاص مع أهل مصر
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملَّتهم وأموالهم وكنائسهم وصُلبهم وبرِّهم وبحرهم،
لا يزيد شيء في ذلك ولا ينقص ولا يُساكنهم النُّوب وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصُلح وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف وعليه ممن جنى نُصرتهم،
فإن أبى أحد منهم أن يُجيب رفع عنهم من الجزى بقدرهم وذمتنا ممن أبى برية وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رُفع عنهم بقدر ذلك ومن دخل في صُلحهم من الروم والنًّوب فله ما لهم وعليه ما عليهم
ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه ويخرج من سُلطاننا وعليهم ما عليهم أثلاثًا في كُلِّ ثُلثٍ جباية ثُلُث ما عليهم على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم
وذمة الخليفة أميرُ المؤمنين وذمم المُؤمنين وعلى النُّوبة الذين استجابوا أن يُعينوا بكذا وكذا رأسًا وكذا وكذا فرسًا على أن لا يغزوا ولا يُمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.
شهد الزُبير وعبدُ الله ومُحمَّد، إبناه، وكتب وردان وحضر»
وبهذا تم الفتح الإسلامي العربي لمصر وبدأ تاريخ مصر الإسلامية في عام 21 هجري الموافق 642 ميلادي ورحب المصريين بحكم الدولة الاسلامية.
وبذلك فقد تكلمنا عن نقطة من أهم نقاط تاريخ مصر الحديث ولمعرفة المزيد عن تاريخ مصر الإسلامية وأيضا تاريخ مصر من البداية عموما من هنا.