حرب البلقان الأولى انها الحرب التي انهت الوجود العثماني في اغلب الأراضي التي تحت سيطرتهم في أوروبا، حرب اندلعت بعد فترة طويلة من الصراعات في منطقة البلقان بين صربيا وحلفائها المدعومين من روسيا من جهة وبين الدولة العثمانية من جهة أخرى،
لتنتهي المعارك بشكل كارثي للعثمانيين حيث خسروا الكثير من أراضيهم في أوروبا كما دمر جزء كبير من جيشهم وتم اعلان قيام الدولة الألبانية، انها حرب البلقان الأولى تابعونا للنهاية لنعرفكم على تلك الحقبة الهامة وما قبل الأخيرة من التاريخ العثماني.
تاريخ الإسلام في البلقان
قبل ان ننزل معكم الى ميدان القتال لنتعرف على حرب البلقان الأولى، يجدر بنا ان نرجع قليلا الى الوراء لنتعرف على تاريخ الإسلام في المنطقة فقد دخل الإسلام الى البلقان عن طريق التجار والدبلوماسيين والدعاة الا ان ذلك كان على نطاق ضيق ومحدود.
اما انتشار الإسلام في تلك البلاد فقد كان بعد مجيء العثمانيين وتحديدا بعد المواجهة الحاسمة بين العثمانيين بقياده السلطان مراد الأول والصرب بقيادة الملك لازار في المعركة التي عرفت باسم كوسوفو الأولى وقد هزم الصرب في تلك المعركة وقتل فيها ملكهم لازار بعد هزيمه جيشه.
كما استشهد السلطان مراد وهو يتفقد نتائج المعركة التي تعتبر اول انتصار عثماني كبير في أوروبا مما فتح النطاق امام الدولة العثمانية للتوسع في أوروبا لاحقا والسيطرة على البلقان بالكامل ل 400 سنة لاحقة.
تاريخ الصراع بين الصرب والعثمانيين
لم يستسلم الصرب بالطبع لتلك الهزيمة التي منيوا بها على يد العثمانيين فعملوا على انهاء الوجود الإسلامي في البلقان وقد سعت العديد من القوى الأوروبية الى تلك الغاية فقاموا بتوجيه الضربات تتلوها الضربات الى الدولة العثمانية.
وبعد الانتفاضات التي امتدت في الفترة ما بين عامي 1804 وعام 1815 أصبحت أجزاء من صربيا بالقرب من بلغراد اماره شبه مستقلة داخل الإمبراطورية العثمانية.
واشتدت المؤامرات على الدولة العثمانية من الخارج خاصة في عصور ضعفها وتمكنت صربيا من قيادة التمرد ضد الدولة العثمانية في الداخل ضمن منطقه البلقان التي استطاعت ان تستقل ذاتيا عن الدولة العثمانية بحلول عام 1833.
كما حصلت على المزيد من الأراضي نتيجة لاتفاق تم التوصل اليه مع العثمانيين في حين ظلت كوسوفو في ايدي العثمانيين.
في الفترة ما بين عامي 1877 و 1878 استولت صربيا والجبل الأسود على أجزاء من كوسوفو خلال الحرب الروسية التركية التي انتصرت فيها روسيا وفرضت معاهدة سان ستيفانو وذلك في مارس عام 1878،
وبموجب تلك المعاهدة تم تأسيس مملكة بلغاريا الكبرى وخصصت الجزء الذي يعرف الان بكوسوفو لدولتي صربيا ومونتينيغرو او الجبل الأسود لكن الدول الكبرى خشيت من تعاظم النفوذ الروسي في المنطقة فطالبت بتقليص حجم مملكة بلغاريا.
كما انتزعت سيطرة المناطق التي يسكنها الالبان من صربيا ومونتينيغرو واعادتها للدولة العثمانية، ومع ذلك فقد سمح للجبل الأسود وصربيا بالاحتفاظ بالأراضي الأخرى التي استولوا عليها بعد الحرب وتلي ذلك اعلان صربيا استقلالها الرسمي عن الدولة العثمانية.
لكن الحرب لم تنتهي فها هي ذي حرب جديدة ستقودها صربيا وحلفاؤها بدعم من روسيا ضد الدولة العثمانية فما سبب تلك حرب البلقان الأولى؟
حرب البلقان الأولى
كانت الإمبراطورية العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر قد وصلت لحاله سيئة من الضعف بسبب العديد من المشكلات الداخلية وظهور العديد من الحركات الانفصالية والوطنية في الدول التابعة لها وقد ترافق ذلك مع تزايد التوتر بينها وبين دول الجوار خاصة روسيا القيصرية،
التي كانت تطمح الى السيطرة على المناطق المائية وضم الدول الصغيرة الى حكمها فعملت على حشد دول البلقان ضد العثمانيين وتوسطت لإبرام اتفاقيات حربية بين بلغاريا واليونان وصربيا والجبل الأسود.
فزادت تلك الاتفاقيات من سخونة الأجواء بين البلقان والدولة العثمانية وأعلنت الحرب من جانب دول البلقان ضد الدولة العثمانية التي لم يكن جيشها مستعدا بشكل كاف فقد كانت القدرات العسكرية العثمانية معطله بسبب الصراعات الداخلية الناجمة عن ثوره تركيا الفتاة والانقلابات المضادة لها.
كما افتقدت وحدات الاحتياط في الجيش العثماني خاصه سلاح المدفعية كل عوامل الجاهزية اضف الى ذلك ان الدولة العثمانية كانت تعاني من ضعف شبكة النقل لديها اذ لم تمتلك سككا حديدية متطورة تمكنها من نقل الجنود وتنفيذ التعبئة على نحو سريع وحاسم.
على عكس جيوش البلقان التي اعتمدت على احدث الأساليب الحربية وزودت نفسها بأفضل الأسلحة اضيف الى ذلك ان اليونان كانت تمتلك اسطولا بحريا يضم قطعا ضخمه منها ثمان مدمرات حديثة البناء وكانت الدولة الوحيدة القادرة على منع وصول التعزيزات العثمانية بحرا من اسيا الى أوروبا.
كان العذر الذي قدمته هذه الدول لإعلان الحرب على الدولة العثمانية هو ان تلك الأخيرة لم تطبق البند رقم 23 من معاهدة برلين التي عقدت عام 18 1878، حيث يقضي هذا البند بتنفيذ النظام الأساسي الذي وضع لجزيرة كريت وتنفيذ انظمه أخرى مشابه لكل الأراضي التركية التي تقع في أوروبا،
ومن بينها بلاد البلقان التي استقلت اسما فحسب وبقيت تتبع الدولة العثمانية.
أرسلت حكومات دول البلقان بلاغا بالحرب الى الخارجية العثمانية في 18 من أكتوبر عام 1912 وقد حمل هذا البلاغ الدولة العثمانية السبب في هذه الحرب،
حيث اتهمتها تلك الدول بالاعتداء على البواخر اليونانية والاستيلاء عليها وعلى الذخائر والمعدات الحربية التي كانت مرسلة الى الصرب والاعتداء أيضا على الحدود البلغارية والصربية وهو ما دفعهم الى اعلان الحرب.
بدأت حرب البلقان الأولى عندما قامت بلغاريا واليونان وصربيا والجبل الأسود المدعومين من روسيا بمهاجمه الدولة العثمانية من عده اتجاهات بهدف محاصرة هذه الأخيرة والسيطرة عليها.
وجد الجيش العثماني نفسه في مواجهة الدول الأربع على جبهات مختلفة وكانت من اهم المدن التي استهدفتها دول البلقان هي مدينه ادرنة اذ هاجم الجيش البلغاري عليها في بداية الحرب، الا انه وجد مقاومه شديده من قبل حامية المدينة.
فضرب الحصار عليها في نوفمبر عام 1912 واخذ في شن هجمات مدفعية ليلية عليها ثم انضم الجيش الصربي الثاني الى الحصار وبعد خمسه اشهر سقطت المدينة وذلك في ال26 من مارس عام 1913.
كانت أولى المواجهات بين الجيش اليوناني والجيش العثماني هي معركة الاصونا حيث سقطت المدينة من دون مقاومة وذلك في 19 من أكتوبر عام 1912 تبعتها مدينة سرفنجة يوم الث 23 من أكتوبر عام 1912.
ليتجه بعدها الجيش اليوناني الى ينيجا واردار حيث انسحب العثمانيون بعد يومين من المواجهات مخلفين وراءهم خسائر قدرت ب الفي مقاتل و500 اسير الامر الذي اضطر قائد الجيش العثماني الى تسليم سالونيك خوفا من إراقة الدماء.
خاصة وان الامدادات البحرية القادمة للعثمانيين قد سيطر عليها الاسطول اليوناني كما سيطر اليونانيون على كريبوفو وبرفيزا وقيافة والطريق الممتد بين يانيه وسهل ارطه.
اخذ الجيش العثماني يتراجع امام الجيش اليوناني حتى احتمى بمدينة يانيه بعد سقوط مواقع عديدة في ايدي اليونانيين وعندما ادرك العثمانيون عدم جدوى القتال استسلموا لليونانيين.
كما هزم الاسطول اليوناني الاسطول العثماني ليسيطر اليونانيون على المجال البحري في المنطقة.
وعلى الجبهة الصربية فقد تواجه الجيشان الصربي والعثماني في العشرين من أكتوبر عام 1912 على مسافة كيلومترات قليلة شمالي مدينة كومانوفو واستمرت المعارك بينهما عده أيام والتي انتهت بتراجع العثمانيين وبخسائر بشرية كبيره بلغت 10000 بين قتيل وجريح بالإضافة الى الخسائر المادية.
اخذ الجيش الصربي يتقدم تجاه المدن العثمانية تباعا فسيطر على مناستر والبانيا وايبك وميتروفيتزا ومدن أخرى الى ان بلغ السواحل.
ولم تكن الأوضاع على جبهات الجبل الأسود بأفضل منها على الجبهات الأخرى فقد تمكن جيش الجبل الأسود من السيطرة على المرتفعات القائمة غربي برانا واخذت المدن تتساقط في يديه واح حده تلو الأخرى فسقطت برانا وبلافا ودياكو ودرين وأرض المردة وأشقودره.
نتائج حرب البلقان الأولى
وفي 23 من مايو عام 1913 انتهت حرب البلقان الأولى بتوقيع معاهدة لندن حيث تنازلت الدولة العثمانية عن جميع الأراضي الواقعة غرب خط إينوس ميدا لدول اتحاد البلقان، كما أعلنت المعاهدة قيام دوله البانيا المستقلة.
كانت خسائر العثمانيين فادحة بحق في تلك الحرب حيث سقط منهم اكثر من 125 الف مقاتل وفي المقابل فقد خسر جيش البلقان 40 الفا من مقاتليه كما خسر العثمانيون اكثر من 80% من أراضيهم في أوروبا.
نامل بان يكون المحتوى قد نال اعجابكم ابقوا في امان الله والسلام.