لوحة العشاء الأخير هي لوحة لكن ليست كأي لوحة في التاريخ فهي تعتبر لمعتنقي الديانة المسيحية رمز مقدس، في الأيام الأخيرة العالم كلها انقلب رأسا علي عقب بسبب مشهد تمثيلي في افتتاح أولمبياد باريس، يحاكي اللوحة الشهيرة، لوحة العشاء الأخير لليوناردو دافنشي، واللي شافه الجميع إهانة صريحة ودعوة للانحلال الأخلاقي.
لو كنت تريد ان تعرف قصة لوحة العشاء الأخير وتجسيد السيد المسيح وما علاقة اللي حصل في افتتاح أولمبياد باريس بها؟ ولماذا انقلب العالم كله بسببها، اذا اكمل مقالة اليوم للنهاية.
لوحة العشاء الأخير للرسام ليوناردو دافنشي
في يوم من الأيام عمدة مدينة ميلان اللي اسمه لودوفيك يوسفورتسا، قرر إنه يعمل عمل فني يلفت أنظار العالم كله لدير سانت ماريا، الدير العظيم والمبنى الأفخم في زمانه، فطلب من ليوناردو دافنشي، واللي كان معروف وقتها بأسلوبه المميز في الرسم والمختلف عن كل رسامين العصر.
الأسلوب اللي يعتمد على إظهار الوجه بصورة ملائكية وجميلة، ولكنه لم يكن بشهرته العالمية حاليا، وبالفعل تم رسم لوحة العشاء الأخير علي يد ليوناردو دافنشي في أواخر سنة 1494 في دير سانت ماريا في ميلان إيطاليا،
وعرضت للمرة الأولى سنة 1499 على جدار غرفة الطعام بالدير بطول 9 م وعرض 4.5 م.
قصة لوحة العشاء الأخير
لوحة العشاء الأخير هي لوحة تصور آخر وجبة عشاء تناولها السيد المسيح مع تلاميذه ال12 وذلك وقت ما أخبارهم المسيح بإن أحد تلاميذه الجالسين حواليه سوف يخونه فاللوحة بتصور ردة فعل تلاميذه وتعبيرهم عن الصدمة، وعدم التصديق، والحزن والغضب، وذلك كان بالفعل آخر عشاء للسيد المسيح معهم.
اللوحة موجود منها نسختين، النسخة الأصلية أو الأولى، وتلك الموجودة في ميلان زي ما قلنا، والنسخة الثانية موجودة في فرنسا، وتلك قيل إن دافنشي رسم فقط فيها المسيح ويوحنا وباقي اللوحة رسمها تلاميذه. ولكنها لا تقل أهمية ولا إبداع عن اللوحة الأولى.
تقدر تقول انها نسخة مرممة منها لإن سبب رسمها هو تلف اللوحة الأولى في دير ميلان، اللوحة أيضا تعبر عن نظام القربان المقدس في المسيحية وتلك تعتبر ركيزة أساسية في العقيدة المسيحية.
لوحة العشاء الأخير هي لوحة لها رمزية دينية ومعنوية كبيرة. كونها تعبر عن حدث خاص وشديد القدسية في الديانة المسيحية، فهي تحكي قصة اجتماع يسوع الرب بتلاميذ ال12، فبعد عشاء الفصح يوم الخميس أخد رغيف خبز ووزعه عليهم وقال “خذوا كلوا لأن هذا يعني جسدي الذي سيبذل عنكم.”
وقتها، يسوع أشار إنه سوف يقدم نفسه قربان لخطايا البشر، وإن اللي سوف يخونه لليهود، هو أحد تلاميذه، واللي كان يهوذا.
يهوذا بالفعل قدمه لليهود مقابل 30 قطعة فضية، واللي لو رجعنا للوحة العشاء سوف نجد دافنشي تعمد إنه يرسمه بصورة قبيحة بعكس يسوع ويوحنا اللي رسمهم بشكل ملائكي.
بعد انتهاء تناولهم بما يعرف ب العشاء الأخير، السيد المسيح، أوصى تلاميذه أو رسله، إنهم يكونوا شجعان وأقوياء في الإيمان، ثم كان صباح الجمعة حيث تم القبض على السيد المسيح بعدما اكتملت الخيانة اللي بسببها حصلت اعنف واقسي مأساة شهدتها الديانة المسيحية والتاريخ.
الاختلاف في موت المسيح في الأديان الثلاثة
هنا اجعلني أكلمك قليلا عن الصلب والقيامة، وفكرة موت المسيح في الأديان، حادثة الصلب اللي ذكرت في الكتاب المقدس، والأناجيل الأربعة متى ومرقص ولوقا ويوحنا تعتبر واحدة من أبرز الخلافات الدينية بين المسيحية والإسلام واليهودية،
انت كنت تعرف إن الموت صلبا تم تخصيص ذلك الشكل من الإعدام لكي يطبقوه على العبيد والجنود اللي عندهم عار وأتباع السيد المسيح من اليهود، ذلك غير الأجانب، ومعارضين الملك في القرن الأول الميلادي، وأيضا تم صلب عدد كبير من المتمردين ضد روما في فلسطين.
الخبراء يعتقدوا إن الموت على الصليب ممكن يكون بسبب السكتة القلبية بعد الجفاف، وأكثر من عالم توصل لاستنتاج إن الموت ممكن يكون اختناق تدريجي بسبب ضعف التنفس..
لم يكن مسموح نهائيا للحراس الرومان انهم يغادروا الا بعدما تموت الضحية، وكان الجنود في بعض الأحيان يكسروا رجل الضحية أو يطعنوها في الصدر لكي يسرعوا الأمور، و المسيح صلب لإنه حرض على تمرد ضد روما اللي كانوا لا يرحموا في قمع معارضين الملك.
ولكن حتى الرومان نفسهم كانوا يرون إن الصلب كان همجي وبربري، فالخطيب الروماني شيشيريو قال إن عقوبة الصلب كانت الأشد قسوة ورعب، وأضاف إن تلك كانت أقصى عقوبة نهائية للعبيد.
ولكن كيف مات المسيح في الأديان الثلاثة؟
الان سوف نري تفسير موت المسيح عند الأديان الإبراهيمية الثلاثة،
ولنبدأ مع موت المسيح في اليهودية اليهودية كانوا يزعموا إن السيد المسيح كفر بالله ولازم التخلص منه، وبعد زيادة أتباعه من اليهود وباقي الشعب، فكان الحل له إنهم يجعلوا الملك يخلص منه بأبشع صورة لكي لا يتبعه أحد،
والموت على الصليب عندهم يعتبر لعنة كان يستحقها السيد المسيح لإنهم يرونه كان يريد ان يغير الواقع اللي كان فيه ظلم وفساد.
أما في كيف مات المسيح في في الديانة المسيحية فالإيمان المسيحي يقول إن يسوع بن مريم. هو المسيح اللي اليهود ينتظروه، وإنه حقق نبوءات العهد القديم.
المسيحيين يؤمنوا إنه معصوم وكامل، و الوحيد اللي لم يفعل أي خطيئة، ولد من عذراء بطريقة إعجازية وعمل عجائب ومعجزات كثير، وقدم تعالي مصالحة لكل وقت، ذلك غير إنه رفع البشر لمرتبة أبناء الله.
بحسب الأناجيل، فتعاليم المسيح بن مريم تقول إنه مات على الصليب تكفيرا عن خطايا البشر، فكان محرر البشرية وبشراها السارة، وبعد ذلك قام من بين الأموات ورفع إلى السماء، ووعد المؤمنين بانه سوف يعود في آخر الزمان.
أما بالنسبة للإسلام، فالمسلمين يؤمنوا بمجيء المسيح، واللي ذكر في القرآن الكريم باسم النبي عيسى بن مريم، العقائد الإسلامية تتفق مع الإيمان المسيحي في إنه المسيح، وصحة الميلاد العذري، وإنه عمل عجائب وآيات، وإنه أيضا سوف يعود في آخر الزمان، ويعتبروه نبي وأيضا يوصف بإنه كلمة الله.
لكن الإسلام ينكر حادثة الصليب، ويقولوا إن ربنا نجاه من يد الرومان، ورفعوا إلى السماء، وإن اللي صلب مكانه كان تلميذ الخائن يهوذا.
سر لوحة العشاء الأخير في افتتاح الألعاب الأولمبية باريس 2024
كل اللي قلناه عن المسيح عليه السلام، فلا خلاف على نبوته ومجيئه، وأنه مقدس ولا يمكن الاستهزاء أو المساس به في العقيدة المسيحية أو الإسلامية، ولكن من كام يوم حصل حدث معين هز العالم أجمع، وأثار ضجة واسعة.
ذلك الحدث باختصار هو افتتاح دورة أولمبياد فرنسا 2024، فتم تقديم عرض، في محاكاة ساخرة لوحة العشاء الأخير، وكان عبارة عن مشهد لراجل شبه عاري مثلي الجنسية، داهن جسمه باللون الأزرق على مائدة الطعام،
ووراه سيدة ثمينة لابسة فستان أزرق بتمثل السيد المسيح، وكان حواليها 12 شخص من المثليين والمتحولين جنسيا بدلا من أماكن الحواريين، أتباع السيد المسيح، وذلك يعتبر ازدراء ديني صريح و إهانة للمقدسات، ذلك العرض كان المفروض يقدم رؤية فنية حديثة، لكن قوبل بانتقادات قوية.
فان لوحة العشاء الأخير مش ليست مجرد عمل فني رسمه فنان موهوب، وليست مجرد لوحة فنية من أفضل ما رسم في العالم، وذلك لدقتها وحساسيتها وإتقانها الفني، ولكن لأنها مأخوذة من حادثة دينية مفصلية في الديانة المسيحية، فهي بتجسد إشارة المسيح للخيانة اللي أدت لصلبه.
فعلى الجانب العالمي قالت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا إنها تستنكر الاحتفال اللي تضمن مشاهد السخرية والاستهزاء بالمسيحية، رد فعل الحكومة الفرنسية والفنانين المشاركين، كان دفاعي في الأول،
المسؤولين عن تنظيم الحفل، قالوا إن الهدف من المشهد كان تقديم رؤية فنية تعبر عن الوحدة والتنوع الثقافي، ليست الإساءة لأي رمز ديني.
أكدوا كمان إن الفقرة كانت جزء من عرض فني شامل يعكس الروح الإبداعية والانفتاح الثقافي اللي بتمثله باريس، وتصاعد الغضب من المشهد وقلب الرأي العام العالمي عليهم وأصبحوا ترند، وكله استاء جدا من فرنسا ومن اللي عملته.
ذلك جعل معظم الرعاية يسحبوا إعلاناتهم وأموالهم في دورة الأولمبياد باريس 2024، وطبعا السيد ترامب لم يترك الفرصة وطلع انتقد الحفل وقال التالي “انها وصمة عار في الواقع، رأيت انه كان وصمة عار”
وعلى المستوى العربي فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر عبرت أيضا عن استيائها واستنكارها فقالت “الطريقة التي قدم بها المشهد تحمل إساءة بالغة لأحد المعتقدات الدينية الأساسية التي تقوم عليها المسيحية”
أما الأزهر الشريف. فأدان العرض وبشدة، وكتب على صفحته الرسمية على فيسبوك “الأزهر يحذر من خطورة استغلال المناسبات العالمية لتطبيع الإساءة للدين وترويج الشذوذ والتحول الجنسي،
يدين الأزهر الشريف هذه المشاهد التي تصدرت افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بباريس وأثارت غضبا عالميا واسعا، وهي تصور السيد المسيح عليه السلام في صورة مسيئة لشخصه الكريم، و لمقام النبوة الرفيع، وبأسلوب همجي طائش لا يحترم مشاعر المؤمنين بالأديان و بالأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة،
ويحذر الأزهر العالم. من خطورة استغلال المناسبات العالمية لتطبيع الإساءة للدين وترويض الأمراض المجتمعية الهدامة والمخزية كالشذوذ والتحول الجنسي.”
رغم من ذلك الانتقادات استمرت، والنقاشات زادت أكتر حول حرية الفن واحترام الرموز الدينية، في النهاية الضغوط الكبيرة أجبرت فرنسا على الاعتذار وحذف ذلك المشهد من حفل الافتتاح الرسمي على اليوتيوب.
ورغم ذلك بعض الآراء تقول إن فرنسا عملت كده ليس فقط بسبب احترامها للرموز الدينية المسيحية، ولكن لان اللي تكلموا في الموضوع وضغطوا فيه، هما اللي متحكمين في الاقتصاد وسياسات الدول يعني من الآخر ذلك المنظر أغضب الكبار قبل الصغيرين.
وبكده تكون خلصت مقالتنا عن سر لوحة العشاء الأخير، ابقوا في امان الله والسلام.