فتح الأندلس
كتب/ 1- أحمد كامل المرجل
2- أحمد صبري
نقل طارق بن زياد للمعدات:
كان على “طارق بن زياد” أن ينقل جيشه ومعداته والمؤن والذخائر من الشاطئ الإفريقي إلى الشاطئ الأندلسي، ولما كانت السفن التي أعطاها “يوليان” تحت تصرف المسلمين لا تكفي، غير أنها كانت سفنًا تجارية غير مخصصة لحرب أو لتقل المعدات لعسكرية، فقد قرر “طارق” أن ينقل الجيش على دفعات، وأن يكون مكان اجتماعهم عند صخرة مرتفعة في أول البر الأندلسي سميت فيما بعد باسمه.
انتقال الجيش للأندلس:
هذا وقد قرر “طارق” أن يكون هو آخر من يجتاز المضيق للحاق بجنوده بعد أن يكون قد أمن نقلهم جميعهم، ونفذت الخطة بدقة، فكانت السفن تروح وتغدو إلى الشاطئ الأندلسي تنقل الجند إلى تلك الصخرة مكان الالتقاء، دون أن يشتبه أحد من أهل الأندلس بأن تلك السفن كانت تنقل قوات، وكان من أسباب نجاح تلك الوسيلة أن السفن التابعة “ليوليان” سفن تجارية كما سبق القول، فكان الناس يشاهدونها ترسوا أمام جبل طارق يظنون أنها تنقل تجار، وكان “يوليان” أول العابرين في تلك السفن.
وصول أخبار المسلمين إلى لذريق:
وعندما اقترب جيش “لذريق” عندما وردته الأخبار بنزول المسلمين على ساحل الأندلس الجنوبي، حاول إرسال أحد قواده للإستطلاع، لكن المسلمون شعروا به ووثبوا عليه، فهرب إلى معسكر “لذريق” يخبره بمدى استعداد المسلمين وما رآه في معسكراتهم، مخبرًا “لذريق” أن العرب أحرقوا السفن التي جاءوا عبرها استماتةً في لقاء القوط ومواجهتهم، ورغبةً في الإنتصار عليهم.
قضية حرق السفن وخطبة طارق:
وقد شُغِل المؤرخون بقضيتين في عملية الفتح القضية الأولى هي قضية إحراقه للسفن التي عبر بها إلى الأندلس، وكيف أحرقها وهي وسيلة الإتصال الوحيدة بينه وبين بلاد المغرب، وووسيلة الإتصال الوحيدة بينه وبين قائده “موسى بن نصير”، وهل فعل هذا بعد مشاورة قائده، أو هل فعل هذا بالفعل، كذلك شغلت الخطبة التي ألقاها على الجنود لإثارة حميتهم وحماسهم لدخول المعركة ومواجهة القوط، وهي الخطبة التي أوردتها المصادر العربية التي تناولت الفتح الإسلامي للأندلس، فقد قيلت بلغة عربية فصيحة رائعة: كيف هذا و”طارق بن زباد” بربري الأصل حديثٌ بالإسلام وباللغة العربية؟
نزول طارق على الجبل:
كان نزول “طارق” على الجبل الذي سمي باسمه في (٥ رجب ۹۲ هـ / إبريل ۷۱۱م)، وأرسل بعد ذلك حملة صغيرة يقودها “عبد الملك بن أبي عامر” فتحت حصن قرطاجنة مقابل الجزيرة الخضراء، ثم احتلت المدينة نفسها دون أن تلقى مقاومة، وتحرك طارق بعد ذلك على رأس قواته متوجهًا نحو قرطبة، حيث سار بمحاذاة الساحل ثم اتجه نحو الشمال باتجاه قرطبة، وقد اعترضته بعض القوات القوطية بقيادة ابن “لذريق” ويدعي “بنج” فاشتبكت القوات الإسلامية معها وتمكنت من التغلب عليها.
حشد لذريق لقواته:
وعندما علم “لذريق” بتحركات المسلمين أرسل رسله إلى النبلاء والأشراف ليسيروا إليه بمن يستطيعون من رجالهم، وبما لديهم من العدة والمؤن فأخذت الإمدادات ترد عليه من كل مكان، حتى اجتمع عليه في قت قصير جيش قوامه يقدر (بمائة ألف) أو أكثر لذا عجل “لذريق” في العودة نحو الجنوب، وطلب مساعدة من أولاد الملك المخلوع “غيطشة” في محنته التي اعتبرها محنة الجميع، فسألهم أن يقفوا بجانبه بكل ما أوتوا من نفوذ شعبي ومادي وعسكري، وقد حذرهم من التقاعس عن نجدته وحثهم على أن يكونوا معه ضد العدو المشترك يدًا واحدة، فاستجابوا لندائه وحشدوا القوات التي استطاعوا حشدها، ثم ساروا إلى لقائه وهو عائد على رأس جيشه نحو الجنوب، وكانت وجهة “لذريق” مدينة قرطبة، حيث وصل إلى ضواحيها، ونزل في القصر الذي عرف فيما بعد باسمه، ولكنه لم يقم ببنائه، وقد أقام “لذريق” هناك بضعة أيام حتى تفد إليه الحشود الخاصة، وإن موقع مدينة قرطبة كان يعتبر موقعًا وسطًا بين العاصمة طليطلة وبين الجزيرة الخضراء مكان تواجد ونزول الجيش الإسلامي .
وصول أخبار لذريق لطارق بن زياد:
وأخذت أخبار “لذريق” تصل إلى مسامع “طارق”، كما كانت أخباره تصل إلى مسامع “لذريق”، وعلم “طارق” أن “لذريق” يقود إليه جيشًا يضم قواد المملكة وكبار الأشراف وأنبل وخيرة فرسان الأندلس، ورأى أن العدد الذي كان لديه ربما لا يكفي للقاء جيش بهذا العدد وهذه العدة، فأرسل إلى “موسى” مسرعًا يطلب إليه المزيد من القوات، ولم يتردد “موسى” لدى تلقيه كتاب “طارق” في إعداد القوات المطلوبة، وبعد أن جهز (خمسة آلاف) من الجنود وأمرهم بالعبور إلى الأندلس والإنضمام إلى الجيش الإسلامي الموجود فيها تحت إمرة “طارق بن زياد”، حينئذٍ أصبح عدد الجيش التابع “لطارق” (اثني عشر ألف) مقاتل أغلبهم من المشاة، وكما سبقت الإشارة أن أغلبهم من البربر في الفتح العربي الإسلامي للأندلس، وعلى إثر وصول القوات الجديدة بدأ “طارق” بالتحرك نحو الشمال في نفس الوقت الذي بدأ فيه “لذريق” وقواته يتحركون نحو الجنوب، وهنا بدأت المرحلة النهائية التي سبقت لقاء الجيشين، والتي كانت ذات أثر في سير الأحداث بعد ذلك.
مؤامره فى جيش القوط
فقد تم تدبير مؤامرة داخل صفوف الجيش القوطي ضد الملك “لذريق” نفسه، مما أدت إلى إضعاف قوة الجيش وهزيمته أمام الجيش الإسلامي، والمشتركون في هذه المؤامرة عدد كبير من كبار قادته وكبار النبلاء، والذين لم يكونوا على وفاق معه، وضد اغتصابه عرش طلطيلة من سلفه الشرعي “غيطشة”، وبعض المؤرخين ينسبون تلك المؤامرة إلى ولدي الملك “غيطشة” اللذان توليا ميمنة وميسرة الجيش القوطي الإسباني، وذلك انتقامًا لأبيهم المخلوع، لذا اتصل ولدا “غيطشة” “بطارق بن زياد” وسألوه الأمان والإنضمام إليه عند لقاء الجيشين في مقابل أن يسلم إليهم إذا انتصر ضِياع والدهم بالأندلس وعددها (ثلاثة آلاف) ضَيعة.
المرجع/
تاريخ بلاد المغرب والأندلس د/ إبراهيم القلا.
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ