عمر بن الخطاب
كتبت/ ليلى مدحت
المقدمة:
إذا أحصيت العظماء والفقهاء والعلماء، ألفيت “عمر” في الطليعة، فلو لم يكن له إلا فقهه لكان به عظيما، وإن عددت الخطباء البلغاء، كان اسم “عمر” من أوائل الأسماء، وإذا ذكرت عباقرة المشرعين، أو نوابغ القواد العسكريين، أو كبار الإداريين الناجحين، وجدت “عمر” إماماً في كل جماعة، وعظيماً في كل طائفة، وأن استحريت العظماء، الذين بنوا دولاً، وتركوا في الأرض أثراً، لم تجد فيهم أهم من “عمر”، وهو فوق ذلك كله عظيم في أخلاقه، عظيم في نفسه.
نسبه وولادته:
هو “عمر بن الخطاب ، بن نفيل ، بن عبد العزي …بن مضر بن نزار ، بن معد ، بن عدنان”، وأمه “حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ،بن عبدالله بن عمر بن مخزوم”، أخت “المغيرة بن هاشم”، المكنيُّ في الإسلام ب”أبي جهل”.
أما ولادته، فقيل أنها كانت بعد عام الفيل ب(ثلاث عشرة) سنة، أو قبل الفجار الأعظم (حرب الفجار) ب(أربع سنوات)، وكان الفجار قبل البعثة ب(ست وعشرين) سنة، وكان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أربعة عشرة)، فمولد عمر يكون إذ ذاك قبل البعثة ب(ثلاثين سنة).
أوصافه وشخصيته:
كان “عمر” أبيض اللون، تعلوه حمرة، حسن الخدين، غليظ القدمين والكفين، ضخم الجثة، أصلع شديد الصلع، أجلح قد انحسر الشعر عند جانبي رأسه، أعسر أيسر، كان يمشي فيشرف على الناس كأنه راكب على دابة، وكان قوياً شديداً، لا واهناً ولا ضعيفاً إذا مشي أسرع ووطئ الأرض وطأ شديداً، وكان جهوري الصوت، إذا تكلم أسمع يهوى المصارعة، وركوب الخيل، والفروسية، وتذوق الشعر ورواه، وكان يسمعه الشعراء في عكاظ وفي غير عكاظ، وكان جيد البيان، حسن الكلام.
اتصف “عمر” بالغلظة التي ورثها عن أبيه وقسوته عليه في صباه ثم أعانته قوة بدنه على بقائها، كما اتصف باعتزازه بنفسه، مما جعله يتعصب لرأيه، فلا يقبل فيه جدلا، وبلغ به ذلك إلى أن يناضل عن رأيه بيد البطش كما يناضل عنه بحدة اللسان.
حارب “عمر” في جاهليته الخارجين على عبادة الأصنام من صابئة وغيرها، وعندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلي قومه يدعوهم للهدى ودين الحق كان “عمر” أشد أهل مكه خصومة للدعوة الجديدة.
نشأته:
نشأ “عمر” في طفولته وصباه نشأة أمثاله من أبناء قريش وامتاز عليهم بأنه كان ممن تعلموا القراءة، وهولاء كانوا قليلين جداً فلم يكن في قريش كلها، حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم غير (سبعة عشر) رجلا يقرأون ويكتبون، وعاش (خمسا وستين) سنة، أمضي منها (ثلاثين) سنة في الجاهلية، وكان موكلا بالسفارة لقريش؛ فكانوا إذا وقعت حرب بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيرا للمفاوضة عنهم، وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر.
ألقابه:
لقب “عمر بن الخطاب” بألقاب عديدة ، كان من بينها : الفاروق ، وخليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أبرزها ، فكان لقب أمير المؤمنين الذي عرف واشتهر به، أما سبب هذا اللقب فيعود كما يُروى، إلي أن “عمر بن الخطاب” كتب إلي عامله على العراقين : (أن ابعث إلي برجلين جلدين نبيلين أسألهما عن أمر الناس) فبعث إليه ب”عدي بن هاشم”، و”لبيد بن ربيعة”، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا إلي المسجد ، فاستقبلا “عمرو بن العاص” وقالا له: استأذن لنا على أمير المؤمنين!
زوجاته وأولاده:
تزوج “عمر” في الجاهلية (ثلاث) نسوة :
الأولي : “قريبة بنت أمية المخزومية”، وهي أخت “أم سلمة” ( أم المؤمنين ) .
الثانية: “أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعنة”، فلما كانت الحديبية، ونزل قوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) طلقها.
الثالثة: “زينب بنت مظعون الجمحي”، وقد أسلمت وكانت من المهاجرات، وهي أم “عبد الله وحفصة وعبد الرحمن”.
وفي الإسلام تزوج “عمر” من :
“أم كلثوم”، بنت “علي بن أبي طالب” رضي الله عنه، فولدت له “زيدا” الأكبر و”رقية”.
وتزوج من “جميله بنت عاصم بن ثابت”.
وقد تزوج “عمر” أربعا من تلك النساء بمكة، وخمسا بعد هجرته إلي المدينة، على أن جمعهن لم يكتمل قط في بيته، أضف إلي ذلك أن “عمر” خطب امرأتين، فلما قبلتا منه الخشونة وشدته علي النساء.
إسلام عمر:
المشهور أن “عمر بن الخطاب” أسلم بعد (خمسة وأربعين) رجلاً و(إحدي وعشرين) إمرأة، وتزيد روايات في هذا الصدد، وتنقص أخرى منه، وقد لاحظ “ابن كثير”، في ( البداية والنهاية ) أن “عمر” أسلم بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة، وأن عدد الذين هاجروا إليها قارب (التسعين) بين رجال ونساء، وأن “عمر” ذهب بعد هجرتهم يريد “محمداً” وأصحابه المسلمين بدار “الأرقم”، عند الصفا، فكانوا (أربعين) رجالاً و نساء.
وتجري الرواية بأن “عمر” حزن لترحّل قومه عن وطنهم، بعد أن عذبوا وأذوا، وجعل يفكر في الوسيلة التي تنقذهم مما هم فيه، فرأى أن هذا الأمر لا ينجح فيه إلا علاج (واحد)، وعزم علي قتل “محمد” صلي الله عليه وسلم، فليس إلى إجتماع كلمة قريش برأيه مع بقائه بينها سبيل.
فغدا يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه، ذُكر أنهم اجتمعوا بدار “الأرقم” عند الصفا وهو قريب من (أربعين) ما بين رجال ونساء، وفيما هو في طريقه لقيه “نعيم بن عبد الله” فقال له أين تريد ؟ قال : أريد “محمدا”، هذا الصابي الذي فرق أمر قريش وسفه أخلاقها، وعاب دينها، وسب آلهتها، فأقتله.
قال “نعيم”: والله فقد عزتك نفسك يا “عمر، أترى “بني عبد مناف” تاركيك تمشي في الأرض وقد قتلت “محمداً”! أفلا ترجع إلي أهل بيتك فتقيم أمرهم؟
قال: وأي أهل بيتي؟
قال: ختنك وابن عمك “سعيد بن زيد بن عمر”، وأختك “فاطمة بنت الخطاب”، فقد والله أسلما وتابعا “محمداً” على دينه فعليك بهما !
فرجع “عمر” عامداً إلى أخته وختنه (صهره)، عندما هما خباب في مخدع لهم أو في بعض البيت، وأخذت “فاطمة بنت الخطاب” الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع “عمر” حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما، فلما دخل قال: ما هذه الهيمنة التي سمعت ؟ قال لها: هل اسلمتم قالت: نعم
فلما رأى “عمر” ما بأخته من الدم قال ما الذي جاء به “محمد” وقرأ سوره طه ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه، ثم ذهب سيدنا “عمر” إلى سيدنا “محمد” صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه.
المرجع/
عمر بن الخطاب.
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ