من هو النبي أرميا عليه السلام
النبي أرميا عليه السلام هو نبي مبجل في الديانتين المسيحية واليهودية إلا أنه عليه السلام لم يذكر في القرآن الكريم أو في السنة النبوية عند المسلمين وهو أمر لا يمنعنا من معرفة قصة النبي أرميا عليه السلام وروايته
ومثل هذا لا يلزمنا تصديقه لاحتمال أنه من أكاذيب أهل الكتاب ولا يجوز لنا تكذيبه ولاحتمال أنه حق نبي بل نتوقف في شأنه
فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (كانَ أهْلُ الكِتَابِ يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةَ بالعِبْرَانِيَّةِ، ويُفَسِّرُونَهَا بالعَرَبِيَّةِ لأهْلِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِّبُوهُمْ، وقُولوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] الآيَةَ.) المصدر : صحيح البخاري
وقد قال تعالى أيضا في سورة النساء {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا (164)}
وقال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله الإيمان برسل الله وجل وجلة متلازم من كفر بواحد منهم فقد كفر بالله تعالى وبجميع الرسل عليهم السلام وهذا معناه أنه لا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بالرسل جميعا
نسب ونشأة النبي أرميا عليه السلام
نسبه ونشأته أرميا وقيل أرمياء وقيل يرميا وقيل يرميه وقيل رميا بن حليقا وقيل حزقيا من سبط بن نبي الله يعقوب عليه السلام وقيل من سبط هارون ابن عمران أخو موسى بن عمران عليه السلام وهناك من وحد نبي الله أرميا مع نبي الله عزير عليه السلام ونبي الله الخضر عليه السلام وقيل إن الخضر لقب من ألقابه.
قصة النبي أرميا عليه السلام
قد كان النبي أرميا عليه السلام مؤمنا صالحا ورعا زاهدا قديسا كثير البكاء من خشية الله وقد ولد نبي الله أرميا عليه السلام حوالي 648 قبل الميلاد وهو من نسل الكهنة سكان عناثوث الواقعة في القدس فأبوه هو حلقية وهو رئيس الكهنة
ينسب إليه سفر يدعي سفر أرميا وله رسالة مطولة ضد عبادة الأوثان في بابل وينسب إليه المزمور ثاني والعشرون المنسوب لنبي الله داود عليه السلام وينسبون إليه ثلاثين مزمورا
وقيل النبي أرميا عليه السلام عاصر من ملوك بني إسرائيل كلا من يوشيا ويوحذ ويهوياقيم وصدقية وعاصر الملك الفارسي لهراسب
هناك رواية تقول أن أرميا عليه السلام عندما كان غلاما من أبناء الملوك كان زاهدا ولم يكن لأبيه ابن غيره وكان يعرض عليه النكاح وكان يأبى مخافة أن يشغله عن عبادة ربه فألح عليه أبوه وزوجه في بيت من عظماء أهل مملكته
فلما دخلت عليهم امرأته قال لها يهاتفه إني مسر إليك فإن كتمته علي وسترته سترك الله في الدنيا والآخرة وإن أنت أفشيت قسمك في الدنيا والآخرة قالت زوجته فإني سأكتمه عليك قال فإني لا أريد النساء فأقامت معه سنة ثم إن آباها أنكر ذلك فسأله
فقال يا أبا ما طال ذلك بعد فغضب أبوه فهرب منه فبعته الله نبيا حين عظمت الأحداث في بني إسرائيل بالمعاصي وقتلوا الأنبياء وأوحى إليه إني مهلك بني إسرائيل ومنتقم منهم
أخبر أرميا عليه السلام قومه من بني إسرائيل بما أوحى الله عز وجل له بسقوط أورشليم أي القدس وخرابها وتدمير هيكل سليمان عليه السلام فدعاهم للخضوع والإذعان للملك بختنصر فكذبوه واضطهدوه
كان أكثر الناس تصديقا وإخلاصا إلى النبي أرميا تلميذه اليمني باروخ بن نيريا الكاتب الذي قيل أنه أيضا نبي من أنبياء بني إسرائيل وكان من رفاق النبي أرميا بعد سبي اليهودي وبعد سبي اليهودي أرسله أرميا إلى بابل حاملا الرسالة منه إلى اليهود الذين تم سبيهم من أورشليم إلى بابل
بعث نبي الله أرميا عليه السلام
بعث الله عز وجل النبي أرميا عليه السلام إلى بني إسرائيل وذلك بعد أن عصوا الله عز وجل وأظهروا المعاصي وقتلوا الأنبياء والصالحين بعثه ليهديهم ويرشدهم ويأمرهم بالمعروف في وينهاهم عن المنكر ويحذرهم غضب الجبار
فوقف بحزم أمام شركهم ومظالمهم والاجتماعية إلا أن بني إسرائيل وكعادتهم قابلوه كغيره من أنبياء الله عز وجل بالعصيان والتمرد والتكذيب
وهناك رواية تقول إن قوم أرميا من بني إسرائيل بعدما كذبوه التمرد عليه ألقوا عليه القبض وسجنوه في عهد ملكهم صدقية آخر ملك لمملكة يهوذا من سلالة داود عليه السلام
وبعد أن مكث أرميا في السجن عشر سنين أرسل الله تعالي والى عليهم الملكة بختنصر وجحافل عساكره فنزل في أراضيهم وبطش بهم وقتل منهم جمعا غفيرة وخرب ديارهم وسبى الآلاف منهم
ثم أمر بهدم بيت المقدس وأسر صدقية الملك وأصدر أمرا بإلقاء القاذورات والجيف في معابدهم وكأنه انتقام من الله عز وجل لأنبيائه من هؤلاء القوم الظالمين
وهناك رواية أخرى تقول إنه بعدما غزا بختنصر بيت المقدس وسبب منها ما سبق من بني إسرائيل كان من ضمن الأسرى نبي الله دانيال الذي ألقاه الملك البابلي في الجب وبعدما هاجم الجوع والعطش نبي بالله الأسيرة دانييل طلب من ربه عز وجل أن ينجيه فأتاه الزاد من أرميا
فقد أوحى الله عز وجل إلى النبي أرميا على السلام أن يعد الطعام والشراب لدانييل كي يحمله إليه فتساءل أرميا عن كيفية وصوله بالطعام والشراب إلى دانيال في أرض بابل بالعراق وهو في أرض الشام
فأتاه الوحي بأن ينفذ ما طلب منه وسيسخر الله عز وجل من يحمله إلى بابل وهو ما حدث حيث سخر الله عز وجل لنبيه أرميا من يحمله إلى بابل حيث النبي دانيال ليزوده بالطعام والشراب في محبسه
فلما وصل أرميا عليه سلام إلى مكان السجن سأله دانيال عن هويته فأخبره أنه أرميا النبي وزاد من السؤال عن هوية مرسله ليخبره أرميا أن الله عز وجل هو من أرسله إليه فحمدة نبي الله دانيل عليه سلام ربه وشكره على عطائه عز وجل
انقاذ النبي أرميا لجد الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
إنقاذه لجد الرسول محمد صلي الله عليه وسلم فهناك رواية أخرى حول إنقاذه لجد الرسول صلى الله عليه وسلم حين أوحى الله عز وجل إلى نبيه أرميا بن حلقية أن يذهب إلى الملك بختنصر يأمره بغزو بلاد العرب لمقاتلتهم وإغلاق لبيوتهم واستباحة أموالهم عقوبة لهم على كفرهم بالله تعالى
قال نبي الله أرميا للملك بختنصر ما أمره الله به فما كان من هذا الملك إلا أن ابتدأ باقتتال العرب في بلاده وهم التجار الذين أتوا من نجد والحجاز فأخذهم وبنى لهم حران وهي مدينة تقع اليوم في تركيا وحبسهم فيها وانتشر خبرهم في بلاد العرب
فخرجت إليه طوائف عربية مستأمنين وخانعين يطلبون العفو فقبلهم وعفا عنهم وأنزلهم بلادهم فابتنوا في الأنبار مدينة لهم لتكون أول تواجد للعرب في العراق
استمر الملك بختنصر في قتال العرب وسار بجيشه الجراري إلى بلادهم في طسم وجديس في نجد وهما قبيلتان من العرب عاشوا في الألف الأول قبل الميلاد وهم سكان جزيرة العرب القدامى كالعمالقة وعاد وثمود
وسار الملك بختنصر أيضا الي عرب الحجاز هنا أوحي الله عز وجل إلى نبيه أرميا عليه السلام يأمره أن يسير إلى مكة المكرمة في الحجاز فكانت تطوى له الأرض طيا حتى وصل إلى مكة قبل بختنصر
وذلك لينقذ معد بن عدنان الذي كان حينئذ ابن اثنتي عشرة سنة والذي سيأتي من نسله سيد الخلق وخاتم المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
لهذا السبب جعل الله تعالى الأرض تطوى طيا لنبيه أرميا عليه السلام حتى يمهد لقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر إنقاذ جده معد بن عدنان فوجد وحمله معه وأخذه إلى عمان لإنقاذ حياته
فقد ولد معد بن عدنان في وقت بدأ فيه العرب في الشرك وعبادة الأوثان وكذلك كان بنوا إسرائيل يقتلون انبياءهم وكان آخر قتلاهم النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام
قصة النبي أرميا والملك بختنصر
وهناك رواية أخرى تقول أنه بعدما غزا بختنصر بيت المقدس ونكل ببني إسرائيل قيل له كان لهم صاحب يحذرهم ما أصابهم ويصفك وخبرك له لهم ويخبرهم أنك تقتل مقاتليهم وتسبي ذراريهم وتهدم مساجدهم وتحرق كنائسهم فكذبوه واتهموه ضربوه وقيدوه وحبسوه
فأمر بختنصر فأخرج ارميا من السجن فقال له أكنت تحذر هل هؤلاء القوم ما أصابهم قال نعم قال فكيف علمت ذلك قال أرسلني الله إليهم فكذبوني قال كذبوك وضربوك وسجنوك قال نعم قال بأس القوم قوم كذبوا نبيهم وكذبوا رسالة ربهم
فهل لك أن تلحق به فأكرمك وأواسيك وإن أحببت أن تقيم في بلادك فقد أمنتك فأقام أرميا مكانه بأرض إيليا ولم يقبل عرض الملك بالذهاب معه إلى بابل
عذاب قوم أرميا
وعندما أراد الله عز وجل أن يهلك بني إسرائيل بملك كافر وهو بختنصر يسلطه عليهم بسبب قتلهم للأنبياء والرسل حاول أرميا أن يدعو ربه أن يخفف عنهم وأن يسامحهم قال أرميا يا رب اتخذت إبراهيم خليلا وحفظتنا به وبموسى قربته نجيا فنسألك أن تحفظنا ولا تتخطفنا ولا تسلط علينا عدونا
فأوحى الله إليه يا أرميا من عصاني فلا يستنكر نقمتي فإني إنما أكرمت هؤلاء القوم على طاعتي ولو أنهم عصوني لأنزلتهم دار العاصين إلا أن أتداركهم برحمتي
يا أرميا إني قدستك في بطن أمي وأخرتك إلى هذا اليوم فلو أن قومك حفظوا اليتامى والأرامل والمساكين وابن السبيل لمكنت الداعم لهم وكانوا عندي بمنزلة جنة ناعم شجرها طاهر ماؤها ولا يغور ماؤها ولا تبور ثمارها ولا تنقطع
وفاة النبي أرميا عليه السلام
ويعتقد أن أرميا عليه السلام انتقل إلى مصر فألقى اليهود القبض عليه وسجنوه في بئر ثم أخرجوه ورجموه حتى استشهد فدفنوه فيها وفي عهد الاسكندر نقل تابوته إلى الإسكندرية ودفنوه بها
ويقال أنه رجع من مصر إلى بيت المقدس وعاش فيها 300 سنة ثم توفي والله أعلى وأعلم
الدروس المستفادة من قصة نبي الله أرميا عليه السلام
وهناك الكثير من الدروس المستفادة من قصة نبي الله أرميا عليه السلام
- أولها أن الله عز وجل حافظ لأنبيائه ورسله وأنه تعالى يمهل ولا يهمل فلا ينغر الإنسان تمهل الله في عقابه على المعاصي
- قصة أرميا عليه السلام وضحت لنا أيضا كيف أن الله عز وجل حمى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم حتى قبل ولادته بقرون فقد جعل لأرميا عليه السلام معجزة تمثلت في انتقاله من أراضي العراق إلى مكة المكرمة في وقت قصير لإنقاذ الجد التاسع عشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم معد بن عدنان
والي هنا تنتهي مقالتنا حول قصة النبي أرميا عليه السلام ولمزيد من قصص الأنبياء والرسل يمكنك الاطلاع عليها من هنا