قصتنا اليوم عن النبي عيسي عليه السلام نبي مرسل أتاه الله عز وجل من المعجزات ما لم يعطه لأحد من أنبيائه عليهم السلام منذ أن كان في بطن أمه مرورا بمهده وقدرته بإذن الله عز وجل على شفاء المرضى وأحياء الموتى وهذا النبي قد رفعه الله عز وجل حيا إليه
فهو لا يزال على قيد الحياة ينتظر أمرا ربه عز وجل لينزل من جديد إلى الأرض ليعيد إليها العدل ويقتل المسيح الدجال ويحطم الصليب لتكون بذلك بداية نهاية الحياة الدنيا وقد ميزه الله تعالى أيضا دون عن غيره بأنه عليه السلام روح الله عز وجل قصتنا اليوم عن قصة النبي عيسي عليه السلام تابعوا المقالة
أنبياء بني اسرائيل
أرسل الله عز وجل مجموعة من الأنبياء إلى بني إسرائيل لم تدم نبوءتهم طويلا لذلك عرفوا بالأنبياء الصغار وعددهم اثنا عشر نبيا وهم على الترتيب هوشع ويوئيل وعاموس وعوبديا ويونان وميخا وناحوم وحبقوق وصفنيا وحجي وزكريا وملاخي عليهم السلام جميعا
وكل منهم لديه صفر باسمه عرفت بأسفار الأنبياء الصغار وهي أسفار موجودة في كتاب واحد وهي عبارة عن مجموعة كتب نبوية كتبت بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد وهي جزء من العهد القديم في الكتاب المقدس
وكانت هذه الأصفار تتكلم عن النبؤات وعن مصير الأمم والممالك في ذلك الوقت منها مملكتي إسرائيل الشمالية ومملكة يهوذا الجنوبية ونبوءات عن قدوم سيدنا المسيح عليه السلام حتى اذن الله تعالى لنبي كان اخر أنبياء بني إسرائيل وهو النبي عيسي عليه السلام
من هو النبي عيسي عليه السلام
النبي عيسي عليه السلام هو عيسى بن مريم ابنة عمران بن ماثان من ولد سليمان بن داوود عليه وعلى نبيينا الصلاة والسلام وهم من سبط لاوي من نسل نبي الله هارون عليه السلام
وقد قال تعالى عن آل عمران والد مريم في سورة سميت باسمهم آل عمران {۞ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)}
ولادة عيسى عليه السلام
لم تكن ولادة سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام مثل أي ولادة فقد حملت به أمه مريم البتول بدون أب لتبدأ بهذا معجزات نبي الله عيسي عليه السلام مع بدء حمل أمه به فقد كانت مريم عليها السلام تقيم في محرابها للتعبد داخل مسجد وكانت إذا حاضت ذهبت إلى بيت خالتها حتى تطهر ثم تعود إلى المسجد لتتم عبادتها
وفي أحد الأيام لم تذهب عليها السلام لبيت خالتها وذهبت لمكان بيت بعيد باتجاه شرق الدار للاغتسال فوضعت ساترا واغتسلت وما إن انتهت وارتدت ملابسها حتى أتى جبريل عليه السلام إليها على هيئة رجل سوي الخلق وذلك لكي لا تفزع منه وتستطيع مخاطبته
وعندما رأت مريم ابنة عمران جبريل عليه السلام فزعت منه وأخذت تذكر له الله عز وجل وأن يتقيه لترد شره عنها فهد الملك المرسل من الله عز وجل من روعها وأخبرها أنه ملك من عند الله تعالى وبشرها بأنها سترزق بغلام ذكر له شأن عظيم وأن حمله وولادته سيد يكون من غير زواج وهذا الغلام اسمه المسيح عيسى وينسب لأمه مريم
فقدوم عيسى عليه السلام لم يكن قدوما طبيعيا البتة بل تم بشكل لم تعهده البشرية قط وظل أمرا فريدا ولم ينل ذلك الشرف إنسان قال تعالى في سورة آل عمران {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)}
عندما نبأت الملائكة أو بالتحديد سيدنا جبريل عليه السلام بأمر من الله عز وجل مريم ابنة عمران بأنها سترزح بطفل بدون زوج بدأت عليه السلام تفكر في نفسها كيف ترزق بغلام من غير زواج وما هو موقفها أمام قومها الذين سيتهمونها في شرفها
وقد جاء نبأ ذلك في كتاب الله حيث قال الله تعالى في سورة آل عمران {قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47)}
استسلمت مريم ابنة عمران عن أيها السلام لأمر الله عز وجل واعتزلت الناس وأخذت مكانا بعيدا تنتظر فيه أمر الله تعالى الذي قدره عليها وتحمل بعيسى بإذن ربها ويكون آية خالدة للعالمين قال تبارك وتعالى في سورة آل عمران {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91)}
عندما بدأت تشعر السيدة مريم عليها السلام بآلام المخاض استندت إلى نخلة وفي الحال لمع في ذهنها من جديد لوم الناس لها واتهامها في عفتها ودينها فقالت يا ليتني مت قبل هذا الحال
وهو ما ذكره تعالى في سورة آل عمران {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}
ولدت مريم بنت عمران طفلها عيسى عليه السلام فأتاها صوت ملائكي من تحتها ليخبرها أن لا تحزن وأن تأكل من الرطب وأن تشرب من النهر لتقر عينيها كما أمرت بالامتناع عن الكلام مع الناس نذرا لله عز وجل لكي يترك الأمر لابنها عيسى بن مريم للرد عليهم كي يمنع الحرج عن أمه وتتحقق المعجزة
ذهبت مريم ابنة عمران عليها السلام إلى قومها مع ابنها المسيح عيسى عليه السلام فانهال عليها قومها باللوم والعتاب فبدؤوا يتكلمون بأنها ما جاءت به لا يوافق العقل فكيف يكون مولود بلا أب وليشعروا مريم بالذنب ذكروها بالصالحين من أهلها وبأنها من سلالة الأنبياء
إلا أن العذراء لم تنطق بحرف واحد فهي قد نذرت عدم الكلام وكل ما فعلته هو أنها أشارت إلى طفلها الرضيع في حضنها
فتكلم عيسى عليه السلام بأمر من الله عز وجل وهو في مهده ليندهش الجميع ويستمع إلى عيسى الرضيع الذي أخبرهم أنه عبد من عباد الله عز وجل آتاه الله النبوة
قال تعالى في صورة آل عمران {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}
وقد مس إبليس اللعين كل مولود عند مولده إلا عيسى ابن مريم وأمة وهي فضيلة أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم
حيث يقول أبو هريرة سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ما مِن بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِن مَسِّ الشَّيْطَانِ، غيرَ مَرْيَمَ وابْنِهَا. ثُمَّ يقولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]. مصدر الحديث : صحيح البخاري
صفات سيدنا عيسى عليه السلام
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف عيسى عليه السلام بأنه مربوع القامة أي ليس بالطويل ولا بالقصير ولون بشرته عليه السلام تميل إلى الحمر وهو عريض الصدر وسبط الشعر أي مسترسل الشعر كأن رأسه يقطر ولم يصبه بلل عليه السلام
قصة النبي عيسي عليه السلام
كانت رسالة عيسى عليه السلام امتدادا لرسالة موسى عليه السلام موجهة إلى بني إسرائيل خاصة ولم تتحول للعالمية إلا في وقت متأخر على يد الإمبراطور قسطنطين وبولس وجاءت رسالته تحمل مبادئ التوحيد ورفض الشرك
قال تعالى في سورة المائدة بسم الله الرحمن الرحيم {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)}
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عيسى بن مريم (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بابْنِ مَرْيَمَ، وَالأنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، ليسَ بَيْنِي وبيْنَهُ نَبِيٌّ.) مصدر الحديث : صحيح البخاري
وأولاد العلات هم الإخوة لأب من أمهات شتى وأما الأخوة من الأبوين فيقال لهم أولاد الأعيان ومعنى الحديث أن أصل إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا
(مَن قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وأنَّ عِيسَى عبدُ اللهِ، وابنُ أمَتِهِ، وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ ورُوحٌ منه، وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وأنَّ النَّارَ حَقٌّ، أدْخَلَهُ اللَّهُ مِن أيِّ أبْوابِ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةِ شاءَ. وفي روايةٍ: أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ علَى ما كانَ مِن عَمَلٍ، ولَمْ يَذْكُرْ مِن أيِّ أبْوابِ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةِ شاءَ.) مصدر الحديث : صحيح مسلم
وقد كان عبد الله ورسوله عيسى بن مريم عليه السلام موحد على دين الإسلام وعلى ملة إبراهيم حنيفا لم يدع الألوهية قط وما كان إلا كباقي الرسول صاحب رسالة وعليه إبلاغها شأنه شأن الرسل
كما جاء عليه السلام بشريعة جديدة تناسب الحالة التي كانوا عليها ودعا عليه السلام قومه إلى الإيمان بالكتب السماوية التي سبقت وبشر قومه بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم
وهناك الكثير من الدلالات في الإنجيل نفسه عن نبوة عيسى عليه السلام تقول “إنه لما دخل أورشليم أي القدس ارتجت المدينة كلها قائلة من هذا فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل” وهي مدينة من أهم مدن فلسطين التاريخية
عندما بدأ نبي الله وعبده عيسى بن مريم عليه السلام دعوة قومه إلى عبادة الله تعالى وتوحيده وعرض عليهم المعجزات العظيمة التي آتاه الله إياها كان حالهم هو الإعراض عنه والكفر بما دعاهم إليه كعادة بني إسرائيل مع كل الأنبياء الذين أرسلهم الله عز وجل لهم
وآمن مع عيسى قلة قليلة من الناس وقد أخبر الله تعالى أن نتيجة دعوة عيسى عليه السلام هو طائفة من بني إسرائيل وكفر طائفة
معجزات النبي عيسي عليه السلام
نبي الله عيسى عليه السلام كان من أكثر الأنبياء ورسول الله عز وجل تأييدا بالمعجزات من قبل الله تعالى في رحلة نبوته ودعوته لقومه من بني إسرائيل فقد أيد الله عز وجل نبيه عيسى ابن مريم بعدد من المعجزات مثل:
- إبراء الأكمل والأبرص
- والنفخ في الطين كهيئة الطير فيصبح طيرا بإذن الله تعالى
- وإحياء الموتى بإذن الله تعالى
- والإخبار بما يدخر الناس في البيوت
قال تعالى {وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49)}
مائدة عيسي بن مريم عليه السلام
وقد كانت من معجزات النبي عيسي عليه السلام أيضا المائدة التي نزلت من السماء له عليه السلام بعدما طلب قوم عيسى عليه السلام دليلا منه ليكون حجة له عليهم ودلالة من الله تعالى على صدقه فطلبوا منه أن ينزل الله تعالى عليهم مائدة من السماء
وقالوا بأن اليوم الذي تنزل به المائدة سيكون بمثابة عيد لهم فيعبدون الله عز وجل به ويتعبدون كما يتعبد باقي الناس في أعيادهم وكانوا قد طلبوا منه أن تكون مائدة عليها طعام لا ينفذ
فأخبرهم عيسى عليه السلام أنه سيدعو الله عز وجل بذلك بشرط أن لا يخبئوا منها ويدخروا ولا يسرقوا ولا يرفعوا وإن فعلوا ذلك فإن الله تعالى سيعذبهم أشد العذاب ولن يعذبه لأحد من الناس غيرهم
قال تعالى في سورة المائدة بسم الله الرحمن الرحيم {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)}
فلما سأل عيسى ابن مريم عليه السلام الله عز وجل أن ينزل عليه مائدة من السماء أعطاه الله تعالى مسألته وأنزلها عليهم وكانت مائدة طعام كبيرة تتنزل عليهم من السماء أينما نزلوا
بعدما أنزل الله عز وجل على قوم عيسى المائدة وكان قد حذرهم كما ذكرنا أنه من يكفر من بعدها فإن مصيره هو العذاب الأليم
وما قضي اليوم الذي أنزلت به المائدة حتى بدؤوا فعل ما حذرهم منه النبي عيسى بن مريم عليه السلام يدخرون منها ويخبئون منها ويرفعون منها طعاما ليومهم التالي وجحدوا بعيسى عليه السلام وبالآيات التي جاء بها وخالفوا الأوامر التي أمرهم بها واستمروا على كفرهم وعنادهم
فكان عذاب قوم عيسي الذين عصوا الله ان مسخهم الله تعالى قيادة وخنازير
رفع عيسى عليه السلام إلى السماء
كيف رفع الله عيسى الى السماء؟
فكل هذه المعجزات لم تكن أسبابا كافية لدى بني إسرائيل للإيمان والرجوع إلى الله تعالى كفر بني إسرائيل برسالة عيسى بن مريم عليه السلام لم يقف عند حد الإنكار وحسب وإنما حاول قومه قتله وصلبة
إلا أن الله تعالى حفظ نبيه فجعل شخصا آخر صوره الله بصورة عيسى عليه السلام فقاموا بصلبه وقتله ورفع عيسى عليه السلام إلى السماء حيا وقد كان عمر سيدنا عيسي بن مريم عليهما السلام وقت إلى السماء 33 عاما أو 34 عاما
وقيل أن الذي صلب بدلا من نبي الله عيسى عليه السلام هو رجل من قوم نبي الله كان قد خانه واتفق مع جنود من الرومان لقتل عيسى عليه السلام واسمه هو يهوذا الإسخريوطي
وقد أخبرنا رسول الله صلى الله وعليه وسلم أن عيسي عليه السلام سوف ينزل إلى الأرض في آخر الزمان وسيكون نزوله من علامات الساعة الكبرى وسينصر الإسلام ويقتل الخنزير والمسيح الدجال ويكسر الصليب ويضع الجزية ويعطل الملل حتى تهلك في زمانه كلها غير الإسلام
ويقع الأمن والأمان في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسود والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان والغلمان بالحيات لا يضر بعضهم بعضا
فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه عليه السلام
الدروس المستفادة من قصة سيدنا عيسي بن مريم عليه السلام
وفي النهاية هناك الكثير والكثير من الأمور المستفادة من قصة سيدنا عيسى عليه السلام
- أولها مخالفة أمر الله تعالى وأوامر الأنبياء أمر يستحق العذاب من الله تعالى
- وأن الله تعالى لا يختار لعباده إلا الخير وهو أعلم بحالهم وأعلم بما كتب عليهم
- وأن جميع رسالات الأنبياء واحدة وهي تدعو إلى ذات الأصول العقائدية وهي متممة لبعضها
- وأن الإنسان لم ولن يسلم أبدا من القيل والقال حتى لو كان نبيا مرسلا من قبل الحق جلى في علاه
إلى هنا تنتهي قصة النبي عيسي عليه السلام دمتم في رعاية الله وحفظه ولمزيد من قصص سيدنا عيسي عليه السلام يمكنك الاطلاع عليها من هنا