الحمله الصليبيه الخامسه
كتب / احمد عادل
الدعوه للحرب الصليبيه والاتجاه الى الشام:
في عام (612ه-1216م) دعاء البابا “هونوريوس الثالث” الى (حرب صليبيه خامسه) استجاب لدعوته ملك المجر “أندري الثاني” ودوق النمسا “ليوبولد السادس” وكان الغرض منها انقاذ بيت المقدس واستخلاصها من ايدي المسلمين.
كان سلطان الدوله الايوبيه الملك العادل “ابو بكر بن ايوب” الذي ما إن سمع بنزول الصليبيين بعكا عام (613 ه- سبتمبر 1217م) حتى سار من مصر الى الشام لملاقاه الصليبيين ونهب الصليبيون البلاد الشاميه من بيسان الى بانياس وكذلك صيدا والشقيف وكان “الملك العادل” يتحاشى مواجهه الصليبيين وجها لوجه لقله جيشه حينئذ ثم قصد الصليبيون قلعه الطور وحاصروها (17 يوما) ولكنها امتنعت عنهم فعادوا ادراجهم الى عكا.
واذا لم تأتي الحرب في البلاد الشاميه بفائده تذكر قرر ملك المجر الرجوع الى بلاده اما ملك بيت المقدس اي مملكه عكا فقد قرر مع بقيه الصليبيون التوجه الى البلاد المصريه واحتلالها باعتبارها المستوليه على بيت المقدس وكانت خطه الصليبيين مبنيه على مهاجمه مدينه دمياط الواقعه على الفرع الشرقي لدلتا النيل على معنى انهم يحتلونها ثم يسايرون فرع النيل الى القاهره.
حصار دمياط:
في شهري صفر ومايو سنه (615ه – 1218م) نزلت القوات الصليبيه امام دمياط ونصبوها الحصار وكانت مدينه دمياط حصينه منيعه ولهذا استمر حصارها مده طويله وحدث ان مات “الملك العادل” اثناء الحصار فدخل الاضطراب على الجيوش الاسلاميه واستغل الصليبيون هذه الفوضى و تقوت جهودهم في التضييق على دمياط والتغلب على تحصيناتها حتى استولوا عليها في (شعبان 616ه- نوفمبر 1219م) واستجم الصليبيون مده ثم قرروا متابعه زحفهم والتوجه الى القاهره واستطاع “الملك الكامل ابن الملك العادل” ان يرجع الامور الى معتادها فاستقام له الامر بمصر وامسك بزمام السلطه وبعث الى اخوته امراء الشام مستنجدا بهم ضد الصليبيين واستعد لملاقاه الصليبيين في المكان الذي يسمى بالمنصوره.
واقعه المنصوره:
استعد “الملك الكامل” لملاقاه الصليبيين قرب المنصوره وصمد لهم هناك واستمر القتال محتدما بين الطرفين وخشي “الملك العادل” تفوق الجيوش الصليبيه واحتلالهم القاهره فاجرى معهم مخابرات في الصلح وعرض عليهم تسليم بيت المقدس وعسقلان وطبريه وجبليه واللاذقيه في مقابل تسليمهم دمياط والخروج من مصر ولكن الصليبيون لم يرضوا بهذا بل طلبوا زياده عن ذلك بتسليم حسن الكرك و (300 ألف دينار) تعويضا عن تخريب بيت المقدس وهكذا أضاع القاده الصليبيون فرصه لا تعوض وأغراهم عنادهم بمهاجمه القاهره وصادف ان كان الوقت زمن فيضان النيل فقطع المصريون الجسور واندفعت المياه في الارض المنخفضه التي كان فيها الصليبيون فغمرتهم المياه وحصرتهم من كل جانب واصبحوا في الماء والوحل وانتصبت القوات الاسلاميه في المنفذ الوحيد الذي يمكن للصليبيين الخروج منه فسقطوا في ايديهم وركنوا الى الاستسلام والخروج من مصر والانسحاب من دمياط بدون مقابل في (رجب 618ه – اوت 1221).
جهل الصليبيين لطريق الغزو:
وهكذا انتهت (الحرب الصليبيه الخامسه) بمثل هذه الخيبه المره وقد ارتكب الصليبيون هفوتين كبيرتين كانتا سبب في هذه الخيبه هما:
1- تفويت الصليبيين فرصه المصالحه التي عرضها “الملك الكامل” حتى غدوا محل لوم وتعنيف من رؤساء الممالك الاوروبيه وخصوصا ملك فرنسا.
2- سلوك الطريق الذي اتبعه الصليبيون لغزو مصر والقاهره وهو يعاكس الطريق الطبيعي للاستيلاء على البلاد المصريه اي طريق الصحراء وشمالي سيناء وهو الطريق الذي كان يسلكه المهاجرون والفاتحون والتجار والحجاج والسائحون منذ اقدم العصور وهو طريق “سيدنا ابراهيم عليه السلام” عندما سار الى بلاد العرب بابنه “سيدنا اسماعيل عليه السلام” وطريق “سيدنا يوسف عليه السلام” عندما سار من الشام زمن الفراعنه وطريق “قمبيز” ملك فارس حين صار لغزو مصر و”الاسكندر الاكبر” الذي مد فتوحاته الى الهند كما هو نفس الطريق الذي سلكه القائد “عمرو بن العاص” لفتح مصر وسلكه “اموري” زمن النزاع على مصر بينه وبين “نور الدين محمود” وأمكنه الوصول الى القاهره ومحاصرتها.
وهكذا كان جهل الصليبيين بالطريق الطبيعي للاستيلاء على مصر من اهم الاسباب التي ادت الى انهزامهم ومن الغريب ايضا أن حربا صليبيه اخرى ستتبع نفس طريق هذه الصليبيه وسيكون نصيبها الفشل كذلك….
المرجع /
الحروب الصليبيه في المشرق والمغرب
——————————————————————————
((كل هذا في اطار مبادرة حكاوي لنشر الوعى الأثري و الترويج و دعم السياحة المصرية تحت اشراف فريق ديوان التاريخ))
#مبادرة_حكاوى
#الموسم_الخامس
#أصل_التاريخ_ديوان_التاريخ