عن مدينة إل دورادو الضائعة أو المدينة Z، فرحلتنا اليوم إلى عمق غابات الأمازون، هناك تقبع مدينة أسطورية ضائعة، يقال أنها مصنوعة بالكامل من الذهب والفضة والأحجار الكريمة، هذا اللغز، أثارته بحيرة مقدسة، ورجل مغطى بغبار الذهب، ومخطوطة واحدة تاريخية موجودة عند السكان الأصليين أطلقت فتيل الرحلات الاستكشافية.
المدينة مازال ضائعة، ومصير كل من يبحث عنها مجهول، أما الذهب فموجود بالفعل، ويملأ المنطقة بأسرها، مدينة إل دورادو الضائعة أو المدينة Z، حقيقة أم أسطورة؟
مقدمة
التاريخ مليء بقصص غامضة عن مدن ضائعة وحضارات أسطورية مخفية، فقد سمعنا الكثير عن مدينة طروادة، أو أطلانطس اللتان شكلتها لغزا محيرا، حاول علماء الآثار والمستكشفون فك أسراره طوال سنوات وحتى يومنا هذا.
ضمن لائحة هذه المدن، هناك مدينة واحدة لم يسمع الكثيرون عنها، مدينة يحلم كل من سمع بقصتها، بالنظر إليها للتأكد إن كان ما يدور حولها من أساطير هو حقيقة، إذ يقال أنها مصنوعة من الذهب الخالص، و فيها كنوز لا تعد ولا تحصى، بحيث قد يظن كل من ينظر إليها في وضح النهار انها قطعة من الشمس،
حطت على الأرض، وذلك نتيجة نوري الساطع، والأخاذ إنها مدينة إل دورادو الضائعة التي ضحى المستكشفون بحياتهم من أجلها.
وفي هذه المقالة سأتحدث عن تاريخ إل دورادو موقعها أصل تسميتها وروايات ارتباطها بأبناء مدينة أطلانطس الضائعة، أسطورة الرجل المذاهب بالكامل، وقبيلة المويسكا، البحيرة المقدسة، والذهب الملعون الذي تسبب بوفاة كل من حاول العثور عليه،
المخطوطة الأولى التي تحدثت عن المدينة الضائعة، اختفاء أبرز المستكشفين الذين ارتبط اسمهم بمدينة إل دورادو، ووجهة نظر العلماء والمستكشفين حيال هذه الأسطورة التي ما زالت حياة إلى اليوم.
تاريخ مدينة الذهب إل دورادو أو المدينة Z
مدينة الذهب إل دورادو أو المدينة Z لغز بكل ما للكلمة من معنى، أسطورة وقف المستكشفون، وعلماء الآثار مدهوشين أمام الروايات والقصص التي تدور حولها، ومرعوبين أمام مصير كل من حاول إيجاد هذه العروس التي يعتقدون أنها نائمة بسلام على هذه الأرض.
يعود تاريخ قصة مدينة إل دورادو المفقودة إلى مئات السنين، وتحديدا إلى الفترة الزمنية التي ظهرت فيها حضارة الإنكا التاريخية، التي تعد آثارها المفقودة حتى يومنا هذا، لغزا يسعى الكثيرون وراء اكتشافه.
لا المسألة ليست بهذه السهولة، فنسب مدينة إل دورادو لحضارة الإنكا لا يعني أنه من السهل تقفي آثار الحضارة المفقودة للوصول إلى مدينة الذهب، فهذه الآثار مبنية بحرفية لا توصف على أكثر مواقع جبال الأنديز وعورة وخطورة،
وهي مدفونة اليوم تحت غطاء نباتي كثيف، ما يعني أنها قد تكون تحت ناظيرينا، ولكننا لا نراها، نظرا للظروف الطبيعية المحيطة بها.
والملفت أنه على الرغم من أن حضارة الانكا تعود إلى العام 1100 ميلادي، إلا أن أبرز آثارها وأشهر مدنها من مثل مدينة ماتشوبيتشو، تم اكتشافها في العام 1911، ما يعطي أملا كبيرا للمؤمنين بوجود مدينة إلدورادو.
فعلى حد تعبيرهم، إن كنا ما زلنا نعثر في العصر الحديث على آثار هذه الحضارات القديمة، فهذا يعني أنه في المستقبل القريب، قد نجد المزيد والمزيد من الآثار المهمة، ومنها مدينة إل دورادو.
تخفي البيرو اليوم دلائل صارخة عن حقيقة وجود مدينة إل دورادو المصنوعة بالكامل من الذهب، من مثل مدينة كوسكو التي تعد عاصمة حضارة الإنكا، والتي تضم أبرز معابد الانكا التي صنعت جدرانها وأراضيها، وحتى تماثيلها من الذهب الخالص، الذي كان من السهل العثور عليه في الطرقات من دون عناء البحث والتنقيب.
نعم، صدقوا كنتم ستجدون الذهب أينما وقع نظركم، وعلى كل ما تقع أيديكم عليه، هذا ليس دليل الوحيد، ففي البيرو قبيلة تدعى الكيروس يتناقل سكانها طوال سنوات وأجيال، قصة تؤكد وجود المدينة الضائعة.
تقول الرواية إن رجلا فقد قطيعا من الثيران، وعندما وجده، كان قد وصل إلى أرض مدينة إل دورادو، التي كان يطلق عليها سكان المنطقة الأصلية مدينة بايتيتي، وقد عاد الرجل إلى أرضه حاملا معه ما اعتقد أنها بذور كهدية من أهل بايتيتي، فكانت المفاجأة أن ما كان بين يديه هي حبيبات من الذهب الخالص، وليس البذور.
هذه القصة يتداولها السكان على الدوام للتأكيد على أن أحد أجدادهم وجد المدينة ضائعة، واحتك بأهلها، هذه القصة تدفعنا إلى التساؤل إن كانت حضارة الأنكا غنية بكل هذا القدر من الذهب، فأين هو اليوم؟ ولماذا لا يمكننا إيجاده على آثارها؟
حسنا، السبب هو المستعمرون الإسبان الذين وصلوا إلى القارة الأمريكية الجنوبية في القرن السادس عشر، وقاموا بالاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الذهب، حتى أنهم اقتلعوا الذهب عن الجدران والأرضيات، وقاموا بإذابته وإرساله إلى أسبانيا.
ولكن المستكشفين يعتقدون أن شعب الإنكا تمكن من إخفاء كمية من هذا الذهب في مدينة إل دورادو، أو كما يطلقون عليها في لغتهم مدينة بايتيتي.
مكان مدينة الذهب إل دورادو
إذا هل تقع مدينة الدورادو في البيرو؟ في الواقع تعددت الآراء حول موقع المدينة الضائعة، اذ بيعتبر البعض أنها في جبال الأنديز في البيرو، ويرجح البعض الآخر أن المدينة الضائعة تقع في أدغال الأمازون،
وذلك بالاستناد إلى حقيقة مفادها أن غابات الأمازون هي من أكثر المناطق غير المستكشفة على الأرض، وذلك نتيجة مساحتها الشاسعة وكثافة أشجارها.
أما الرواية الثالثة في رجح البعض أن مدينة إل دورادو تقع في أمريكا الجنوبية، إما في الجزء السفلي من بحيرة غواتافيتا، أو في منطقة قريبة منها في كولومبيا.
لماذا سميت مدينة إل دورادو بهذا الاسم ؟
اسم المدينة الأشهر هو إلدورادو، وهو من الأمور التي شغلت بال الكثيرين، متسائلين عن أصل التسمية وسببها، التفسير الأبرز الذي اعتمده العديد من علماء الآثار، هو قصة شهيرة تتعلق بشعب المويسكا، والتي تعرف بالرجل المذهب.
ارتباط مدينة إل دورادو بمدينة أطلانطس الضائعة
قبل التطرق إلى هذه القصة، دعوني أخبركم عن تسمية ثالثة للمدينة المدينة Z تعود هذه التسمية إلى المستكشف البريطاني الشهير بيرسي هاريسون فاوست، الذي آمن بشدة بوجود هذه المدينة إلى حد الاختفاء عن وجه الأرض.
نعم الاختفاء، وقد أطلق فاوست بنفسه هذه التسمية على مدينة إل دورادو، أسطورتا حضارة الانكا، والشعب المويسكا ليستا الروايتين الوحيدتين حول مدينة إل دورادو. فمن بين الروايات المنتشرة أيضا قصة تزعم أن المدينة بنيت من ذهب على يد أحفاد شعب أطلانطس،
الذين نجو من غرق مدينتهم العظيمة، وانتشروا في مناطق مختلفة على الأرض، ويعتقد البعض أن هذه المدينة كانت على قدر كبير من التطور والتقدم العمراني والحضاري.
أسطورة الرجل المذهب والمويسكا
والآن ما هي قصة الرجل المذهب؟ بحسب ما ورد في كتاب غزو واكتشاف مملكة جرانادا الحديثة الذي نشر في العام 1636 للمستكشف خوان رودريجيز فراي، الذي يقول أن معلوماته مصدرها ابن شقيق آخر قائد تم تنصيبه في بحيرة جواتافيتا،
فان تسمية إل دورادو تشير إلى طقس يقوم به شعب المويسكا وهم السكان الأصليين للمنطقة، وليس إلى مدينة بحد ذاتها، يتمثل هذا الطقس بكيفية اختيار القائد الجديد للجماعة بعد موت قائدها والمراحل التي يمر بها.
عادة ما يكون الرجل المختار هو من عائلة القائد المتوفى، بحيث يتعرى بشكل كامل وتتم تغطيته بغبار الذهب و يرتدي تاجا ذهبيا وإكسسوارات ذهبية نفيسة لا تعد ولا تحصى.
يتوجه الشاب أو الرجل المختار مع حكماء القبيلة، أو ما يعرف ب رجال الدين، لديهم إلى البحيرة المقدسة، بحيرة جواتافيتا في كولومبيا.
عند البحيرة يقدم خليفة القائد التضحيات الثمينة للآلهة لكي تبارك عملية التتويج بحيث يلقي الذهب والاكسسوارات النفيسة والأحجار الكريمة في البحيرة.
خلال هذه العملية، يصطف أفراد القبيلة على طول ساحل البحيرة بحيث يشعلون النار ويعزفون الموسيقى وعدم وصول القائد الجديد إلى وسط البحيرة يرفع أحد الكهنة على ما في السماء كإشارة إلى ضرورة أن يعم السكوت في المكان وحينها يعلن الشعب مبايعته للقائد الجديد.
المثير للاهتمام أنه في ثقافة شعب المويسكا لا قيمة للذهب كحجر ثمين، وإنما يستخدم لإتمام الطقوس الدينية و لتحقيق الانسجام بين أفراد القبيلة، بحيث يمكن العثور على الذهب بحوزة جميع أفراد القبيلة وليس مع الأغنياء فقط.
قبيلة المويسكا
إذا، كيف تحولت الأسطورة من طقس ديني إلى مدينة ضائعة، يبحث الجميع عنها؟
بحسب العلماء تناقل المستعمرون الأوائل للقارة الأمريكية الجنوبية، ولا سيما الإسبان، قصة شعب المويسكا والبحيرة المقدسة، والأضاحي النفيسة شفهيا قبل صدور كتاب خوان رودريجيز الذي أعطى معلومات تفصيلية عن طقوسهم وشعائرهم.
ما دفع البعض، ولا سيما محبي المغامرة والاستكشاف، والأهم صيادي الكنوز، إلى الاعتقاد بأنه لا بد من وجود مصدر كبير لكل هذا الذهب الذي يستخدمه شعب المويسكا، أي مدينة بأسرها من الذهب مخفية على مقربة من جبال الأنديز، حيث تستقر القبيلة الشهيرة.
وما عزز هذه النظرية هو عصور الإسبان في القرن الخامس عشر على كم هائل من الذهب بين القبائل الأصلية على طول الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية.
الأمر الذي دفعهم إلى البحث أكثر فأكثر للوصول إلى قبيلة المويسكا، ومنها إلى مصدر الذهب، وهو المدينة الضائعة، على حد اعتقادهم،
وهنا لا بد من تسليط الضوء على نقطة أساسية، وهي أن المستعمرين الإسبان كانوا يعلمون القصة الأسطورية فقط، ولكنهم لم يعلمو موقع البحيرة، وذلك حتى منتصف القرن السادس عشر، حيث عثروا أخيرا على قبيلة المويسكا، وتواصل مع شيوخها.
حينها أدرك أن البحيرة المقدسة التي يرمى فيها الذهب هي بحيرة جواتافيتا التي تحدث عنها خوان رودريجيز في كتابه لاحقا.
قصة محاولة استخراج ذهب البحيرة المأساوية
وهنا تبدأ قصة محاولة استخراج ذهب البحيرة المأساوية، فقد تم توظيف آلاف العمال من قبل المستعمرين للبحث في البحيرة، فتم حفر حفرة عند حافة البحيرة، ثم تمت تجفيف 20 مترا من المياه، فكانت المفاجأة عدد لا يحصى من الحلي والجواهر مطمورة في الوحل.
إلا أن هذا الاكتشاف كان كاللعنة عليهم، إذا قبل أن تفرغ البحيرة من المياه بالكامل، انهارت الحفرة وقتل المئات من العمال قبل استخراج كل الذهب هذا ليس كل شيء.
ارتباط العالم بيرسي فاوست بمدينة الذهب إل دورادو
أعادت أسطورة المدينة المصنوعة من الذهب إلى الواجهة مع ولادة شخصية تاريخية شهيرة، نعم، بيرسي هاريسون فاوست، الذي ذكرته في بداية المقالة.
ولد فاوست في العام 1867، وعرف بحبها لاكتشاف البقاع النائية في العالم، والملفت أن قصصه ومغامراته ألهمت مؤلفي الكتب والأفلام لابتكار شخصيات استكشافية كإنديانا جونز.
لم يكن إيمان فاوست بوجود مدينة إل دورادو الضائعة أو المدينة Z كما لقبها، نابع عن تكهن، أو فرضيات، بل على العكس، بني إيمانه على وثيقة قديمة بعنوان المخطوطة 512.
كان قد عثر عليها في مكتبة البرازيل الوطنية، تتساءلون ماذا جاء في هذه الوثيقة، والذي دفع بفاوست إلى البحث عن مدينة إل دورادو؟
زعم كاتب المخطوطة، وهو صائد كنوز برتغالي، أنه اكتشف أطلال مدينة قديمة مصورة في العام 1753 في عمق غابات الأمازون، ووصف المدينة بأنها فخمة بها مباني متعددة الطوابق و قناطر حجرية عالية، وشوارع واسعة تتجه نحو بحيرة،
وكانت هناك حروف منحوتة على الجدران والمعابد والتماثيل تشبه اللغة اليونانية أو الأبجدية الأوروبية القديمة، والأهم تضم المدينة العديد من العملات الذهبية.
ولكنه فشل في تحديد موقعها بالضبط، كانت هذه الوثيقة، كالوقود الذي غذى عشق فاوست وهوسه بالمدن المفقودة، بحيث صدق كل ما ذكر في المخطوطة، على الرغم من أن علماء الآثار شككوا في مصداقيتها بالاستناد إلى فكرة واحدة، وهي أنه من غير الممكن أن تكون الغابات المطيرة كالأمازون موطنا لهذه المدن الضخمة.
هوس فاوست دفعه إلى القيام بثماني رحلات إلى غابات الأمازون للبحث عن المدينة Z نعم ثمانية، إلا أنه عوض العثور على المدينة، اختفى فجأة، ومن دون أي أثر.
السؤال البديهي هنا، لماذا لم يستسلم فاوست بعد فشل رحلته الخامسة أو حتى الثالثة؟ لا سيما وأن كل منها كان يستغرق أياما وشهور؟
ببساطة لأنه تأثر بشدة بما سمعه من روايات وقصص تناقلها سكان المنطقة الأصليين حول مدن ضائعة في غابات الأمازون تحبس الأنفاس مصنوعة من الذهب والفضة.
مع العلم أنه لم يكن هناك أي دليل حسي لذلك، سوى مزاعم المخطوطة 512، والذهب الذي كان يعثر عليه في المنطقة من حين إلى آخر.
تأثر فاوست وسط بهذه الروايات كان كبيرا لدرجة أنه انعكس على رسائله وكتاباته إليكم، ماذا قال لابنه في العام 1912 خلال رحلته الاستكشافية الأولى
“أتوقع أن تكون أطلال مدينة متجانسة في طبعها، وقد تكون أكثر قدما من أكتر الاكتشافات الفرعونية هناك حكايات عن مصادر غريبه للضوء تنبعث من مباني المدينة، وهي ظاهرة أرعبت الكثير من السكان المحليين من الهنود الذين زعموا أنهم رأوها،
هذه المدينة المركزية التي أسميها مدينة Z تقع في واد تطلع عليه الجبال الشاهقة، ويقال أن سكان هذه المدينة كانوا بأعداد كبيرة إلى حد ما، ويحبون تربية الحيوانات الأليفة و يسكنون في منازل منخفضة بدون نوافذ، ولديهم مناجم متطورة في التلال المحيطة بالمدينة.”
وبقوله مناجم فقد كان يعني مناجم الذهب والفضة.
ولكن ما الذي حدث لفاوست ، وكيف اختفى؟
إليكم ما حصل في كل رحلة من رحلات فاوست كان يواجه هو وفريقه مخاطر كبيرة، أبرزها الظروف المناخية الصعبة، والحيوانات الخطيرة والأمراض، بحيث كان يضطر في كل مرة إلى إلغاء الرحلة والتخطيط لأخرى من جديد،
وهكذا دواليك حتى موعد الرحلة الثامنة في العام 1925، رافق فاوست في هذه الرحلة ابنه الأكبر جاك وصديقه رالي ريمبل وقد تمكنوا من الوصول إلى حدود الأراضي غير المستكشفة من غابات الأمازون.
في تلك النقطة، أقاموا معسكرا، حيث كان فاوست يواظب على إرسال الرسائل إلى الوطن طوال خمسة أشهر، حتى توقفت الرسائل تماما بعد ذلك،
مع العلم أن كلمته الأخيرة لزوجته كانت أنه يأمل في اجتياز هذه النقطة في غضون أيام، وأنه لا داعي للخوف، فلن يفشل هذه المرة في العثور على المدينة Z ، ولكن فاوست ورفاقه اختفوا إلى الأبد، ولم يسدل الستار أبدا عن سر مدينة إل دورادو.
كان من المفترض أن تستمر رحلة فاوست الأخيرة حوالي العام إلا أنه لم يعد هناك أي أثر له لمدة عامين متواصلين، ما أثار قلق الجميع، فأرسلت العديد من حملات البحث والإنقاذ. ولكن للأسف، كان مصير كل من بحث عنه وعن زملائه إما الموت أو الاختفاء إلى الأبد.
وأنا لا أتحدث هنا عن حملة بحث واحدة أو خمس، بل حوالي 13 رحلة للبحث عن فاوست، كلها باءت بالفشل، وتركت لغز أكبر حول مصير الجميع.
إنتشرت أربع روايات حول مصير فاوست:
- الأولى أنه توفي هو وفريقه نتيجة إصابتهم بمرض ما، أو الغرق.
- الرواية الثانية قتلوا على يد السكان الأصليين للمنطقة،
- أما رواية الثالثة، فهي أنهم تعرضوا للسرقة و للقتل من قبل قطاع الطرق.
- ولكن الرواية الأغرب هي أن فاوست عثر بالفعل على مدينة إل دورادو الأسطورية وقرر البقاء فيها إلى الأبد، لا أحد يعلم.
هذا ليس كل شيء، ففي العام 1952 قرر المستكشف البرازيلي أورلاندو فيلاس بواس التوجه إلى وسط البرازيل للبحث عنهم من جديد، بعد انتشار روايات تفيد بأن قبائل المنطقة رأوا فاوست وفريقة، إلا أنه تم قتلهم من قبل السكان بسبب طريقة تعاملهم معهم.
هل وجد المستكشف رفات فاوست والآخرين؟ يمكننا القول أنه وجد عظاما بشريا، وبعض الحاجات الشخصية، إلا أنه للأسف لم يكن ممكنا التعرف على هوية الرفات، لأن عائلة فاوست رفضت تقديم عينات من حمضها النووي.
فبقيت هذه العظام محفوظة في البرازيل من دون هوية، وهكذا طويت الصفحة الأخيرة من قصة المستكشف الشغوف فاوست، ولكن لغز المدينة Z التي حلم بالعثور عليها ما زال متقدا حتى يومنا هذا.
ولا سيما مع اكتشاف بعض الآثار في المنطقة بفضل تقنيات المسح الجديدة، ما يعزز الأمل بإمكانية العثور على هذه المدينة الذهبية لا أحد يعلم.
الآن هل أسطورة المدينة المصنوعة من الذهب حقيقة، وما رأي العلماء وأصحاب الاختصاص؟
بحسب المحاضر في معهد الآثار في جامعة لندن، الدكتور خوسي أوليفر، فإن الأسطورة عاشت طويلا لأن الناس تمنوا لو كانت حقيقة، لافتا، إلى أنه لن تتوقف الأجيال عن السعي وراء إل دورادو.
بالمقابل، يعتقد علماء الآثار والمستكشفون، كما رأينا في كتاب غزو واكتشاف مملكة جرانادا الحديثة للمستكشف خوان رودريجيز فرين، أنه لا وجود لمدينة من الذهب ضائعة في أعماق أمريكا الجنوبية إنما الأسطورة تطورت نتيجة تناقل قصة شعائر قبيلة المويسكا، التي تم تأكيد وجودها، وتحديدا شعائر الرجل المذهب.
بحيث أظهرت الدراسات التي تمت على الآثار التي اكتشفت أن الذهب جزء أساسي من ثقافتهم، وكان يستخدمك غرض ديني، أما القطعة التي عززت قصة قبيلة ال موسكا، فهي الطوف الذهبي الذي تم العثور عليه في العام 1969 في جنوب بوجوتا،
وقد صور مشهدا يشبه ما وصف في أساطير بحيرة جواتافيتا، فما رأيكم؟ هل إل دورادو مجرد طقس ديني؟ أم أنها مدينة ضائعة؟ أم مجرد خيال، عززه شغف المستكشفين بالعثور على الثروات؟
الله وحدة يعلم، إلا أن الأكيد هو أن أسطورة الرجل المذهب حقيقية، وأن غابات الأمازون بقبائله الأصلية مازالت تخفي قصصا. غير مروية وغامضة حتى يومنا هذا.
إل دورادو مدينة بين الحلم والحقيقة، طبعا أصدقائي أنتظر كل تعليقاتكم وآرائكم حول هذه المدينة، ابقوا في امان والسلام.